بعد ستة أيام من اندلاع المعارك بين حزب الله اللبناني وقوات النظام السوري من جانب، وجبهة فتح الشام (النصرة سابقًا) من جانب آخر، في منطقة جرود عرسال الجبلية على الحدود اللبنانية السورية، ها هو الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، يعلن أن المعركة أوشكت على الانتهاء لصالح الحزب والنظام.
نصر الله في خطابه التليفزيوني أمس قال “نحن أمام انتصار عسكري وميداني كبير جدًا”، ملفتًا إلى خسارة الجبهة “معظم الأراضي التي كانت تسيطر عليها في تلك المنطقة الحدودية”، معلنًا في الوقت ذاته الدخول في مفاوضات جادة مع ممثلي الجبهة للاتفاق على آلية لتنفيذ انسحاب عناصرها من تلك الأراضي.
تفرد حزب الله بتلك المعركة بدءًا بإعلان الدخول فيها بمليشياته دون قوات الجيش اللبناني، وصولاً إلى الاتفاق أحادي الجانب مع الجبهة على وقف إطلاق النار تمهيدًا للدخول في جولة من المفاوضات، أثار العديد من التساؤلات داخل الشارع اللبناني، خاصمة فيما يتعلق بمآلات مساعي الحزب لبسط نفوذه داخليًا وإقليميًا بالتزامن مع زيادة وتيرة الانقسامات السياسية على هامش زيارة رئيس الحكومة، سعد الحريري، للولايات المتحدة وما رافقها من تصريحات من قبل الرئيس دونالد ترامب ضد حزب الله وممارساته في المنطقة.
اتفاق وقف إطلاق النار
فجر اليوم الخميس، توصل حزب الله وجبهة فتح الشام إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في منطقة جرود عرسال الحدودية بين لبنان وسوريا، وذلك بعد 6 أيام من اندلاع الاشتباكات والمعارك بين الطرفين، منذ أن أعلن الحزب اللبناني المدعوم إيرانيًا بدء الدخول في تلك المعركة بصورة مفاجئة، التي أسفرت عن سقوط نحو 24 من مليشيا الحزب وقرابة 150 من مقاتلي الجبهة، بحسب مصادر أمنية.
وفي تمام السادسة صباح اليوم، بدأ رسميًا سريان وقف إطلاق النار، وذلك بعد وساطة ناجحة قام بها اللواء عباس إبراهيم مدير الأمن العام اللبناني، بين الطرفين استمرت عدة ساعات، حسبما أشارت الوكالة الرسمية اللبنانية، دون إعلان تفاصيل أخرى بشأن هذا الاتفاق.
نصر الله في خطاب الأمس أشار إلى المكاسب التي حققها ضد الجبهة منذ الهجوم الذي شنته مليشاته المدعومة بقوات نظام الأسد يوم الجمعة الماضية، في الوقت الذي تعاني فيه الجبهة من هزات عنيفة طيلة الفترة الماضية أفقدتها الكثير من الأراضي التي كانت تسيطر عليها.
الخطاب تطرق إلى استعداد الحزب فتح جبهات قتالية جديدة بعد الانتهاء من معركة عرسال، وذلك حين تنتقل المواجهات إلى مناطق أخرى تسيطر عليها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في مناطق داخل سوريا، علمًا بأن الجيش اللبناني لم يشارك في تلك المعارك مكتفيًا بالموقف الدفاعي بحراسة عرسال وتأمينها.
زعيم حزب الله كشف النقاب عن مفاوضات يجريها مع الجبهة من أجل التوصل إلى صيغة مقبولة للانسحاب، مؤكدًا أن تلك المفاوضات التي بدأت أمس والتي قادتها جهة رسمية لبنانية، “حققت بعض التقدم لكن ما زالت مطالب الجبهة بعيدة عن الواقع”، على حد قوله، موضحًا أنه ينبغي اتفاق الحكومتين اللبنانية والسورية وجماعة حزب الله على تلك المطالب، معلنًا استعداده لتسليم الجيش اللبناني المناطق التي ينتزعها من المقاتلين السنة إذا طلب الجيش ذلك.
