يتواصل لليوم الثاني عشر على التوالي احتجاز 19 مغربيا من قبل جبهة البوليساريو، تقول الجبهة إنهم اجتازوا الحدود العازلة نحو “الأراضي الصحراوية” ومعهم مخدرات، ما دفع المملكة المغربية إلى اتهام الجبهة بممارسة التهريب والرق.
19 مغربيا رهن اعتقال البوليساريو
في تحدّ للمغرب، وفي سابقة من نوعها، أقدمت جبهة البوليساريو على اعتقال 19 مواطنا مغربيا بتهمة تهريب المخدرات، وأوردت وكالة الأنباء المرتبطة بالجبهة الصحراوية قيام وحدات عسكرية تابعة لهذه الحركة باعتقال 19 مغربيا مساء السادس عشر من الشهر الحالي في منطقة تقع وراء الجدار الفاصل في الصحراء وصادرت سيارة بينما تمكنت أخرى من الفرار. واتهمت الجبهة في بيان لها، المعتقلين بلعب دور نقل المخدرات أي “الحمالة”.
مصدر حقوقي مغربي، أفاد بأن 19 مغربيًا، موجودون رهن الاعتقال في سجون “البوليساريو” منذ أيام دون أن تتدخل السلطات المعنية لكشف مصيرهم
واتهمت جبهة البوليساريو في حينه المغرب باستخدام “سموم المخدرات” وبدعم و “تشجيع عصابات الجريمة المنظمة والجماعات الإرهابية” في إطار سعيه لزعزعة “الاستقرار في المنطقة”، وأكدت تصميمها “على التصدي لهذه السياسات والمخاطر والآفات، في إطار التزاماتها الدولية عامة وعلى مستوى الاتحاد الإفريقي”.
وكان مصدر حقوقي مغربي، قد أفاد بأن 19 مغربيًا، موجودون رهن الاعتقال في سجون “البوليساريو” منذ أيام، دون أن تتدخل السلطات المعنية لكشف مصيرهم، ما دفع أهالي الموقوفين ببلدة “تغجيجت” في ضواحي مدينة “كلميم” المغربية إلى استجداء تدخّل سلطات المملكة لفائدة أبنائهم الموقوفين. وعادة ما يمر من الجدار العازل الصحراويين بين مخميات تندوف وباقي الصحراء بل وحتى نحو موريتانيا سواء للتجارة أو الزيارات العائلية، حيث هناك تساهل سواء من طرف المغرب أو البوليساريو.
تبادل الاتهامات
اتهام جبهة “البوليساريو” لمواطنين مغربيين بتجارة المخدرات، دفع السلطات المغربية إلى مهاجمة الجبهة وتذكيرها بسلوكياتها الخارجة عن القانون الدولي، ووصفت الحكومة، اليوم الخميس، البوليساريو بأنها جهة متهمة بالتهريب والرق. وفي هذا الصدد، أفاد مصطفى الخلفي، الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة، بأن المغرب لم يلتزم الصمت بخصوص ما صدر عن القيادي بالجبهة الانفصالية، مسجلا أن “المعطيات يتم الأخذ بها عندما تكون صادرة عن جهة ذات مصداقية”.
تمثل منطقة الصحراء مكانا خصبة لانتشار تجارة المخدرات والبشر
الخلفي، في الندوة الصحافية التي عقدها في الرباط عقب اجتماع المجلس الحكومي، قال: “ليس هناك صمت حيال هذه المعطيات”، مضيفا أن “المعطيات المرتبطة بقضايا من هذا النوع يتم الأخذ بها عندما تصدر عن جهات ذات مصداقية وغير متهمة بمسلكيات لها علاقة بالتهريب والرق”.
