نيويورك تايمز: روحاني يبدأ ولايته الثانية مع علامات تدل على انصياعه للمحافظين

ترجمة وتحرير نون بوست
بدأ الرئيس حسن روحاني، الذي نال مباركة المرشد الأعلى الإيراني يوم الخميس، فترة ولايته الثانية تحت ضغط شديد من قبل كل من المعارضين المتشددين والعديد من أنصار الإصلاح. والجدير بالذكر أن أخ روحاني خرج من السجن بعد أن تم اعتقاله في تموز/ يوليو بتهم فساد، وهو ما اعتبره العديد من الخبراء ثمن إعادة انتخاب روحاني.
بالإضافة إلى ذلك، أدى التفاوض على صفقة النفط بين روحاني مع شركة فرنسية، إلى اتهامه ببيع البلاد من أجل مصالح أجنبية. فضلا عن ذلك، وقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للتو على قانون عقوبات جديدة من شأنها أن تقوض الإنجاز الذي حققه روحاني خلال فترة ولايته الأولى، ألا وهو الاتفاق النووي.
وفي الوقت الراهن، بينما استعدت إيران لتنصيب روحاني يوم السبت الماضي، أعربت بعض القوى، التي ساعدته على الظفر بأصوات قارب عددها 24 مليون صوت، عن قلقها من عدم وفائه بتعيين النساء والشبان في حكومته المكونة من 18 عضوا، وعوضا عن ذلك سيتم وضع لائحة المرشحين من قبل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
وفي شأن ذي صلة، قالت المدافعة عن حقوق المرأة، جيلا بنى يعقوب، التي أفادت أنها أبلغت قبل 10 أيام أنه لن تكون هناك وزيرات في مجلس الوزراء، “لقد دعمناه خلال الحملة، ولكن الآن لا مكان لنا فيها”. وأضافت بنى يعقوب “من الواضح أن السيد روحاني لا يؤمن بقدرات المرأة، وهذا أمر مخيب للآمال”. عموما، غالبا ما يتخذ روحاني الإصلاحي مواقف محفوفة بالمخاطر في حكمه للبلاد، التي يديرها حاكم ديني ورئيس برلمان منتخب ديمقراطيا، بيد أن الخبراء يقولون إن هذه الخطة بالذات صعبة جدا.
ندد رجال الدين بتوقيع روحاني على صفقة بقيمة مليارات الدولارات مع شركة النفط الفرنسية توتال، بالنسبة لهم كان يجب الاستثمار في البرنامج النووي بدلا من ذلك
ونظرا للضغوط المسلطة ضد روحاني من قبل منافسيه في مراكز السلطة الأخرى في إيران، لعل أبرزهم المرشد الأعلى وأعضاء رجال الدين المؤثرين والقضاء، فإنه بإمكانه إدارة النقاشات، ولكن الكلمة الأخيرة ليست بيده. عموما، ينصب اهتمام خامنئي، الذي غالبا ما يعارض علنا الرئيس لكنه يدعمه وراء الكواليس، على قضايا رئيسية مثل الاتفاق النووي، والتوعية الخارجية، فضلا عن أنه مهتم بالنمو الاقتصادي أكثر من التغيير الاجتماعي.
يوم الخميس، أثناء مراسم حفل تأييد روحاني، نصح آية الله الرئيس “بإيلاء أهمية أكبر لمشاكل الشعب الراهنة؛ ألا وهي الاقتصاد والظروف المعيشية”، كما حثه على التفاعل أكثر مع العالم و”الوقوف بقوة ضد أي هيمنة”.
في الواقع، انصب الضغط العام على الرئيس روحاني قبل ثلاثة أسابيع، عندما احتجز شقيقه حسين فريدون من قبل القضاء المتشدد بتهمة الفساد. وبعد جلسة محاكمة قصيرة، نقل فريدون إلى المستشفى، بتعلة أنه أصيب بارتفاع ضغط الدم أو انهيار عصبي. (غيّر الرئيس لقبه إلى روحاني، والذي يعني “رجل دين”، عندما أصبح رجل دين إسلامي).
وعندما دفع فريدون، وهو سفير سابق لدى الأمم المتحدة، مبلغا كبيرا قدره 13 مليون دولار للإفراج عنه بكفالة، قال بعض المراقبين إن ذلك أثبت التهم عليه لأنهم لم يقدروا على تفسير مصدر هذه الأموال الطائلة التي بحوزة دبلوماسي ورئيس خلية تفكير.
وفي هذا الصدد، أورد فاضل ميبودي، وهو رجل دين شيعي من قم يدعم التغيير في إيران، أن ” روحاني يواجه ضغوطا خطيرة وعلى الأغلب من أطراف متعددة. دعنا نواجه الأمر، لا يملك روحاني الكلمة الأخيرة في العديد من القضايا”.
من جانب آخر، تعتبر مهمة تشكيل الحكومة من بين الصلاحيات المنوطة بعهدة روحاني، التي من المقرر أن تُقدم بعد تنصيبه يوم السبت. لكن، قال العديد من الإصلاحيين إن روحاني بدلا من اختياره للوزراء شخصيا خلال الشهرين الماضيين، تشاور مع خامنئي أكثر مما هو معتاد.
