قبل فترة قصيرة كان ظهوره نادرًا لا يقتصر إلا على المناسبات القليلة فيخطف خلالها الأنظار ويشد إليه الجميع، حتى إن البعض أصبح يلقبه برجل الظل، ومع مرور الوقت بدأ يخرج من عالمه شيئًا فشيئًا لتأكيد مكانته وتعبيد طريقه نحو قصر المرادية لخلافة شقيقه.
سعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر للرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة ومستشاره الخاص الذي يُقدم على أنه الرجل الأقوى في النظام العليل والخليفة المحتمل للرئيس المريض بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ عام 1999، لم يعد يستهويه الظل فبات قريبًا من الأضواء الكاشفة.
ظهور مفاجئ
في سيارة صغيرة قديمة لا تحمل لوحة ترقيم رسمية (لا تتبع مؤسسات الدولة) ودون أي حراسة أمنية، كان سعيد بوتفليقة يتنقل في شوارع الجزائر دون أن يجذب أنظار العامة، أما خاصة القوم فيتسابقون لنيل رضاه وكسب وده للفوز بنصيبهم من الكعكة.
مثل حضور مستشار بوتفليقة الخاص في وقفة احتجاجية، شارك فيها عدد كبير من المثقفين والصحافيين وسياسيين من المعارضة الراديكالية، لمساندة الكاتب اليساري رشيد بوجدرة، مفاجأة للجميع
وعلى غير العادة ظهر الشقيق الأصغر لبوتفليقة عقب مشاركته في جنازة رئيس الحكومة الأسبق وأحد أعضاء الوفد المفاوض في اتفاقيات إيفيان التي أفضت إلى استقلال الجزائر رضا مالك، في مقدمة نشرة الأخبار في التليفزيون الحكومي التي يسيطر عليها القصر الرئاسي، ظهر وإلى جانبه عناصر من الحرس الرئاسي ومدير البروتوكول في الرئاسة، ليسطر بذلك مرحلة جديدة في طريقه نحو قصر الرئاسة.
ما يسجل في هذه الحادثة ليس ظهوره في نشرة الأخبار فقط، بل أيضًا مقدار الحظوة التي وجدها من الصحفيين والمواطنين الذين تفنن بعضهم في التقاط الصور التذكارية مع سعيد الذي لم يبدِ أي انزعاج وتذمر من ذلك، بل كان مرحبًا بالجميع حسب ما أظهرته بعض الصور والفيديوهات.
الخروج العلني لسعيد أعاد تسليط الأضواء عليه
قبل ذلك مثل حضور مستشار بوتفليقة الخاص في وقفة احتجاجية شارك فيها عدد كبير من المثقفين والصحافيين وسياسيين من المعارضة الراديكالية، لمساندة الكاتب اليساري رشيد بوجدرة بعد تعرضه لمقلب عن حقيقة ديانته وعلاقته بالإسلام في إحدى حلقات الكاميرا الخفية التي بثت في إحدى القنوات الخاصة التي تعود ملكيتها لرجل الأعمال الشهير علي الحداد، مفاجأة لجميع الحضور حيث سارع بعضهم بالتقاط صور له، قبل أن يغادر المكان بهدوء.
قصر المرادية
صور سعيد بوتفليقة التي خرجت من جنازة رضا مالك وقبلها من وقفة المساندة لبوجدرة، فتحت الباب أمام عدة تساؤلات بشأن دور بوتفليقة الشقيق وحدود نفوذه في الواقع، فهذا الظهور العلني المتكرر يأتي قبل عام ونصف العام على الرئاسيات المقبلة، ويرى فيه العديد من الخبراء محاولة من مستشار الرئيس لقياس شعبيته، في وقت اشتد فيه مرض أخيه وأقعده عن ممارسة صلاحياته الدستورية الواسعة.
ويعرف عن سعيد بوتفيلقة سعيه لخلافة شقيقه الأكبر عبد العزيز بوتفليقة في منصب رئاسة الجزائر، حيث يدور الحديث في كواليس قصر المرداية عن إمكانية ترشح سعيد بوتفليقة للانتخابات الرئاسية لسنة 2019، مدعومًا من عدد من مناصريه إذا لم يترشح شقيقه لولاية خامسة.
يرى العديد من المراقبين أن الظهور السياسي والإعلامي لسعيد بوتفليقة وراؤه دعم من المؤسسة العسكرية
ويعتبر سعيد بوتفليقة الرجل القوي الذي يعمل في الظل في نظام شقيقه رئيس الدولة عبد العزيز بوتفليقة، ويُعرف عنه تأثيره اللافت للنظر على قرارات بوتفليقة الرئيس، خصوصًا بعد تدهور الحالة الصحية للأخير، وفرضت ظروف مرض الرئيس على سعيد تسيير بعض الأمور التي تتجاوز صلاحياته كمستشار للرئيس، إذ أصبح الوسيط الذي ينقل إليه ومنه، وفيما يفشل الكثير من كبار المسؤولين في مقابلة الرئيس يبقى سعيد حلقة الوصل بينهم، يعين الوزراء ويقيلهم ويصدر الأوامر والقرارات ويعطلها، فله صلاحيات واسعة ما فتئت تتدعم يومًا بعد يوم.
ويرى العديد من المراقبين أن الظهور السياسي والإعلامي لسعيد بوتفليقة وراؤه دعم من المؤسسة العسكرية التي تمسك في يدها بمفاتيح السياسة في البلاد، فقد استطاع سعيد أن يطبّع العلاقات مع المؤسسة العسكرية، وأصبح يحظى بدعم معظم أفرادها ورضاها بعد أن تمكن من تنحية مسؤول الاستخبارات الجنرال توفيق مدين بدعم من رئيس أركان الجيش الفريق قائد صالح.
يسعى سعيد بوتفليقة لخلافة شقيقه
إلى جانب ذلك يحظى سعيد بوتفليقة بدعم قوي من رجال الأعمال وخاصة رجل الأعمال الشهير ورئيس منتدى رؤساء المؤسسات علي الحداد صاحب إمبراطورية المال في الجزائر، وخلال السنوات الأخيرة أصبحت خلافة الرئيس الهرم عبد العزيز بوتفليقة موضوعًا يتداوله الخاصة والعامة في الجزائر، وبات حديث الشارع الذي تدور بشأنه النقاشات الجادة بين النخبة السياسية وقادة الرأي، نظرًا لمحورية منصب الرئاسة في النظام الجزائري وتعلق قضية الاستقرار به.