رفعت دولة جنوب إفريقيا على الاحتلال الإسرائيلي دعوى ارتكاب جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة، وتقاضي الدولة الإفريقية الاحتلال لأول مرة في تاريخه أمام محكمة العدل الدولية، وطالبت المحكمة باتخاذ تدابير مؤقتة ووقف إجراءات “إسرائيل” في غزة، لحين إصدار الحكم النهائي.
يأتي طلب جنوب إفريقيا ودعواها، بعد أن فشل مجلس الأمن في استصدار قرار وقف إطلاق النار، أو حماية الفلسطينيين، وقوبل بحق النقض الأمريكي “الفيتو”، الذي استخدمته الولايات المتحدة ضد 34 من أصل 36 مشروع قرار اقترحهم مجلس الأمن بخصوص القضية الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، فهل سيختلف إصدار القرارات في محكمة العدل الدولية؟
حول انحياز القضاة
تتألف محكمة العدل الدولية من 15 قاضيًا يتم تعيينهم لمدة تسع سنوات من خلال انتخابات منفصلة ومتزامنة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ويمكن لأي دولة أن تقترح مرشحين، لكن لا يجب أن يأتي قاضيان من دولة واحدة، وفي الوقت الحالي، تضم هيئة القضاة الحالية قضاة من الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وسلوفاكيا والصومال والهند وأستراليا والصين واليابان وجاميكا وألمانيا والبرازيل وأوغندا والمغرب ولبنان، وسيستبدل 4 من قضاتها في فبراير/شباط 2024، لانتهاء ولايتهم.
ويتوجّب على قضاة المحكمة أن يكونوا محايدين وألا يتصرفوا كامتداد لبلدانهم، لكن في القضايا السابقة في محكمة العدل الدولية، كان القضاة يصوّتون بما يتماشى مع سياسات بلدانهم، ففي عام 2022 صوتت هيئة المحكمة لصالح قرار إخراج روسيا من أوكرانيا، وكان القضاة الروس والصينيون الوحيدين الذين صوتوا ضد القرار.
وتشير دراسة بعنوان “هل محكمة العدل الدولية منحازة؟” للباحثَين إريك أ. بوسنر وميغيل إف بي دي فيغيريدو، إلى أدلة قوية على انحياز قضاة المحكمة، بعد دراستها القضايا التي حكمت فيها المحكمة، ووجدت أن القضاة يفضّلون الدول التي تعينهم، وأنهم يفضّلون الدول التي يقترب مستوى ثروتها من مستوى دولهم.
كما وجدت الدراسة أدلة أضعف على أن القضاة يفضّلون الدول التي يكون نظامها السياسي مماثلًا لدولهم، وأن القضاة يفضّلون الدول التي تشبه ثقافتها (اللغة والدين) ثقافة دولهم، وأدلة ضعيفة أو معدومة على أن القضاة يتأثرون بالتحالفات الإقليمية والعسكرية.
وبينما تشير أبحاث متعلقة بتحيزات المحكمة إلى أن القضاة يصوتون تبعًا لموقف دولهم الأصلية في نحو 90% من الحالات، نتتبع في “نون بوست” موقف جميع دول القضاة من القضية الفلسطينية وعلاقاتهم بالاحتلال الإسرائيلي، وموقفهم بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والمصالح المتبادلة التجارية والعسكرية، التي قد تمنعهم من وصف الاحتلال بالإبادة الجماعية.
الولايات المتحدة
- (القاضية جوان دونوغيو، رئيسة المحكمة، وتنتهي ولاياتها في فبراير/شباط 2024)
تمثلها القاضية جوان دونوغيو، وتنتهي ولاياتها في فبراير/ شباط 2024، تم انتخابها لأول مرة لعضوية المحكمة عام 2010، وأعيد انتخابها عام 2014، وانتخبها قضاة محكمة العدل الدولية لتكون رئيسة المحكمة عام 2021، وهي ثالث امرأة يتم انتخابها لعضوية محكمة العدل الدولية، وأول امرأة أمريكية يتم انتخابها رئيسة للمحكمة.
عملت دونوغيو كمستشارة قانونية للولايات المتحدة في قضية نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة، وكنائبة رئيسية للمستشار القانوني في وزارة الخارجية الأمريكية فترة 2007-2010، وشغلت منصب نائب المستشار العام لوزارة الخزانة الأمريكية.
حيث أشرفت على جميع جوانب عمل الوزارة، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية، ومستشارة لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والرئيس باراك أوباما لكافة جوانب القانون الدولي، المعنية بتطبيق القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان.
أما دولتها الولايات المتحدة، فكانت أول من اعترف بـ”إسرائيل” كدولة عندما احتلت فلسطين في النكبة الفلسطينية عام 1948، وترى فيها ابنها المدلل، ومشروعها الاقتصادي وامتدادًا لوجودها العسكري في الشرق الأوسط، وقد رعت اتفاقيات تطبيع الاحتلال الإسرائيلي مع دول المنطقة، ودافعت عن الاحتلال حتى اللحظة الأخيرة.
اقتصاديًا، تعد الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري للاحتلال، تنظم علاقتهما الاقتصادية اتفاقية التجارة الحرة الأمريكية الإسرائيلية للعام 1985، وتشير البيانات الرسمية المتوافرة لدى مكتب الممثل التجاري الأمريكي إلى أن حجم تبادل السلع والخدمات بين الدولتين تخطى 50 مليار دولار عام 2022، فيما بلغت الصادرات الأمريكية 20 مليار دولار، وبلغت الواردات 30.6 مليار دولار، وبلغ العجز التجاري للسلع والخدمات الأمريكية مع الاحتلال 10.7 مليار دولار.
أما عسكريًا، فتحتفظ وزارة الدفاع الأمريكية بمخزون احتياطي حربي في “إسرائيل” بموجب برنامج “مخزون الاحتياطي الحربي للحلفاء-إسرائيل” المعروف اختصارًا بـ”WRSA-I”، وقد بدأ إنشاء هذا البرنامج في ثمانينيات القرن الماضي بغرض تزويد القوات الأمريكية بالإمدادات على وجه السرعة حال الحاجة إليها، ولطالما أحيط ذلك المخزون بغطاء من السرية، حيث لا تُعرف المواقع المحددة للمخازن ولا يُعرف الكثير عن نوعية وأعداد ما يوجد بها من أسلحة وذخيرة ومعدات، وقد خرجت أدلة على استخدام الاحتلال المخزون في عدوانه على قطاع غزة.