ووفقا لما هو متوارث، سيكون للمرشد الأعلى تأثير على اختيار الوزراء لبعض المناصب الحساسة؛ على غرار وزارة الخارجية، والمسؤولين عن الإشراف على المعلومات الاستخباراتية، والنفط، ولكن ليس وزارة الثقافة والنقل والصحة والعمل. عموما، يُرى أن روحاني قرر إشراك خامنئي بشكل أعمق كضمان ضد أي هجمات محتملة متشددة ضد الحكومة المقبلة.
أنصار روحاني خلال حملته في طهران في أيار/ مايو. ويؤكد بعض مؤيديه أنهم يخشون عدم وفائه بوعده بتعيين النساء والشباب في حكومته
عموما، كان الكثير من مؤيدي الرئيس روحاني في انتخابات أيار/ مايو يأملون في أن تمثل الحكومة الجديدة جيلا صاعدا من النساء والشباب والسياسيين الجريئين، الذين على استعداد لتنفيذ أجندة روحاني وكبح نفوذ المتشددين.
بدلا من ذلك، وعلى الرغم من أن جميع المناصب لم يتم شغلها بعد، إلا أنه من المتوقع أن تشكيلة الوزراء ستتضمن مزيجا من كبار السن والتكنوقراط ومن المعتدلين من أصحاب سياسة عدم إثارة المشاكل، وحتى بعض المتشددين. علاوة على ذلك، يقول الإصلاحيون إن المناصب 18 الشاغرة سيتم ملؤها برجال مما يبدد الآمال التي بنيت خلال حملة روحاني.
وفي هذا الشأن، قال البرلماني محمود الصادقي، للصحيفة الإصلاحية “اعتماد”، “لقد أشار الرئيس إلى “القيود” وقال إنه لم يكن بمقدوره تعيين نساء. في المقابل، أفاد أن النساء سيتم تعيينهن كمديرات ونائبات للرئيس. كما ذكر أن مجلس الوزراء قد يتغير في منتصف الطريق وفي هذه الحالة بالإمكان تعيين نساء”.
في الواقع، هذا لا يرضي بنى يعقوب التي صرحت، ” قدمنا قائمة بالنساء ذات الكفاءة العالية، وبدلا من ذلك تم اختيار مسؤولين غير أكفاء. ومرة أخرى لم تعطى النساء فرصة لاكتساب الخبرة في الحكم”.
والجدير بالذكر أن المشاركة الأعمق لخامنئي في مجلس الوزراء تأتي وسط مقاومة من المتشددين لكل خطوة تقريبا يقدم عليها روحاني منذ إعادة انتخابه في أيار/ مايو. فقد انتقد المرشد الأعلى بنفسه الرئيس على سياساته الثقافية، قائلا إن حكومته متساهلة جدا إزاء ما يسميه “الغرب”. وندد رجال الدين بتوقيع روحاني على صفقة بقيمة مليارات الدولارات مع شركة النفط الفرنسية توتال، بالنسبة لهم كان يجب الاستثمار في البرنامج النووي بدلا من ذلك. من جانبه، اشتبك روحاني أيضا مع الحرس الثوري الذي أطلق عليهم اسم “حكومة البنادق”.
انصب الضغط العام على الرئيس روحاني قبل ثلاثة أسابيع، عندما احتجز شقيقه حسين فريدون من قبل القضاء المتشدد بتهمة الفساد
في الحقيقة، إن العديد ممن قاموا بحملة لصالح روحاني في ربيع هذا العام في الملاعب، ونشروا صورا صورهم على الإنترنت باللون الأرجواني في إشارة إلى تأييدهم له، قلقون الآن من أن الرئيس سيختار البراغماتية على حساب الوعود التي قطعها لهم.
ومن بين هؤلاء المؤيدين الممثلة الشعبية، ليلي رشيدي، التي كان من الصعب عليها أن تجعل صوتها مسموعا وسط الآلاف من الشباب الذين كانوا ينادون من أجل المزيد من الحريات، في التجمع الذي نظم في أيار/مايو. وكان من بين المطالب التي هتفوا بها الإفراج عن زعماء المعارضة، الذين بقوا تحت الإقامة الجبرية.
وحيال هذا الشأن، قالت السيدة رشيدي في مقابلة أجريت هذا الأسبوع، “كان هناك عدد كبير جدا من الناس، مليئون بالطاقة، شعرنا جميعا أننا سنتمكن من تحقيق التغيير”. ولكنها أضافت “إنني قلقة من أن تكون هناك ردة فعل عنيفة إذا ما شعر الناس بخيبة أمل”.
وفي سياق متصل، قال السيد رجل الدين الإصلاحي، ميبودي، إن السيد روحاني يشبه السياسيين المنتشرين في كل مكان، الذين يعدون بالتغيير أثناء الانتخابات”. كما أضاف “هناك نقطة إيجابية واحدة؛ على الأقل، وهي أن المتشددين لم يفوزوا في الانتخابات، لأنه في تلك الحالة كنا سنكون في وضع أسوأ بكثير”.
المصدر: نيويورك تايمز