تُعرف الشركة نفسها على موقعها الرسمي “باتريون” بأنها شركة تسمح لكل من المصورين وصانعي المحتوى الترفيهي وصانعي الفيديو الرقمي والفنانين والموسيقيين وصانعي المحتوى التعليمي أو العلمي والمصممين ومبرمجي ومصممي الألعاب وغيرهم من صانعي المحتويات المختلفة بنشر المحتوى الذي يرغبون في نشره على الإنترنت، وذلك عن طريق تمويلهم ودفع مبلغ من المال إليهم عن طريق اشتراك مستمر “Running Membership” يصنعوه للمتابعين لهم على تلك المواقع.
“يجب أن يكون كل فنان على الإنترنت مشترك على “باتريون”، تلك عبارة مألوفة من أغلب صانعي المحتويات المختلفة على الإنترنت والتي تم تمويلها من شركة باتريون، ذلك لأنها تحقق بالفعل المكسب الذي يحلم به الفنان وصانع المحتوى من خلال تمويلها لحملته، حيث تختلف باتريون عن بقية شركات التمويل في أنها لا تعتمد على فكرة تمويل الحملة الواحدة، بل تعتمد على أخذ بضعة دولارات إضافية من كل مشترك شهريًا، تستطيع من خلالها دفع المبلغ المتفق عليه لصانع المحتوى تقريبًا مرتين في الشهر جراء كل محتوى إضافي تموله المنصة.
“نحن نساعد صانعي المحتوى لكي يكسبوا المال”، هذا هو شعار شركة تمويل محتويات الإنترنت وأهمها المحتوى الرقمي المنشور على منصة يوتيوب، وكما هو واضح من اسمها المأخوذ من الكلمة الإنجليزية “patronage” والتي تعني رعاية أو مناصرة في عصر النهضة الفنية بعصر الانفتاح الرقمي، وكما يقول المؤسس والمدير التنفيذي للشركة جاك كونت في تقرير حواري له إن الشركة تهدف إلى تغيير ثقافي خلال 10 سنوات من الآن لجعل حلم صانع المحتوى المحترف قابل للتحقيق وليس مستحيل على أي شخص أن يحققه.
تحتوي الشركة الآن على 50.000 صانع محتوى تُمولهم بشكل فعال ومستمر
ربما سيختلط الأمر على فهم طريقة عمل الشركة وطريقة عمل شركات الإنتاج الفنية أو الموسيقية أو الخاصة بالإذاعة في الراديو أو التليفزيون، بل هي نموذج مثالي لحاضنة الثقافات الفرعية على الإنترنت، لتكون عبارة عن مجموعة من الأشخاص المخلصين اجتمعوا لمساندة نوع ما من المحتوى، وهذا يتضمن المحتوى الفني والعلمي والفكري والتعليمي، بل ويتضمن أيضًا مساندة أيقونات بعينها مثل مشاهير اليوتيوب أو مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، بل وأحيانًا محتوى يدعم حركات سياسية معينة.
فيديو تعريفي لكيفية عمل الشركة
من مجموعة صغيرة إلى إمبراطورية مواقع التواصل الاجتماعي
كانت أشهر المنصات الممولة من شركة “باتريون” المنصة التعليمية الخاصة بالكاتب الأمريكي جون جرين وأخيه هانك جرين الخاصة بالفيديوهات التعليمية “Crash Curse”
تحتوي الشركة الآن على 50.000 صانع محتوى تُمولهم بشكل فعال ومستمر، كما تحتوي على ما يقرب من نصف مليون “باتريون” أي عضو في المجتمع التمويلي الذي أسسته الشركة، حيث قام نصف ذلك العدد بالاشتراك العام الماضي فقط، وهذا يشير إلى مدى الانتشار الواسع الذي تتمتع به الشركة مقارنة بشركات التمويل الأخرى للحملات الشبكية أو المحتويات الرقمية.
تُمول الشركة حملات ومنصات وأشخاص على شبكة الإنترنت بما يقارب 100 مليون دولار في الـ3 أعوام الماضية، ومن المتوقع أن تمول بمبلغ يقارب 150 مليون دولار هذا العام أيضًا، وعُرفت خلال تلك المدة بأنها السوق المتخصصة لصانعي المحتوى المبدعين، ولكنها تهدف إلى أن تكون إمبراطورية صغيرة بين مواقع التواصل الاجتماعي.