ويأتي اعتقال جبهة البوليساريو لمواطنين مغربيين، في سياق حرب بدأ تتبلور منذ فترة طويلة بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو حول المخدرات، فمن جهة يتهم المغرب هذه الحركة وقياداتها بالتورط في تهريب المخدرات ومنها الكوكايين القادم من أمريكا اللاتينية عبر الطريق الإفريقي، وبأن عائداتها تعود الى مسؤولي الحركة، ومن جهة أخرى تتهم البوليساريو المغرب بمحاولة نشر المخدرات في منطقة الساحل وإفريقيا الغربية لضرب الاستقرار وزرع الاجرام المنظّم.
تقع منطقة الكركرات بجنوب غرب الصحراء الغربية وتشكل عادة مسرحا لعمليات تهريب متعددة إلى الغرب الأفريقي
في شهر أغسطس 2016، أطلق المغرب ما سمَّاها عملية تطهير منطقة قندهار، في ظل معارضة جبهة البوليساريو عبر قنوات الأمم المتحدة، ودامت مدة العملية 4 أيام، وحاول المغرب تعبيد الطريق في اتجاه الحدود الموريتانية، وانطلقت معها أزمة الكركرات. وتقع منطقة الكركرات بجنوب غرب الصحراء الغربية وتشكل عادة مسرحا لعمليات تهريب متعددة إلى الغرب الأفريقي وخصوصا للسيارات المسروقة، ويطلق عليها سكانها تسمية “قندهار” في إشارة إلى نشاط التهريب في الجنوب الأفغاني.
تورط جبهة البوليساريو
اعتقال جبهة البوليساريو المغربيين، كان الهدف منه حسب مراقبون، اتهام المغرب بتجارة المخدرات والتستر على المجرمين والمهربين، إلاّ أن الجبهة وجدت نفسها في ورطةحول الكيفية التي ستتعامل بها معهم بين محاكمتهم أو تسليمهم إلى طرف ثالثة.
تعمل جبهة البوليساريو على تقويض الاتفاقيات الدولية التي يوقعها المغرب وتضم الصحراء
وبدأت عملية الاعتقال تطرح إشكالا قانونيا لأنها جرت في أرض متنازع عليها وخاصة في منطقة فاصلة، فلا تعرف جبهة البوليساريو كيفية التعامل معهم، إذ تعاملت مع الأسرى العسكريين إبان المواجهة العسكرية في الماضي عندما اعتقلت جنوداً مغـاربة، ولكــن هـذه أول مــرة تعـتقل فيـها مدنيين. ويبدو أن جبهة البوليساريو لا ترغـب في سجـن المغاربـة الـ 19 لديهـا في مخيمـات تنـدوف، إذ سمحت الجبهة، وفقا لتقارير اعلامية، لأفراد بعثة قوات حفظ السلام المينوروسو بزيارة المواطنين المغاربة، لكن تقارير أخرى أشارت إلى تجنب القوات الأممية الملف لأنه لا يتعلق بالشق العسكري.
تسعى حبهو البوليساريو إلى تسلم بعثة المينوروسو ملف المغربيين المعتقلين لديها
فيما يشيرون أخرون، إلى إمكانية التجاء الجبهة الصحراوية إلى عرض الملف على الشرطة الدولية الإنتربول، إلاّ أن ذلك يبدو صعبا فالإنتربول لا يعترف إلا بالدول وجبهة البوليساريو مجرّد تنظيم مسلّح يدعو إلى الانفصال. ويرجّح متابعون أن تلتجأ الجبهة إلى طلب وساطة دولة أخرى مثل اسبانيا أو البرتغال لتسليمها المغربيين التسع عشر المعتقلين لديها، لنقلهم إلى المملكة المغربية لمحاكمتهم هناك وفقا للقانون الجنائي المغربي.
وتعمل جبهة البوليساريو على تقويض الاتفاقيات الدولية التي يوقعها المغرب وتضم الصحراء، وتقدم دعاوى ضد المملكة في المحاكم الدولية مثل المحكمة الأوروبية ضد اتفاقية الزراعة وفي محاكم جنوب إفريقيا ضد تصدير الفوسفات، ومؤخراً انضم ملف المخدرات.