في الوقت الذي أعلنت الحكومة الجزائرية برئاسة عبد المجيد تبون، الحرب على مصانع تصنيع السيارات في البلاد ونيتها سحب جميع الامتيازات الاستثمارية التي استفادت منها العلامات العالمية، بدعوة ممارسة “الاستيراد المقنّع”، وعجزها عن خلق شبكة شركات مناولة، دشن المصنّع الألماني للسيارات “فولكسفاغن”، أول أمس الخميس، مصنعاً لتجميع السيارات بالجزائر.
” فولكسفاغن” تلتحق بالركب
بعد الفرنسية “رينو” في 2014، و”هيونداي” الكورية الجنوبية في 2016، جاء الدور الأن على الألمانية فولكسفاغن، كثالث مجموعة للسيارات تنشئ مصنعاً للتجميع في الجزائر، وقالت الشركة في بيان، إن تشييد المصنع، الواقع بمنطقة صناعية في غليزان (300 كم غرب العاصمة الجزائر)، يشكل استثماراً بقيمة تزيد على 170 مليون يورو. وتابع البيان أن بإمكان المصنع إنتاج حتى 200 سيارة في اليوم. وبعد أن بدأ بتجميع سيارات من طراز “غولف” و”إيبيزا سيات” و”أوكتافيا سكودا” و”كادي”، سينتج أيضاً اعتباراً من عام 2018 طرازي “بولو” و”فابيا”.
تبلغ الطاقة الإنتاجية لهذا المصنع الذي أنجز على مساحة 150 هكتار في السنة الأولى 12 ألف وحدة
وصرح رئيس المجموعة الألمانية، هيربرت ديس، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، بأن “القارة الإفريقية تؤمِّن فرصاً كبيرة للتنمية بالنسبة إلى مجموعة فولكسفاغن. بفضل مصنعنا الجديد في الجزائر، سنقوم مع شريكنا (المحلي) سوفاك بتعزيز وجود ماركات المجموعة في شمال إفريقيا. وسنأتي بالتقنيات المتطورة إلى إفريقيا، خصوصاً مع طراز غولف”.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لهذا المصنع الذي أنجز على مساحة 150 هكتار بتكلفة 20 مليار دينار جزائري، في السنة الأولى 12 ألف وحدة على أن يتم رفع هذه الطاقة إلى 100 ألف سيارة سنويا بعد خمسة أعوام بمختلف الأصناف على غرار السياحية والنفعية وكذا العلامتان التابعتان لذات المجمع الألماني على غرار علامة ” سكودا ” و “سيات”، وستتمثل نسبة الاندماج بهذه الوحدة الصناعية 15% لتنتقل إلى حدود 40% بعد مرور خمس سنوات على دخول المصنع حيز الإنتاج، كما أشير إليه.
بحث عن مستثمرين جدد
إلى جانب فولكسفاغن ورينو وهونداي، تعمل الجزائر على استقطاب مستثمرين جدد في قطاع السيارات، وكانت تقارير إعلامية كشفت عن تلقى وزير الصناعة والمناجم الجزائري محجوب بدة طلبا من السفير الياباني لإنشاء مصانع سيارات للعلامات ميتسوبيشي وسوزوكي وتويوتا، كما دعا الوزير الشركات المجرية التي تربطها مشاريع مع كبار مصنعي السيارات، إلى ولوج السوق الجزائرية للاستثمار في صناعة السيارات.
تراجع واردات الجزائر في قطاع السيارات
وتعمل الجزائر للحدّ من البطالة وتوسيع رقعة تصنيع السيارات وليس تركيبها كما حاصل الان حسب تأكيد عديد المسؤولين الجزائريين، كما تسعى لاكتساب مهارات التصنيع والتكنولوجيا وتوسيع رقعة هذا القطاع وجعل الجزائر مصدرا للسيارات لتحقيق الفائدة للاقتصاد الوطني. وكانت الجزائر قررت قبل 3 سنوات خوض مجال تصنيع السيارات؛ لتنويع اقتصادها الذي يعتمد على المحروقات بشكل كبير. وخفَّضت البلاد منذ ذلك الحين إلى حد كبير وارداتها من السيارات، التي تراجعت من 600 ألف سيارة في 2012 إلى أقل من 100 ألف في 2016، ويقدر خبراء الطلبَ السنوي بأكثر من 400 ألف سيارة.