كانت أشهر المنصات الممولة من شركة “باتريون” المنصة التعليمية الخاصة بالكاتب الأمريكي جون جرين وأخيه هانك جرين الخاصة بالفيديوهات التعليمية “Crash Curse” والتي احتاجت 28.300 دولار شهريًا من التمويل، ومنصة “سكاي شو” التي يعمل بها هانك جرين أيضًا، وهي مختصة بالموضوعات العلمية لغرض التعليم والترفيه في الوقت ذاته، والتي تحتاج من الشركة 21.800 دولار شهريًا.
“نحن نساعد صانعي المحتوى لكي يكسبوا المال”، هذا هو شعار شركة تمويل محتويات الإنترنت وأهمها المحتوى الرقمي المنشور على منصة يوتيوب
لا تحتكر الشركة المنصات الخاصة بمواقع الإنترنت المختلفة فحسب، بل تُمول شركات ناشئة في مجالات مختلفة في الإنتاج الفني وصناعة الأفلام القصيرة، وذلك لأنها تتبنى فلسفة عدم الفصل بين صانع المحتوى والمحتوى نفسه، إذ إنها تعمل على تقديم صانع المحتوى مع مقطع الفيديو نفسه، حيث يقول المدير التفيذي لشركة باتريون في حوار له: “إننا لم نعد نعيش في هذا العالم الذي يفصل بين الفنان وفنه أو بين صانع المحتوى وما يصنعه بعد الآن”.
كما تابع في حواره: “إننا لم نعد نعيش في العصر الذي تكون فيه فجوة كبيرة بين الفنان والجمهور أو بين صانع المحتوى ومتابعينه أو مشاهدينه، بل نحن في عصر يتيح لنا فرصة سهولة اتصال الاثنين ببعضهما في أقل وقت وبأقل مجهود ممكن”.
تعتبر الشركة ثورة في عالم التمويل لأنها تضمن للأعضاء تمويلاً مستمرًا لأي أفكار إبداعية ومختلفة
لا تقتر الفلسفة تلك على صانعي المحتويات التعليمية أو صناع البرامج الترفيهية فحسب، بل تشمل أيضًا الكتاب والمؤلفين وأي شخص يرغب في صناعة محتوى ما وأن يكون أيقونة شهيرة “Public Figure” على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، فمن خلال بضعة دولارات من الاشتراكات الشهرية من أعضاء باتريون، تستطيع الشركة تمويل تلك الأفكار وعرضها إلى الجمهور الذي يشجعها ويرغب في متابعتها.
لا يجد أعضاء الشركة ومن يعملون لديها حرجًا من اتباع التعليمات التي تمليها عليهم في أثناء صناعتهم لمحتواهم، إذ إنهم يعرفون أن ما يُميز “باتريون” قدرتهم على معرفة الجمهور الصحيح للمحتوى، ولهذا فإن صانع المحتوى يجد أن علاقاته مع الشركة الممولة تمنحه بُعدًا مثمرًا في نجاح مشروعه وشعبيته على مواقع التواصل الاجتماعي.
“نحن نريد أن نساعد في تمويل كل الأفكار المبدعة”، ذلك من أحد شعارات شركة باتريون
تعتبر الشركة ثورة في عالم التمويل لأنها تضمن للأعضاء تمويلًا مستمرًا لأي أفكار إبداعية ومختلفة، بل تضمن لهم بذلك فرصة عمل مدفوعة الأجر بشكل مستمر وثابت، كما تكون فرصة ذهبية لكل من لديه فكرة أو مشروع ناشئ وليس لديه علاقات جيدة مع شركات النشر المختلفة.
“نحن نريد أن نساعد في تمويل كل الأفكار المبدعة”، ذلك من أحد شعارات شركة باتريون، والذي يجعلها كأي مؤسسة ربحية تتمدد وتشمل مشروعات أكبر بكثير مما تموله الآن، إلا أنها ما زالت شركة في بداية مشوارها، والتمدد السريع أحد الأخطاء الكبرى التي قد تقع فيها الشركات الناشئة، لذلك تُعرف باتريون نفسها أنها إحدى الشركات الموجودة لخدمة المجتمع على المدى الطويل.
ربما لم يسمع الكثيرون عن باتيرون وربما لا يكون لديها تمويلات مشهورة لمنصات في العالم العربي، إذ إن المنصات من ذلك النوع ما زالت مستحدثة على العالم العربي وبالأخص على منصة يوتيوب، إلا أنها لديها احتمالية شديدة الوضوح في أن تتمدد وتصبح من أكبر المحركات الاقتصادية لثقافة الإنترنت القادمة.