معظم الشركات الكبيرة الآن والتي تبلغ قيمتها المالية مليارات الدولارات انطلقت شركات صغيرة من بيئة ريادة الأعمال التي باتت اليوم محركًا مهمًا لا غنى عنه في خلق فرص العمل وتحقيق نمو شامل في المنطقة. وباتت الدول حول العالم تتنافس بين بعضها البعض لجذب رواد العمل ودعمهم ماليًا، لتحويل أفكارهم الخلاقة إلى مشاريع إنتاجية مفيدة للمجتمع والمحيط الذي يعيشون فيه، ولخلق فرص عمل للشباب.
حيث أصبحت ريادة الأعمال ذا أثر قوي على المؤشرات الاقتصادية للدول حول العالم، تسعى الدول لتطوير سوق العمل وخلق بيئة عمل واستثمار مناسبة في ظل مفاهيم العمل الجديدة التي ظهرت مؤخرًا. رائد الأعمال هو ذلك الإنسان الذي يكون رأس ماله الأساسي الموهبة الشخصية وقدراته ومهاراته التي من خلالها يستطيع اكتشاف الفرصة الصالحة لكي تكون مشروعًا مربحًا، يحاول ما أمكن عبر أدوات وطرق مختلفة تدبير الموارد اللازمة لها لتحويل هذه الفرصة إلى واقع عملي حقيقي.
في العشر سنوات الماضية انتشرت ثقافة ريادة الأعمال في العالم العربي، وكان للأردن الحصة الأكبر في حضانة تلك المشاريع الريادية، فالأردن جاءت في المرتبة الثانية بعد الإمارات في القائمة التي تضم أهم 100 شركة عربية ناشئة تعمل على تشكيل الثورة الصناعية الرابعة، حيث شكلت خمس تلك الشركات، في حين حازت الامارات على 28 شركة ريادية.
وقد تم عرض تلك القائمة في المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في البحر الميت بالأردن. والذي ركّـز على دعم جهود الإصلاح الاقتصادي في المنطقة من خلال تمكين الشباب والشركات الناشئة من الانتقال إلى مرحلة صناعية جديدة.
أبرز الشركات ريادية في العالم العربي
كريم في الإمارات
تأسست شركة كريم في دبي برأس مال لا يتجاوز الـ100 ألف دولار فيما تبلغ قيمتها المالية اليوم نحو مليار دولار. ويعمل في الشركة حاليًا 150 ألف سائق، عبر 11 دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، وتتوقع الشركة بعد توسعها المقبل إيجاد مليون وظيفة جديدة حتى بداية عام 2018.
ويتشابه عمل الشركة بعمل شركة أوبر الأمريكية، في مجال تكنولوجيا النقل البري (خدمة التكسي) عبر تقديم خدمات توصيل سريعة ومريحة مع سائق خاص في مختلف مدن المنطقة من خلال موقعها الإلكتروني وتطبيقات الهواتف الجوالة الذكية.
تتيح الشركة لزبائنها من الأفراد والمؤسسات طلب إحدى السيارات العديدة المتوفرة مع سائق لتصلهم في مكان تواجدهم إما فورًا أو في وقت لاحق، وذلك من خلال موقع الشركة الإلكتروني، أو عبر تطبيق الهاتف الذكي الخاص بها، بالإضافة إلى إمكانية رصد و تتبع مكان السيارة بشكل آلي وآني على الخريطة والدفع بسهولة نقدًا أو بواسطة بطاقة الائتمان.
لأردن جاءت في المرتبة الثانية بعد الإمارات في القائمة التي تضم أهم 100 شركة عربية ناشئة تعمل على تشكيل الثورة الصناعية الرابعة
ويفوق عدد أسطول السيارات الملتحق بكريم 90 ألف سائق وأكثر من أربعة ملايين مستخدم مسجل عبر تطبيقها للهاتف المحمول. وللمفارقة فإن كريم لم تبدأ بجني أرباح بعد من عملها، فحسب ما أفاد به “مدثر شيخة” الشريك المؤسس لكريم، العام الماضي فإن “هذا النوع من الأعمال يتطلب قدرًا منصفًا من الاستثمار للوصول لنقطة التعادل. نتطلع إلى الربحية في العام المقبل 2018 أو الذي يليه.”
يوتيرن في السعودية
شبكة يوتيرن هي شبكة متعددة القنوات للمتحدثين بالعربية حول العالم، تدعم صانعي المحتوى المبدعين وتحول شغفهم إلى نجاح. تأسست في عام 2010 في مدينة جدة بالسعودية، على يد رائد الأعمال السعودي قسورة الخطيب، وتختص الشركة في إنتاج مواد ترفيهية على منصات الإعلام الجديد، ليصل إلى ملايين المشاهدين في منطقة الشرق الأوسط.
نجحت حتى الآن في تحقيق ملياري مشاهدة، وأكثر من مئة مليون مشاهدة شهرية عبر أكثر من 95 قناة، وخصصت أكثر من 10 مليار دقيقة مشاهدة ويتابعها أكثر من 33 مليون متابع ومشترك، وتحظى بنسبة متابعة 80% من مشاهدات الأجهزة الرقيمة، وعقدت في العام 2013، شراكة مع يوتيوب وياهو، وكانت بداية الشراكات مع صناع المحتوى المحليين مثل “تكي” و”الفئة الفالة”.
