نشرت جريدة الغارديان البريطانية، السبت، تحقيقًا مطولاً هو الأول من نوعه، يروي تفاصيل مجزرة ترحيلات سجن أبو زعبل التي راح ضحيتها 37 معتقلاً داخل سيارة الترحيلات التابعة للسجن بالقاهرة.
وقام كاتب التقرير الصحفي “باتريك كينجسلي” بنقل روايات بعض الناجين من المذبحة وأقارب القتلى الذين نقلوا شهادات مروعة لحقيقة ما جرى عندما قُتل 37 معتقلاً خنقًا جراء إطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم داخل سيارة الترحيلات وحبسهم داخل السيارة لمدة تزيد عن 6 ساعات في درجة حرارة تقارب الـ 40 درجة مئوية.
How were 37 men gassed to death in an Egyptian prison van last August? My investigation here: https://t.co/jksoZTIuJt#AbuZaabal #Egypt
— Patrick Kingsley (@PatrickKingsley) February 22, 2014
وبدأ الصحفي تقريره برواية تفاصيل الساعات الأخيرة من حياة المخرج “محمد الديب” أحد ضحايا المجزرة، الذي قدم وصيته شفهيًا حيث لم يكن لديه ورقة لكتابتها ولم يكن هناك محام، فكل ما استطاع فعله أنه أخبر المعتقل الذي بجانبه بالديون التي عليه سدادها والوصية التي يريد إيصالها إلى والدته حول تفاصيل وفاته.
وكان الديب من ضمن 45 معتقلاً تم إلقائهم داخل عربة الترحيلات في ساحة سجن أبو زعبل شمال شرق القاهرة، وفي وقت الحادثة كان المعتقلون قد أمضوا 6 ساعات داخل العربة، وكانت درجة الحرارة في الخارج 31 وفي الداخل بالطبع كانت أشد حرًا، لم يكن هناك مكان للوقوف ولم يكن لدى المعتقلين أي مشروبات، وقام بعضهم بخلع قمصانهم ومحاولة الشرب من العرق الذي تصبب منهم من شدة الحرارة، وفي هذه اللحظة كان الكثير منهم قد فقد الوعي تمامًا.
وينقل باتريك كينجسلي رواية أحد الناجين ويدعى “محمد عبد المعبود”، وهو تاجر يبلغ من العمر 43 عامًا وعضو بجماعة الإخوان المسلمين، وقد كان عبد المعبود ملاصقًا للمخرج محمد دياب وقت الحادثة.
ويقول كينجسلي إنه في يوم فض اعتصام رابعة العدوية تم اعتقال الكثيرين بشكل عشوائي، ولم يكن الجميع من مؤيدي مرسي أو الإخوان.
وينقل كينجسلي عن “جمال صيام”، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة – ووالد شريف أحد ضحايا المجزرة – قوله إنه في يوم المجزرة تقدم إلى النائب العام هشام بركات بطلب لمعرفة مكان ابنه حيث تم اعتقاله يوم مجزة الفض ولم يستطع التوصل إلى مكانه حتى ذلك الحين، وقد أبلغ جمال صيام النائب العام أن اعتقال ابنه تم عن طريق الخطأ وأنه بحاجة إلى مساعدة للإفراج عنه، ولم يكن شريف عضوًا بالإخوان ولا مؤيدًا للرئيس مرسي، بل إنه كان من مؤيدي تظاهرات 30 يونيو وكان يدافع عنها أنها ثورة وليست انقلابًا.
جمال صيام، والد شريف
ولكن شريف عندما سمع بما حدث من مجازر يوم الفض ذهب إلى الميدان للمساعدة في إسعاف الجرحى، وقد تعاطف النائب العام مع حالة شريف وأعطى والده رسالة موقعة لعرضها على مسؤولي السجن للمساعدة، ولكن هذه الرسالة جاءت متأخرة جدًا، فقبل اللقاء بدقائق مات شريف خنقًا داخل عربة الترحيلات ومعه 36 آخرين جراء استنشاقهم للغاز المسيل للدموع وعدم تمكنهم من الفرار.
في اليوم التالي ظهرت صور مروعة للجثث في مشرحة زينهم، حيث كانت أغلبها منتفخة وكانت الوجوه حمراء أو سوداء، ومنها جثة شريف التي بالكاد تم التعرف عليها.
