مؤتمر المعارضة السورية المقبل في الرياض: السعودية على وشك إعلان الهزيمة أمام الأسد

تتوجه المعارضة السورية لعقد مؤتمر جديد في الرياض هو الثاني لها بعد المؤتمر الأول الذي عقد في ديسمبر/كانون الأول عام 2015 وأفرز اللجنة العليا للمفاوضات رياض حجاب منسقًا عامًا لها، ضمت 32 عضوًا، بينهم 10 ممثلين عن الفصائل العسكرية، و9 ممثلين عن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، و6 شخصيات مستقلة، و5 من هيئة التنسيق الوطني التي تمثل معارضة الداخل السوري.
رياض حجاب وأثناء اجتماعه مع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، الخميس الماضي طلب فيه الجبير من المنسق العام، رياض حجاب وأعضاء الهيئة العليا للمفاوضات عقد مؤتمر ثان للمعارضة السورية في الرياض. بالرغم أن رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف السوري أحمد رمضان، أكد لمصادر إعلامية أن هناك قرارًا مسبقًا من الهيئة العليا للمفاوضات بعقد اجتماع موسع لها، وأن الرياض وافقت على استضافة الاجتماع.
قد يضع مؤتمر المعارضة الموسع الذي سيجري في الرياض، نظام دمشق أمام خيار واحد هو التفاوض مع وفد واحد، وليس مع عدة منصات، ورؤى مشتتة، وخطابات عديدة للمعارضة، وهو ما من شأنه أن يضع النظام أمام خيار الانتقال السياسي السلس والمضبوط بحسب القرار 2254.
وأشار بيان الهيئة العليا للمفاوضات أن الاجتماع الثاني سيكون لتوسيع قاعدة التمثيل في المعارضة ليشمل كل من منصتي موسكو والقاهرة، على قاعدة بيان الرياض كمرجعية أساسية للهيئة في المفاوضات من أجل عملية الانتقال السياسي.
وشكلت الهيئة لجنة خاصة للتحضير لعقد هذا اللقاء وتأمين سبل نجاحه، وتسعى من خلال عقد هذا الاجتماع إلى “خدمة الثورة وأهدافها، بمشاركة أوسع طيف من الشخصيات الوطنية السياسية والعسكرية والثورية ومن ممثلي المجتمع المدني، وتشمل كافة أطياف الشعب السوري”، بحسب البيان.
رؤية جديدة للمعارضة السورية
يتحكم بمخرجات المؤتمر الثاني للمعارضة في الرياض الوقائع الحاصلة على الأرض، إذ سيعقد هذا المؤتمر على وقع تطورات سياسية وعسكرية في سوريا، تؤكد أن إدارة ترامب شبه ماضية في تسليم الملف السوري لموسكو، حليفة النظام السوري، فأمريكا منشغلة بمحاربة “الإرهاب” ووضعه على سلم أولوياتها في المرحلة المقبلة بالمنطقة، فيما الدول العربية منشغلة بخلافات بين بعضها البعض، أفقدها زخم تدخلها في الملف السوري.
تحرك السعودية لعقد مؤتمر موسع للمعارضة قد يعود إلى تسرب مسارات الحل السياسي والعسكري في سوريا من أيدي الرياض.
لترتيب بيت المعارضة السورية ليتناسب والأحداث الجارية، وتعديل لغة الخطاب لوفد المعارضة في جنيف وتقوية أداءه وقيادته، دفع بوزيرالخارجية السعودية عادل الجبير، بالقول لرياض حجاب، بضرورة الخروج برؤية جديدة للمعارضة تتماشى مع الوقائع على الأرض والوضع الدولي الجديد” وحذر الجبير في حال عدم وجود هذه الرؤية “فإن الدول العظمى قد تبحث عن حل خارج المعارضة”.
ويشهد الموقف السعودي تحولا كبيرًا في لغة الخطاب، فوزير الخارجية السعودي، سبق له تصريحات كثيرة برفض بشار الأسد ويدعو لرحيله، وأنه لا حل سياسي بوجوده، فيما يدعو المعارضة السورية اليوم لتغيير خطابها، وتوسيع قاعدتها لتشمل منصتي القاهرة وموسكو، اللتين تختلفان في خطابهما مع خطاب إعلان الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض.
ويبدو أن تحرك السعودية في هذا الجانب، قد يعود إلى تسرب مسارات الحل السياسي والعسكري في سوريا من أيدي السعودية، فالمسار العسكري، دخل ضمن عملية أستانة لبحث تنفيذ اتفاق “خفض التصعيد” وتجميد القتال وعزال التنظيمات الإرهابية، أما المسار السياسي، فيأتي بعد فشل وفد الهيئة في التوصل لتقدم ملموس في التوصل لحل سياسي عبر الجولات الماضية لجنيف، وهناك دعوة قريبة لعقد جولة جنيف الثامنة، بعد دعوة ديمستورا لوفدي النظام السوري، والهيئة العليا، ومنضتي القاهرة وموسكو إلى جولة جديدة في بداية الشهر المقبل.
سبق لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير تصريحات كثيرة برفض بشار الأسد ويدعو لرحيله، وأنه لا حل سياسي بوجوده، فيما يدعو المعارضة السورية اليوم لتغيير خطابها، وتوسيع قاعدتها لتشمل منصتي القاهرة وموسكو.
