في تعبيرها عن موقفها من عزل الرئيس المصري محمد مرسي أشارت مضاوي الرشيد أن الشعب المصري هو الجهة الوحيدة المخولة في تقرير مصيره، الا أنها وكمراقب للحياة السياسية في المملكة العربية السعوديه ترى بأنه ومن غير اللائق لأي دولة كانت –علماً بأن المملكة السعودية هي الوحيدة التي تقوم بذلك- ان تتدخل بهذا الشكل الصارخ في الشأن الداخلي للدول الأخرى. فما كادت أن تمر بضعة أيام على مذبحة مسجد رابعة العدوية والتي تلت سقوط الرئيس محمد مرسي ،وراح ضحيتها 51 عضواً من أعضاء وأنصار الأخوان المسلمين، حتى سارعت المملكة السعودية بالتماس مبلغ 5 مليارات دولار أميركية لدعم الحكومة المصرية الجديدة مما عزز وبلا شك من صفتها على الساحة الأقليمية فيما يستمر النزاع حول شرعيتها على أرض الواقع. وفاقم هذا التدخل في الشأن المصري الداخلي من نتائج تعذر أحتواؤها كما بدا جلياً الشهر الماضي، حيث ازدادت حدة الأستقطاب بين المتظاهرين صحبها تزايد حدة عنف الجيش في التعامل مع التظاهرات.
“إن كل من فكر في التغييرات التي قد تحصل في مصر، لم يخطر بباله وقعها على الأمد البعيد. بيد أن ما حدث في مصر لا يُعزى وحده الى التدخل الخارجي في الشأن المصري فقد رأينا مجموعات من الداخل بدت معارضتها جليةً لحكم الأخوان، الا أن القوى الدولية تستطيع وبلا شك استغلال الموقف للتأثير في المسار الذي تحذوه البلد. “يستطيع اللاعبون الأجانب بالتأكيد التأثير في مخرجات الوضع في بلد مثل مصرلا زال يعاني من عجز اقتصادي يجعل منه غير محصن أمام التدخل الخارجي”.
وحسب أقوال الرشيد فانه ومنذ عام 2011 حين تم عزل الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك فأن الحكومة السعودية تشعر “بالتوتر” ازاء خسارة صديق مخلص في شخص مبارك. “وقد رأينا كيف توج هذا الأحساس من خلال انقلاب الجيش – بغض النظر عن القوى المحلية- فأن السعوديين كانوا من أوائل المهنئين بتولي الرئيس الجديد ومكافأة مصر في محاولة منهم لدعم استقرار الجيش”.
وتوضح رشيد، لو كان السعودييون جادين في موضوع الدعم المادي لتبرعوا به أنفسهم قبل سابق. لكنهم لا يروون أي مصالح ذات فائدة لهم في تطور مصر كدولة ديموقراطية”. لقد حافظت المملكة السعودية على علاقات شخصية مع مصر منذ عهد السادات وهي تبغي أن تحافظ على هذه العلاقه، حتى ولو عنى ذلك دعم سلطات غير منتخبة. اخذين بعين الأعتبار دور مصر الأقليمي كأهم محور من محاور القوى في منطقة الشرق الأوسط، فظهور ونمو ديموقراطية فاعلة في هذا البلد تعني أنها ستصبح مثلاً يحتذى به في المنطقه أجمع، مما يشجع على انتشارها الى دول اخرى. وهو واقع يرعب الحكم الملكي الراسخ في دول الخليج.