وفي سياق آخر، تأتي خسارة جبهة فتح الشام لمعاقلها في عرسال بعد أيام قليلة من سيطرتها الكاملة على مدينة إدلب شمال غربي سوريا إثر انسحاب مسلحي حركة أحرار الشام المعارضة منها الأحد الماضي.
الجيش اللبناني لم يشارك في تلك المعارك مكتفيًا بالموقف الدفاعي بحراسة عرسال وتأمينها
سيطرة داعش على النصيب الأكبر من الجرود تشير إلى أن المعركة لم تنته بعد
هل حسمت المعركة؟
“نحن أمام انتصار عسكري وميداني كبير جدًا”، القارئ لتلك الكلمات التي تضمنها خطاب نصر الله بالأمس يفهم منذ الوهلة الأولى أن المعركة في عرسال انتهت لصالح مليشاته المدعومة بعناصر النظام السوري، وأن الحزب قد فرض سيطرته الكاملة على المنطقة، لكن يبدو أن هناك آراء أخرى.
ففي المقابل فريق يرى أن المعارك الضارية طيلة الأيام الماضية بدءًا من الجمعة وحتى وقف إطلاق النار فجر اليوم الخميس، وإن كانت تشير إلى تراجع جبهة فتح الشام وخسارتها لبعض الأراضي التي كان يسيطر عليها في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، إلا أن ذلك لا يعني سيطرة كاملة للحزب المدعوم إيرانيًا كما أعلن نصر الله وإعلامه الحربي.
أنصار هذا الرأي يكشفون ملامح الخارطة الجغرافية للقوى المسلحة التي تسيطر على تلك المنطقة، مشيرين إلى أن تنظيم “داعش” صاحب النصيب الأكبر من تلك الجرود التي تمتد من تلة الثلاجة في الزمراني، حتى تخوم جوسيه شمالاً، وجرود رأس بعلبك والقاع شرقًا، مما يعني أن معركة الجرود لم تحسم بعد بشكل نهائي، إذ إن هناك مواجهات مستقبلية بين مليشيات الحزب والنظام ضد تنظيم الدولة، وهو ما أشار إليه نصر الله في خطابه ضمنيًا.
احتكر الحزب عبر إعلامه الحربي المتمثل في قناتي المنار والميادين كل التفاصيل المتعلقة بالمعركة
سياسة الترهيب والاحتكار
قبيل إعلان بدء المعركة رسميًا، عزف حزب الله عبر جهازه الإعلامي على وتر تخويف اللبنانيين وترهيبهم من العدوى السورية داخل لبنان، وهو ما أصاب اللبنانيين بحالة من الهلع جراء احتمالية مواجهتهم للسيناريو السوري، حيث انتقال المعارك من سوريا إلى لبنان عبر اللاجئين من جانب والمسلحين الفارين على الحدود من جانب آخر، وهو ما نجم عنه التفاف سياسي وشعبي نسبي حيال تحركات الحزب في المنطقة الحدودية الجنوبية ضد ما أسماه “الحرب ضد الإرهاب”.
وبالتوازي مع تلك الحملة احتكر الحزب عبر إعلامه الحربي المتمثل في قناتي المنار والميادين كل التفاصيل المتعلقة بالمعركة، وبات المصدر الوحيد لتزويد بقية وسائل الإعلام الأخرى بما يدور في عرسال، ومن ثم نجح الحزب في تسويق نفسه كونه المدافع عن لبنان ضد تلك العناصر التي تشكل خطرًا على الشعب اللبناني وتسعى لتحويل بلاده إلى سوريا جديدة.
وبالفعل بدأت وسائل الإعلام الأخرى – المحلية والدولية – تنقل عن الإعلام الحربي لحزب الله، ما نجح في ترسيخ بعض المفاهيم الجديدة التي انعكست في استخدام بعض المصطلحات الإعلامية كـ”الحرب ضد الإرهاب” وغيرها من المفردات التي تضفي الشرعية الشعبية على ما يمارسه الحزب في الجرود.
