ترجمة وتحرير نون بوست
تميل المناقشات المتعلقة بالقيادة في صلب الشركات إلى التركيز على نتائجها الإيجابية من قبيل الابتكار وإشراك الموظف أو الأداء التنظيمي. خلافا لذلك، يمثل القادة في مختلف الشركات، بالنسبة لأغلب الموظفين، مصدرا للتوتر عوضا عن الإلهام. في الواقع، نجد مقابل كل قائد محب للتغيير ومدير ذكي عاطفيا العشرات من أرباب العمل الذين يبثّون سمومهم والذين يجسدون ذلك في أشكال كثيرة ومختلفة.
في هذا السياق، كرّست باربرا كيلرمان من جامعة هارفارد قدرا كبيرا من مسيرتها المهنية لدراسة القادة في العمل الذين يثيرون المتاعب. وقد توصلت كيلرمان إلى تصنيف هؤلاء القادة إلى سبعة أنواع رئيسية ألا وهي؛ (1) القائد غير الكفء، (2) المتزمّت، (3) غير المعتدل، (4) القاسي، (5) الفاسد، (6) ضيق الأفق وأخيرا، الشرير.
على العموم، يشترك هؤلاء القادة على اختلاف تصنيفهم في قدرتهم على التسبب في خلق حالة من التوتر للآخرين وخاصة من يعملون تحت إمرتهم. ولا يعد بالأمر المفاجئ أن تظهر البحوث أن خوض تجربة العمل تحت إشراف مدير سيئ قد تكون مماثلة لما يُعرف “باضطراب الكرب التالي للصدمة”. ونظرا إلى أن المدراء السيئين موجودون في كل مكان، فمن الصعب تجنّبهم.
بيّنت التحاليل التلوية العلمية أن هناك 11 صفة سيئة قد يظهرها المديرون، حيث يمتلك 54 بالمائة منهم ثلاثة منها على الأقل، إلا أن البعض من المدراء قد يتسموا بجميع الصفات الإحدى عشر
قد يبدو لك أن أفضل طريقة للتعامل مع مدير سيئ هي التوقف عن العمل معه، إلا أن فرصة العمل التالية قد تكون سيئة بالقدر ذاته أو حتى أسوأ. وعلى الرغم من أن العمل المستقل قد يكون مغريا، إلا أن الأشخاص الذين يعملون لحسابهم الشخصي يميلون إلى العمل لساعات أطول وذلك لكسب مال أقل. بالإضافة إلى ذلك، يقدّم هؤلاء الأشخاص مساهمة محدودة على المستوى الاقتصادي مقارنة بعملهم لحساب مؤسسة ما. وفي الأثناء، من الصعب للغاية أن يتذمر أحدهم من المدير إن كان هو بنفسه يشغل ذلك المنصب.
ولسائل أن يسأل، ما هي أفضل طريقة للتعامل مع مدير مثير للتوتر؟ على الرغم من عدم وجود وصفة عالمية لعلاج هذه المسألة، نجد فيما يلي ثلاث توصيات بسيطة التي من شأنها أن تساعد بشكل عام لحل هذا الموضوع:
قراءة أفكار المدير: بغض النظر عن مدى سوء مديرك، فهو على الأرجح شخص ذو أفكار مُتّسقة. من هذا المنطلق، ينبغي عليك تعلّم توقع أنماطه السلوكية وحينها ستتقلص حدة المشاكل التي قد تطرأ من جانبه. وفي هذا الصدد، يقول النرويجيون إنه “ليس هناك أحوال جوية سيئة، بل ثياب غير مناسبة”. ويمكن اعتبار هذه المقولة بمثابة مقاربة واقعية يمكن تطبيقها أثناء التعامل مع المدير، فمتى ما توصلت إلى معرفة طريقة تفكير مديرك، لن يتبقى لك أي عذر لعدم التسلح بالأساليب المناسبة للتعامل معه.
وتماما كما هو الحال بالنسبة للأحوال الجوية، يتقلب مزاج مديرك بشكل يومي، بيد أن شخصيته ستظهر أنماطا محددة بوضوح ما يجعلها شبيهة بالمناخ. وفي الأثناء، لا بد من التركيز خاصة على فك رموز الجانب المظلم لمديرك المتمثل في جوانب شخصيته غير المرغوب فيها أو غير القابلة للتكيف، التي من شأنها أن تضر بقدرته على إنشاء فريق ذو أداء عال والحفاظ عليه فضلا عن إشراك موظفيه في حيثيات العمل.
