ترجمة وتحرير نون بوست
خلال السنة الماضية، دفعت الأمم المتحدة مبلغا لا يقل عن 18 مليون دولار للشركات التي لها علاقات وثيقة مع بشار الأسد، حيث أن بعضهم يديرها مقربون من الرئيس السوري، الذين تندرج أسماؤهم على القوائم السوداء للولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي.
علاوة على ذلك، منحت منظمة الأمم المتحدة عقود اتصالات وأمن لمقربين من النظام بمن فيهم رامي مخلوف، ابن خال الأسد. ووفقا لتقرير الأمم المتحدة السنوي للمشتريات لسنة 2016، الذي نشر خلال شهر يونيو/حزيران والذي يتكون من 739 صفحة، دفع موظفو الأمم المتحدة فاتورة بقيمة 9.5 مليون دولار إلى فندق فور سيزون. والجدير بالذكر أن هذا الفندق يقع في دمشق، وتعتبر وزارة السياحة السورية شريكا فيه. فضلا عن ذلك، ذهبت بعض أموال الأمم المتحدة إلى جمعية خيرية أسستها زوجة الرئيس السوري.
في الواقع، تملك الأمم المتحدة قائمة سوداء عالمية خاصة بها. ولذلك فهي غير ملزمة بالعقوبات التي تفرضها الدول الأعضاء أو الكتل الإقليمية على غرار الاتحاد الأوروبي. ونتيجة لذلك، سوف يساهم، تقديم الأمم المتحدة الأموال لحلفاء الأسد في زيادة حجم الانتقادات الموجهة لهذه المنظمة العالمية، نظرا لأنها فشلت في سوريا، حيث أسفرت الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من ست سنوات عن مقتل ما لا يقل عن 400 ألف شخص.
يبرر مسؤولو الأمم المتحدة موقفهم من خلال الحديث عن الصعوبات التي يواجهونها أثناء العمل خارج رعاية الحكومات المسيطرة في الدول على غرار سوريا
في مناسبات عدة، أدانت هيئات الأمم المتحدة الفظائع التي ارتكبها النظام في هذا الصراع. بالإضافة إلى ذلك، ألقت الدول الغربية والعربية اللوم على الأسد، بيد أن حق النقض الذي تمارسه روسيا، والتي تؤيد النظام السوري، منع مجلس الأمن الدولي من الموافقة على إجراءات أكثر صرامة وإضافة محسوبي الأسد إلى قائمته السوداء.
وفي هذا السياق، قالت كاثلين فالون، المتحدثة باسم “الحملة من أجل سوريا”، وهي مجموعة مناصرة مستقلة إن “أي أموال تذهب إلى الأسد وحلفائه تبين أن منظمة الأمم المتحدة ليست محايدة، ولكنها في الواقع تساعد أكبر لاعب في الصراع”. وأضافت فالون أن “مكافأة النظام المسؤول عن أغلب جرائم القتل في سوريا يرسل رسالة قد يساء فهمها من قبل العالم بأسره”.
في هذا الإطار، يبرر مسؤولو الأمم المتحدة موقفهم من خلال الحديث عن الصعوبات التي يواجهونها أثناء العمل خارج رعاية الحكومات المسيطرة في الدول على غرار سوريا، وضرورة حماية العاملين لديها. خلال سنة 2003، عندما بدأ الغزو الأمريكي للعراق يتطور إلى حرب أهلية مشابهة للنزاع السوري الحالي، قُتل مبعوث الأمم المتحدة سيرجيو فييرا دي ميلو رفقة عدد من موظفيه في هجوم بسيارة ملغمة على فندق بغداد الذي كانوا يستخدمونه كقاعدة لهم.
وفي السياق ذاته، قال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة إن “الأمم المتحدة تقدم مساعدات محلية إذ هناك العديد من الأماكن التي يكون فيها الاقتصاد المحلي إما مملوكا للدولة أو يكون لدينا خيارات محدودة جدا”. وحول النفقات التي دفعتها الأمم المتحدة لفندق فور سيزونر التي يملكها الملياردير السعودي الوليد بن طلال، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، إن “تلك الفنادق تمثل الأماكن الوحيدة الآمنة في تلك البلاد”.
دفعت وكالة الأمم المتحدة مبلغا لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين يقدر بحوالي 105.043 دولارا إلى شركة قاسيون للمنظومات والخدمات الأمنية التي يملكها ابن خال الرئيس السوري
ووفقا للتقرير السنوي للأمم المتحدة، أنفقت المنظمة حوالي 140 مليون دولار على السلع والخدمات في سوريا خلال السنة الماضية”. وتجدر الإشارة إلى أن هناك ثلاث هيئات مختلفة تابعة للأمم المتحدة على غرار مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).دفعت مبلغا لشركة سيريتل للاتصالات، التي تعود إلى رامي مخلوف، يصل إلى 164،300 دولار.
علاوة على ذلك، دفعت وكالة الأمم المتحدة مبلغا لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين يقدر بحوالي 105.043 دولارا إلى شركة قاسيون للمنظومات والخدمات الأمنية التي يملكها ابن خال الرئيس السوري.
