مهدت أيام القلق وحالة عدم اليقين الطريق أمام حقيقة مضيئة، تتمثل في أن “الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود موجود في طنجة من أجل قضاء عطلة ستدوم لشهر”. وبشكل عام، تنفست الحكومة والشعب على حد السواء الصعداء بعد هذه الزيارة.
وبناء عليه، ستكون هذه الصائفة الموسم الثالث على التوالي الذي يقضي فيه ملك آل سعود عطلته في المدينة التاريخية في شمال المغرب؛ حيث يملك قصرا يمتد على طول حوالي 30 هكتارا. ويقع القصر السعودي في طنجة بالقرب من رأس سبارطيل، وفوق شواطئ الجبيلات. أما خلال هذه السنة، بقي وجود الملك في البلاد المغربية من الأحداث السرية حتى ساعات متأخرة، نظرا للتطورات السياسية الأخيرة التي شهدها العالم العربي.
من جانب آخر، مثل قدوم الملك السعودي إلى المنطقة عاملا مهما ومغيثا لاقتصادها. فضلا عن ذلك، يرى سكان طنجة أن الحظ قد اختارهم، كما لو أنهم فازوا في مسابقة اليانصيب. وعموما، سيساهم الإنفاق المفرط على مدار 30 يوما للملك السعودي وحاشيته المكونة من حوالي ألف شخص، في انعاش الاقتصاد المحلي لمنطقة طنجة.
هذا الصيف يعد الصيف الثالث على التوالي، الذي يتمتع فيه العاهل السعودي بجمال المدينة الواقعة في شمال أفريقيا
يوم الاثنين الماضي، تم استقبال الملك سلمان في مطار ابن بطوطة من قبل رئيس الحكومة المغربي، سعد الدين العثماني، ووالي جهة طنجة، محمد اليعقوبي، وعمدة مدينة طنجة، بشير عبدلاوي، والعديد من المسؤولين سواء كانوا مدنيين أو في الجيش. وقُدّم لحاشية الملك خلال استقبالها الحليب والتمر.
في الحقيقة، لم يرغب أي أحد في تفريط هذا الحدث والغياب عنه، لأنه في حال تخلف أحد المسؤولين عن استقبال الضيوف، فسيغضب الملك. لكن، غاب الملك محمد السادس، عن استقبال العائلة السعودية وحاشيتها، الذي سيسافر في وقت لاحق للقاء الملك سلمان.
والجدير بالذكر أن هذا الصيف يعد الصيف الثالث على التوالي، الذي يتمتع فيه العاهل السعودي بجمال المدينة الواقعة في شمال أفريقيا. وقد تغيرت وجهة عطلة الملك السعودي، بعد أن رفضت زوجته الحالية، فهده بنت فلاح، قضاء العطلة الصيفية في مربلة الإسبانية، لأسباب عاطفية، علما بأن الملك السعودي قد عاش في جنوب إسبانيا، أفضل قصة حب في حياته، مع زوجته الأولى سلطانة، التي توفيت سنة 2011. لهذا السبب، لا ترغب زوجة الملك الحالية، في أن تتردد ذكرى السلطانة المتوفاة، خلال عطلتها مع الملك سلمان.
وفي إطار تغيير الملك لوجهة عطلته الصيفية، حاول الملك السعودي أن يقضي عطلته في الريفيرا الفرنسي خلال سنة 2015. لكن، سرعان ما خرج من هذه المنطقة بعد أن شنت منظمات فرنسية محلية والعديد من وسائل الإعلام، حملة ضد خصخصة شاطئ للاستعمال الشخصي من أجل أن يستمتع به الملك بصفة حصرية. آنذاك، تذكر الملك السعودي أن له قصر في طنجة ولجأ إلى هذا المكان. ومنذ ذلك التاريخ، تكررت زيارات الملك الصيفية إلى المدينة المغربية.