يقول كينجسلي إن أربعة من ضمن 15 شرطيًا من الذين رافقوا السيارة تمت إحالتهم إلى المحكمة بتهمة الإهمال، ولكن المحاكمة تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، ولازال المسؤولون في الحكومة يلقون اللوم على المعتقلين.
وعلى الرغم من محاولة التعتيم على الجريمة استطاع الصحفي باتريك كينجسلي الوصول إلى بعض الناجين وضباط الشرطة الذين رافقوا الحافلة، فيصف كينجسلي الحادثة بأنها “دليل على وحشية جهاز الشرطة والتعتيم على الجريمة من قبل السلطات”، ويقول إن الجريمة لم تقتصر على يوم الحادثة ولكنها بدأت منذ يوم اعتقال الضحايا في 14 أغسطس من ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر.
ووفقًا لرواية والده والناجين من المذبحة، تم اعتقال شريف صيام ظهرًا على بُعد بضعة شوارع من ميدان رابعة، وتظهر لقطات الفيديو الشهيرة التي سجلها أحد شهود العيان لحظة اعتقال صيام حيث قام أحد الضباط بركله بقوه في صدره أثناء اقتياده إلى عربة الشرطة.
شريف كما ظهر في فيديو اعتقاله
https://www.youtube.com/watch?v=bsplxs00bEg
وتم اتهام صيام بالانضمام إلى جماعة إرهابية، الشروع في القتل، وحيازة أسلحة نارية، وهي ما اعتبرتها عائلته تهمًا سخيفة وملفقة، وكان شريف صيام يعمل كمهندس اتصالات وخبير تنمية بشرية.
روايات الناجين:
ويروي الناجون أن شريف و8 آخرين من الضحايا لم يكن لهم صلة باعتصام رابعة وكانوا معارضين لمرسي.
“شكري سعد” هو من ضمن الناجين الذين أجرت معهم الغارديان حوارًا، وهو أحد سكان مدينة نصر الذي استوقفته الشرطة وهو في طريق عودته بعد شراء علاج مرض السكر الخاص به، حيث اُشتبه أنه يحمل الدواء لمعتصمي رابعة، وفي لحظة اعتقاله – بحسب قوله – صرخ شكري سعد قائلاُ: “أنا مش إخوان، أنا حزب وطني”.
أما “طلعت علي” أحد الناجين، فقد كان يبيع الشاي للضباط أثناء استراحتهم من العمل أثناء فض الاعتصام، ويروي طلعت أنه أغلق القهوة الخاصة به مبكرًا عندما رفض الضباط دفع ثمن المشروبات، وفي أثناء عودته إلى بيته قام نفس الضباط باعتقاله وهو يصرخ قائلاً: “أنا بتاع الشاي، أنا اللي قدمتلكم شاي”، ولكن بلا جدوى.
“محمد رمزي” بائع الخضروات والناجي الثالث الذي تحدثت معه الغارديان فقد جاء إلى مدينة نصر لبيع الخيار في ذلك اليوم، و”محمد حمراوي” اُعتقل في طريقه لبيع ملابس في سوق في وسط المدينة، و”رفيق عبد الغني” تم إيقافه وهو في طريقه إلى العمل.
“محمد عبد المعبود” فقد تم اعتقاله من مكان بعيد عن الاعتصام وهو في طريق عودته إلى منزله بعد انتهاء الفض، وقد كان عبد المعبود من معتصمي رابعة العدوية ولم يترك الميدان وقت الفض، بل مكث هناك لمساعدة الجرحى حتى الساعة 3 عصرًا حيث لم يعد هناك أمل في إنقاذ أحد، وفي وقت لاحق انضم إلى مجموعة من أصدقائه الذين يسكنون في نفس قريته بمحافظة الشرقية، حيث سمعوا أن أحد الأصدقاء قد أُصيب وكانوا يبحثون عن جثته في مسجد الإيمان، وعندما وجدوا الجثة قاموا بنقلها في سيارة أحدهم ولكن أوقفتهم نقطة تفتيش تابعة للجيش واستجوبتهم عن الجثة، وعما اذا كان لديهم تصريح بالدفن.
