وقعت شركة رينو الفرنسية لصناعة السيارات أمس الإثنين، 7 أغسطس/آب مشروع مشترك في إيران وهو ما يعزز توسع الاستثمارات الفرنسية في إيران منذ رفع العقوبات الدولية عنها بموجب اتفاق دولي يكبح أنشطتها النووية.
بالنسبة لإيران فهذا أحد الأهداف المهمة التي تتطلع إليه عبر اجتذاب الشركات الأوروبية للاستثمار في الأسواق المحلية التخلص من عقدة خوف تلك الشركات من العقوبات الدولية المفروضة عليها ومن تهديدات الرئيس الأمريكي ترامب المتكررة، فالاقتصاد الإيراني لم يتمكن من جني ثمار رفع العقوبات بشكل كبير حتى الآن، وعانى من ركود وتضخم وهبوط في القوة الشرائية للعملة حتى بعد رفع العقوبات.
فرنسا تتوسع في إيران
مشروع صناعة السيارات تم توقيعه بين رينو وشريكين إيرانيين هما منظمة تنمية وتطوير الصناعات الإيرانية (إيدرو) وبارتو نيجين ناصح، وهي مستورد لمنتجات رينو في إيران. ومن المتوقع أن تبلغ قيمة الصفقة مع “رينو” في المرحلة الأولية 660 مليون يورو على أن سياراتي “داستر” و”سيمبول” ستدخل إلى الأسواق في 2018 وهما أول سيارتين سيتم إنتاجهما في المصنع المشترك، كما أشار منصور معظمي، رئيس المجلس التنفيذي بمنظمة تطوير وتحديث الصناعات الإيرانية.
ويشمل المشروع المشترك مركزًا للهندسة والمشتريات لدعم تطوير موردين محليين، فضلا عن مصنع بطاقة إنتاج مبدئية 150 ألف سيارة سنويًا، إضافة إلى الطاقة الحالية لرينو البالغة 200 ألف سيارة سنويًا في إيران.
التبادل التجاري بين فرنسا وإيران وصل خلال العام الماضي 2016 إلى مليار و700 مليون يورو، أي ارتفع بمعدل ثلاث مرات عن العام 2015.
وقال تيري بولور، عضو اللجنة التنفيذية لمجموعة رينو والرئيس المعني بالتنافسية، إن “السوق الإيرانية سريعة النمو، ومن المهم إقامة مصانع ومركز للهندسة والمشتريات”.
وكانت شركة السيارات الفرنسية رينو، التي يترأسها كارلوس غصن، عبّرت منذ العام 2014 عن رغبتها في الدخول إلى السوق الإيرانية، حين قال غصن إن الشركة تطمح للعودة إلى إيران بعد رفع العقوبات عنها. وقال غصن، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في العام 2014 “نرى أنها قد تكون سوقًا رائعة لصناعة السيارات ونريد أن نتمكن من استئناف العمل فور رفع العقوبات”.
إحدى مصانع السيارات الإيرانية
وفرنسا من بين الدول التي لها اهتمام خاص بتوسيع علاقاتها التجارية في إيران، وفي قطاع صناعة السيارات بشكل خاص. إذ اندفع المسؤولون الفرنسيون إلى طهران لانتهاز الفرصة بعد رفع العقوبات الدولية، وعقدت صفقات تجارية في العديد من القطاعات. أو بالأحرى يمكن القول أن فرنسا تسعى للحصول على جزء من الكعكة الإيرانية كما يشير البعض بعدما عانت من عقوبات مريرة.
وتعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرولت، إلى طهران مطلع فبراير الماضي، على رأس وفد يضم ستين شخصية اقتصادية فرنسية، من الزيارات المهمة التي قام المسؤولون الفرنسيون إلى إيران. حيث انتهت الزيارة بتوقيع أربع اتفاقيات تعاون اقتصادي بين البلدين. وتم استئناف عمل اللجنة المشتركة بين إيران وفرنسا، حيث افتتح الوزير الفرنسي ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف الجلسة الأولى للجنة في تلك الزيارة، إذ يقع على عاتق اللجنة استكمال توقيع العقود والإشراف على بدء تطبيق الصفقات.
