أطلق الحوثيون مساء أمس الخميس صاروخًا من نوع سكود يبلغ مداه مئات الكيلومترات سقط في الساحل الغربي للسعودية، وحسب ما نقلته شبكة “سي إن إن” الأمريكية عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية بأن الصاروخ بعيد المدى حلق لمسافة تبلغ 930 كيلومترًا. وبثت وسائل إعلام تابعة لمليشيا الحوثي صورا قالت إنها لعملية إطلاق الصاروخ، وأكدت أن الصاروخ المطور من طراز بركان استهدف مصافي تكرير النفط في محافظة ينبع بالسعودية.
في هذه الأثناء أعلن التحالف العربي الذي يقود حربًا في اليمن ضد الحوثيين، بقيادة السعودية أن قوات الدفاع الجوي التابعة له اعترضت، مساء أمس الخميس، صاروخًا بالستيا أطلقه الحوثيون باتجاه مكة المكرمة في محاولة لإفساد موسم الحج.
صاروخ بالستي باتجاه مكة!
بحسب ما نقلته وكالة “واس” السعودية الرسمية عن قيادة التحالف في بيان لها أن قوات الدفاع الجوي، تمكنت من اعتراض صاروخ بالستي أطلقته المليشيات باتجاه مكة المكرمة، حيث جرى اعتراضه فوق منطقة الواصلية بمحافظة الطائف، 69 كلم عن مكة المكرمة، دون وقوع أي أضرار”. وأكدت قيادة التحالف أن “استمرار تهريب الصواريخ إلى الأراضي اليمنية يأتي بسبب غياب الرقابة على ميناء الحديدة، وسوء استخدام التصاريح التي يمنحها التحالف للشحنات الإغاثية والبضائع، وفي وقت يعجز المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار لمنع تلك الانتهاكات التي تطيل أمد الحرب وتعرض حياة المدنيين للخطر”.
اعترض التحالف العربي أول صاروخ أطلق من قبل الحوثيين في 9 أكتوبر/تشرين الثاني من العام الماضي وتم اعتراض الصاروخ الثاني في 28 من نفس الشهر.
بينما ناقض الحوثيون هذه الرواية وأعلنوا أمس الخميس، أن الجماعة استهدفت قاعدة الملك فهد الجوية في مدينة الطائف غرب السعودية بعدة صواريخ باليستية متوسطة المدى. وأفادت وكالة “سبأ” اليمنية في نسختها التي يسيطر عليها الحوثيون بأن القوة الصاروخية للجيش واللجان الشعبية أطلقت، مساء الخميس “عددا من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى من نوع بركان على قاعدة الملك فهد الجوية في الطائف”.
وقالت الوكالة، نقلا عن مصدر في القوة الصاروخية للجيش الحوثي، إن الصواريخ الباليستية أصابت أهدافها بدقة مخلفة خسائر كبيرة في القاعدة. وفي غضون ذلك، أكدت إدارة مطار الطائف الدولي، على خلفية إعلان الحوثيين عن إطلاق الصواريخ، أن الحركة الجوية فيه تعمل بشكل طبيعي.
خبراء أشاروا إن ذلك يظهر فشل التحالف العربي رغم امتلاكه منظومة باتريوت للرد الصاروخي، ناهيك عن توفره على ميزانية عسكرية هائلة. ويأتي إطلاق هذا الصاروخ على الرغم من تأكيد التحالف العربي أكثر من مرة أنه دمر مخزون الصواريخ البالستية للحوثيين والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
الصاروخ الثالث
يتزامن توقيت هذا الصاروخ قبل أسابيع من بدء موسم الحج حيث يتوافد الملايين إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج، وهو ما يعد تهديدًا استراتيجيًا، ويلقي بظلاله على عملية تأمين الحجاج في هذا الموسم، إذا صدقت المزاعم السعودية حول نوايا استهداف الحوثي لمكة المكرمة. بالأخص أن هذا الصاروخ ليس الأول من نوعه الذي يطلقه الحوثيين، بل هو الثالث، إذ اعترض التحالف العربي أول صاروخ أطلق من قبل الحوثيين في 9 أكتوبر/تشرين الثاني من العام الماضي وتم اعتراض الصاروخ الثاني في 28 من نفس الشهر.
ستظل السعودية تحاول الاستمرار في صناعة ضغط عربي ودولي في الملف اليمني، لتحقيق ثغرة فيه تؤدي لإنهاء الحرب هناك لصالحها.