وضمتّ حظيرة السيارات في الجزائر 5.986.181 سيارة مع نهاية سنة 2016 مقابل 5.683.156 سيارة مع نهاية 2015 بارتفاع قدره 5,33 % أي بـ 303.025 وحدة بين السنتين، حسبما أرقام الديوان الجزائري للإحصائيات، وفي بداية العام الماضي، لجأت الحكومة الجزائرية إلى إخضاع عملية استيراد السيارات لنظام الرخص، وذلك ضمن سياسة كبح الواردات. حيث حددت الكمية المسموح باستيرادها بنحو 152 ألف وحدة، قبل أن تقلصها منتصف 2016 إلى 82 ألف سيارة، تقاسمها نحو أربعين وكيلاً يعملون في الدولة، بقيمة لا تتعدى المليار دولار.
بلغت واردات الجزائر من السيارات في العام 2015 نحو 450 ألف وحدة، بقيمة تتجاوز أربعة مليارات دولار سنوياً
وبلغت واردات الجزائر من السيارات في العام 2015 نحو 450 ألف وحدة، بقيمة تتجاوز أربعة مليارات دولار سنوياً، حسب إحصائيات رسمية، في حين تراجعت فاتورة الاستيراد إلى 768 مليون دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي، حسب أرقام ديوان الإحصائيات التابع للجمارك، وتعتزم الحكومة الجزائرية تقليص العدد المسموح باستيراده إلى 25 ألف وحدة في سنة 2017.
استياء من الدولة
تشجيع السلطات الجزائرية للمستثمرين في قطاع تصنيع السيارات، لم يخفي استياء مسؤولي الدولة، من نسبة الاندماج الضعيفة التي يفترض أن تقارب -بحسب الخطط- 15% بعد 3 سنوات على بدء الإنتاج، وتحوّل مشاريع تركيب السيارات في البلاج إلى “استيراد مقنَّع”، وزير الصناعة الجزائري، محجوب بدة، وشهدت الجزائر خلال الأشهر الماضية فضيحة كبرى، مسّت قطاع تركيب السيارات الأجنبية، حيث تم تسريب صور من مصنع للسيارات تظهر استيراد سيارات من علامة “هيونداي” شبه جاهزة، في حين تدمج فقط بعجلات داخل المصنع، لتسوق بعدها على أنها منتج وطني.
تعمل السلطات الجزائرية على تدارك الخسائر السابقة في القطاع
وكانت الجزائر قد ألزمت مصنعي السيارات وممثليهم بفتح مصانع تجميع السيارات من أجل الحصول على رخص استيراد السيارات، على أن يتعهد المصنع بنقل التكنولوجيا ورفع نسبة الإدماج (حصة الصناعة الجزائرية في السيارات) إلى أكثر من 40% وهو ما يسمح بفتح شركات مناولة تشغل اليد العاملة الجزائرية.
ومن المنتظر أن تقوم السلطات الجزائرية بمراجعة دفتر الشروط الخاص بقطاع السيارات، من ذلك التسهيلات الضريبية والجمركية، والتزامات أصحاب المشاريع والضوابط التي تحكمها المشاريع القائمة، إلى جانب إرجاء إطلاق مشاريع جديدة لإخضاعها للشروط والضوابط الخاصة بالجدوى الاقتصادية التي تفرض مراعاة عدة عوامل منها استفاء شروط منها نسبة الإدماج الحاصل تضارب بشأنها الى اليوم وتوفير شبكة المناولة وضمان تصدير جزء من المنتوج، بالإضافة إلى ضمان التكوين والتأهيل وتشجيع إنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة في تشكيل مناولة في قطع الغيار و”الإكسسوارات” مما يجعل المشروع ذات مردودية صناعية واقتصادية.