هل تعكس النصوص القانونية المتعلقة بالحريات في الإمارات حقيقة الوضع هناك؟

a1418295299

رغم ما تدّعيه سلطات دولة الإمارات العربية المتّحدة من امتلاكها لترسانة تشريعية تعنى بحقوق الإنسان وتنصّ على حرية الأفراد ومساواتهم أمام القانون، فإن عديد التقارير الحقوقية ما فتئت تؤكّد وجود فوارق كبيرة بين القوانين الموجودة وما تشهد البلاد من انتهاكات من قبيل الاعتقالات التعسفية والاحتجازات التي لا يعلن عنها.

ولم تشفع وزارة السعادة التي أعلنت عن بعثها دولة الإمارات لساكني البلاد سواء الأصليين أو الأجانب، أمام سطوة رجال ال زايد وبطشهم لكل من تسوّل له نفسه الاعتراض عن حكمهم ونظامهم السلطوي الذي ما فتئت عشرات الدول والمنظمات الحقوقية تنتقده.

فرق بين الواقع والتشريع 

مؤخرا، قالت منظمتان حقوقيتان دوليتان في جنيف إن هناك فارقا واسعا بين النصوص القانونية في الإمارات والتي تنص على حرية الأفراد ومساواتهم أمام القانون، وبين السياسة المتبعة في البلاد التي تشهد انتهاكات من قبيل الاعتقالات التعسفية والاحتجازات التي لا يعلن عنها، وغيرها من الممارسات.

يؤكّد إماراتيون تعرّض ذويهم في سجون الدولة إلى انتهاكات كبيرة من قبل السلطات

واعتبر التقرير الصادر عن منظمة حقوق المهاجرين ومركز الاحتجاز الشامل -الذي يُعنى بالاعتقالات المرتبطة بالهجرة- أن المنظمات غير الحكومية كثيرا ما تُمنع من زيارة المعتقلات في الإمارات للتعرف على أحوال المعتقلين في قضايا ذات صلة بالهجرة.

وإلى اليوم، مازالت سجون الإمارات تعج بعشرات المعتقلين ممن صدرت ضدهم أحكام بعد محاكمات جائرة خلال السنوات الماضية، وكان من بينهم سجناء رأي، منهم الأكاديمي ناصر بن غيث، المعتقل منذ عامين، والتهمة بضع تغريدات سلمية على موقع تويتر، انتقد فيها سياسة أبو ظبي والقاهرة.

ارتفاع حجم الانتهاكات في السجون الإماراتية

ويؤكّد إماراتيون تعرّض ذويهم في سجون الدولة إلى انتهاكات كبيرة من قبل السلطات، حيث يتم وضعهم تحت ضغط نفسي ويستخدم التعذيب وسوء المعاملة والحبس الانفرادي لمعاقبتهم وإحباط معنوياتهم أو حتى لإذلالهم ولإسكاتهم أو لانتزاع الاعترافات منهم، فيما يتعرّضون هم بشكل منتظم للمضايقات من قبيل حظر السفر، والطرد من العمل، ومصادرة الممتلكات، والعقبات التي تحول دون مواصلة الدراسة الجامعية، ومصادرة الدخل، ورفض تجديد جوازات السفر أو البطاقة الصحية.

القانون في خدمة الانتهاكات

عادة ما تستخدم السلطات الإماراتية مواد قانونية تتعارض مع حقوق الإنسان، يتضمنها قانون العقوبات المنصوص عليه والمتعامل به في عموم دولة الإمارات المتحدة، وذلك للتغطية على الانتهاكات الجسيمة لحرية الرأي والتعبير والإحالة دون النشاطات السياسية والحقوقية لمجتمع الإمارات المدني، والتي تنتهجها السلطات الرسمية ضد المواطنين الإماراتيين والأجانب المقيمين في الإمارات على السواء، في صورة تجعل الانتهاكات تبدو في إطار شرعي وقانوني.

كثيرا ما تصدر تقارير حقوقية لمنظمات دولية وإقليمية تؤكّد تراجع هامش الحريات العامة في دولة الإمارات

وتنوعت الوسائل الأمنية الإماراتية في إسكات الرأي العام وتضييق الحريات على الشارع الإماراتي بين الاعتقالات المباشرة والإخفاءات القسرية وسحب الجنسيات وفرض قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية والتقاضي أمام المحكمة الاتحادية الغير قابلة للاستئناف. وأيضا تجميد الأرصدة والمضايقة على أهالي المعتقلين، والمنع من السفر، وملاحقة المقيمين الأجانب، وتحويل القضاء إلى جهات أمنية، وانتزاع الاعترافات تحت التعذيب، ومصادرة حق المعتقل بالمرافعة القانونية.

وكثيرا ما تصدر تقارير حقوقية لمنظمات دولية وإقليمية تؤكّد تراجع هامش الحريات العامة في دولة الإمارات، وفي بعض التقارير وصفت الإمارات انطلاقا من شهادات لمراقبي حقوق الإنسان داخلها وخارجها بوصفهم الإمارات بأنها “دولة بوليسية”.

مظاهرة مناهظة لانتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات 

ففي يوليو الماضي، وثق تقرير لمنظمة «فرونت لاين ديفندرز» الدولية، تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات العربية، وتضمن التقرير استمرار التجاوزات ضد الحقوقيين، وذكر أنه بالرغم من قبول الإمارات توصيات من النمسا وبلجيكا عام 2013، إلا أن الحقوقيين لا يزالون يواجهون حملة اضطهاد.

وأضاف التقرير أنه تم تجريم الاحتجاج السلمي، وإصدار قانون يمنح الحكومة والأجهزة الأمنية سلطات واسعة لمحاكمة من يعارض سياساتها، كما لفت إلى أنه تم منع التعبير الحر.

وفي فبراير الماضي، قالت “منظمة العفو الدولية” في تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان في العالم لعام 2017/2016، إن السلطات الإماراتية فرضت قيودا تعسفية على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وقبضت على عدد من منتقدي الحكومة ومعارضيها وعلى مواطنين أجانب، وقدمتهم للمحاكمة بموجب قوانين التشهير الجنائي ومكافحة الإرهاب.

ورغم توثيق هذه التقارير لحالات الانتهاكات التي تطال حقوق الإماراتيين، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة ما فتئت تقدّم نفسها باعتبارها جزيرة من السعادة ومنارة للتسامح في المنطقة وسط بحر من الأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط.