ترجمة حفصة جودة
“لا بد من قيادة السيارات خارج المدن لمواجهة أزمة تلوث الهواء في المملكة المتحدة وليس فقط استبدالها بالمركبات الكهربائية” هذا ما قاله كبير مستشاري الحكومة البريطانية، يقول البروفيسور فرانك كيلي إنه بينما لا تنبعث أبخرة العادم من المركبات الكهربائية إلا إنها لا تزال تنتج كميات كبيرة من الجزيئات الصغيرة الملوثة الناتجة من المكابح وغبار الإطارات، بينما أعلنت الحكومة أنه لا يوجد حدود للأمان.
يتسبب الهواء السام في وفاة 40 ألف شخص سنويًا في المملكة المتحدة، وأعلن وزير البيئة مايكل غوف مؤخرًا عن حظر بيع سيارات الديزل والبنزين بداية من عام 2040 وإتاحة السيارات الكهربائية فقط بعد ذلك، لكن هذا القرار قوبل بموجة غضب عارمة من بعض سائقي السيارات، وكانت الخطة ستستخدم الرسوم لحظر سيارات الديزل القذرة من المناطق الملوثة كحل أخير.
كان تدخل كيلي قد ضاعف من المعضلة التي تواجهها الحكومة بين حماية الصحة العامة وتجنب التهم السياسية الصعبة أو منع قيادة السيارات في المناطق الحضرية، يقول كيلي أستاذ الصحة البيئية بكلية كينغز في لندن ورئيس لجنة الآثار الطبية لتلوث الهواء وهي لجنة لخبراء الحكومة الرسميين: “خطة الحكومة ليست كافية تمامًا، فالمدن بحاجة لعدد سيارات أقل وليس فقط سيارات أنظف”.
هذه الجزيئات الصغيرة الملوثة لها علاقة قوية بتسمم القلب والرئتين
اضطرت الحكومة لوضع خطة لتلوث الهواء بعد أن رُفعت ضدهم دعوى قضائية مرتين بسبب المستويات غير القانونية، لكنها تعرضت للنقد ووصفها قادة المدن أنها غير كافية على الإطلاق وتفتقر للإلحاح ووصفها كبار الأطباء بأنها غير مبررة.
أظهرت أبحاث الحكومة أن أسرع الطرق وأكثرها فعالية من حيث التكلفة لخفض ثاني أكسيد النيتروجين من الهواء والذي تسببه محركات الديزل هو منع دخول السيارات الملوثة إلى المناطق الحضرية.
بينما لا تنبعث من المركبات الكهربائية ثاني أكسيد النيتروجين، ففي الوقت نفسه تنتج جزيئات صغيرة ملوثة من احتكاك المكابح والإطارات التي تنشر الغبار على الطريق، وقال بحث صدر مؤخرًا عن المفوضية الأوروبية إن نحو نصف الجزيئات الملوثة تأتي من تلك المصادر.
يقولي كيلي: “بينما لا تولي الحكومة اهتمامًا كبيرًا لتلك الجزيئات الصغيرة، إلا إنها في الواقع تسبب تلوثًا كبيرًا ولها علاقة قوية بتسمم القلب والرئتين”.
قدرت الكلية الملكية للأطباء عدد الأشخاص الذين يموتون مبكرًا كل عام بسبب تلوث الجزيئات بـ29 ألف شخص، بينما يتعرض أكثر من 23 ألف شخص للوفاة المبكرة بسبب ثاني أكسيد النيتروجين، وبذلك يصل المجموع الكلي إلى 40 ألف حالة وفاة لأن بعض الأشخاص يتضررون من كلا الملوثين، وصل ثاني أكسيد النيتروجين إلى مستويات غير قانونية في معظم المدن مما يسمح بالتدخل القانوني للحد منه، لكن مستوى الجزيئات لم يصل لمستوى غير قانوني بعد.
من الضروري دعم وسائل عامة نظيفة كأحد الحلول
يصل الحد القانوني في إنجلترا وويلز للجزيئات إلى مرتين ونصف من الحد الذي أقرته منظمة الصحة العالمية عام 2005 والذي اعتمدته إسكتلندا فورًا، لذا فالهواء في لندن يتجاوز الحد الذي سمحت به منظمة الصحة العالمية لكنه أقل من المسموح به في إنجلترا وويلز وبذلك فهو قانوني لكنه غير صحي، وفي كل الأحوال فحكومة المملكة المتحدة ومنظمة الصحة العالمية يتفقان على عدم وجود مستوى أمان لتلوث الجزيئات الصغيرة.
يقول كيلي إنه من الضروري تمكين الناس والبضائع من التحرك بسهولة وبتكلفة زهيدة بين المدن خاصة مع ازدياد الكثافة السكانية بشكل سريع، ومن الضروري دعم وسائل عامة نظيفة كأحد الحلول، ويضيف كيلي “تنقل الناس الآمن والفعال حول العاصمة يمكن أن يتحقق فقط من خلال نظام نقل جماعي نظيف وموسع تخدمه الحافلات والقطارات ومترو الأنفاق، وتنشيط النقل النظيف المتمثل في المشي وركوب الدراجات قد يكون ممكنًا”.
“ومن المثير للتشجيع أن مواقف أصحاب السيارات قد بدأت في التغير، فأصحاب السيارات من الشباب قد اتجهوا لاستبدال ملكية السيارات قليلة الاستخدام بالعضوية في نوادي السيارات وتطبيقات مشاركة السيارات”.
بحلول عام 2050 سيتركز نحو ثلثي التلوث في العالم في المناطق الحضرية
يقول أوليفر هايز من منظمة “أصدقاء الأرض” “وجود السيارات الكهربائية له ضرورة كبيرة في مكافحة تغير المناخ وتلوث الهواء، لكنه ليس حلًا سحريًا، يجب علينا الآن بناء بنية تحتية تطمئن الأشخاص العاديين أن ركوب الدراجات والمشي وسائل آمنة والاستثمار في وسائل نقل عامة تكون نظيفة باستمرار ورخيصة وموثوق بها”.
تقول متحدثة باسم الحكومة: “يعد الحد من تلوث الطرق أولوية لدى الحكومة ولهذا السبب خصصت 3 مليارات جنيه إسترليني لمساعدة المدن على اتخاذ إجراءات لمكافحة الانبعاثات الضارة لثاني أكسيد النيتروجين والتي تسببها محركات الديزل الملوثة، وفي العام القادم سوف تنشر الحكومة استراتيجية شاملة لتنظيف الهواء والتي ستعالج مصادر تلويث الهواء الأخرى”.
يقول كيلي إن مشكلات التلوث المرورية التي تواجهها المملكة المتحدة تؤثر في مدن العالم التي تواجه زيادة سريعة في عدد السكان، “بحلول عام 2050 سيتركز نحو ثلثي التلوث في العالم في المناطق الحضرية، لذا فإن طريقة إدارتنا وتخطيطنا لنمو المناطق الحضرية سيكون عاملًا رئيسيًا في تطلعاتنا العالمية لتحسين نوعية الهواء وصحة الإنسان والحفاظ على النجاح الاقتصادي ومكافحة تغير المناخ”.
المصدر: الغادريان