ومنذ عام 2022، تقدم واشنطن مليار دولار إضافية كتمويل تكميلي لتجديد مخزون الاحتلال من الصواريخ الاعتراضية للقبة الحديدية، وحتى عام 2020، قدمت الولايات المتحدة ما قيمته 146 مليار دولار من المساعدات العسكرية للاحتلال، ويقدر بعض الخبراء إجمالي قيمة المساعدات بعد تعديلها لمراعاة التضخم لتصل إلى 236 مليار دولار.
أما في عملية “طوفان الأقصى”، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حركت أمريكا بوارجها العسكرية إلى البحر المتوسط لحماية ابنها المدلل، كما سارع الرئيس الأمريكي جو بايدن لزيارتها في اليوم التالي لارتكاب الاحتلال مجزرة مستشفى المعمداني في غزة، وأكد أن “الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل ولن تخفق أبدًا في دعمها”.
وليس بايدن وحده، فقد زار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن تل أبيب 4 مرات منذ بدء الطوفان، وأخذ يعمل رحلات مكوكية في الدول الإقليمية لبحث سبل تخريج “إسرائيل” من ورطتها في غزة، وحين جاء في الأيام الأولى للطوفان إلى تل أبيب قال: “إدارة الكونغرس تعمل للتأكد من أن احتياجات إسرائيل الدفاعية المتزايدة تُلبى”، موضحًا أنه لم يأتِ لإسرائيل كونه وزيرًا لخارجية الولايات المتحدة فقط، لكن بصفته “يهوديًا فرّ جده من القتل”.
ومؤخرًا، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية النقاب عن إرسال الولايات المتحدة أكثر من 230 طائرة شحن، و20 سفينة محملة بالأسلحة لـ”إسرائيل” منذ بدء العدوان الذي يشنه الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما كشفت وثيقة تم الحصول عليها من خلال قانون حرية المعلومات في الولايات المتحدة أنّ القوات الجوية الأمريكية أرسلت ضباطًا متخصصين في المعلومات الاستخبارية وشن الغارات الجوية إلى “إسرائيل” في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي البحث عن موقف الولايات المتحدة من دعوى جنوب إفريقيا، فليس هناك أوضح مما قاله بلينكن، في زيارته الرابعة إلى تل أبيب قبل يوم من انعقاد جلسة الاستماع الأولى في المحكمة 11 يناير/كانون الثاني 2024، حين قال: “نعتقد أن تقديم دعوى ضد إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية يصرف انتباه العالم عن كل الجهود المهمة، وعلاوة على ذلك، فإن تهمة الإبادة الجماعية لا أساس لها”.
روسيا
- (القاضي كيريل غيفورغيان، نائب رئيسة المحكمة، وتنتهي ولايته في فبراير/شباط 2024)
يمثلها القاضي كيريل غيفورغيان، درسَ وتخصّص في القانون الدولي، واُنتخب عضوًا في محكمة العدل الدولية في 6 فبراير/ شباط 2015، وأصبح نائبًا لرئيسة المحكمة منذ 8 فبراير/ شباط 2021، وتنتهي ولايته في شباط/ فبراير 2024.
يشغل غيفورغيان منصب المسؤول القانوني في وزارة الخارجية الروسية منذ عام 2009، وهو سفير فوق العادة ومفوّض لروسيا لدى هولندا، ومثّل روسيا في عدة قضايا أمام محكمة العدل الدولية، من أبرزها القضية التي تقدمت بها جورجيا حول ارتكاب روسيا انتهاكات لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام 2008، كذلك في قضية إعلان استقلال كوسوفو من جانب واحد، وكان عضوًا في وفد الاتحاد الروسي في المؤتمر الوزاري حول أفغانستان في لاهاي عام 2009.
وأعادت بلاده علاقاتها الدبوماسية مع الاحتلال رسميًا نهاية عام 1991 بعد قطعها من جانب موسكو عقب حرب 1967، وكان فلاديمير بوتين أول رئيس روسي يزور مدينة تل أبيب المحتلة عام 2005، وفي عام 2010 وقع الاحتلال وروسيا اتفاق إطار للتعاون العسكري، يتيح للجيش الروسي شراء أسلحة وتكنولوجيا عسكرية إسرائيلية متقدمة.
وتتراوح العلاقات الروسية مع الاحتلال تبعًا لعلاقات روسيا والولايات المتحدة، التي تبدو في أسوأ مراحلها بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، وتزويد واشنطن كييف بالأسلحة وفرض عقوبات على موسكو، ما انعكس جليًا على الموقف الروسي من عملية طوفان الأقصى.
فبينما تسابقت دول كثيرة لإبداء دعمها للاحتلال، جاءت المكالمة الروسية الأولى بعد 10 أيام كاملة من طوفان الأقصى، حيث اتصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو معزيًّا، دون تصريح إدانة رسمي من روسيا لحماس، لكن اتصال بوتين أعقبته مجموعة من الخطوات الروسية المزعجة للاحتلال، حيث استخدمت موسكو رفقة بكين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد مشروع قرار قدمته مالطا يدعو إلى هدن إنسانية في غزة ويدين حماس، بحجة أنه غير متوازن.
وفي المقابل، تقدمت موسكو بمشروع بديل يدعو إلى وقف النار بشكل فوري ودائم، كما تحدث مندوب روسيا بالأمم المتحدة قائلًا: “استمعنا لمزاعم بوجود مواقع لحماس بالمستشفيات والمساجد ولم نر أدلة حتى الآن وإسرائيل ليس لها الحق في الدفاع عن النفس في الصراع الحالي لأنها دولة احتلال”، وجاءت الخطوة الأكثر إزعاجًا عبر استضافة الخارجية الروسية وفدًا من حماس بقيادة موسى أبو مرزوق بعد طوفان الأقصى.
