شهدت محافظة إدلب يوم الأربعاء 9 من آب/أغسطس 2017، عرسًا جماعيًا كبيرًا تم من خلاله تزويج 60 شابًا من مهجري مدينة داريا بريف دمشق، حيث تكفلت 8 منظمات وهيئات إغاثية بمصاريف الزواج وتقديم ما يلزم العروسين في حياتهم الزوجية الجديدة.
ونُظم الحفل الذي يُعتبر الأول من نوعه في الشمال السوري المحرر، حسب التقاليد المتبعة في العاصمة دمشق وأريافها، فبعد إقامة مأدبة للطعام لجميع المدعوين، بدأ الحفل بفقرات للرقص الشعبي بالسيف والترس وهو ما يُعرف بالعراضة الشامية، بالإضافة للأهازيج والأشعار التي أُلقيت ترحيبًا بالعرسان، قبل صعودهم المنصة ليشاركوا في حفل زفافهم.
يقول مصطفى سليمان مدير منظمة سيريا ريليف وهي إحدى المنظمات الداعمة للحفل: “هذا العرس الجماعي والذي تم تنظيمه بالتعاون مع لجنة المهجرين وتجمع شباب داريا، كانت الغاية منه إخراج الشباب من حالة اليأس التي عاشوها بعد التهجير وكذلك إعادة اللحمة بين أبناء داريا أنفسهم ومع من استضافهم من أهالي محافظة إدلب، حيث لم يختر العرسان زوجاتهم فقط من نساء داريا بل عدد كبير منهم انتقى زوجته من مدينة إدلب وريفها، تأكيدًا على وحدة المسلمين في سوريا”.
أول عرس جماعي لمهجري داريا في الشمال السوري
أما عن الأشياء التي تم تقديمها للمقبلين على الزواج فيضيف سليمان: “نحن كمنظمة سيريا ريليف حاولنا مساعدة هؤلاء الشباب، من خلال تقديم الأثاث المنزلي والأدوات الكهربائية الضرورية كالغسالات والطباخات الكهربائية وأسطوانات الغاز بالإضافة للفرش ومبالغ مالية تعينهم في أول فترة زواجهم”.
وقد تكفلت المنظمات الإنسانية بمصاريف الزواج كافة من الملابس وأثاث المنزل ومصاريف الحفل والمأكولات والمشروبات المقدمة فيه للضيوف، في حين تكفلت إحدى المنظمات بدفع إيجارات السكن للمتزوجين لمدة 3 أشهر.
ومن المنظمات الداعمة للحفل هيئة العمل الإنساني والتي هي شريك لمنظمة وقف الديانة التركي في الداخل السوري والتي قدمت بدلات العرس للعرسان بالإضافة للتكفل بمصاريف مأدبة الطعام، حيث وضح زياد أبو حمدي موظف إغاثي في الهيئة: “هدف هذا العرس الجماعي كانت حقيقةً اختراقًا للعادة، وإنجازًا عظيمًا جدًا، ففي ظل التهجير المستمر للأهالي ودخولهم محافظة إدلب أدى ذلك لارتفاع كبير في إيجارات البيوت وأصبحت تكاليف الزواج عمومًا كبيرة، فأردنا مساعدة هؤلاء الشباب في الإقبال على الزواج وبناء أسرة جديدة وتطبيق سنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم”.
هذا وقد تعرضت مدينة داريا بريف دمشق قبل تهجير أهلها إلى حصار خانق من قبل قوات النظام دام لمدة 4 سنوات، حاولت خلالها الأخيرة اقتحام المدينة دون تمكنها من إحراز أي تقدم لشراسة المدافعين عن المنطقة من ثوار داريا، والذين أُجبروا في النهاية على مغادرة مدينتهم بعد تدهور الوضع الإنساني ونجاح النظام بفرض سياسة التهجير على العديد من المناطق السورية كان أبرزها مدينة حلب.
مدينة “العنب والدم” هكذا أطلق البعض على مدينة داريا التي صمدت صمودًا أسطوريًا أمام آلة قتل لا إنسانية لم تفرق بين الشجر والحجر والإنسان، وذلك بتكاتف أبنائها شبانًا وشيبًا، لتعود في هذا العرس الجماعي البسمة إلى وجوههم من جديد، ولتعود الفرحة لتملأ قلوبهم التي اعتصرت ألمًا على فراق أرضهم وموطنهم الذي يأملون أن يكرمهم الله بالعودة إليه في القريب العاجل.