فرنسا إحدى الدول التي دافعت عن الاتفاق النووي الموقع مع إيران، إثر إعلان إدارة الرئيس الأميركي ترامب فرض عقوبات جديدة ضد إيران
ووقع الطرفان عقد استثماري منحته إيران لشركة “فينسي إيربورت” الفرنسية لتطوير مطار مشهد شمال شرقي البلاد. كما شملت الاتفاقيات الأخرى قطاعي النقل والتسويق، تطوير وتشييد الموانئ ومد السكك الحديدية وصناعة السيارات وقطاع النقل. ويُذكر أن التبادل التجاري بين البلدين وصل خلال العام الماضي 2016 إلى مليار و700 مليون يورو، أي ارتفع بمعدل ثلاث مرات عن العام 2015.
وبالرغم أن هذه الاتفاقيات تصب في غالبيتها لصالح الشركات الفرنسية، وبالتالي إنعاش الاقتصاد الفرنسي، إلا أنها بالمثل تفيد الاقتصاد الإيراني أيضًا الذي في أمس الحاجة لخلق فرص عمل، وبحاجو أيضًا تحتاج لتحديث التقنيات والتكنولوجيا. وهو ما يمكن الحصول عليه من أوروبا ومن اليابان، لا من شركاء آخرين مثل أمريكا وروسيا.
العلاقات الفرنسية الإيرانية
تصطدم العلاقات الإيرانية الفرنسية، بدعم فرنسا للمعارضة الإيرانية على أراضيها، وكان آر تصريح إيراني صدر في هذا الشأن من وزير الخارجية جواد ظريف، عندما صرح في مطلع يوليو/تموز الماضي لوكالة أنباء وكالة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، أن “تواجد زمرة المنافقين “خلق” الارهابية في فرنسا تعد نقطة غموض العلاقات الايرانية الفرنسية” معربًا عن أسفه لمنح الترخيص لهذه الزمرة لممارسة نشاطاتها في فرنسا.
تبقى إيران حريصة من علاقتها مع فرنسا ويشوبها الحذر دومًا حتى في مجال العقود والصفقات التجارية، فطهران مدركة أن فرنسا قد تخل بالعقود أو تستخدمه كورقة ضغط ضدها
وكانت فعاليات المؤتمر السنوي لمنظمة مجاهدي خلق المعارضة الإيرانية بالخارج، عقد في موعده في 1 تموز/يوليو الماضي في باريس كما يعقد في كل سنة. ويشارك فى المؤتمر مئات الشخصيات من مختلف التوجهات السياسية من خمس قارات العالم منها هيئات برلمانية وخبراء فى السياسة الخارجية والأمن القومى من أمريكا الشمالية وأوروبا وشخصيات ومسئولين من الدول العربية والإسلامية.
وأشار البيان الختامي للمؤتمر لرسالتين، الأولى أن تغيير النظام الإيرانى أمر لا بد منه، والثانية وجوب وقوف جميع الدول مع السلام وأن تتخذ الترتيبات الضرورية لقطع دابر النظام الإيرانى من المنطقة خاصة طرد قوات الحرس وعملائها من سوريا.
وزيري الخارجية الفرنسي والإيراني
إحدى أهم العقبات التي تقف في طريق توطيد العلاقات مع فرنسا، هي استمرار فرض بعض العقوبات من أمريكا وفرض أخرى جديدة من إدارة ترامب التي تكن العداء لإيران، بالإضافة إلى التخوفات الموجودة للمصارف الكبرى في أوروبا من الدخول للأسواق الإيرانية والتعامل مع المصارف الإيرانية. وهو أمر تشكو منه إيران إلى الآن إذ عطل الكثير من خططها في إخراج اقتصادها من الركود الذي ضرب الاقتصاد الإيراني طوال سنوات العقوبات الماضية.
ويُذكر أن فرنسا إحدى الدول التي دافعت عن الاتفاق النووي الموقع مع إيران، إثر إعلان إدارة الرئيس الأميركي ترامب فرض عقوبات جديدة ضد إيران. كما انتقدت فرنسا تهديد ترامب للاتفاق النووي، باعتباره لا يتطابق مع مصالح الولايات المتحدة الأميركية، وتعهدت بالدفاع عنه.
مع ذلك تبقى إيران حريصة من علاقتها مع فرنسا ويشوبها الحذر دومًا حتى في مجال العقود والصفقات التجارية، فطهران مدركة أن فرنسا قد تخل بالعقود أو تستخدمه كورقة ضغط ضدها، لذلك توجهت في الفترة الماضية إلى إيطاليا وألمانيا لقعد صفقات مع كلا البلدين بغية توزيع العقود التجارية بين بلدان أوروبا.