أفادت الأرقام الأخيرة الورادة من الولايات المتحدة، عن ارتفاع ديون الأسر الأمريكية خاصة ديون بطاقات الائتمان التي ارتفعت بشكل كبير خلال سنوات إدارة الرئيس السابق أوباما. بحسب البيانات الصادرة عن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، فقد ارتفعت ديون البطاقات الائتمانية في الولايات المتحدة إلى أكثر من تريليون دولار، ملامسةً أعلى مستوى لها منذ إبريل/نيسان 2008.
وبلغ متوسط ديون الأسرة الأمريكية 9600 دولار، وهو ما يعادل حوالي 17% من متوسط دخل الأسرة الأميركية. وبما أن متوسط سعر الفائدة على ديون بطاقات الائتمان يساوي 16%، فمن المرجح أن تزداد قيمة ديون الأسرة الواحدة بمقدار 1600 دولار سنويًا. فما هي بطاقات الائتمان والدين المترتب لقاء التعامل بها؟
ما هي بطاقة الائتمان
عبارة عن بطاقة بلاستيكيّة ذات حجم قياسي مهما كان نوعها ومن أي بنط صادرة فهمي تمتلك مقاسات ومواصفات قياسية، تتكون من شريط مغناطيسي يحتوي على رمز يقرأ آليا، وتعد أفضل بديل عن الشيكات والنقود، وعنصرًا مهمًا من عناصر التجارة باستخدام شبكة الإنترنت إضافة إلى التجارة الإلكترونيّة. بالطبع تصدر تلك البطاقات عن المصارف وتسمح لصاحبها بشراء الخدمات والسلع بالاعتماد على الائتمان (الدين).
يعد الاستخدام الرئيسي لبطاقة الائتمان التسوق وتقسيط المشتريات من أي مكان في العالم، في حال سداد تلك الأموال فإن البطاقة ستكون عبارة عن بنك مصغر محمول يستخدم لصرف الأموال من أي مكان في العالم. من المهم التذكير أن استعمال أموال بطاقة الائتمان يعني صرف أموال ليست لك، تسجل كدين عليك في البنك يمكن سدادها خلال فترة معينة وفي حالة التأخر عن السداد فسوف تسدد فائدة تحسب بواسطة البنك، في مصر مثلا يمكن سداد الدين خلال 45 يوم دون فائدة.
يمكن أن يصل متوسط ربح البطاقة الواحدة في الشرق الأوسط وإفريقيا في العام 2010 إلى 40 دولارًا، في حين يبلغ المعدل ذاته في أمريكا الشمالية 15 دولارًا
هناك نوعين من بطاقة الائتمان الأولى اسمها البطاقة المدينة أو debt card أو السحب الفوري، والثانية بطاقة الدين credit card. من خلال بطاقات السحب الفوري والتي يقدمها البنك الذي تتعامل معه بالتعاون مع شركة فيزا أو ماستر كارد العالميتين، وهي بطاقة مرتبطة بحسابك الشخصي سواء حساب توفير أو أى حساب جار مملوك لك في البنك.
وبالتالي تستطيع سحب الأموال الموجودة في حسابك من خلال بطاقة السحب الفوري، ولا يمكن سحب أموال أكثر مما هو موجود في الحساب، ولا يكون عليك دين للبنك أو فائدة في حالة التأخر في السداد.
فعبر بطاقة السحب الفوري أو debit card فأنت تتعامل مع ما هو موجود فعليًا في حسابك، عكس بطاقة الدين أو credit card، التي تستخدم أموال يملكها البنك الذي منحك البطاقة عبر حسابك البنكي الخاص، حيث يترتب عليك سداد تلك الأموال خلال فترة معينة وفي حال لم تسددها يحتسب عليك فائدة، تتراكم مع مرور الوقت. ولها حدود ودرجات صرف تختلف حسب البلد وحسب البنك الذي منحك تلك البطاقة، فهناك البطاقة الكلاسيكية، والبطاقة الذهبية، والطاقة البلاتينية، كل بطاقة تتيح للعميل حد معين من الأموال يمكن استدانته من البنك.