من ناحية أخرى، بيّنت التحاليل التلوية العلمية أن هناك 11 صفة سيئة قد يظهرها المديرون، حيث يمتلك 54 بالمائة منهم ثلاثة منها على الأقل، إلا أن البعض من المدراء قد يتسموا بجميع الصفات الإحدى عشر. وفي حين أن أفضل طريقة لتقييم هذه الصفات تتمثل في اعتماد آليات لاستخراج بيانات دقيقة، غير أنه من الصعب إجبار مديرك على الخضوع لاختبار تقييم نفسي، في حين أنه للأسف لا يشارك معظم المدراء نتائجهم مع أعضاء فريقهم. في الأثناء، قد تساعدك المعلومات أدناه على تحديد الصفات السيئة لمديرك وكيفية التعامل معها.
الصفة السيئة: سريع الانفعال
المظاهر السلوكية: تقلب مزاجي حاد، وردود فعل عاطفية بشكل مبالغ فيه، بالإضافة إلى نوبات الغضب، والتنمّر، والمضايقات.
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: تجنب سياسة التصعيد، والتزام الهدوء، وانتظار مرور العاصفة (التي ستمرّ بالتأكيد).
الصفة السيئة: مرتاب
المظاهر السلوكية: عدم الثقة في الآخرين، والسخرية المتطرفة، والتحدي، فضلا عن التعطش للانتقام وجنون الارتياب.
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: استخدام الحجج التي تستند على البيانات وعدم التشكيك فيما يقوله مديرك أو توقع أن يثق بك.
الصفة السيئة: حذر
المظاهر السلوكية: الخوف من التعرض للانتقاد، والعزوف عن المخاطرة، والعجز عن التحليل، والتردد في اقتناص الفرص، والتحيز ضد الابتكار.
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: اتباع إستراتيجية مديرك في العمل، والتحرك ببطء، وعدم إفساد الأمور. وفي حال كنت ترغب في التأثير في مديرك، فعليك أن تكون صارما.
الصفة السيئة: متحفظ
المظاهر السلوكية: عدم إبداء أي اهتمام بالآخرين ومشاعرهم، وعدم القدرة على التواصل، في الغالب لا تظهر عليه أية تعابير (تصعب قراءة تعابير وجهه).
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: تواصل معه من خلال البريد الإلكتروني عوضا عن التواصل معه وجها لوجه، لا تحرج مديرك واحترم خصوصيته.
الصفة السيئة: لا مبالي
المظاهر السلوكية: العناد، وتجنب النزاعات، العدوانية السلبية، والمقاومة السلبية، وعدم التعاون مع الآخرين.
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: لا تمارس عليه أي نوع من الضغوط، لا تفترض أنه يتفق معك أو أنه سيساعدك حتى وإن بدا لك أنه يتخذ موقفا إيجابيا تجاه مسألة ما (فذلك على الأرجح موقف متصنع).
الصفة السيئة: متصلب
المظاهر السلوكية: الغطرسة، والتسلط، والنرجسية، وعدم تقبل الأخطاء.
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: الإشادة به وتأييد غروره، وعدم التقليل من شأنه أو إلقاء اللوم عليه لا سيما في العلن.
الصفة السيئة: مزعج
المظاهر السلوكية: سحر التلاعب بالآخرين، مخاطر متهور، يسأم بسرعة، مندفع.
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: اعتماد الدبلوماسية، والنميمة، وقضاء وقت ممتع معه مع التزام الحذر
قد يبدو لك أن أفضل طريقة للتعامل مع مدير سيئ هي التوقف عن العمل معه، إلا أن فرصة العمل التالية قد تكون سيئة بالقدر ذاته أو حتى أسوأ. وعلى الرغم من أن العمل المستقل قد يكون مغريا، إلا أن الأشخاص الذين يعملون لحسابهم الشخصي يميلون إلى العمل لساعات أطول وذلك لكسب مال أقل
الصفة السيئة: شخصية محبة للمظاهر
المظاهر السلوكية: الميلودراما وجلب الانتباه، والبحث عن الاهتمام وعدم التركيز.
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: تأدية دور المتابع المخلص، وتركه يرفّه عنك وحاذر أن تنافسه في خطف الأضواء.
الصفة السيئة: واسع الخيال
المظاهر السلوكية: الغرابة، والإبداع غير واقعي، والرؤى غير العملية، والأفكار الحمقاء.
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: كن متحمسا لأفكارهم، وركز على الصورة الكبرى، وكن جاهزا لتنفيذ أو تحمل تبعات هذه الأفكار
الصفة السيئة: مهووس بالعمل
المظاهر السلوكية: استحواذي، يتتبع أبسط التفاصيل الدقيقة في إدارته للعمل، ويضع معايير مستحيلة، بالإضافة إلى أنه يهدف إلى المثالية المضادة للإنتاجية.
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: لا تكن غير مبال، كن مهتما بالجودة والحفاظ على معايير عالية.