في الواقع فإنه ومع اختتام الجولة السابعة لجنيف، تجري تفاهمات دولية كما يرى مراقبون على حساب المطالب الأساسية للثورة السورية، تتضمن التسليم بدور بشار الأسد في المرحلة المقبلة، والقبول بشبه تقسيم للبلاد، بذريعة محاربة “الإرهاب”، والتي يجري تشريعها على أساس أنها “مؤقتة” وتمهد للحل السياسي الشامل.
كما أن إعادة هيكلة المعارضة في الرياض لتشكيل رؤية جديدة وضم منصتي القاهرة وموسكو وربما تيار الغد السوري برئاسة أحمد الجربا وشخصيات وقوى كردية إلى الهيئة العليا للمفاوضات، تأتي قبل انعقاد محادثات جنيف في سبتمبر/أيلول المقبل.
جولة جديدة في جنيف بين وفدي النظام والمعارضة في مطلع الشهر المقبل
وقد يكون الاختلاف في المحادثات المقبلة أن المعارضة ستذهب إلى جنيف مدفوعة بخيار القبول ببقاء بشار الأسد في السلطة في المرحلة الانتقالية في حين كان هذا المطلب أحد العراقيل الرئيسية في كل الجولات السابقة مع وفد النظام السوري المتمسك ببقاء بشار الأسد في السلطة، وطارحًا “حكومة وحدة وطنية” مع إجراء تعديلات على الدستور، تجري على أساسها انتخابات يشارك فيها الأسد، في حين يقف هذا عائقًا مع رغبة وإصرار الهيئة العليا للمفاوضات على إنجاز اتفاق سياسي وفق قرارات دولية تدعو إلى إنشاء هيئة حكم كاملة الصلاحيات مشتركة مع النظام من دون الأسد.
ورأت مصادر في المعارضة أن سياسة “اللاءات” التي انتهجتها الهيئة العليا للمفاوضات، أدت إلى “قصور في قراءة المشهد بشكل واقعي” وأكدت تلك المصادر للعربي الجديد أن التغيير سيطال رياض حجاب، الذي استبق ذلك بالقول أن أوضاعه الصحية قد لا تسمح له بالبقاء في منصبه في الفترة المقبلة، بحسب مصادر إعلامية.
رهان على المرحلة المقبلة
قد يضع مؤتمر المعارضة الموسع الذي سيجري في الرياض، دمشق أمام خيار واحد هو التفاوض مع وفد واحد، وليس مع عدة منصات، ورؤى مشتتة، وخطابات عديدة للمعارضة، وهو ما من شأنه أن يضع النظام أمام خيار الانتقال السياسي السلس والمضبوط بحسب القرار 2254، والرهان على هذا الخيار، أن يحصل مؤتمر الرياض المقبل والوفد المنبثق عنه على دعم روسي أمريكي. بحسب مقال لإبراهيم الحميدي في مقاله في صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأحد.
ويرى الحميدي أن البحث لا يزال جار على المبادئ المتعلقة بالمؤتمر، إضافة إلى الموقف الذي سيتخذه المشاركون من رأس النظام بشار الأسد. وسط رؤية الهيئة العليا على رفض أي دور للأسد في المرحلة الانتقالية وتتمسك بمحاكمته، فيما موسكو، تريد أن يبقى خلال المرحلة الانتقالية ويشارك في الانتخابات المقبلة ضمن القرار 2254، أما واشنطن، تقول أنه لا مستقبل للأسد وعائلته في مستقبل سوريا، وتفصل بين النظام والدولة والجيش، والسلطة والعائلة والأسد.
مع اختتام الجولة السابعة لجنيف، تجري تفاهمات دولية تتضمن التسليم بدور بشار الأسد في المرحلة المقبلة، والقبول بشبه تقسيم للبلاد، بذريعة محاربة “الإرهاب”.
إلى ذلك وصلت دعوة لمنصتي القاهرة وموسكو لعقد اجتماع تمهيدي في منتصف الشهر الحالي في الرياض، فيما اختلفت المنصتين مع الهيئة على مكان اللقاء من جهة واشتراط تغيير ذهنية الهيئة من جهة ثانية، وقد أبلغت الهيئة المنصتين على أهمية الحوار حول إمكانية تشكيل وفد موحد بعد الانتقال على أسس الانتقال السياسي. وأحد الاحتمالات التي اقترحها مسؤولون بحسب صحيفة الشرق الأوسط أن يركز مؤتمر المعارضة المنسورد على الدولة السورية المنشودة والانتقال السلمي السلس المنظم بإشراف دولي وربما من مجلس الأمن.
أحمد الجربا رئيس تيار الغد السوري المعارض
يُذكر أن الأولوية بالنسبة لوفد القاهرة هو تحقيق انتقال سياسي مشترك بين الحكومة والمعارضة للتوحد من أجل محاربة “الإرهاب” بحسب تصريحات لجهاد مقدسي رئيس وفد القاهرة السابق إلى مفاوضات جنيف. أما منصة موسكو التي يرأسها قدري جميل، فلا ترفض استمرار الأسد في السلطة، وهو مخالف لمبادئ مؤتمر الرياض المنبثق عنه هيئة التفاوض العليا.
ما سيصدر عن مؤتمر الرياض المقبل، يعد التفاف لموقف السعودية من الملف السوري قبل أن يكون التفاف لموقف المعارضة السورية، حيال موقفها من الأسد في المرحلة الانتقالية. وهي التفاتة ربما تكون نابعة من الأزمات التي وقعت بها في محيطها الإقليمي باليمن وقطر، وربما يكون هناك ضغط إماراتي في هذا الجانب على السعودية، إذ تبدي الإمارات تأييد أكبر للأسد في السلطة في المرحلة المقبلة.