تعد شركة كرم للطاقة الشمسية، لمؤسسها أحمد زهران، أبرز شركات ريادة الأعمال المصريية في مجال التطبيقات المتكاملة لحلول الطاقة الشمسية، وهي الشركة الأولى التي يُسمَح لها ببيع الكهرباء خارج الشبكة الوطنية في مصر.
صنفت في عام 2014، كأفضل شركة للإعلام الجديد بالشرق الأوسط من قبل “فايننشال تايمز”. وفي العام 2015، استلمت الشركة جائزة قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب من الشيخ “محمد بن راشد آل مكتوم”، عن فئة ريادة الأعمال وفئة الإعلام الرقمي. وفي العام نفسه، حصلت “يوتيرن” على تمويل قيمته عشرة ملايين دولار من شركة leap ventures للاستثمار.
كما تصدرت في العام 2016، قائمة “فوربس الشرق الأوسط” للشركات الناشئة الواعدة، وفي هذه السنوات القليلة الماضية، ارتفعت منتجات “يوتيرن” المباشرة إلى 15 برنامجًا وإجمالي ثمانين برنامجًا وفقًا لشراكات إنتاجية، حيث تساعد الشركة على تمويل أو إنتاج برامج من دون أن تكون مالكة لها.
طقس العرب في الأردن
في العام 2006 أسس محمد الشاكر شركة “طقس الأردن” بتمويل بسيط من العائلة وبعض الأصدقاء، وتحول فيما بعد إلى طقس العرب بعد توسع أعماله حيث بات يخدم مساحة جغرافية أكبر. فبعد أربع سنوات من انطلاق الشركة وتحديدًا في 2010 حصلت على حصة تمويلية بقيمة مئة ألف دولار من شركة “جبار غروب”، مما مكنها من التطور لتصبح “طقس العرب”.
واليوم تعد الشركة أكبر موقع إلكتروني للطقس في الوطن العربي ويقدم الموقع حالة الطقس لجميع مناطق دول الوطن العربي التي تضم أكثر من 5000 منطقة ولجميع السكان البالغ عددهم قرابة 400 مليون شخص.
ويُوفر طقس العرب عبر صفحات الدول الـ 22؛ ميزات وخدمات شيّقة ونوعية تتضمن أخبار مُباشرة عن الطقس وتطورات الأحوال الجوية، وأخبار مناخية وبيئية وعلمية مختلفة، كما يوفر توقعات الطقس لخمسة أيام قادمة وبدقة تصل إلى توقع الطقس ساعة بساعة للأيام الخمس، بالإضافة إلى توقعات الطقس لعشرة أيام قادمة، وإضافة إلى ما سبق يتم إصدار نشرات جوية تفصيلية ونشرات جوية شهرية وموسمية.
نجحت حتى الآن في تحقيق ملياري مشاهدة، وأكثر من مئة مليون مشاهدة شهرية عبر أكثر من 95 قناة حتى الآن
و يوفر أيضًا كما هو موضح في الموقع الخاص بالشركة، خدمة مُميزة جدًا وهي من الخدمات القليلة على مُستوى العالم وهي صور مُباشرة للأقمار الاصطناعية، والتي ترصد الطقس فوق الوطن العربي. ولدى الشركة مكتبين تمثيليين، الأول في مدينة دُبي بالإمارات والآخر في العاصمة الأردنية عمّان، ويعمل لدى الشركة أكثر من 20 موظف في مجالات مُختلفة.
ويعد المركز الرئيسي في عمان من أكبر المراكز الإقليمية للطقس في الوطن العربي بمساحة تصل إلى أكثر من 250 م2 مُجهّز و مُزوّد بأحدث الأجهزة والتقنيات المواكبة لعلم الأرصاد الجوية في العالم ويُعتبر من أطور المراكز في الوطن العربي لرصد الطقس و التنبؤ به.
كرم سولار في مصر
تعد شركة كرم للطاقة الشمسية، التي يرأسها أحمد زهران، أبرز شركات ريادة الأعمال المصريية في مجال التطبيقات المتكاملة لحلول الطاقة الشمسية، وهي الشركة الأولى التي يُسمَح لها ببيع الكهرباء خارج الشبكة الوطنية في مصر.
وكرم سولار هي شركة لتكنولوجيا الطاقة الشمسية والتكامل تقدم حلول شمسية مبتكرة للقطاعات الزراعية والصناعية والسياحية والتجارية. ومنذ تأسيسها في عام 2011، أصبحت الشركة أكبر شركة خاصة في مجال الطاقة الشمسية خارج الشبكة العامة الكهربائية في مصر. وكانت الشركة وقّعَت العام الماضي العديد من الاتفاقيات، منها اتفّاقيةً لـ27 عامًا مع مشروع منتجع “سهل حشيش”، الأكبر على البحر الأحمر، وذلك من أجل تزويده بالكهرباء المولّدة من الطاقة الشمسية، بقدرةٍ تبدأ من 2 ميجاوات.
لا تزال بيئة العالم العربي في ريادة الأعمال بيئة خصبة وثرية مليئة بالفرض باتفاق الكثير من الخبراء والمؤسسات الإقليمية والعالمية، ومن جهة أخرى توفر تلك الشركات يمنح الشباب أمل بالمستقبل وفرصة في المساهمة باقتصاداتهم وتطورها نحو الأفضل، وما تلك الشركات التي هي غيض من فيض سوى مثال عن الشباب العربي الحالم والطموح الذي يملك أن يقلب الموازين في بيئته وينطلق لمستقبل أفضل.