أستراليا
- (القاضية هيلاري تشارلزورث)
تمثلها القاضية هيلاري تشارلزورث، وتحمل درجة الدكتوراه في العلوم القانونية من كلية الحقوق بجامعة هارفارد، وشغلت عدة مناصب ومهامّ أكاديمية، من أبرزها منصب القاضي الخاص في محكمة العدل الدولية في قرار التحكيم الصادر في قضية غويانا ضد فنزويلا عام 2021، كذلك عملت كقاضٍ خاص في محكمة العدل الدولية في قضية صيد الحيتان في القطب الجنوبي، والتي تقدمت بها أستراليا ضد اليابان في عامَي 2011 و2014، وشغلت منصب زميل حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
قد تبدو العلاقات الأسترالية الإسرائيلية متأرجحة بعد إعلان أستراليا سحب اعترافها بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” في أكتوبر/تشرين الأول 2022، لكن البيانات تكشف عن علاقات عسكرية كبيرة، حيث بلغت صادرات الأسلحة والذخيرة الأسترالية إلى الاحتلال 13 مليون دولار خلال السنوات الخمسة الماضية، بما في ذلك 2.3 مليون دولار عام 2022.
ومنذ عام 2017، أصدرت أستراليا 350 تصريح تصدير دفاعي للاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك 52 عام 2023 وحده، بحسب وزارة الدفاع الأسترالية، ولم تنشر هذه المعلومات للجمهور الأسترالي إلا بعد طرح أسئلة مباشرة من عضو مجلس الشيوخ الإسترالي ديفيد شوبريدج خلال جلسات استماع مجلس الشيوخ هذا العام، قال فيها: “قلة من الناس يعرفون أن أستراليا لديها أحد أكثر أنظمة تصدير الأسلحة سرية وغير خاضعة للمساءلة في العالم”.
وعن سرية التبادل العسكري بينهما، ذكر موقع “ديكلاسيفايد أستراليا”، أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يتلقى دعمًا سريًا أستراليًا، وذلك عبر قاعدة “Pine Gap” الأمريكية الواقعة في أستراليا، ما دفع المتظاهرين الرافضين لدعم كانبرا للاحتلال في حربها على قطاع غزة إلى الاحتجاج أمام مكتب نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارلز، وكتابة عبارة: “أيديكم ملطخة بالدماء”، أوقفوا تسليح إسرائيل”.
أما المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز فأشارت إلى الخطر الجسيم المتمثل في حدوث إبادة جماعية في غزة ومسؤولية أستراليا عن “منع الجرائم الوحشية”، وذلك بعد امتناع أستراليا عن التصويت في مجلس الأمن لمشروع روسيا بوقف إطلاق النار الفوري في قطاع غزة.
فرنسا
- (القاضي روني أبراهام)
يمثلها القاضي روني أبراهام، وشغل منصب الرئيس لمحكمة العدل الدولية في فترة 2015-2018، واُنتخب لعضوية المحكمة لأول مرة عام 2005، وأُعيد انتخابه عام 2009، وأُعيد انتخابه للمرة الثالثة عام 2018 بعدما أنهى رئاسته للمحكمة.
وُلد في الإسكندرية في مصر، وهو أستاذ القانون الدولي في معهد الدراسات السياسية في باريس حتى عام 1998، وأصبح رئيسًا للهيئة القانونية في وزارة الخارجية الفرنسية، المسؤولة عن تقديم المشورة القانونية للحكومة في المسائل المتعلقة بالقانون الدولي العام، وقانون الاتحاد الأوروبي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
ومنذ عام 1998 وحتى عام 2004، مثّل أبراهام فرنسا في العديد من القضايا أمام المحاكم الدولية والأوروبية، ومن أبرزها القضية التي تقدمت بها صربيا والجبل الأسود ضد فرنسا لدى محكمة العدل الدولية حول مشروعية استخدام القوة، بالإضافة إلى قضية الكونغو ضد فرنسا، والتي تم فيهما طلب الإشارة للتدابير المؤقتة.
مثّل أبراهام فرنسا في تقديم الفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية، حول عواقب بناء جدار الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 2004، وذلك في طلب تقدمت به الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي امتنعت فرنسا عن التصويت عليه، وقال فيه إن “الرأي الذي طُلب من المحكمة إصداره لا يفضي إلى تسهيل استئناف الحوار، وهو حوار سياسي إلى حدّ كبير بطبيعته بين إسرائيل وفلسطين، وأن هذا الطلب للحصول على فتوى يمكن أن يشكّل سابقة خطيرة”.
تربط فرنسا والاحتلال الإسرائيلي علاقات اقتصادية وعسكرية كبيرة، حيث وصلت مبيعات الأسلحة الفرنسية للاحتلال الإسرائيلي إلى نحو 207.6 ملايين يورو خلال السنوات العشرة الماضية، وفق التقرير الأخير الصادر عن وزارة القوات المسلحة الفرنسية.
ووفقًا للأرقام الواردة في هذه الوثيقة، أصدرت الحكومة الفرنسية أيضًا تراخيص تصدير إلى الاحتلال بقيمة إجمالية قدرها 357 مليون يورو، بما في ذلك ما يقرب من 10 ملايين يورو لتصنيع “القنابل والطوربيدات والصواريخ والقذائف وغيرها من الأجهزة المتفجرة والعبوات الناسفة”، فضلًا عن “أنظمة عالية التقنية لتوجيه الصواريخ والقنابل نحو الأهداف”.
يضاف إلى ذلك سلع “ذات الاستخدام المزدوج”، فضلًا عن عمليات النقل لمكونات من النوع الهجين – للاستخدام المدني أو العسكري – بقيمة مالية قدرها 34 مليون يورو عام 2022، بما في ذلك 29 مليون يورو لفئة “أجهزة الاستشعار والليزر”.
ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى، أعربت الحكومة الفرنسية عن دعمها غير المشروط للاحتلال الإسرائيلي، ودافعت عن حقه في الدفاع عن النفس، وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى جانب قادة الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، بـ”دعم إسرائيل في جهودها للدفاع عن نفسها”.
وبعد 18 يومًا على بدء الحرب، زار ماكرون تل أبيب المحتلة، حيث التقى بنتنياهو وعبر له عن تضامن باريس الكامل مع “إسرائيل”، واقترح إنشاء “تحالف دولي ضد حماس”، وأعلن وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو في مقابلة مع مجموعة “إيبرا” الصحافية، أن فرنسا تقدم “معلومات استخبارية” للاحتلال خلال الحرب على غزة، وتأتي في إطار الشراكة المعتادة بينهما.