الصفة السيئة: مطيع
المظاهر السلوكية: الرغبة الشديدة في إرضاء المسؤولين الأعلى منه رتبة ووضع نفسه في المقام الأول وجعل الموظفين العاملين تحت إمرته آخر همّه.
استراتيجيات التكيف بالنسبة للموظفين: احترم القواعد، كن وفيا، وساعده على إرضاء مديره الأعلى مرتبة.
أما التوصية الثانية التي من شأنها أن تساعدك على التعامل مع مديرك فتتمثل في حرصك على عدم التحول إلى مصدر للتوتر. فلكل مدير جانب إيجابي، حتى أن أسوأ مدير في العالم قد يتمكن من إظهار بضع صفات جيدة من حين إلى آخر. ومع ذلك، وفي ظل التوتر الذي يخيم على الأجواء، غالبا ما يظهر مديرك جانبه المظلم. ومن المرجح أن تظهر الصفات السيئة المذكورة آنفا عند تعرض مديرك للضغط أو حين يواجه أي موقف يعجز عن التعامل معه بطريقة استباقية.
ومن هذا المنطلق، حاول أن لا تزيد الطين بلة، وأن لا تتحول بدورك إلى مصدر للتوتر. ففي حال أزعجت مديرك أو أغضبته، أو أديت عملا لا يرتقي إلا المستوى المطلوب، توقع أن يظهر أسوأ الجوانب في شخصيته ليتحول تبعا إلى مصدر للتوتر بالنسبة لك. وبغض النظر عن الوظيفة ومجال العمل، يميل المديرون إلى ترقية الموظفين الذين يكونون راضين عن أدائهم.
ويحيل ذلك إلى أهمية الذكاء العاطفي في إطار المسيرة المهنية كما يفسر السبب الكامن وراء وقوع الموظفين الذين لا يتمتعون به في المتاعب في كثير من الأحيان، حتى وإن كانوا موهوبين ويعملون بجدّ. وبغض النظر عن مستوى الذكاء العاطفي الخاص بك، بإمكانك أن تصبح أقل إثارة للتوتر وذو تأثير إيجابي على مديرك من خلال ترويض الصفات السيئة الخاصة بك.
يشترك هؤلاء القادة على اختلاف تصنيفهم في قدرتهم على التسبب في خلق حالة من التوتر للآخرين وخاصة من يعملون تحت إمرتهم. ولا يعد بالأمر المفاجئ أن تظهر البحوث أن خوض تجربة العمل تحت إشراف مدير سيئ قد تكون مماثلة لما يُعرف “باضطراب الكرب التالي للصدمة”
أخيرا، ترتكز التوصية الثالثة على إظهار مديرك في صورة جيدة. بالتالي، حاول أن تحظى ببعض النفوذ والسلطة واجعل من نفسك عنصرا لا غنى عنه بالنسبة لمديرك. علاوة على ذلك، تأكد من أنه تجعله في صورة أفضل ل حين تكون أنت من يعمل معه. وقد وردفي كتاب “بين داتنير” تحت عنوان “الفضل واللوم في العمل”، أن نجاح العديد من المديرين في مسيرتهم المهنية لا يكون بفضل مواهبهم القيادية بل نتيجة لقدرتهم على تلقي الفضل على إنجازات الآخرين وإلقاء اللوم عليهم على خلفية الأخطاء التي ارتكبوها بأنفسهم.
عموما، وبغض النظر عن مدى التوتر الذي يثيره مديرك وقدرتك على التكيف بشكل جيد مع جانبه المظلم، تتمثل الطريقة الوحيدة لضمان تعامله معك بطريقة جيدة في تحولك إلى عنصر قيّم بالنسبة له. ومع ذلك، حتى وإن نجحت في جعل حياة مديرك سهلة، فاحرص على الحفاظ على ذلك سرّا. ويتجسد الوضع المثالي بالنسبة لمدير مماثل في عدم تحولك إلى مجرد عنصر قيم فحسب بل عدم إظهار ذلك أيضا.
وفي حال انتبه مديرك إلى أن الجميع يدركون قيمتك في العمل، سينتابه حينها القلق من أنك عاجلا أو آجلا سترحل عنه أو سيصبح لك الفضل في التي قام بها، أو قد يشعر بالخوف إزاء إمكانية استيلائك على منصبه. خلال المرحلة الأولى من حياتك المهنية، يرتكز نجاحك أساسا على حسن إدارتك للجانب المظلم من شخصية مديرك. أما في المراحل اللاحقة، فسيعتمد نجاحك في الغالب على إدارة الجانب المظلم الخاص بك خاصة إذا ما كنت مهتما بأن تصبح قائدا فعالا.
المصدر: مجلة هارفارد بيزنس ريفيو