بدأت الاشتبكات الدامية بين الشعب الفلسطيني وجنود الاحتلال الاسرائيلي في القدس، وألغيت على إثر هذه الأحداث صلاة الجمعة في المسجد الأقصى، ومنذ اليوم الأول لم يتخلى الشعب التركي عن الدفاع عن الفلسطينيين باعتبارهم أن المسجد الأقصى هو “شرفهم” بحسب تعبيراتهم، والذي يعتبر رمز مقدس لا ينبغي لأحد المساس به.
ونتيجة لهذه المشاعر الدينية، عبر الأتراك عن تضامنهم وغضبهم عبر منصات التواصل الاجتماعي ولم يكن تعاطفهم الكترونيا فقط، بل نظمت أغلبية المدن في أنحاء تركيا مظاهرات ضخمة وقوفا بجانب الشعب الفلسطيني وخاصة المقدسيين، كما أن تضامنهم وصل إلى خطب الجمعة في مساجدهم وإلى النخب الفنية في بلادهم وحتى خطابات رؤسائهم.
“المسجد الأقصى شرفنا”
Milli İrade Platforumu’nun #Filistin için sergilediği onurlu duruşundan dolayı teşekkür ediyoruz.
Filistin için hep varolun. pic.twitter.com/PWBv6aqLVo
— Kerim Alastal (@Kerimalastal) July 14, 2017
بالرغم من أن عملية القدس جاءت في نفس اليوم الذي كانت تتحضر فيه تركيا وشعبها للاحتفال بذكرى الانقلاب الفاشل، إلا أن وسم “15 تموز” على تويتر صاحبه وسم “مسجد الأقصى شرفنا”و “الحرية للقدس”و”كن وفيا للقدس”و “قف من أجل القدس”. وفي الوقت الذي كان يخطب فيه القادة الأتراك احتفالا بانتصار إرادة الشعب التركي في 15 تموز، تخللت بعض الخطابات كلمات تذكر بالخطر الذي يعيشه المسجد الأقصى والمقدسيين في هذه الأثناء، واعتبرها البعض أنها إشارة على مدى إخلاص الأتراك للحق الفلسطيني في الوقت الذي كان لديهم فيه انشغالات داخلية.
وتعبيرا عن الامتنان الفلسطيني للشعوب التركية، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس،خالد مشعل، “تركيا دوما ما تقف بجانب المظلوم، وتمد له يد العون وتفتح له أبوابها، ولهذا سيكون هذا البلد الطيب في مأمن دائم ونصر مستمر”.
“تركيا تجمعت من أجل المسجد الأقصى”
في 21 يوليو، شهدت جميع المدن التركية وقفات تضامنية ومظاهرات حاشدة ضمن فعاليات “جمعة الغضب للأقصى” التي نظمتها جميعة شباب الأناضول بالمشاركة مع مؤسسات المجتع المدني، ويذكر أن مئات الآلاف من الأتراك والجاليات العربية الأخرى شاركوا في هذا الحدث.
من خلال هذه الفعالية طالب الشعب التركي بوقف الانتهاكات الاسرائيلية بحق الفلسطينيين والمسجد الأقصى، وإزالة البوابات الإلكترونية التي فرضها الاحتلال على أبواب المسجد، رافضين لأي إجراءات أمنية قد تستفز مشاعر المسلمين أو تهين الفلسطينيين في أرضهم.
في الأثناء كانت أعلام فلسطين وتركيا مرفوعة في نفس الوقت والأصوات الاحتجاجية تصدح في أنحاء المدن التركية استنكارا للممارسات الاسرائيلية. حيث ارتفعت لافتات كتب عليها “الأقصى شرفنا وسنحميه” و”القبلة الأولى تحت الاحتلال” و”استيقظوا المسجد الأقصى في خطر”و”تركيا تجمعت من أجل المسجد الأقصى”. وتفضيلا على جهود الشعب التركي في الاجتماع والتظاهر من أجل كرامة المسجد الأقصى، حيا رئيس هيئة علماء فلسطين في الخارج، نواف تكروري، هذه الحشود التي تجمعت نصرة للحق واسترادا للدم الفلسطيني”
“القدس حزننا الذي لا ينتهي”
توحدت خطبة الجمعة في المساجد التركية الأسبوع الماضي، ودعت الجوامع بالتضامن مع المسجد الأقصى والتذكير بالرابط الوثيق بين هذا المكان وبين المسلمين.
قال الخطباء لدى إلقاء خطبة الجمعة أنه يتم استهداف مدينة الأنبياء بكل وحشية ويتم منع الفلسطينيين المظلومين من أداء عبادتهم بلا رحمة، وأن النصر قريب في هذه الأراضي المباركة التي هي قلب المسلمين وقيمة للإنسانية المشتركة. كما دعا الخطباء إلى توطيد أواصر المحبة والرحمة التي تربط بين الشعب التركي وبين المسجد الأقصى والقدس. وأتابع الخطباء حديثهم إلى أن مدينة السلام القدس مازالت تعاني من الحزن والآلام بسبب ما يصيبه من وحشية واعتداءات تتعرض لها بسبب الاحتلال الاسرائيلي على هذه البقعة المقدسة، وطالب الخطباء الشعب التركي أن يكونوا أكثر تعاطفا مع ما يعيشه الشعب الفلسطيني من ظلم وقتل واعتداءات، آملين بأن يكون العدل والنصر هو النهاية للأمة العزيزة.
وختاما دعا الخطباء “اللهم اجعلنا نشعر في قلوبنا بآلام إخواننا المظلومين في القدس والعالم كله، اللهم لا تجعلنا من الظالمين ولا عديمي الوجدان والضمير والفراسة والبصيرة، اللهم لا تمكن الذين يريدون احتلال المسجد الأقصى والبلدان الإسلامية، اللهم أعن إخواننا المسلمين للتخلص سريعا من الأوضاع الصعبة التي يعيشونها، اللعم اعز أمتنا واعنا على إقامة العدل”.
“من أجل القدس أتضامن، لأنني إنسان”
في محاولة من نخبة من الفنانين والصحفيين والسياسيين والناشطين الاجتماعيين الأتراك، الذين اجتمعوا بهدف التعبير عن وقوفهم بجانب القدس والتنديد بالاعتداءات الاسرائيلية داخل الأماكن المحرمة، وذلك عبر حملة “من أجل القدس أتضامن، لأنني إنسان” والتي عبرت عن تضامنها بهذه العبارات التالية “أساسنا إنسان، وشعارنا واحد” و”السلام في القدس، سيأمن السلام في العالم” و”السكوت عن الاعتداءات على المسجد الأقصى وإعاقة الحرية الدينية هو عار على الإنسانية” و عبارة “حان الوقت لنصرخ بصوت واحد، لعل احترامنا لمعتقدات الآخرين يزيد في المستقبل”.
شملت هذه الحملة عدد كبير من الشخصيات البارزة في تركيا مثل إبراهيم كالين، المتحدث باسم الرئاسة، وعدد من المشاهير مثل نجاتاتي شاشماظ، وتولويهان أوغلو، ونزيف تونتس، ونيلهان عصمان أوغلو، وزينب ترك أوغلو، والكثير غيرهم.
كما فتحت الحملة باب المشاركة للجميع في مساندة القدس وأهلها عبر هذا البريد الإلكتروني للحملة kudusicinayaktayim@ gmail.com، داعين الجميع بالوقوف دعما للحقوق الإنسانية والدينية في فلسطين والقدس المحتلة.