في الأثناء، جاء في تقرير نشرته شبكة “أوروبا1” الفرنسية، أن 4185 جنديًا من مزدوجي الجنسية الفرنسية-الإسرائيلية تم تجنيدهم للقتال في صفوف الاحتلال الإسرائيلي في غزة للقتال كـ”مرتزقة”، وعليه، طالب النائب الفرنسي توماس بورتس، بـ”محاسبة هؤلاء المجندين مزدوجي الجنسية، وإدانة مشاركتهم في جرائم الحرب بأكبر قدر من الحزم”.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أثار تصريح للرئيس الفرنسي انتقد فيه قصف الاحتلال للمدنيين في غزة، لأول مرة منذ بدء الحرب، انتقادات من أعلى المستويات في تل أبيب، حين عبّر في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أنه “لا يوجد سبب لذلك ولا شرعية.. نحن نشاطر إسرائيل وجعها، ونُشاركها رغبتها في التخلص من الإرهاب، لكن ثمة مدنيين يُقصفون.. هؤلاء الأطفال هؤلاء النساء هؤلاء الكبار في السن يتعرضون للقصف والقتل”.
التصريحات الماكرونية هذه وإن أثارت ضجة على المستوى الدبلوماسي، إلا أنها لم تؤثر على مسار الحريات داخل فرنسا وقد قرر وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان حظر المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطيني في جميع أنحاء الدولة.
الصين
- (القاضية شوا هانكين)
تمثلها القاضية شوا هانكين، وهي واحدة من 3 قاضيات يعملن في محكمة العدل الدولية، كما أنها القاضية الصينية الخامسة في محكمة العدل الدولية، والثالثة التي تمثل جمهورية الصين الشعبية، وعملت هانكين في إدارة المعاهدات والقانون بوزارة الخارجية الصينية، وترقّت في النهاية إلى منصب المديرة العامة، وتم تعيينها سفيرة للصين لدى هولندا عام 2003 وعملت حتى عام 2008، وفي العام نفسه أصبحت أول سفيرة صينية لدى رابطة جنوب شرق آسيا.
في عام 2018، تم تعيين هانكين نائبة لرئيس محكمة العدل الدولية، وفي عام 2022 صوّتت هانكين، إلى جانب القاضي الروسي كيريل غيفورغيان، ضد الأمر المؤقت الذي يلزم روسيا بتعليق العمليات العسكرية في أوكرانيا.
مع حدوث انفراجة في العلاقات الصينية-الأمريكية، وعقد مصر لاتفاقية سلام مع الاحتلال في عام 1979، بدأ يطرأ تحسن على العلاقات الصينية الإسرائيلية، وهو ما تطور إلى إقامة علاقات دبلوماسية عام 1992 بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وانعقاد مؤتمر مدريد للسلام بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي.
وزادت الشركات الصينية من استثماراتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث شاركت في تحديث الموانئ وإنشاء البنية التحتية، حتى أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للاحتلال بعد الولايات المتحدة، وارتفعت التبادلات التجارية بينهما إلى 24.45 مليار دولار في عام 2022 بعد أن كانت 50 مليون دولار فقط في عام 1992، ووُجّهت النسبة الأكبر من الاستثمار إلى القطاع التكنولوجي ومنها التكنولوجيا العسكرية بنحو 9 مليارات دولار، في حين استثمرت قرابة 6 مليارات دولار في البنية التحتية.
وأشارت تقارير رسمية إلى أن الصين استثمرت في أكبر شركتين مصدّرتين للسلاح لدى الاحتلال، وهما شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية وشركة رفائيل المصنّعة للأسلحة، ولدى الشركتين فروع في الولايات المتحدة وتساعدان على تصنيع الأسلحة الإسرائيلية الأكثر تطورًا، بما في ذلك الصواريخ وإلكترونيات الطيران.
أما بعد طوفان الأقصى، فتزداد الانتقادات الإسرائيلية تجاه الصين في ظل عدم إدانتها لحركة حماس، وتمسك الصين بخيار حل الدولتين وضبط النفس، وبلغ الانتقاد أشده مع استخدام الصين حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن رفقة روسيا على مشروع قرار تقدمت به الولايات المتحدة يدين حماس ولا يدعو لوقف إطلاق النار.
وجاء الرد الإسرائيلي الأولي على موقف الصين بشأن غزة عبر انضمام تل أبيب إلى جانب 50 دولة أخرى في الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي لإدانة إجراءات السلطات الصينية تجاه سكان إقليم تركستان الشرقية من الإيغور.
أما الموجة الكبرى من الغضب الإسرائيلي، فهو ما نقلته صحيفة التلغراف البريطانية عن تحقيق الاحتلال في كيفية وصول معدات صينية عالية التقنية إلى حركة حماس بقطاع غزة وسط مخاوف تل أبيب من احتمال “تورط” بكين بشكل مباشر، بعد أن عثر الجيش على كميات هائلة من الأسلحة الصينية في غزة، والسؤال المطروح هو هل جاءت هذه الأسلحة مباشرة من الصين إلى حماس؟
وقد أُثيرت هذه الانتقادات، بعد ظهور مشاهد لأحد قناصي كتائب الشهيد عز الدين القسام وهو يستخدم بندقية صينية من طراز “إم 99 جيجيانغ”، وهي مضادة للعتاد من عيار 12.7 مليمتر، ويمكن لمقذوفها اختراق المدرعات والدبابات، في حين يبلغ طولها 1.5 متر، وتزن 12 كيلوغرامًا، ويتسع مخزنها لـ5 طلقات.
اليابان
- (القاضي يوجي أيوازاوا)
يمثلها القاضي إيواساوا يوجي، عمل عضوًا ورئيسًا ونائبًا للجنة حقوق الإنسان (ICCPR) منذ عام 2007 ولمدة 10 سنوات، وشغل منصب عضو مشارك ورئيس ونائب رئيس الجمعية اليابانية للقانون الدولي، وهو مُدرج في القائمة الإرشادية للمشاركين الحكوميين وغير الحكوميين في منظمة التجارة العالمية منذ عام 1996، وأحد الأعضاء في قائمة تسوية المنازعات بموجب ميثاق الطاقة منذ عام 2002.