وتقول الرشيد، لقد مزج الأخوان المسلمون خلفياتهم الأسلامية والفكرية برغبتهم في تبني المسار الديموقراطي” يعد هذا خطراً حيث يشكل سابقة لا مثيل لها وتريد المملكة السعودية ان تزيل هذا الخطر بدليل دعمها للانقلاب العسكري”
وحسب ما تحدثت به الرشيد، فقد كان انتشار الديموقراطية الأسلامية الى دول المنطقه احتمالاً وارداً وبقوة بعد عام 2011 حيث سادت “حالة من النشوة ” بين الأسلاميين في الممكلة السعودية. لقد شاهدوا سقوط الدكتاتورية العسكرية في كل من مصر وتونس مما أفسح المجال أمام الأغلبية من الأخوان المسلمين في كلا البلدين لأعتلاء سدة الحكم. “أن تأثير الدينمو كان حتماً سيصل الى المملكة السعودية، فقد عم احساس عارم من القوة والثقة بين الأسلاميين بعدما تكشف ما أفضت عنه النتائج الأنتخابية في حينه في كل من تونس ومصر لذا كان لزاماً على السعودية كبح جماح هذه النشوة لنرى الان وبوضوح مصلحتها الراسخة في اظهار سقوط نظام الأسلام السياسي أمام شعبها فهي ترى فيه خطراً عليها”
لقد استغلت المملكة السعودية الأسلام السياسي في دعم سياساتها ومصالحها الخارجية والداخلية فقد رأيناها كيف تعاونت مع الولايات المتحدة الاميركية والغرب أبان ما سمي بالجهاد الأسلامي في حرب أفغانستان لضمان دعم سقوط الأتحاد السوفيتي ثم عدنا ورأيناها تستغل الاسلاميين أبان عقد الستينات لهزيمة العلمانيين واليساريين والحركات الوطنية في الداخل. “ترى السعودية أن الأسلاموية مفيدة ولا بأس بها أذا استخدمتها لدعم شرعيتها ومصالحها الا أن مشكلة الأسلام السياسي تكمن في أنه يميل الى الأفلات من قبضة من يمولوه غالب الأحيان ليتحور ويأخذ شكلاً اخر، لذا أصبح من الصعب استغلاله لدعم وتمكين الشرعية السعودية ومصالحها “
إن ما بدى جلياً من خلال متابعة الأوضاع التي شهدتها مصر مؤخراً هو أن المملكة السعودية تمكنت من التعايش مع الأسلاميين أثناء توليهم المعارضة، لكن ما أن وصلوا الى سدة الحكم حتى أصبحواً خطراً محدقاً بالنسبة لها. وتوضح الرشيد أن نظام الحكم السائد في المملكة السعودية لا يحكمه الدين ولا القيم الأخلاقية، بل أن ما يحركهم وبكل بساطة هي مصالحهم الخاصة.
ولم تكن المملكة السعودية الوحيدة التي سارعت الى تقديم التعويض المادي لمصر عقب سقوط مرسي فقد تبعتها كل من الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة لتقدم ما مجموعه 7 مليارات دولار. وتقول رشيد “ما نواجهه هنا هي حالة من الأستقطاب شديد الغرابة في منطقة الخليج”. ففي حين تدعم قطر الربيع العربي، خاصة في مصر وتونس، ترفض السعودية وبشدة مخرجاته وتحذر من حالة الفوضى العارمة التي ستعم المنطقة ” مما خلق حالة من الشقاق بين دول الخليج نفسها، غردت فيه دولة قطر وحيدة خارج السرب” حيث اتحدت كل من السعودية والكويت والأمارات العربية معاً لتعزل قطر وتحد من صعودها الى ربوة المحافل الدولية والأقليمية”.وفيما اقتصر رد قطر على استمرارها في دعم الأخوان المسلمين في مصر “فمن الواضح ان المملكة السعودية أرادت ان تقلل من صعود قطر كلاعب أقليمي في المنطقة”.
وتقول الرشيد، أما القضية الأخرى فهي تركيا “فما هي الا مسألة وقت حتى نشهد تدهور العلاقات السعودية التركية” فالقيادة التركية الحاكمة تنتمي الى الأخوان المسلمين والحركة الأسلامية بشكل عام.وقد شهدنا مؤخراً سلسلة من المقالات في وسائل الأعلام السعودية الرسمية تدين الموقف التركي الرافض لما الت اليه الأمور في مصر من عزل لمرسي وأدانتهم لعمليات قتل المتظاهرين في القاهرة.