شركتا فيزا وما ستر كارد، هما شركتين أمريكيتي المنشأ، تعملان في مجال تنظيم عمليات الدفع الإلكتروني وعمليات الشراء والدفع من خلال شبكات الأموال الإلكترونية. يقوم أي بنك حول العالم بالتعامع مع إحدى هاتين الشركتين أو كليهما لتنظيم عمليات السحب والتحويل على البطاقة التي يصدرها االبنك ويقدمها للعميل.
تحقق شركات بطاقات الائتمان الغالبية العظمى من أرباحها من الفوائد والغرامات التي تفرض عند التأخر عن السداد، وتعد بطاقات الائتمان القسم الأكثر تحقيقًا للأرباح في قطاع البنوك
حقائق حول بطاقة الائتمان
تعد أول بطاقة ائتمان صنعت في العالم من الورق وكان حدها 300 دولار، والسبب في وجود تاريخ انتهاء صلاحية للبطاقة الائتمانية، أن الشريط المغناطيسي يتلف مع الزمن، حيث يقدر العمر الافتراضي للشريط المغناطيسي بأربع سنوات. يتلقى المواطن الأمريكي العادي في الشهر الواحد 6 عروض للحصول على بطاقة ائتمانية ولديه بطاقتي ائتمان، وفي سنة 2006 حققت شركات البطاقات الائتمانية أرباحًا من الفوائد المترتبة على التأخر في عملية السداد تقدر بحوالي 90 مليار دولار.
في كل ثانية تمر هناك أكثر من 10 آلاف معاملة تتم باستخدام بطاقات الائتمان. وتحقق شركات بطاقات الائتمان الغالبية العظمى من أرباحها من الفوائد والغرامات التي تفرض عند التأخر عن السداد، وتعد بطاقات الائتمان القسم الأكثر تحقيقًا للأرباح في قطاع البنوك. والجدير بالذكر، أن شركات بطاقات الائتمان تعتبر الشخص الذي يسدد دين بطاقته الائتمانية أولا بأول زبون غير مرغوب به، علمًا أنه في أمريكا مثلا هناك نسبة قليلة تصل إلى الثلث، يقومون بسداد المستحقات المترتبة عليهم من استخدام بطاقة الائتمان.
البطاقات الائتمانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
قد يكون من الصعب تفادي استخدام البطاقات الائتمانية في هذه الأيام، سيما أن العالم يتجه لا محالة نحو الاقتصاد غير النقدي بوتيرة سريعة. بينما يبقى الأمر مرهون بالمستهلك وثقافته الاستهلاكية ليقرر بنفسه ما إذا كان يود الانخراط في هذه الثورة غير النقدية، وكذلك الحرص على عدم الغرق في بحر من الديون.
تبين التقارير المتخصصة أن دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا تحتل المرتبة الثانية بعد شعوب أوروبا الغربية من حيث حجم المشتريات التي تتم من خلال بطاقات الائتمان. وفي العام 2010، كان من المتوقع أن تصل مشتريات المواطنين في دول أوروبا الغربية باستخدام هذه البطاقات إلى 3150 دولارًا لكل بطاقة ائتمان، وأن تبلغ مشتريات المستهلكين الحاملين لهذه البطاقات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2350 دولارًا، وفقًا للتقديرات التي وضعتها المؤسسة البحثية “لافرتي غروب” التي يقع مقرها في بريطانيا وتقدم المعلومات حول الخدمات المالية في جميع أنحاء العالم.
متوسط المبلغ المستخدم سنويا في كل بطاقة ائتمان في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا يصل إلى ما يقرب من 2300 دولار
لكن تؤكد تلك التقارير أنه في معظم الأحيان يكون استخدام بطاقات الائتمان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وفق شروط ذات امتيازات أقل، حيث يبلغ متوسط معدل الفائدة السنوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، %25.34، بناء على التحليل الذي أجرته مجلة فوربس- الشرق الأوسط لبطاقات الائتمان الصادرة عن 25 مصرفًا في هذه المنطقة، والتي تعدّ من بين أكبر جهات إصدار بطاقات الائتمان في المنطقة.