تعود العلاقات الدبلوماسية بين الاحتلال الإسرائيلي واليابان إلى عام 1952، وتصاعدت خلال العقود الثلاث الماضية، وعزز ذلك الشراكة الإستراتيجية لكل منهما مع الولايات المتحدة، وكانت لطوكيو مواقف لافتة ظهرت منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
فعارضت اليابان، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، مشروع القرار الذي اقترحته روسيا في مجلس الأمن، الذي يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة، ما أفضى إلى عدم مروره، وقالت إن سبب معارضتها يعود إلى أن “مشروع القرار هذا لا يشير إلى حماس، التي هاجمت إسرائيل، بالاسم ولا ينتقدها”.
ليس إدانة حماس ما تريده اليابان فحسب، بل أيضًا أعربت عن تفهمها للإبادة الجماعية، حيث عبرت وزيرة الخارجية اليابانية يوكو كاميكاوا عن تفهمها لـ”الهجوم الإسرائيلي” على مخيم جباليا الذي ارتقى فيه أكثر من 100 شهيد فلسطيني، وذلك في إطار دفاع “إسرائيل” عن النفس.
اليابان، التي توصف تحركاتها الخارجية بأنها امتداد لأمريكا في شرق آسيا، شددت على الدعوة إلى عقد هدنة إنسانية فقط في غزة، دون الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار، وذلك خلال مشاركتها في بيان جماعي صادر عن مجموعة السبع التي استضافت طوكيو اجتماعها الأخير.
وأعلنت وزارة الخارجية اليابانية عن حزمتين للعقوبات شملت الأولى 9 أشخاص وشركة صرافة في قطاع غزة، ووصفتهم بأنهم ممولون ونشطاء في حركة المقاومة الإسلامية حماس، ثم أعلنت الوزارة في ديسمبر/كانون الأول 2023 عن فرض عقوبات على 3 من أعضاء حماس.
جامايكا
- (القاضي باتريك روبنسون، وتنتهي ولايته في شباط/فبراير 2024)
يمثلها القاضي باتريك روبنسون، وتنتهي ولايته في فبراير/ شباط 2024، اُنتخب عضوًا في محكمة العدل الدولية منذ عام 2015، عمل في الحكومة الجامايكية لأكثر من 3 عقود، وعمل لفترة وجيزة مستشارًا قانونيًا لوزارة الخارجية، إلى جانب عمله في قسم النائب العام كمستشار لولي العهد، ومساعد أول للنائب العام.
أصبح ممثل جامايكا لدى اللجنة السادسة القانونية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة 26 عامًا، وقد لعب دورًا قياديًا في العديد من البنود في اللجنة، بما في ذلك تعريف العدوان ومشروع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وساهم في تطوير مجموعة من قوانين حقوق الإنسان، وكان عضوًا في الفريق العامل الذي وضع مشروع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة “إسرائيل” عام 2017، امتنعت جاميكا، وهي دولة كاريبية، عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار اعتبار إعلان ترامب “لاغٍ وباطل” إلى جانب 34 آخرين، لكن القرار مرّ بأغلبية 128 صوتًا مقابل 9 أصوات رفض.
وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بعد ساعات قليلة من عملية طوفان الأقصى، كان هولنس من بين أوائل قادة العالم الذين أبدوا ردة الفعل وخرجوا بتصريحات، قال فيها عبر إكس: “تدين حكومة جاميكا بأشد العبارات الهجوم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل، الذي أدى إلى مقتل وإصابة واختطاف مدنيين إسرائيليين، وننقل تعازينا إلى حكومة وشعب إسرائيل وإلى عائلات الجميع، وتعتقد جاميكا اعتقادًا راسخًا أن استخدام العنف والإرهاب ليس له مكان في العلاقات الدولية ولا ينبغي أبدًا استخدامه ضد المدنيين الأبرياء. ونحن ندعو إلى وقف الأعمال العدائية، والعودة إلى السلام في إطار المبادئ التوجيهية المتفق عليها دوليًا، والسعي إلى إيجاد حلول دبلوماسية”.
وكانت جامايكا الدولة الكاريبية الوحيدة التي لم تصوت على قرار الأمم المتحدة الذي يدعو إلى “هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة” في قطاع غزة، وقد أحالت الأمر إلى خلل تقني حينها، وأكدت أنها تدعم الحل السلمي وقرار الدول الكاريبية.
الهند
- (القاضي دالفير بهانداري)
يمثلها القاضي دالفير بهانداري، هو أحد قضاة محكمة العدل الدولية، وقاضٍ سابق في المحكمة العليا في الهند، وهو أيضًا رئيس المحكمة العليا السابق في محكمة بومباي العليا وقاضي محكمة دلهي العليا، تم ترشيح بهانداري من قبل حكومة الهند كمرشح رسمي لها في يناير/ كانون الثاني 2012 لمنصب قاضٍ في محكمة العدل الدولية، ليخلف القاضي عون الخصاونة من الأردن، والذي استقال من منصبه لتعيينه رئيسًا للوزراء.
بعد عقد مؤتمر مدريد للسلام، باشرت الهند والاحتلال علاقاتهما الدبلوماسية في سنة 1992، وترتبطان بعلاقات عسكرية، وكشف تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن الاحتلال احتل المركز العاشر ضمن قائمة أكبر مصدري الأسلحة خلال الفترة الممتدة من عام 2018 إلى 2022، بنسبة 2.3% من إجمالي مبيعات الأسلحة عالميًا، وجاءت الهند في مقدمة مستوردي الأسلحة الإسرائيلية بنسبة 37%، وسرعان ما أصبح الاحتلال ثاني أكبر شريك دفاعي للهند.
أما العلاقات الاقتصادية، فقفزت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وعرف حجم معاملاتها بين عامي 2022 و2023، انتقالًا من 1.6 مليار دولار كحجم معاملات، إلى 5.5 مليار دولار، وارتفعت الصادرات الهندية نحو تل أبيب بنسبة 77%، ووسط هذا التبادل يأتي مشروع الممر التجاري البري بقيادة تحالف I2U2، الذي يضم الهند والإمارات والولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، ويهدف إلى ربط الهند بأوروبا عبر البحر المتوسط و”إسرائيل”، وتعزيز علاقات الهند بدول الخليج.
ويهدف هذا المشروع إلى إنشاء شبكة سكك حديدية وشحن مربوط بميناء حيفا الإسرائيلي على البحر الأبيض المتوسط. ويمكن بعد ذلك شحن البضائع إلى أوروبا، متجاوزة قناة السويس، وهو ما قد يُدرّ على الهند ودول المعبر أموالًا طائلة، سواء بفضل القدرات الإنتاجية الهندية الهائلة أم الربح من رسوم المرور عبرها.