لم يصرح الحوثيون خلال الصواريخ الثلاثة بأي تصريح رسمي تفيد بأنها تستهدف مكة المكرمة، حيث قالت وسائل إعلام موالية للحوثيين آنذاك، إن الصاروخ كان المقصود به مطار جدة لتعطيل حركة الملاحة فيه، كرد على لما يقوم به التحالف العربي بقيادة السعودية في مطار صنعاء. وبالمثل فإن الصاروخ الذي أطلقه الحوثيين أمس قالت عنه وسائل إعلام موالية لجماعة الحوثي بأنه استهدف مصافي تكرير النفط في محافظة ينبع بالسعودية، وعلى قاعدة الملك فهد الجوية في الطائف.
مراقبون يرون في تمادي خطر الصواريخ البالستية على الأراضي السعودية بأن سببه استمرار الحصار البري والبحري والجوي الذي تفرضه قوات التحالف العربي على اليمن منذ أكثر من سنتين، وأن الحوثيين يستخدمون كافة الوسائل الممكنة لكسر التحالف العربي والضغط عليه لفك الحصار وإنهاء المعركة.
ربع مليون حالة إصابة بالكوليرا في اليمن
ومع عدم وجود دلائل تثبت أن وجهة الصواريخ هي مكة المكرمة، يبقى أن الرياض تريد استغلال هذا الظرف لحشد أكبر تحشيد طائفي ضد الجماعة في المجتمع العربي المسلم والدولي، كون مكة المكرمة مدينة مقدسة، وستظل السعودية تحاول الاستمرار في صناعة ضغط عربي ودولي في الملف اليمني، لتحقيق ثغرة فيه تؤدي لإنهاء الحرب هناك لصالحها.
بينما يظهر الحوثيين تحشيد من نوع آخر ضد الرياض وقوات التحالف، عبر استفزازهم بإطلاق تلك الصواريخ على الأراضي السعودية وعلى أماكن حساسة لتذكيرهم بفشل حملة عاصفة الحزم وعدم تحقيق أهدافها.
بالإضافة إلى تسخير الظرف الإنسااني المتدهور في عدة مناطق باليمن لصالحها. إذ انتشر في الآونة الأخير وباء الكوليرا في مناطق عدة باليمن وأدت لإصابة المئات من المواطنين، وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية عن ارتفاع حالات الوفاء بهذا الوباء في اليمن إلى 1560 حالة مطلع الشهر الحالي، كما تم تسجيل نحو ربع مليون حالة إصابة واشتباه بالكوليرا في الفترة بين 27 أبريل/نيسان الماضي وحتى 30 يونيو/حزيران الماضي وأن الوضع لا يزال ينحدر نحو الخطورة.
الرياض فهمت رسالة إطلاق الصاروخ البالستي على أراضيها بأن المخطط إيراني والمنفذ هم الحوثيون.
ويشير مراقبون أن جماعة الحوثي تحاول استغلال هذا الوضع الإنساني الصعب عبر منع الأدوية والأمصال الطبية من الوصول للمصابين، للضغط على قوات التحالف العربي والمجتمع الدولي لإنهاء الحصار المفروض على اليمن. المؤكد أن الحوثي هي ذراع إيران في اليمن، عدو السعودية اللدود، وأن الرياض فهمت رسالة إطلاق الصاروخ على أراضيها بأن المخطط إيراني والمنفذ هم الحوثيون.
إذ لا تزال قيادة التحالف العربي تؤكد أن على “استمرار تهريب الصواريخ إلى الأراضي اليمنية” من إيران الداعم الرئيسي لجماعة الحوثي هناك. وأن عمليات التهريب تلك تأتي “بسبب غياب الرقابة على ميناء الحديدة، وسوء استخدام التصاريح التي يمنحها التحالف للشحنات الإغاثية والبضائع، وفي وقت يعجز المجتمع الدولي عن اتخاذ قرار لمنع تلك الانتهاكات التي تطيل أمد الحرب وتعرض حياة المدنيين للخطر”.
وجدد التحالف، في بيانه، “تأييده لقرار الحكومة الشرعية اليمنية لمسعى المبعوث الخاص للأمم المتحدة لليمن، إسماعيل ولد الشيخ، للرقابة على هذا الميناء الحيوي”. تكرار إطلاق صواريخ بالستية على الأراضي السعودية يؤكد على تعقد المشهد اليمني بين أطراف الصراع إيران والسعودية، وفي الوقت الذي تتهم السعودية جماعة الحوثي باستهداف مكة المكرمة بصواريخ بالستية يتهم الحوثيين السعودية والتحالف العربي بتدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن إلى هذا الحد.