ولعل هذا هو السبب الذي يدفع معظم البنوك التي تصدر بطاقات الائتمان في منطقة الشرق الأوسط إلى توضيح الفائدة على أساس شهري، والابتعاد عن ذكر الفائدة السنوية، كما هي الحال في مناطق أخرى من العالم، لأنه يكون من السهل على الشخص قبول سعر فائدة شهري قدره %3، بينما قد يصعب عليه تقبل رؤية سعر الفائدة بنسبة %36 سنويا فائدة غير مركبة.
في الولايات المتحدة على سبيل المثال، يتبين أن ما يقرب من %20 من البطاقات تتقاضى رسوما سنوية، وعادة ما تصل إلى 50 دولارًا في المقابل، تفرض بعض بطاقات الائتمان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا رسوما مرتفعة جدًا، ويبلغ المتوسط السنوي للرسوم التي تفرض على البطاقات الكلاسيكية 53 دولارًا، وعلى البطاقات الذهبية 95 دولارًا، وعلى البطاقات البلاتينية 266 دولارا.
بلغ متوسط ديون الأسرة الأمريكية 9600 دولار، وهو ما يعادل حوالي 17% من متوسط دخل الأسرة الأميركية
ونتيجة لذلك، تحقق شركات بطاقات الائتمان والمصارف التي تصدر البطاقات أرباحًا أكبر من كل بطاقة في الشرق الأوسط وإفريقيا مقارنة مع أي مكان آخر في العالم، وفق تقرير مؤسسة “لافرتي غروب”. يمكن أن يصل متوسط ربح البطاقة الواحدة في الشرق الأوسط وإفريقيا في العام 2010 إلى 40 دولارًا، في حين يبلغ المعدل ذاته في أمريكا الشمالية 15 دولارًا. وبصرف النظر عن تكلفة التمويل ومعدلات العجز عن السداد، يعد السبب وراء ارتفاع أرباح البطاقة الواحدة في منطقة الشرق الأوسط واضحا، ويتمثل ببساطة في أن البنوك لا يمكنها تحقيق المستوى المطلوب من الأرباح عن طريق ضمان العدد المناسب من العملاء، وإنما من خلال ارتفاع الرسوم التي تفرضها على البطاقة الواحدة.
ومع أن متوسط المبلغ المستخدم سنويا في كل بطاقة ائتمان في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا يصل إلى ما يقرب من 2300 دولار، وفق تحليل مؤسسة لافرتي غروب، توجد هناك اختلافات كبيرة بين الدول والمستهلكين الأفراد. وعلى سبيل المثال، يبلغ متوسط حجم المشتريات في كل بطاقة يصدرها بنك الراجحي في السعودية 1364 دولارًا، لكن المستهلكين الذين يحملون بطاقات صادرة عن بنك قطر الوطني ينفقون 7524 دولارًا في المتوسط، وفق تحليل نيلسون ريبورت، التي جمعت بيانات عن شركات إصدار بطاقات الائتمان في المنطقة، ومتوسط حجم المشتريات لكل بطاقة في عام 2009.
في سنة 2006 حققت شركات البطاقات الائتمانية أرباحًا من الفوائد المترتبة على التأخر في عملية السداد تقدر بحوالي 90 مليار دولار.
ويبين تحليل نيلسون ريبورت أن المصريين يحتلون المرتبة الأولى في عامل الحرص الاقتصادي، والابتعاد عن التبذير، حيث يتبين أن متوسط حجم المشتريات للعملاء الذين يحملون بطاقات صادرة عن البنك الأهلي المصري يبلغ 405 دولارات فقط، لكل بطاقة في عام 2009.
استخدام بطاقة الائتمان credit card ينتشر في العالم بشكل أوسع من السنوات الماضية ويعزى هذا إلى انتشار الانترنت والتجارة الإلكترونية ورواجها الكبير لدى المستهلكين، وعلى الرغم من الفوائد الجمة لهذه البطاقة إلا أنها قد تسبب بمشاكل مالية لمستخدميها بسبب الإفراط في الاقتراض وتكديس الفوائد بحيث يغدو المرء غير قادر على تسديد ديونه للبنك وهو ما يعرضه لملاحقات قانونية.