وفي اليوم الأول من طوفان الأقصى، عبّرت الهند عن تضامنها مع الاحتلال الإسرائيلي، كما امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن بتاريخ 27 أكتوبر/تشرين الأول لمصلحة مشروع القرار الروسي الداعي إلى الوقف الفوري لإطلاق النار.
ألمانيا
- (القاضي جورج نولته)
يمثلها القاضي جورج نولته، وكان عضوًا في لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة، وشغل منصب رئيسها عام 2017، وفي عام 2000 كلفته وزارة الدفاع الألمانية قيادة دراسة تقارن الأنظمة الأوروبية للقانون العسكري، وأسفرت الدراسة عن كتاب “أنظمة القانون العسكري الأوروبي”، وفي عام 2020 اُنتخب قاضيًا في محكمة العدل الدولية.
منذ بدء طوفان الأقصى، زار كل من المستشار الألماني ووزيرة الخارجية ووزير الدفاع، الاحتلال الإسرائيلي للتعبير عن تضامن برلين، كما أرسلت ألمانيا خلال الأسابيع الأولى للحرب قائد القوات الجوية دعمًا للاحتلال، وتأكيدًا على موقف ألمانيا الثابت منه، ووافقت الحكومة الألمانية على تصدير معدات عسكرية بقيمة 323 مليون دولار إلى الاحتلال بدءًا من 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023
وحظرت الحكومة الألمانية أي أنشطة مرتبطة بحركة حماس وغيرها من الحركات الفلسطينية، وخرجت نانسي فيزر، وزيرة الداخلية، مؤكدة أن الحكومة سوف تستخدم “جميع السبل القانونية لطرد داعمي حماس”، وتحدث لارس كلينغايبل، رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي أحد أحزاب الائتلاف الحاكم، قائلًا: “إذا كان الشخص الذي يحتفل بحماس في الشوارع الألمانية لا يحمل الجنسية الألمانية، فيجب حينئذ طرده من ألمانيا”.
ولم توجه الإجراءات ضد مناصري حماس والمقاومة فقط، بل اتسعت لتشمل كل الرموز والشعارات الفلسطينية، بما في ذلك ارتداء “الكوفية” الفلسطينية في المدارس، وصار وجود الأعلام والرموز المؤيدة لفلسطين سببًا كافيًا لدى السلطات لفض التظاهرات والمسيرات، كما ذكرت شرطة برلين في تغريدة بخصوص احتجاج ضم نحو ألف شخص بساحة بوستدام يوم الأحد 15 أكتوبر/تشرين الأول: “بسبب تدفق أعداد كبيرة من الأشخاص الحاملين للشعارات المؤيدة لفلسطين، حُظِرَ التجمع قبل أن يبدأ”، وعند رفضهم المغادرة، وقعت اشتباكات اعتقلت الشرطة على إثرها 127 شخصًا.
وأعلنت ألمانيا، يوم الجمعة 12 يناير/كانون الثاني 2024، مشاركتها إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي في الدفاع أمام محكمة العدل الدولية قانونيًا كطرف ثالث، أي بعبارات أخرى، لا ترى ألمانيا أي إبادة جماعية ارتكبها الاحتلال وستدافع عنه.
البرازيل
- (القاضي ليوناردو برانت)
يمثلها القاضي ليوناردو برانت، حاصل كذلك على دبلوم في الدراسات المتقدمة من برنامج دراسات الأمم المتحدة في جنيف، والدبلوم المتقدم من المعهد الدولي لحقوق الإنسان في فرنسا، ودبلوم الدراسات المتقدمة في القانون الدولي من لاهاي.
كان عضوًا في اللجنة الاستشارية للجنة الترشيحات في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وحصل على جوائز عديدة، أبرزها ميدالية ريو برانكو من وزارة الخارجية البرازيلية عام 2022، وميدالية الحرية من حكومة ولاية ميناس جيرايس في البرازيل عام 2006.
في الأيام الأولى للحرب، وبعد أن أن حذت البرازيل حذو الدول الأخرى في الوقوف إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي، أكدت وزارة الخارجية البرازيلية في بيانها: “لا يوجد أي مبرر للجوء إلى العنف، خاصة ضد المدنيين، تحث الحكومة البرازيلية جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لتجنب تصعيد الوضع”.
وفي اليوم السادس للعدوان الإسرائيلي، دعت البرازيل إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي، واعتبر الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا أن الهجوم الذي شنته كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس في عملية طوفان الأقصى لا يمنح “إسرائيل” الحق “في قتل ملايين الأبرياء”.
ولم يتمكن مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع قرار مقدم من البرازيل يتعلق بالتطورات في غزة و”إسرائيل” بعد أن أيده 12 عضوًا، وعارضته الولايات المتحدة بحق النقض (الفيتو) وامتنعت روسيا والمملكة المتحدة عن التصويت.
لاحقًا ومع تطور مجريات العدوان، وارتكاب الاحتلال الإسرائيلي مجازر في قطاع غزة، وصف الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بالإبادة الجماعية، وقال إن بلاده ستنضم للجهود الرامية لإنهاء “الصراع” على نحو فوري ونهائي.
أوغندا
- (القاضية جوليا سيبوتيندي)
تمثلها القاضية جوليا سيوتايند، اُنتخبت عضوًا في محكمة العدل لأول مرة عام 2012، وأُعيد انتخابها عام 2021، وتعاملت مع العديد من المحاكمات في قضايا جرائم الحرب، من ضمنها القضية ضد الرئيس الليبيري تشارلز غانكاي تايلور، الذي اتُّهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال فترة توليه الرئاسة.
كذلك شغلت سيوتايند منصب قاضٍ في المحكمة العليا في أوغندا في القضايا المدنية والجنائية، وكانت رئيسة اللجنة القضائية للتحقيق في فساد الشرطة الأوغندية بين عامَي 1999 و2000.
تربط أوغندا علاقات قوية وقديمة مع الاحتلال الإسرائيلي، فكثيرًا ما استعانت بالخبرات الإسرائيلية في القمع لمواجهة الحراكات الشعبية، ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تلقت الكاميرون وتشاد وغينيا الاستوائية وليسوتو ونيجيريا ورواندا وسيشيل وجنوب إفريقيا وأوغندا أسلحة من الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة 2006-2010.