محمد عبدالمعبود
واستحوذ الجنود على متعلقاتهم الشخصية والنقود التي كانت بحوزتهم، وقاموا بإطلاق سراح أغلبهم ماعدا خمسه منهم، وكان من ضمن الخمسة عبد المعبود وطبيب يدعى عبد المنعم، وصيدلي يدعى محمد سيد جبل يبلغ من العمر 29 عامًا.
وتم اقتياد الخمسة إلى قسم شرطة في مصر الجديدة وتم اتهامهم بالضلوع في أعمال تخريبية وحمل جثة بدون تصريح دفن، وتم إيداعهم في غرفة اعتقال مزدحمة للغاية.
ومن ضمن الناجين “حسين عبد العال” الموظف السابق بشركة بترول مصرية والبالغ من العمر 60 عامًا، وقد تم احتجازه في استاد القاهرة ومعه آلاف آخرين تم اقتيادهم إلى الاستاد يوم مجزرة رابعة حيث امتلأت أقسام الشرطة بالمعتقلين.
وقد وصل عبد العال إلى رابعة العدوية قبل ساعات من الفض حيث كانت هناك إشاعات بأن الفض سيتم هذا الصباح، وأراد عبد العال أن يكون متواجدًا في هذه اللحظة لرمزيتها وليقف بجانب ابنه رمزي عضو الإخوان والذي شارك في الاعتصام منذ بدايته، والذي تم قنصه برصاصة في الرأس يوم الفض.
كان عبد العال في طريقه إلى المستشفى مع ابنه عندما أوقفه ضابط جيش وأخرجه من العربه، وتوسل عبد العال إليهم ليبقى مع ابنه ولكن بلا جدوى، وتم اعتقاله واقتياده الى استاد القاهرة.
وفي تلك اللحظات قام شريف صيام بنشر رسالة على موقع فيسبوك عبر هاتف أحد الأشخاص وقال فيها إنه محتجز في الاستاد وطلب من القراء أن يبلغوا والده بمكان احتجازه.
وعندما علم جمال صيام بمكان نجله حاول العثور على محام للمساعدة في الإفراج عنه، وكان لدى صيام وسائط كثيرة بحكم عمله السابق كمستشار بوزارة الزراعة في عهد مبارك، ولكن لم يساعده أحد بسبب تخوف الجميع من أن يتم تفسير الأمر على أنه مساعدة للإخوان، فذهب صيام إلى الاستاد بنفسه وعند وصوله كان شريف قد تم نقله إلى قسم مصر الجديدة.
وفي القسم كان المعتقلون متكدسون في زنازين مساحتها 3 أمتار فقط، ويقول عبد المعبود إنه على مدار 3 أيام كانت الزنزانة الواحدة تحتوي على ما يقارب 38 معتقلاً، وكانت ضيقة جدًا بشكل لا يسمح لهم بالنوم في نفس الوقت، فكانوا ينامون بالتناوب، وكانت درجة الحرارة لا تطاق.
وقد عثر جمال صيام أخيرًا على ابنه في قسم مصر الجديدة، ولم يتمالك نفسه من البكاء عندما قابل والده وعانقه ولكنه لم يتحدث كثيرًا، وزاره والده في اليوم التالي (السبت) ليعطيه بعض المتعلقات الشخصية.
يوم المجزرة:
في يوم الأحد الموافق 18 أغسطس في الساعة 6:30 صباحًا تم تكبيل أيادي 45 سجينًا، وكان كل اثنين مكبلين سويًا، فيما عدا عبد المعبود الذي تم تكبيله مع اثنين آخرين. وكان المعتقلون الخمسة من محافظة الشرقية آخر من تم الزج بهم في سيارة الترحيلات.
وقد أظهرت إحدى التقارير الهندسية أن السيارة مهيأه لحمل 24 شخصًا على الأكثر، ولكن في هذه الحالة تم وضع 45 سجينًا في نفس العربة ولذلك تم إغلاق باب العربة بصعوبة.
وقد استغرقت الرحلة إلى سجن أبو زعبل ساعة من الزمن، وفي داخل العربة كان السجناء مكدسين فوق بعضهم البعض ولم يستطيعوا الوقوف بشكل طبيعي.