وسياسيًا.. استطاع الحزب أن يخفض من حدة الأصوات الرافضة لتدخلاته العسكرية في عرسال كونها إقحامًا للدولة اللبنانية في معركة لا ناقة لها فيها ولا جمل، وذلك حين وضع لتلك المعارك شعار “مواجهة الإرهاب التكفيري” الذي يهدد لبنان وأمنها، وهو ما دفع بعض السياسيين اللبنانيين المعارضين لتوجهات الحزب إلى إعلان تأييده في معركته الدفاعية عن الحدود اللبنانية كما جاء على لسان النائب وليد جنبلاط.
جنبلاط رغم معارضته للتحركات العسكرية لحزب الله أعلن تأييده لما يقوم به الحزب، معتبرًا أن ثمة أرض لبنانية محتلة في الجرود، ويبدو أن كل الوساطات السابقة لم تنفع في توجه المسلحين إلى مناطق أخرى، ومن ثم نجح نصر الله ومليشياته في كسب تأييد بعض الأصوات الداخلية، لكن هل يعني ذلك أن هناك دعم كامل من الحكومة والشارع اللبناني لبسط الحزب المدعوم إيرانيًا نفوذه بهذه الطريقة؟
تنظيم “داعش” صاحب النصيب الأكبر من تلك الجرود التي تمتد من تلة الثلاجة في الزمراني، حتى تخوم جوسيه شمالاً، وجرود رأس بعلبك والقاع شرقًا، مما يعني أن معركة الجرود لم تحسم بعد بشكل نهائي
مغازلة حزب الله للجيش برفع أعلامه في ساحة المعركة
انقسامات داخلية
التحركات المسلحة الأخيرة لمليشيات حزب الله والتفرد بالقرارات الحساسة، أثارت قلق العديد من الأوساط داخل لبنان حيال الدور السياسي والعسكري للحزب وما يمكن أن يتضمنه من مزيد من التغول لتلك المليشيات في الشأن الداخلي اللبناني، وهو ما تسبب في إحداث حالة من الانقسام بين طوائف المجتمع وكياناته.
وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، عبر عن قلق الحكومة من انفراد الحزب بالقوة العسكرية والتحركات الميدانية في معاركه بالمناطق الحدودية، متحدثًا في تغريدة له على حسابه الشخصي على “تويتر” عن الدور المفقود للجيش في هذه المعاركة وضرورة اضطلاعه بـ”تحرير جرود القاع ورأس بعلبك وكل الجرود”، مشيرًا إلى أن إرهاب داعش لن يفلت من قبضة الجيش.
نريد معرفة مصير عسكريينا المفقودين، نريد تحرير جرود القاع وراس بعلبك وكل الجرود، لن يفلت ارهاب داعش من قبضة الجيش… يلّا عليهم يا ابطالنا??
— Gebran Bassil (@Gebran_Bassil) July 26, 2017
قلق باسيل من تفرد مليشيات الحزب بإدارة المعركة الحدودية تناغم بشكل كبير مع ما تضمنه نصر الله في خطاب الأمس، حيث أشار إلى استعداد الحزب لخوض معارك جديدة ضد تنظيم “داعش” خلال الفترة القادمة، دون إشارة للجيش أو مشاركته في تلك التحركات.
ومن واشنطن وعلى هامش زيارته للولايات المتحدة، عبر رئيس الحكومة سعد الحريري، عن رفضه لما يقوم به حزب الله في عرسال، قائلاً “إذا سألتموني إن كنت راضيًا عما يقوم به حزب الله الآن في عرسال، أقول لا، وكنت أفضل أن يقوم الجيش بهذه المهمة”، وأضاف: “لكننا في لبنان اتفقنا على إبقاء المواضيع الخلافية جانبًا من أجل مصلحة البلد”.
وفي المقابل قال ترامب خلال مؤتمر صحفي له مع الحريري: “ما أنجزه الجيش اللبناني في السنوات الأخيرة عظيم، واستمر الجيش في حماية حدود لبنان، وأمريكا وجيشها فخوران بالمساعدة في الحرب ضد الإرهاب، والجيش اللبناني المدافع الوحيد الذي يحتاجه لبنان”، مشيرًا إلى أن “حزب الله يمثل تهديدًا للدولة والمنطقة كلها، ويعزز تسليحه ويمثل خطر اندلاع نزاع مع إسرائيل”.
