نام العالم ليلة أمس على خبر يؤكد إعدام الناشط باسل خرطبيل الصفدي قبل عامين، بعد اعتقاله في سجون النظام السوري في الذكرى الأولى للثورة السورية أي في عام 2012، حيث أمضى الصفدي 3 سنوات و7 أشهر في سجن عدرا ومن ثم تم نقله إلى وجهة مجهولة، انقطعت بعدها أخباره عن عائلته وأصدقائه والمجتمع المدني والحقوقي.
فتكاثرت التساؤلات عن إن كان الصفدي على قيد الحياة أو إن كان سيفرج عنه قريبًا، وبالأمس وصلت الإجابة التي أكدتها منظمة العفو الدولية حين نعته على مواقع التواصل الاجتماعي قائلة: “يؤلمنا تأكيد خبر إعدام الناشط باسل خرطبيل الصفدي سنة 2015 في سوريا، فلترقد روحه بسلام”.
يؤلمنا تأكيد خبر إعدام الناشط باسل خرطبيل صفدي سنة ٢٠١٥ في #سوريا. فلترقد روحه بسلام. pic.twitter.com/IfokKUbCVY
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) 1 Ağustos 2017
باسل الصفدي فلسطيني الأصل، ولد في سوريا ليصبح مدونًا ومبرمجًا محترفًا، له مساهمات في مشاريع لويكيبيديا وموزيلا فاير فوكس، وكان مديرًا تقنيًا ومؤسسًا للشركة البحثية “آيكي لاب”، وهي مؤسسة مختصة بعلوم وآثار سوريا، لأنه كان حريصًا أن يقدم الجانب التاريخي والجميل من سوريا، كما أنه عمل كمدير مشروع لصالح المشاع الإبداعي في سوريا.
يذكر أن المخابرات العسكرية، اعتقلت باسل بحي المزة في دمشق، بتهمة الإضرار بأمن الدولة والتي لم تمنحه حق توكيل محامٍ خاص وتسربت معلومات عن طرق التعذيب التي تعرض لها الصفدي خلال فترة اعتقاله، والذي بدأت في سجن صيدنايا ثم إلى سجن عدرا ثم إلى الوجهة المجهولة التي أعدم فيها باسل دون أن يُسمع عنه خبر لمدة عامين.
خلال سنوات الاعتقال الخمسة، نظم ناشطون حقوقيون نداءات استغاثة ومظاهرات احتجاجية وحملات طالبوا فيها بمعرفة مصير باسل الصفدي داخل سجون النظام السوري، ولاقت هذه الهتافات تجاوبًا كبيرًا من منظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان التي حاولت الضغط على الجهات المسؤولة عن اعتقال الصفدي وقطع أخباره عن عائلته وزوجته.
اعتقل الصفدي قبل أسبوعين من زفافه بالناشطة الحقوقية والمحامية نورا غازي، التي كانت أكثر الأصوات دفاعًا وتساؤلاً عن أحواله داخل السجون، ولمدة 5 سنين وتزامنًا مع الذكرى السنوية لاعتقاله كانت تحرص زوجته بجانب مؤسسات حقوق الإنسان على إحياء ذكرى اعتقاله والعودة إلى السؤال الذي لا يجدون له إجابة “أين باسل”؟ ضمن حملات واحتجاجات وإضرابات سنوية.
في مقابلة صحفية مع زوجة المعتقل الصفدي قالت”: “أحيانًا أفكر إن كان زوجي ما زال حيًا وموجودًا في سجن صيدنايا، فأنا أفضل أن يكون ميتًا ولا يكون داخل هذا المعتقل المرعب”، هذا وفقًا لمقابلة مع “بي بي سي” البريطانية.
إحدى رسائله للمحامي ميشيل شماس pic.twitter.com/g7f11IBBku
— Mahmoud Zaghmout (@MahmoudZaghmou1) August 1, 2017
أطلقت حملة “الحرية لباسل” في الذكرى الرابعة لاختفائه، وتمت الحملة ضمن مسابقة تجمع بين المبدعين لتصميم شعار يذكر العالم بباسل، ومن المفترض أن تطلق مؤسسة جيمي ويلز، مؤسس ويكيبيديا، يومًا للتوعية بشأن قضية باسل.
ومن ضمن المحاولات التي تسعى لمعرفة مصير باسل، وقع 45 ألف شخص على عريضة إلكترونية تقول: “باسل لم يحمل السلاح أو يهدد سوريا، إن اعتقاله نكسة كبيرة لنمو المجتمعات المحلية في سوريا بمجال الإنترنت وحرية”، كما يذكر أن مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية صنفت باسل في المرتبة الـ19 ضمن المفكرين الأكثر تأثيرًا في العالم، وذلك في عام 2012.
وبالنسبة للجهات الحقوقية العالمية، أشار أعضاء البرلمان الأوروبي إلى أن سبب الاعتقال قد يكون خنق حرية التعبير في سوريا، إذ قال فرانس تيمرمانس نائب رئيس المفوضية الأوروبية عام 2013: “كان باسل رائدًا في مجاله، وكان بإمكانه أن يوصل السوريين إلى العالمية”، ويضيف “أتصور أن سوريا اعتبرته تهديدًا لها، رغم أنه كان ناشطًا حقوقيًا على شبكة الإنترنت، ولم يكن ناشطًا سياسيًا”.
كما قال المدافع عن الحقوق الرقمية في مؤسسة الحدود الإلكترونية داني أوبراين: “هناك نمط جديد من الأنظمة الاستبدادية التي تستهدف خبراء التكنولوجيا بالطريقة نفسها التي يضطهد بها الصحفيون ومحاميو حقوق الإنسان”، ويذكر أن هذه المؤسسة أطلقت حملة تطالب فيها بإطلاق سراح باسل، ومن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، قال المدير جو إيتو: “هناك حاجة إلى أشخاص مثل الصفدي في المنطقة للحفاظ على علاقات ثقافية مع بقية العالم”، ويكمل “ليس هناك أي شخص مثل باسل في المحيط العربي يمكنه أن يتعامل مع الإنترنت بهذا الإبداع”.
بعد تأكيد الجهات الحقوقية الرسمية لنبأ إعدام باسل، نعت مؤسسات المجتمع المدني والحقوقية الدولية خبر وفاته بألم عبرت عنه من خلال منشورات وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى زوجته التي وصفته بـ “البطل”.
باسل الصفدي لم يكن الشخص الوحيد أو الأخير الذي يتعرض لهذا النوع من الاضطهاد، هناك أكثر من 65.000 شخص في قائمة المفقودين وهذا منذ قيام الثورة السورية عام 2011، إذ تم اعتقالهم تعسفيًا وتعذيبهم وحتى إعدامهم وذلك من قبل نظام الأسد، وهذا وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان.
كما تذكر إحصائيات عام 2016 أن 17.723 سوري توفي خلال فترة اعتقاله، وهناك آلاف القصص والحالات التي لا تزال مجهولة المصير، وهذا بحسب منظمة العفو الدولية.