وساء الوضع عندما وصلوا إلى ساحة السجن، حيث لم يعد هناك هواء كاف للتنفس بعدما توقفت العربة، وما حدث في الساعات التالية تم التحقيق بشأنه وأدلى بعض الضباط بشهادتهم حوله، وقد أيدت شهادة أحد الضباط الناجين من الحادثة، ويدعى الضابط “عبد العزيز ربيع عبد العزيز”، وقد رفض إجراء حوار مع الغارديان ولكنه أدلى بشهادته في النيابة، والتي كشف عنها المحامون وأكدتها مصادر أخرى تحدثت معها الغارديان.
ويدعي عبد العزيز أن أسطوانات التهوية الخاصة بالعربة تم كسرها.
وكانت درجة الحرارة في ذلك اليوم 31.1 مئوية، وقد أُجبر الـ 45 معتقلاً على الانتظار داخل العربة حتى يصل باقي المعتقلين الـ 600 القادمين من رابعة إلى أبو زعبل، وكانت هناك 15 سيارة ترحيلات أخرى وصلت قبلهم، وقد استغرق إنزال المعتقلين من كل عربة حوالي نصف ساعة لأن كلا منهم كان يتم استقباله بالطريقة المعتادة وهي الضرب والتعذيب فور نزولهم من العربة.
وكانت العربة رقم 11 في طابور سيارات الترحيلات، وبالتالي فقد كان على الـ 45 سجين الانتظار لمدة طويلة حتى يتم إنزالهم.
ويروي الناجون أن درجة الحرارة كانت لا تطاق وكان المعتقلون يقفون على رجل واحدة وقد امتلأت ملابسهم بالعرق وبدأ الأكسجين في النفاذ، ويروي عبد المعبود أنه في هذه اللحظة بدأ السجناء في الصراخ والاستغاثة وطرق جوانب العربة، ولكن لم يستجب أحد.
وبحسب رواية حسين عبد العال وشكري سعد، شعر الاثنان بأنهما يحتضران، حيث خضع عبد العال لجراحة قلب مفتوح منذ عامين وكان شكري سعد مريضًا بالسكر، ويقول عبد العال إنه لاحظ على شكري سعد أنه يفقد وعيه واستغاث طلبًا للمساعدة قائلاً إن أحدهم على وشك الموت، فجاء الرد بأنهم يريدون موتهم جميعًا.
ويروي الناجون في شهاداتهم لصحيفة الغارديان بأن الضباط طلبوا منهم أن يسبوا الرئيس مرسي كي يتم إخراجهم، فقام الشباب بالسب ولكن رفضوا إخراجهم، ثم طلبوا منهم أن يطلقوا على أنفسهم أسماء نساء، وبالفعل قام البعض بذلك ولكن كان الرد “نحن لا نتحدث مع النساء”.
وفي شهادته لدى النيابة قال الضابط عبد العزيز إن بعض الضباط الصغار طلبوا من مديريهم أكثر من مرة أن يسمحوا بفتح السيارة وإعطاء السجناء مياه، ولكنهم رفضوا لمدة 4 ساعات ثم تم السماح بالمياه ولكن فقد الضباط مفتاح باب السيارة، فقام الملازم محمد يحيى بكسر القفل، ولكن حتى ذلك الوقت لم يتم السماح للسجناء بالخروج فيما عدا عبد العال الذي كان واقفًا بجانب الباب تم السماح له بالوقوف على حافة الحافلة وتم إلقاء قطرات المياه عليه، ثم تم دفعه إلى الداخل مرة أخرى.
وبالرغم من قيام جميع الحافلات الأخرى بترك الباب مفتوحًا إلا أن حافلة قسم مصر الجديدة لم تفعل ذلك وقامت بغلق الباب بالكلابشات.
ويقول عبد العزيز إنه في النهاية قام صغار الضباط بإلقاء المياه بأنفسهم من فتحة النافذة، ولكن السجناء كانوا قد وصلوا إلى مرحلة حرجة حيث أُصيب أغلبهم بالغثيان وقام البعض بتلاوة وصيته، ويقول سيد جبل “سقط كبار السن أولاً، ثم لحق بهم الشباب، واحدًا تلو الآخر، وفي الخارج كان الضباط يضحكون ويسبون مرسي.”
وقام الشباب بالطرق على جوانب الحافلة بقوة واستمروا في الطرق حتى سقطوا جميعًا وصمتت الحافلة عندما سقط الجميع مغشيًا عليهم.