علاوة على ذلك فإن استمرار تلك المعارك في شمال شرق لبنان قد يدفع إلى تصاعد وتيرة التساؤلات والاستفسارات عمما يقوم به الحزب صراحة وبصورة منفردة، وهو ما بدأ يلوح في الأفق عبر اعتراضات تيار المستقبل على تشريع تسليح الحزب ورفض خضوع الأحزاب اللبنانية لإرادة الحزب المدعوم إيرانيًا أيا كانت الأسباب.
الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي، اتهم الحزب والنظام السوري بأنهما المسؤولان عن تهجير السوريين من منازلهم
انتهاكات بحق السوريين
استجابة للحملة الترهيبية التي نجح حزب الله من خلالها في شيطنة اللاجئين السوريين بزعم تمثيلهم مصدر خطورة وقلق للشعب اللبناني ومستقبله الأمني، شنت قوات الجيش مدعومة من مليشيات الحزب حملات ضد السوريين الموجودين بالمنطقة الحدودية في عرسال بخلاف المقيمين داخل لبنان، وذلك بالتزامن مع المعارك الدائرة في المنطقة الحدودية.
تلك الحملات التي تجاوزت حد الملاحقات والتوقيف إلى التعذيب داخل السجون والقتل في كثير من الأحيان أثارت استنكار الكثيرين على رأسهم الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي، والذي شن هجومًا على الحزب والجيش اللبناني في آن واحد، وصف بأنه “الأعنف”.
الطفيلي في خطبة الجمعة الأخيرة له قال: “تبرير الجيش اللبناني قتل بعض اللاجئين تحت التعذيب في السجون، والزعم أنهم توفوا عرضًا، يسيء للجميع”، مشيرًا إلى أن حزب الله يحاول ومنذ زمن إقحام جميع المؤسسات العسكرية في لبنان بالقضية السورية”.
الأمين العام السابق لحزب الله أوضح أن “سنّيّة” عرسال تجعل الجيش، وحزب الله حذرين في التعاطي مع الأحداث الحالية، مضيفًا أن “الاقتراب كثيرًا من النار قد يحرق الجميع، معربًا عن أسفه لـ”استعمال الشبان الذين أعددناهم لقتال إسرائيل في قتال الشعب السوري”، معتبرًا ذلك “خيانة” مخاطبًا الجيش وميليشيات الحزب بلهجة محلية”: “عمّي القدس في الجنوب اليهودي هناك، ليس في عرسال”.
إذا سألتموني إن كنت راضيًا عما يقوم به حزب الله الآن في عرسال، أقول لا، وكنت أفضل أن يقوم الجيش بهذه المهمة
واختتم الطفيلي حديثه باتهام حزب الله والنظام السوري بأنهما المسؤولان عن تهجير السوريين من منازلهم، متسائلاً “من صنع الإرهاب الذي تتحدثون عنه، أطفال سوريا المهجرين في الحر والبرد بالجبال، أم مجموعات المسلحين التي تقفون أنتم خلفها، مثل داعش”؟
“نون بوست” نقل عن الكاتب اللبناني جورج سمعان، قوله إن بلدة عرسال، أو جرودها على الأقل، كانت حاضرة دومًا في خريطة الصراع منذ تدخل حزب الله في الحرب السورية عام 2012، فالبلدة السنية الأكبر شمال البقاع تشكل عقبة في طريق انفتاح السهل اللبناني ذي الغالبية الشيعية على الساحل السوري ذي النفوذ العلوي، وتعني السيطرة على هذا الميدان ضمه كاملًا و”نظيفًا” إلى نفوذ دمشق وحليفيها حتى ريف حلب مرورًا بحمص وحماة.
ومن ثم تصبح “منطقة آمنة” لهؤلاء الحلفاء، ويعني ذلك أن إيران مصممة على عدم إخلاء بلاد الشام، مهما تقدم التفاهم بين الولايات المتحدة وروسيا اللتين قضى اتفاق قمة هامبورج بين الرئيسين دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، وربما يفسر ذلك لماذا شن الحزب تلك المعارك في هذا التوقيت على وجه الخصوص.
جرائم الجيش اللبناني ومليشيات حزب الله بحق السوريين مستمرة
هل حقق الحزب أهدافه؟
في البداية سعى حزب الله إلى تحقيق حزمة من الأهداف من خلال معاركه التي شنها ضد جبهة فتح الشام في عرسال، إلا أن استمرار نجاحه في تحقيق تلك الأهداف مرهون ببعض المستجدات الداخلية والخارجية.
الهدف الأول الذي حرص الحزب عليه تمحور في تسويق نفسه المدافع والمنقذ للبنان من خطر الإرهاب التكفيري، ومن ثم فمن يعارض توجهاته في الشمال الشرقي يصبح معاديًا للبنان ومناهضًا لأمنه واستقراره، وهو ما جسده النائب نواف الموسوي الذي قال: “اليوم هناك نهجان وصفان، صف الإرهاب التكفيري ومن يتواطأ معه، وصف حزب الله ومن يتحالف معه، وعليه فإن من يختلف مع حزب الله في معركة جرود عرسال، قد اختار أن يكون حليفًا للمجموعات الإرهابية التكفيرية”.
هذا الهدف أثار استفزاز تيار المستقبل مما دفعه لإصدار بيان انتقد فيه هذا الأسلوب الذي وصفه بـ”التحريضي”، مؤكدًا أنه “إذا كانت أبواق السفاهة والتخوين الموالية لحزب الله، تعتبر المعارك الدائرة في جرود السلسلة الشرقية، فرصةً لإضفاء الشرعية الوطنية على مشاركة الحزب في الحرب السورية، وسائر الحروب التي يشارك فيها في لبنان والخارج، فإننا لن نقع في هذه الخطيئة الوطنية، مهما بلغ حجم التهديدات والرسائل المكتوبة والمتلفزة التي تهدد المعترضين على سياسات حزب الله بالقتل والإبادة والملاحقة”، معربًا عن أسفه لتلك الدونية في مقاربة الاعتراض السياسي على زج لبنان بالحرب السورية، مجددًا التأكيد على موقفه المبدئي الذي لا تراجع عنه، والتمسك باعتبار الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية، الأداة الحصرية للدفاع عن لبنان واللبنانيين وحماية الحدود.
تسعى طهران إلى التأكيد على أنها ما زالت موجودة قرب الجولان رغم إخراجها من قبل روسيا وأمريكا من درعا والقنيطرة، وأن حضورها على أرض المعركة ما زال مؤثرًا
أما الهدف الثاني للحزب فكان مغازلة الجيش اللبناني عبر الربط بينه وبين مليشياته في معركة عرسال، وكأنها معركة الدولة اللبنانية، جيش وحزب، وهو ما جسده تناقل الإعلام الحربي التابع للحزب صور عناصره وهي ترفع علمي حزب الله والجيش اللبناني.
هذا الهدف تم دحضه بصورة كبيرة عبر مواصلة الحزب التفرد بالقرارات العسكرية على أرض الواقع، وهو ما عكسه خطاب حسن نصر الله بالأمس خاصة فيما يتعلق بفتح نوافذ جديدة للقتال ضد “داعش” كما تم ذكره آنفًا.
ويتمثل الهدف الثالث في رسالة تسعى إيران الداعم الأول لحزب الله إيصالها للأطراف الإقليمية والدولية ردًا على التوافق الروسي – الأمريكي في جبهتي درعا والقنيطرة، باعتبار جرود عرسال مرتبطة بالجنوب السوري، حيث تسعى طهران إلى تأكيد أنها ما زالت موجودة قرب الجولان رغم إخراجها من قبل روسيا وأمريكا من درعا والقنيطرة، وحضورها على أرض المعركة ما زال مؤثرًا.
ومن ثم فإن نتائج معركة جرود عرسال لم تتضح بصورة كاملة بعد، وإن كانت الأمور تشير إلى انتصار نسبي لحزب الله وملشياته، لكن يبقى الرهان على قدرة الحزب في توسيع دائرة نفوذه داخليًا وإقليميًا محل شك خاصة في ظل توقع مد أمد المعارك مع “داعش” من جانب، وما يمكن أن يترتب عليها من تصاعد الانقسامات الداخلية من جانب آخر، فضلاً عما يمكن أن تفعله المستجدات الأخيرة في المشهد السوري بالحضور الإيراني بصورة عامة وذراعه اللبناني بصورة خاصة.