تعيش تركيا في الأيام الأخيرة حالة من الغليان الانتخابي، إذ امتلئت الطرقات بسيارات مجهزة بمكبرات صوت تجوب شوارع المدن للترويج لمرشحي الأحزاب للانتخابات البلدية التي ستعقد نهاية شهر مارس آذار المقبل، ويفترض أن يكون الفائز فيها هو من سيفوز برئاسة بلدية اسطنبول، والتي سيتنافس عليها بجدية كل من مصطفى ساري غول مرشح حزب الشعب الجمهوري، وقادر توباش مرشح حزب العدالة والتنمية.
وبالتزامن مع ما يدور في الشارع من تنافس انتخابي، تشهد الساحة السياسية التركية تطورات كثيرة بعضها في شكل امتداد لعملية 17 ديسمبر التي اتهم خلالها رجال مقربون من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالفساد، وبعضها الآخر يأتي في إطار حملة الإصلاح التي أعلنها أردوغان لل”قضاء” على ما أسماه “الدولة الموازية”، بالإضافة إلى خطوات استباقية تتخذها الحكومة لتحصين نفسها من عملية ثانية مشابهة لعملية 17 ديسمبر.
عصابة السلام والإرهاب:
نشرت صحيفة ييني شفق التركية صباح اليوم قائمة تضم أرقام هواتف وأسماء أكثر من 7000 شخص من كبار الشخصيات العامة في البلاد، قالت أن الذراع التابع لجماعة فتح الله كولن داخل جهاز الأمن، قامت طيلة السنوات الماضية بالتنصت عليهم بحجة التحقيق في قضايا وهمية رفعها مجهولون وأطلق عليها اسم “عصابة السلام والإرهاب”.
ومن بين الأسماء الواردة في القائمة اسم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وبرلمانيين من كل الأحزاب الممثلة في البرلمان التركي، ورئيس جهاز المخابرات العامة هاكان فيدان، ووزير الداخلية المعين حديثا، بالإضافة إلى آلاف الأرقام الأخرى التي تم التنصت عليه وسجلت بأسماء وهمية.
وحسب ما نشرته الصحيفة فإن أرشيف المكالمات المسلجلة تم توثيقه في 125 ملف تستر عليها المدعي العام لمدينة اسطنبول السابق وكشفها المدعي العام الجديد، وهو الآن بصدد التحقيق فيها ليتم رفع قضية بالتنظيم الذي أشرف على هذه العملية والتي قالت الصحف التركية أن فتح الله كولن قد يتهم فيها بصفة شخصية.
قانون جديد للمخابرات العامة:
يذكر أن أول تصادم علني بين حزب العدالة والتنمية التركي وجماعة فتح الله كولن كان يوم أمر أحد المدعين العامين المحسوبين على الجماعة بإيقاف رئيس جهاز المخابرات العامة، هاكان فيدان، في سنة 2012، ولولا تدخل أردوغان بحكومته وكتلته البرلمانية لما نجا فيدان من تهمة الإرهاب التي كانت موجهة له آن ذاك بسبب قيامه بمفاوضات مباشرة مع حزب العمال الكردستاني، والتي أفضت مؤخرا إلى عقد صفقة السلام الداخلي وأنهت الحرب الداخلية التي استمرت لعقود.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثر الحديث في وسائل الإعلام المحسوبة على المعارضة، عن دور يقوم به جهاز المخابرات العامة لإمداد ثوار سوريا بالسلاح ولتنفيذ بعض المهام الاستخبارية خارج البلاد، بالإضافة إلى تقارير قالت أن بلال أردوغان، نجل رئيس الوزراء، له دور في هذه العمليات، وهو الأمر الذي يعتقد أن حزب العدالة والتنمية أراد التحسب له عبر الدفع بمشروع قانون جديد لهذا الجهاز.
وينص القانون الجديد على إعطاء حصانة أكبر للعاملين في الجهاز وللمتعاونين معه ولكل من شارك في مهامه الخاصة، حيث سيحتاج المحققون إلى الحصول على إذن من رئيس الجهاز قبل الشروع في التحقيق مع أحد المنتسبين له، بالإضافة إلى عدم جواز محاسبة العاملين في الجهاز على فعل ارتكبوه في إطار قيامهم بمهامهم المخابراتية.
وسيعرض القانون على البرلمان التركي يوم غد الاربعاء للمصادقة عليه.