وبحلول الساعة الواحدة ظهرًا جاء دور السجناء في النزول ونادى عليهم الضباط أن يتجهزوا لتسليم ما لديهم إلى موظفي السجن، ولكن أغلب من بالداخل لم يستطع حتى الوقوف.
يقول الصحفي باتريك كينجسلي إن هناك روايتين متضاربتين لما حدث بعد ذلك، فقد قال ضباط في التحقيقات إنه عندما فتح الباب قام السجناء بجلب الملازم يحيى إلى الداخل واحتجازه كرهينة، وقد أدت الفوضى التي حدثت بعد ذلك إلى مجيء الكثير من الضباط الآخرين المسؤولين عن سيارات أخرى إلى المكان، ويدعي الضابط إن عبد العزيز وزميله قد أصيبا في هذه الاشتباكات عندما حاولا إنقاذ يحيى، وفي غضون ذلك قام أحد العساكر بإطلاق غاز مسيل للدموع داخل العربة من خلال أحد النوافذ، وبحسب هذه الرواية فقد أصيب يحيى واثنان آخران بسبب التعرض للغاز، في حين تعرض عبد العزيز لبعض الجروح نُقل على إثرها إلى المستشفى.
ولكن وفقًا لرواية الناجين ورواية عبد العزيز نفسه فإن هذه الرواية الأولى مفبركة ولم تحدث على هذا النحو، ففي شهادته أمام النيابة قال عبد العزيز إن أحد الضباط قام بضربه على وجهه كي يثبت روايته بأنه تعرض لجروح.
ويقول عبد المعبود في حديثه للغارديان: “لنكن منطقيين في تحليلنا للواقعة، كنا جميعا مرهقين للغاية ولم نستطع حتى المشي وسقط أغلبنا مغشيًا عليه داخل الحافلة، وقد تمكن 5 أو 6 أشخاص فقط من الوقوف، فكيف يمكننا ضرب ضابط شرطة ونحن في هذه الحالة؟”.
ويقول مراسل الغارديان إن رواية عبد العزيز تدل على أن السجناء لم يكونوا بحالة تمكنهم من اختطاف الضابط، ويضيف عبد العزيز أنه عندما نظر من النافذة الخلفية وجد مشهدًا مروعًا لجميع السجناء وهم مغشي عليهم فوق بعضهم البعض.
وقال الدكتور “هشام فراج” المتحدث باسم مشرحة زينهم التي استقبلت الجثث أن الضحايا كانوا على قيد الحياة عندما تم إطلاق الغاز وأنه تم العثور على آثار الغاز في جميع الجثث، وأعرب عن شكه في قدرة عبوة الغاز الواحدة على قتلهم ولكن ربما كان إطلاق الغاز هو المسمار الأخير في نعش الضحايا الذين عانوا من قلة الأكسجين لمدة طويلة قبل إطلاق الغاز.
وقال فراج في شهادة مكتوبة لصحيفة الغارديان: “قررنا أن الشرطة هي المسؤولة عن قتل السجناء لأنهم قاموا بملء الحافلة بـ 45 سجينًا وهو رقم كبير جدًا لأن الحافلة تستوعب 24 فقط، وبالتالي كان هناك نقص في الأكسجين مما سرع من وتيرة القتل عندما تم إطلاق الغاز.”
وبسبب تكدس السجناء كان من الصعب فتح باب العربة مما اضطر الضباط إلى استخدام منشار آلي لفتحه، وفي النهاية استطاعوا فتح جزء صغير خرج منه 8 فقط أحياء وكانت بشرتهم مليئة بالخدوش.
يقول سيد جبل إنه عندما استنشق الهواء بالخارج لم يشعر بأي شيء وسقط على الأرض، وعندها قام الضباط بضربه.
أما باقي السجناء فكان مغشيًا عليهم داخل السيارة ومكدسين فوق بعضهم البعض، ويقول الضابط عبد العزيز إنه في هذه اللحظة أدرك أنهم جميعًا قد فارقوا الحياة.
أنا جيت لقيت بعض الجثث متشرحة، وبعضها لأ، وبعضها متشرحة وسايبين بطنها مفتوحة، زى شريف صاحبى 🙁
— Osama Elmahdy (@OssamaElmahdy) August 19, 2013
ترجمة موقع عربي 21