وارتفعت صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى إفريقيا بنسبة 40% في عام 2014. وفي الفترة 2015-2016، ورد أن “إسرائيل” صدرت أسلحة بقيمة 275 مليون دولار إلى العملاء الأفارقة، وفي عام 2021، شكلت إفريقيا 3% من صادرات الدفاع الإسرائيلية.
وحاول الاحتلال تعزيز علاقاته لتشمل منظمات ولجان إقليمية إفريقية، حيث شارك رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في قمة إفريقية إقليمية مصغرة بشأن قضايا الأمن والإرهاب، وعُقدت عام 2016 في أوغندا بحضور رؤساء دول وحكومات كينيا ورواندا وإثيوبيا وجنوب السودان وزامبيا وملاوي.
وخلال العدوان على قطاع غزة، تشابه موقف أوغندا مع اتجاه الاتحاد الإفريقي الداعي إلى خفض التصعيد، حيث دعا الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني للعودة إلى حل الدولتين وحل المشاكل عبر الحوار.
في الأثناء، تشهد العاصمة الأوغنية كامبالا نشاطًا أكاديميًا عالي الصوت مناصر للشعب الفلسطيني، ويتضح زخم هذا النشاط في رسالة لمركز “ميركير” للأبحاث الاجتماعية، الذي يضم مجموعة من المحاضرين الجامعيين والمحامين والباحثين في شؤون القانون الدولي والقانون الإنساني والاستعمار والنزاعات.
تذكّر الرسالة المجتمع الأكاديمي المحلي في أوغندا خاصة وإفريقيا والعالم، بضرورة “عدم النظر إلى ما يجري في إطاره الزمني الحاليّ وإغفال السياق التاريخي لما يجري في فلسطين”، ومن خلال الموقعين على الرسالة، يذكّر المركز بأهمية القضاء على جميع أشكال الاستعمار في العالم، ليختم بخلاصة أن “التحرر من الاستعمار وتحرير الشعوب لا يمكن أن يتحقق إلا وفلسطين حرة”.
الصومال
- (القاضي عبد القوي يوسف)
يمثله القاضي عبد القوي يوسف، حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية والقانون الدولي من جامعة جنيف عام 1980، وحاصل على شهادات الدكتوراه مع مرتبة الشرف في القانون من كلية لندن ومن جامعة باريس الأولى، وعلى الدكتوراه الفخرية من جامعة كيت في الهند، واُنتخب للمرة الأولى في عضوية المحكمة عام 2009، ورئيسًا للمحكمة فترة 2018-2021.
عمل كقاضٍ خاص في محكمة العدل الدولية في قضية تقدمت بها جيبوتي ضد فرنسا، تتعلق بمسألة المساعدات المتبادلة في القضايا الجنائية، وشغل مناصب في هيئات التحكيم ومراكز تسوية منازعات الاستثمار، كذلك عمل كمستشار قانوني في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
في مارس/آذار 2023، أفادت صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية أن “لا علاقاتٍ دبلوماسية تجمع إسرائيل والصومال”، لكن تقارير تشير إلى أن رئيس البلاد حسن شيخ محمود مهتم بإقامتها، وهو ما تهتم به “إسرائيل” أيضًا، بسبب موقع الصومال الإستراتيجي المهم بين خليج عدن والمحيط الهندي عند مدخل البحر الأحمر.
ومع ذلك، صوت الصومال لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح مشروع قرار تقدمت به المجموعة العربية والبعثة الدائمة لفلسطين، يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ودائمة، وانتقد رئيس إدارة أرض الصومال الانفصالية، موسى بيحي عبدي، دعم الدول الغربية لما تقوم به “إسرائيل” في غزة، وانتقد بشكل خاص الحكومتين الأمريكية والبريطانية.
وفي بيان لها، دعا الصومال لدخول المساعدات الانسانية لقطاع غزة، كما أدان بأشد العبارات استهداف المدنيين والتهجير القسري، وأضاف البيان أن البعثة تؤكد موقف الصومال الثابت لمساندة حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
سلوفاكيا
- (القاضي بيتر تومكا)
يمثلها القاضي بيتر تومكا، وهو رئيس المحكمة السابق، حصل على درجتَي الماجستير والدكتوراه من جامعة تشارلز في براغ عامَي 1979 و1985 على التوالي.
وبالإضافة إلى ذلك، أجرى دراسات في كلية القانون الدولي والعلاقات الدولية في كييف بأوكرانيا، وفي معهد حقوق السلام والتنمية في نيس بفرنسا، وفي معهد القانون العام الدولي والعلاقات الدولية في سالونيك باليونان، وأكاديمية لاهاي للقانون الدولي في هولندا، وتقلّد عام 1990 منصب رئيس قسم القانون الدولي في وزارة الخارجية السلوفاكية، وتلى ذلك تنصيبه سفيرًا لسلوفاكيا لدى الأمم المتحدة.
في عام 2007، اتفق رئيس الحكومة السلوفاكي روبرت فيتسو ورئيس وزراء الاحتلال إيهود أولمرت على تأسيس صندوق استثماري حكومي مشترك بين البلدين، ووفق تقرير منظمة العفو الدولية عام 2009 بشأن تأجيج النزاع وإمدادات الأسلحة الأجنبية إلى الاحتلال، ظهرت سلوفاكيا وقد قدمت 5.415.005 دولار للاحتلال الإسرائيلي.
وفي عام 2021، عقدت سلوفاكيا صفقة مع الاحتلال الإسرائيلي “لتجهيز أنظمة رادار مضادة للصواريخ ونقل التكنولوجيا والمعرفة إلى سلوفاكيا ضمن التعاون الصناعي”، ويقدر حجم الصفقة بأكثر من 182 مليون دولار، في وقت رحب رئيس الاحتلال يتسحق هرتسوغ بالجهود الكبيرة والمنسقة التي تبذلها سلوفاكيا للقضاء “على معاداة السامية وإنكار المحرقة التي تهدد قيم الأخلاق والعدالة والكرامة الإنسانية”.