تقول الرشيد، لقد ترك الأميركان للأتحاد الاوروبي دفة التعامل مع الوضع في مصر ليصبوا جل تركيزهم في المباحثات الفلسطينية الأسرائيلية بالرغم من استمرارهم في تقديم الدعم العسكري لمصر”وهي رسالة واضحة تعبر عن رغبتهم في رؤية استمرار الوضع على ما هو عليه”. ” لنواجه الأمر بواقعيه، فأن جل ما يهم الأميركان في الوضع المصري هو علاقتها مع اسرائيل وأمن وسلامة دولة اسرائيل كما تراه أميركا”
أما الدولة الأخرى المرتبطة بالمملكة فهي سوريا، حيث نادت المملكة مؤخراً بوقف أطلاق النار مع قدوم عيد الفطر، فيما تستمر الحرب الدامية في هذا البلد. وتوضح رشيد أن هدف السعودية هو ان تفوز في معركتها ضد ايران في سوريا. “لقد تعايشوا مع نظام الأسد في سوريا مدة ثلاثة او أربعة عقود من الزمن ولم يستطيعوا مواجهة ايران في الخليج كما انهم لم يستطيعوا استمالة الأميركان لمساعدتهم في قصف ايران، لذا فجل ما حققوه هي حرب غير مباشرة مع ايران في سوريا، لسوء حظ الشعب هناك”.
ولا تثير السعودية الجدل في الخارج أوبين الأسلاميين فحسب، فقد قضت محكمة مؤخراً على رائف بدوي، مؤسس موقع الليبرالييون السعودييون الأحرار، بالحبس مدة سبع سنين والجلد 600 جلدة وذلك بتهمة زعزعة الأمن العام والتهكم على الشخصيات الأسلامية الدينية، وتقول الرشيد لقد كانت “محاكمة غير عادلة وحكماً غير عادل” تم تصميمه لمنع كل من تسول له نفسه في التعبير علناً عن رأيه.
“اعتقد أن هذه لعبة محلية يلعبها النظام السعودي تشمل كل قطاعات المجتمع السعودي من اسلاميين وليبراليين. فهي تشبة محاولة الحفاظ على التوازن فتارة تسجن الأسلاميين ثم تلحقهم ببعض الليبراليين لتحكم الحكومة السيطرة التي تريدها”.
وتعتقد الرشيد أنه من غير المرجح أن يجلد رائف فقد جرت العادة في الخليج أن ينال المتهم العفو فقط من الملك او الأمير. و أذا اخذنا بعين الاعتبار غياب المعايير والمقاييس الواضحة لعمل القضاء وقراراته “فمن الصعب” رؤية اي فحوى في مثل هذا النوع من المحاكمات. وتضيف”من المؤسف ان يحاكم مثل هؤلاء كما المجرمون أنما يجب ان يعفى عنهم”. في الحقيقة وفي رأيي هم ليسوا مجرمين بل يمارسون حقهم في التعبير الحر عن رأيهم”.
هذا ونجد أن ومن بين السعوديين انفسهم العديدون ممن يستفيدون من اسلوب حكم الملك لن يسهموا في ضعضعة قارب الحكم. الأ أن حالة من التوتر تسود الأجواء السعودية على خلفية السجناء السياسيين والذين يقرب عددهم 30000 سجين أضف الى ذلك قضية التضخم المالي التي تعالت المطالبات للحكومة برفع ضرائبها لتضاهي الارتفاع المتزايد في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأخرى.
“يستمر النظام السعودي في تقسيم الشعب وأضطهاده وسجن كافة النشطاء على اختلاف انتمائتهم، بدءاً من النساء اللاتي بطالبن بتشكيل تجمعات ومؤسسات مدنية مستقلة وحتى السجناء السياسيين الذين وبكل بساطة يبدوون برأيهم في الأحكام التي تمنع الأفراد من السفر.هذه الاليات كافة مهمة في نظر النظام لأبقاء الغطاء على طنجرة الضغط محكماً “
مترجم من ميدل ايست مونيتور