لا يمكن للقصر السعودي في طنجة، استيعاب حوالي ألف شخص من الوفد المرافق للملك. لهذا السبب، تم حجز حوالي 900 غرفة في نزل فاخرة تقع بالقرب من المنطقة
بشكل عام، يضم القصر السعودي في طنجة عددا من المباني الملونة باللون الأصفر الشاحب، ويحيط به جدار أبيض عال يبلغ طوله حوالي 1.5 كيلومتر. ومن بين هذه المباني، كان أحدها ملكا للعائلة الملكية الإسبانية، الذي سلمته لرئيس الحكومة الإسباني السابق، فيليبي غونثاليث. وفي وقت لاحق، عندما عدل المسؤول عن فكرة بناء قصر في المنطقة، قام ببيع المبنى مقابل 2.5 مليون يورو. بالإضافة إلى ذلك، قام الكاتب والفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي، بنفس الخطوة، وباع قصره الواقع بالقرب من مركز مدينة طنجة، بمبلغ تقدر قيمته بحوالي ستة ملايين يورو.
من جانب آخر، فضلا عن أربعة أجنحة رئيسية وغيرها من المباني، التي يقيم فيها الوفد المهتم بخدمة العائلة الملكية، يحتوي المركب على مرائب تتسع لحوالي 100 سيارة، وحدائق مختلفة. كما يوجد هناك مباني أخرى مخصصة لتوفير خدمات طبية، فضلا عن العديد من المطاعم. ويحمي القصر حوالي 30 عضوا من الدرك الملكي المغربي، ناهيك عن الحراس الخاصين بالملك.
على الرغم من حجمه الكبير، إلا أنه لا يمكن للقصر السعودي في طنجة، استيعاب حوالي ألف شخص من الوفد المرافق للملك. لهذا السبب، تم حجز حوالي 900 غرفة في نزل فاخرة تقع بالقرب من المنطقة. ومن بين النزل التي سيقيم فيها حاشية الملك السعودي، نذكر الميراج، وهو أقرب نزل للقصر السعودي في طنجة. بالإضافة إلى ذلك، ستحتل الحاشية السعودية غرفا في كل من نزل الموفمبيك، وهيلتون، وسولازور، ومنزه. ومن جهتها، وفرت وكالات استئجار السيارات حوالي 400 سيارة من الطراز الرفيع، كي يتمكن السعوديون من التنقل. فضلا عن ذلك، زادت الملاهي الليلية من طاقة استيعابها للفتيات.
ستعطي عطلة الملك السعودي في المغرب لهذه السنة، الفرصة لابنه الأمير محمد بن سلمان، في البقاء على رأس السلطة في بلده بعد تعيينه وريثا للعرش
من جهة أخرى، تكتسي زيارة الملك سلمان للمغرب خلال هذه الصائفة إلى المغرب، أهمية سياسية أكثر من التي اتخذتها خلال السنوات الفارطة. فهذه المرة، سيتحدث الملك السعودي والملك المغربي عن الأزمة القطرية، وعن الموقف الذي تتخذه كل جهة من الأزمة. وحول هذه القضية، لم يرحب السعوديون بالموقف المغربي، الذي لم يلق استحسانا لديهم. وفي هذا الصدد، رفض الملك المغربي تبني الموقف السعودي المتشدد، وفضل تبني دور الوسيط في الأزمة.
في هذا السياق، ستعطي عطلة الملك السعودي في المغرب لهذه السنة، الفرصة لابنه الأمير محمد بن سلمان، في البقاء على رأس السلطة في بلده بعد تعيينه وريثا للعرش، إثر إزاحة محمد بن نايف من سلسلة الخلافة. وحسب ما أكدته الوكالة الرسمية السعودية، تعليقا عن الشائعات الرائجة حول تنازل الملك الحالي عن السلطة لصالح ابنه لأسباب صحية، أصدر الملك سلمان مرسوما لتوضيح الغموض في هذا الشأن. ووفقا لهذا البيان، فإن “ولي العهد سيهتم بإدارة شؤون الدولة والدفاع عن مصالح الشعب خلال سفر الملك السعودي خارج البلاد”.
المصدر: لافانغوارديا