رغم التحذيرات المتكررة من خطر المجاعة التي تهدد دول عدة على رأسها اليمن وجنوب السودان ونيجيريا والصومال، وإمكانية حدوث أزمة عالمية، فإن الوضع لم يبق على حاله بل ازداد سوءًا، مما جعل مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة يعبر عن القلق الشديد إزاء هذا الخطر الداهم على الدول الأربعة.
قلق أممي
عقب جلسته المفتوحة التي عقدها أمس الأربعاء بمقره في نيويورك، أعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه البالغ بسبب المستوى غير المسبوق للاحتياجات الإنسانية العالمية، وخطر المجاعة الذي يهدد أكثر من 20 مليون شخص في اليمن والصومال وجنوب السودان ومنطقة شمال شرق نيجيريا.
كشفت تقارير حقوقية أن الأموال اللازمة لمنع المجاعة في الصومال واليمن وجنوب السودان ونيجيريا لا تزال أكبر بكثير مما وفره المجتمع الدولي
وعلى ضوء خطر المجاعة غير المسبوق الذي تواجهه الدول الثلاثة ومنطقة شمال شرق نيجيريا المتضررة من النزاع، طلب مجلس الأمن من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عقد إحاطة شفوية في شهر أكتوبر/تشرين الأول بشأن العوائق الخاصة التي تحد من مكافحة خطر المجاعة في الدول الأربعة، وتقديم توصيات محددة بشأن كيفية معالجة هذه المعوقات.
وتعرّف المجاعة بأنها حالة شديدة من فقدان الأمن الغذائي في بلد أو منطقة ما، بحيث يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل الوفيات بشكل أكثر من المعتاد، نتيجة نقص المواد الغذائية أو تعذر الحصول على ما يكفي منها بسبب جفاف أو أمراض أو حروب أو نزاعات.
صوماليون في انتظار نصيبهم من الغذاء
ووضعت الأمم المتحدة إطارًا متكاملًا لتصنيف الأمن الغذائي يتضمن 5 مراحل ممكنة بالنسبة للوضع الغذائي لأي بلد أو منطقة تعاني من مشاكل، حيث تبدأ تلك المراحل بتوفر الأمن الغذائي وتنتهي بالمرحلة الأخيرة وهي وجود مجاعة، وهي المرحلة التي تصل فيها الأمور حد اعتبارها كارثة إنسانية.
وكشفت تقارير حقوقية سابقة لمنظمات دولية أن الأموال اللازمة لمنع المجاعة في الصومال واليمن وجنوب السودان ونيجيريا لا تزال أكبر بكثير مما وفره المجتمع الدولي، وما تحقق من خلال نداء الأمم المتحدة أقل من نصف ما هو مطلوب، في الوقت الذي يتزايد فيه أعداد الضحايا.
نتيجة الصراعات والحروب المستمرة
المجاعة التي تهدد الدول الأربعة وغيرها من دول العالم قال مجلس الأمن الدولي إن من أسبابها الرئيسية الصراعات والحروب المستمرة التي لها عواقب إنسانية مدمرة، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز قدرة البلدان المتضررة من النزاع على التعافي وتحمل الأزمات على المدى البعيد.
وأعرب المجلس عن استيائه لامتناع أطراف معينة في تلك المناطق الأربعة عن ضمان إيصال شحنات المساعدات الغذائية الحيوية وغيرها من أشكال المعونة الإنسانية للمحتاجين دون قيود وبلا انقطاع، ودعا في بيانه هذه الأطراف إلى السماح بالوصول الآمن للمساعدات وتيسير وصول الواردات الأساسية من الأغذية والوقود والإمدادات الطبية إلى كل بلد وفي جميع أنحائه.
يمنيون يتنقلون من مكان إلى آخر بحثًا عن الغذاء
وشدد مجلس الأمن الدولي على أن الاستجابة الفعالة لهذه الأزمات تتطلب احترام جميع الأطراف للقانون الإنساني الدولي، وأكد الالتزامات الواقعة على عاتق جميع أطراف النزاع المسلح والتي تملي عليها احترام المدنيين وحمايتهم، ودعا المجلس جميع الأطراف في اليمن وجنوب السودان والصومال ومنطقة شمال شرق نيجيريا إلى التعجيل باتخاذ الخطوات الكفيلة بزيادة فعالية الاستجابة الإنسانية.
إلى جانب الحروب والصراعات المسلحة التي تعتبر السبب الرئيسي للمجاعات في بقاع عدة من المعمورة، نجد أيضًا الكوارث الطبيعية كالجفاف وغيره في مرحلة تالية، كما يساهم الفقر وضعف البنية التحتية الزراعية والاستغلال المفرط لها في انتشار المجاعة في بلدان عديدة، وتدفع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تضرب أجزاء من العالم في فترات مختلفة إلى انتشار مساحات الجوع، وتساهم في إيقاع الكثيرين في شرك المجاعة.
اليمن ضحية الحوثيين والسعوديين
من هذه الدول الأربعة يبرز اليمن الجريح التي يوجد فيه ملايين البشر على قوائم الموت بسبب السعودية والحوثيين، حيث تؤكد منظمات الإغاثة الدولية تورط المملكة العربية السعودية بجانب الحوثيين في تعريض حياة الملايين من اليمنيين للخطر بسبب غلق المطارات ومنع تقديم أي مساعدات عبر المجال الجوي الذي تتحكم فيه السعودية.
يحتاج ثلثا السكان في اليمن إلى المساعدة الإنسانية والحماية
وفي وقت سابق اتهمت 15 منظمة إغاثية في بيان حمل توقيعها الطرفين السعودي والحوثي المسئولية فيما وصلت إليه الأوضاع داخل اليمن من تردي وتهديد لحياة الملايين، مع الإشارة إلى آخر مستجدات الوضع الكارثي داخل اليمن، وقبل أيام قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في تقرير له إن 7 ملايين من المواطنين اليمنيين باتوا على وشك المجاعة، في بلد يشهد واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم.
وأضاف “في بلد يشهد واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، من الصعب أن نتصور ما يحتاجه الناس أكثر“، وأضاف “7 ملايين شخص في اليمن باتوا يعيشون على وشك المجاعة، في حين يعاني 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية“، وتابع التقرير “يحتاج ثلثا السكان إلى المساعدة الإنسانية والحماية”، مشيرًا أن كل شيء أصبح مطلوبًا بشكل عاجل في اليمن، كالمأوى والغذاء والمياه والخدمات الصحية والصرف الصحي والسلامة“.
وجاء في نفس التقرير أيضًا أنه منذ تصاعد النزاع في اليمن، فر أكثر من 3 ملايين شخص من ديارهم بحثًا عن السلامة والأمن، في الوقت الذي لا يزال مليونا شخص مشردين داخليًا في جميع أنحاء البلد، ويشهد اليمن منذ خريف 2014 حربًا بين القوات الموالية للحكومة من جهة ومسلحي جماعة “أنصار الله” (الحوثي) والقوات الموالية للرئيس السابق علي عبد الله صالح من جهة أخرى، وكانت الحرب سببًا في أوضاع إنسانية وصحية صعبة، فضلًا عن تدهور حاد في اقتصاد البلد الفقير.