صادف يوم الجمعة الماضي (21 فبراير/شباط الجاري)، الذكرى السنوية الثانية لانتخاب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، رئيسا توافقيا، بموجب المبادرة الخليجية التي أتت لتسوية الأزمة السياسية بين السلطة والمعارضة، عقب ثورة 2011 ضد حكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وبحسب المبادرة وآليتها التنفيذية، الموقعة في العاصمة السعودية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 والتي تعد المرجع للنظام السياسي الانتقالي الراهن في اليمن، تكون المدة الممنوحة للمرحلة الانتقالية والمقررة بعامين قد انتهت في 21 فبراير/ شباط الجاري 2014.
غير أن الرئيس عبدربه منصور هادي لا يزال رئيسا للجمهورية اليمنية بعد هذا التاريخ، وبدون أي قرار جمهوري أو إعلان دستوري لتمديد فترته الرئاسية، وهو ما يطرح السؤال لماذا لا يزال الهادي رئيسا لليمن؟.
أولا، يجب علينا فهم الإطار الدستوري الحاكم للنظام السياسي في اليمن حاليا، والذي يتألف من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وكذلك الدستور اليمني الراهن، إلا فيما يتعارض مع نصوص المبادرة الخليجية، ففي حال التعارض تكون نصوص المبادرة الخليجية هي الراجح.
بالعودة إلى هذا الإطار الناظم للظرف الحالي، نجد أن المبادرة الخليجية تنص على التالي، فيما يخص ولاية رئيس الجمهورية الراهنة.
1. مرحلة انتقالية من عامين لإنجاز حوار وطني ودستور جديد للبلاد، تنتهي بعد العامين بانتخابات رئاسية أو برلمانية حسب الدستور الجديد لنقل السلطة.
2. تنتهي ولاية رئيس الجمهورية المنتخب في المرحلة الانتقالية عند تنصيب الرئيس الجديد بعد انتخابات تنافسية، بموجب الدستور الجديد أيضا.
وبسبب هذين النصين، تولد تفسيران متناقضان لتحديد مدة ولاية رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي، بين من يرى أنها تنتهي بانقضاء العامين، وبين من يرى أنها تنتهي عند تنصيب الرئيس الجديد، ولكل سنده في نصوص المبادرة الخليجية.
مخرجات الحوار الوطني الذي انتهت أعماله في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، انحازت إلى الأخذ بالتفسير الأخير القائل بأن ولاية رئيس الجمهورية تنتهي عند تنصيب الرئيس الجديد، كما قررت أن مدة العامين المحددة في الآلية التنفيذية للمبادرة هى لتحديد فترة المرحلة الانتقالية وليس لمدة ولاية رئيس الجمهورية، ليقرر مؤتمر الحوار الوطني تمديد المرحلة الانتقالية عاما آخرا لإنجاز الدستور الجديد قبل الذهاب للانتخابات التنافسية.
غير أن ذلك القرار في الحوار الوطني لم يحسم الجدل بين الفريقين حول شرعية ولاية رئيس الجمهورية المستمرة حيث لا يزال الفريق القائل بانتهائها بعد العامين متمسكا بذلك القول ويرى تلك الفترة، فترة غير شرعية، هؤلاء هم الأكثر تطرفا للفكرة وهم غالبا من أتباع الرئيس السابق علي عبدالله صالح. فيما يتفهم آخرون من أهل هذا الرأي بقاء رئيس الجمهورية حتى انجاز الدستور الجديد والانتخابات، وهؤلاء يقترحون على الرئيس هادي إصدار قرار جمهوري أو إعلان دستوري استنادا إلى شرعيته الانتخابية لتمديد ولايته الرئاسية ليكون الأمر شرعيا ودستوريا.
لكن لم يحدث أي من ذلك، فقد مر تاريخ 21 فبراير دون إصدار أي قرار أو إعلان دستوري لتمديد فترة ولاية رئيس الجمهورية، فالأمر طبيعي وعادي جدا، كما يقول أهل هذا الرأي، فقد انتخب رئيس الجمهورية انتخابا شعبيا ومباشرا، وتنتهي ولايته حسب المبادرة الخليجية التي بموجبها تنتهى مدة انتخاب الرئيس الانتقالي عند تنصيب الرئيس الجديد، وحتى ذلك الحين يظل الرئيس عبدربه منصور هادي رئيسا شرعيا للبلاد دون الحاجة لقرارات أو إعلانات دستورية.
لكن، كم هي الفترة المتبقية في ولاية رئيس الجمهورية؟، هل هي سنة كما هو الحال مع المرحلة الانتقالية الثانية؟، أم هي أكثر من ذلك؟.. في الحقيقة قد تكون الاثنتين معا، فإن أنجزت المرحلة الانتقالية مهامها خلال سنة، الدستور الجديد والاستفتاء عليه، سيكون على رئيس الجمهورية الدعوة لانتخابات يسلم بموجبها السلطة إلى الرئيس الجديد، وإن لم تنجز سيظل رئيسا للبلاد حتى تنجز تلك المهام.
إلى ذلك الحين، يكون الرئيس عبدربه منصور هادي، هو الخيار الأفضل للجميع، فهو من جهة لا يزال أمين عام حزب المؤتمر الشعبي، حزب “صالح” الذي كان حاكما، ومن جهة أخرى هو شريك المعارضة في التغيير، كما أن المرحلة التوافقية توفر لكل الأطراف حصصا تشاركية في إدارة السلطة من خلال “حكومة الوفاق”، وأكثر مما توفره الانتخابات لبعض الأطراف حتى.. لهذا السبب يبدو أن الأطراف السياسية الموقعة على المبادرة الخليجية، قد اختارت – وعن قصد – سقف إنجاز المهام لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية، وليس السقف الزمني.