المغرب
- (القاضي محمد بنونة، وتنتهي ولايته في فبراير/شباط 2024)
يمثلها القاضي محمد بنونة، وتنتهي ولايته في فبراير/ شباط 2024، درس الفقه والعلوم السياسية في جامعة نانسي وجامعة باريس حيث حاز على درجة الدكتوراة في القانون الدولي، كما تخرّج من أكاديمية القانون الدولي في لاهاي عام 1970، وعمل ممثلًا دائمًا للمغرب في الأمم المتحدة في فترة 1998-2001، ثم قاضيًا في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، ومنذ عام 2006 أصبح قاضيًا في محكمة العدل الدولية.
وسبق له أن عُيِّن سفيرًا وممثلًا دائمًا للمغرب لدى الأمم المتحدة، وأصبح بعدها قاضيًا بمحكمة العدل الدولية في ملف النزاع الحدودي بين بنين والنيجر، وكان قاضيًا في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، وكان سفيرًا دائمًا مساعدًا لدى الأمم المتحدة، وتقلد بنونة منصب رئيس اللجنة السادسة بالجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الدورة 59 للجمعية، وكان رئيسًا للجنة الأمم المتحدة للتعويضات في جنيف.
في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت كل من تل أبيب والرباط استئناف علاقاتهما الدبلوماسية، بعد توقفها عام 2000، ليبدأ توافد المسؤولين الإسرائيليين إلى المغرب، وبمستويات رفيعة، في المجالات الاقتصادية والعسكرية، ويأمل المغرب اعتراف الاحتلال بأحقيته في الصحراء المغربية.
ونهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وقّعت إسرائيل والمغرب مذكرة تفاهم أمنية خلال زيارة وزير حرب الاحتلال بيني غانتس الأولى إلى الرباط، بهدف تنظيم التعاون الاستخباراتي والمشتريات الأمنية والتدريب المشترك، ووفق موقع “تايمز أوف إسرائيل” العبري فإن “هذا أول اتفاق من نوعه بين إسرائيل ودولة عربية”.
تحدثت وسائل إعلام عبرية، عن تفاصيل صفقة سلاح تبيع تل أبيب بموجبها صناعات عسكرية متطورة للرباط، وأفادت بأن الجانب الأهم في الاتفاقية لا يتمثل في “صفقة السلاح”، بل في الاتفاق على “التعاون الأمني والدفاع المشترك غير المسبوق بين إسرائيل ودولة عربية”.
وذكر موقع “إسرائيل 24” العبري، أن “عملية بيع الأسلحة الإسرائيلية للمغرب ستشمل طائرات دون طيار وأنظمة مضادة للصواريخ، وتحديث بعض طائراته المقاتلة بتقنيات إسرائيلية ونقل تكنولوجيا لتطوير وتصنيع أنواع محددة من المُسيّرات محليًا وشراء نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي باراك 8 ودراسة إمكانية تطوير مقاتلات F5″.
وفي يوليو/تموز 2022، أعلن الجيش المغربي اهتمامه بإقامة مشاريع مشتركة مع الاحتلال في مجال الصناعات الدفاعية، لحقها تدشين الرباط مرحلة جديدة نحو تعزيز التعاون العسكري مع تل أبيب، في 12 سبتمبر/أيلول من العام ذاته، عبر زيارة وصفت بـ”غير المسبوقة” للمفتش العام للقوات المسلحة المغربية بلخير الفاروق إلى الاحتلال الإسرائيلي، شارك خلالها في مؤتمر دولي عن الابتكار في المجال العسكري، وجرت مراسم استقبال رسمية للمسؤول المغربي في مقر قيادة الأركان العامة لجيش الاحتلال بتل أبيب، برئاسة قائد الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي.
ومنذ تصاعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، توقفت ممارسات التطبيع العلنية بين المغرب والاحتلال الإسرائيلي، وتوقفت الزيارات المتوالية التي كان يقوم بها وزراء إسرائيليون إلى الرباط، لكن حبل الفراق لم يدم مقطوعًا، فقد عاد المغرب مؤخرًا، مطلع عام 2024، إلى الإعلان عن بدء تقديم الخدمات القنصلية في تل أبيب، بدءًا من 22 يناير/كانون الثاني، في تناقض مع تصريحات الحكومة المغربية، أنها “مستعدة للتجاوب” مع عريضة يعتزم حقوقيون مغربيون تقديمها، تطالبها بوقف التطبيع مع “إسرائيل”.
لبنان
- القاضي نواف سلام
يمثلها القاضي نواف سلام، نال سلام شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس عام 1992، وشهادة الماجستير في القانون من كلية الحقوق في جامعة هارفرد، وشهادة الدكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون، وشغل منصب سفير ومندوب دائم للبنان في الأمم المتحدة في نيويورك من عام 2007 ولمدة 10 سنوات.
تميّزت ولاية سلام في الأمم المتحدة بمداخلات متكررة في مجلس الأمن داعيًا إلى احترام سيادة لبنان، وتعزيز سياسة النأي بالنفس من النزاع السوري، والسعي إلى إنهاء الإفلات من العقاب، من خلال إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ودافع في مداخلاته عن الفلسطينيين وحق تقرير المصير.
في اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، شهدت الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة تصاعدًا وعمليات تبناها حزب الله اللبناني وفصائل المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان، أفضت إلى إجلاء قرابة 100 ألف مستوطن من المستوطنات الحدودية، وهو التصعيد الأكثر توترًا منذ حرب لبنان 2006.
وبعد اغتيال صالح العاروري في 2 يناير/كانون الثاني 2024، في الضاحية الجنوبية بلبنان، أودع الأخير شكوى لدى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بخصوص الاغتيال الذي نفذ على أراضيه، واصفًا عملية الاستهداف تلك بأنها المرحلة الأكثر خطورة في “الهجمات الإسرائيلية” على البلاد.
وبالإضافة إلى القضاة الـ15، يسمح لـ”إسرائيل” وجنوب إفريقيا بتعيين قاضٍ خاص يضاف إلى هيئة المحكمة حيث لا يوجد تمثيل لأي منهما، بناءً على ذلك اختارت حكومة الاحتلال رئيس المحكمة العليا السابق والناجي من الهولوكوست أهارون باراك، وهو متهم بـ”إضفاء الشرعية” على الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين خلال فترة عمله في المحكمة العليا، بينما عينت جنوب إفريقيا ديكجانج موسينيكي، النائب السابق لرئيس المحكمة العليا، الذي أمضى خلال فترة شبابه 10 أعوام في جزيرة روبن التي التقى فيها الرئيس السابق لجنوب إفريقيا نيلسون مانديلا.