“السيد 10 في المائة”
كان رامي مخلوف، أحد أغنى رجال الأعمال في سوريا، مدرجا ضمن القائمة السوداء لوزارة الخزانة الأمريكية منذ سنة 2008. وخلال كانون الأول/ديسمبر، تم إدراج شركة قاسيون على نفس تلك القائمة من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة.
وفي هذا الصدد، قال جوشوا لانديس، الخبير في سوريا والذي يرأس مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما، إن “مخلوف يعرف بالسيد “10 في المائة” في سوريا نظرا لأنه يملك أسهما في الكثير من الشركات”. كما أضاف لانديس أن “مفتاح الحصول على أي شيء في سوريا يتمثل في إطعام رجال الأعمال الكبار فيها”.
بالإضافة إلى ذلك، تم إدراج رجل الأعمال السوري المقرب من آل الأسد محمد حمشو، ضمن قائمة العقوبات الأمريكية سنة 2011. كما سار الإتحاد الأوروبي على خطى الولايات المتحدة سنة 2015، نظرا لأنه يستفيد من النظام السوري ويقدم الدعم له من خلال بعض المصالح التجارية”.
حكومة الأسد استهدفت جهود الأمم المتحدة لتقديم الإغاثة الغذائية والطبية إلى سوريا. وقد أدان خصوم الأسد تلك الضربات المتعمدة.
وفقا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، يسيطر حمشو على شركة جوبيتر للاستثمار حيث مكّنتها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة التي تراقب منطقة مرتفعات الجولان بين سوريا وإسرائيل من عقدين وذلك بهدف حيازة المكاتب وأماكن الإقامة. وجاء في تقرير مشتريات الأمم المتحدة لسنة 2016 أن الشركة تلقت عقودا بقيمة 1.5 مليون دولار. وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة عبر البريد الإلكتروني إن الهيئة الدولية تملك خيارات لتمديد عقود الإيجار التي تبلغ قيمتها الإجمالية 7.7 مليون دولار.
“أنت لا تعرف”
من جانب آخر، صرّح متحدث باسم وزارة الخزانة أن العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا “تحظر على الأمريكيين الدخول في مجموعة واسعة من المعاملات، وتمنع الحكومة السورية من القيام بأنشطة معينة”، بينما ترفض التعليق على أنشطة بعض الشركات.
في المقابل، أفادت المحللة السياسية في مؤسسة راند للأبحاث، ليندا روبنسون أن “سمعة الأمم المتحدة قد تضررت بسبب سوريا، لكنها اعترفت بالصعوبات التي تواجهها. وأضافت روبنسون أن “قدرة الأسد على إغلاق الجهات الفاعلة المستقلة تحد من عدد الجهات التي يمكنك العمل معها. فضلا عن ذلك، لا يكون واضحا في بعض الحالات، على من تقع ملكية شركة معينة”.
اشتكت المنظمات غير الحكومية السورية والدولية من أن المساعدات ذهبت بشكل غير مباشر إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة
والجدير بالذكر أن حكومة الأسد استهدفت جهود الأمم المتحدة لتقديم الإغاثة الغذائية والطبية إلى سوريا. وقد أدان خصوم الأسد تلك الضربات المتعمدة. وخلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، قصفت الطائرات السورية قافلة مساعدات تحمل أدوية وإمدادات إلى مدينة حلب، التي تقع تحت حصار جيش الأسد منذ أن سيطر عليها المتمردون.
إنجاز جميع المهام
في السابق، اشتكت المنظمات غير الحكومية السورية والدولية من أن المساعدات ذهبت بشكل غير مباشر إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة. وقد تلقت هذه المناطق حوالي 88 في المائة من المعونة الغذائية الموزعة من دمشق في نيسان/أبريل سنة 2016، وفقا لتقرير برنامج الأغذية العالمي. وخلال شهر أيلول/سبتمبر، كتبت حوالي 73 منظمة غير حكومية رسالة إلى الأمم المتحدة يدينون من خلالها التلاعب في جهود الإغاثة.
علاوة على ذلك، تولت إحدى الجمعيات المحلية عمليات تسليم المساعدات التي تعرف باسم أمانة سوريا للتنمية، والتي تعتبر من إحدى الجمعيات الخيرية التي تترأسها أسماء الأسد، زوجة بشار الأسد. وخلال السنة الماضية، تحصلت الجمعية على مبلغ قدره 129.751 دولارا من قبل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وفي الإطار ذاته، صرّح الدكتور رينود ليندرز، الخبير في الدراسات الحربية في كلية كينغز بلندن أن الأمم المتحدة تريد أن تكون أقرب ما يمكن إلى النظام بهدف أن تتمكن من إنجاز مهامها الإنسانية”. وأضاف ليندرز أنه “من المحير، أن تتجاهل الأمم المتحدة القوائم السوداء الأمريكية، خاصة وأنها تعتبر المموّل الرئيسي لهذه القوائم”.
المصدر: بلومبيرغ