سرديات الذباب.. ما تريد اللجان الإلكترونية إلهاءنا به

تواجه المقاومة الفلسطينية منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مواجهات متعددة الجبهات، ففي الوقت الذي تواجه فيه قوات الاحتلال ميدانيًا وتكبدها خسائر فادحة لا ينكرها منصف، هناك جبهة أخرى لا تقل ضراوة تتعرض فيها لحملات ممنهجة فريدة من نوعها، تلك التي تتخذ من منصات التواصل الاجتماعي ساحة لها.

من الواضح أن الزلزال الذي أحدثه طوفان المقاومة لم يهز أركان الكيان المحتل فقط، لكنه هز وبمستويات ربما تكون أكثر قوة أركان جبهات وكيانات وأنظمة وحكومات أخرى، يؤرق مضاجعها أن ترى أي انتصارات لحركات المقاومة الإسلامية في فلسطين، التي تختلف معها أيديولوجيًا ولحسابات سياسية متأرجحة.

وفي الوقت الذي انتفض فيه أحرار العالم دعمًا لغزة وتنديدًا بحرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال بحق أكثر من 2.3 مليون فلسطيني داخل القطاع، وأودت بحياة ما يقرب من 25 ألف مواطن، جلهم من النساء والأطفال، تقف الحكومات العربية، لا سيما الخليجية، مكتوفة الأيدي، لا تحرك ساكنًا إزاء صرخات الأطفال وعويل الأرامل وتأوهات العجزة.

وبدلًا من تقديم يد العون والدعم للمقاومة التي تدافع عن كبرياء وشرف العرب والمسلمين معًا في تلك المعركة المقدسة، سلطت بعض تلك الأنظمة ذبابها الإلكتروني، الوهمي والحقيقي، لنهش جسد المقاومة، وتشويه صورتها، متبنيًا سردية الاحتلال بحذافيرها، في خطاب موحد يتوهم قارئه منذ الوهلة الأولى أنه مكتوب داخل مكتب المتحدث الرسمي باسم جيش الاحتلال.

نلقي الضوء -في هذه الأسطر- على أبرز تلك السرديات التي تشاطرها المتصهينون العرب والذباب الإلكتروني منذ اليوم الأول لعملية الطوفان، للنيل من المقاومة ونشر الأكاذيب والافتراءات، وتسطيح القضية الفلسطينية، في محاولة لتنفير وترهيب الناس من التضامن معها من جانب، وتبرير حالة الخذلان الفاضح وغسل عار الانبطاح لدى الحكومات التي تدير تلك الحملات من جانب آخر.

دعم المقاومة ليس من الدين

حرص الذباب الإلكتروني وصهاينة العرب منذ الوهلة الأولى على استخدام الخطاب الديني كونه أحد أكثر الخطابات تأثيرًا في الشعوب العربية والإسلامية بصفة عامة، وتنوعت معظم السرديات المستخدمة تحت عدد من الشعارات أبرزها:

حماس ليست من أهل السنة والجماعة، والجهاد في فلسطين هو جهاد في سبيل الشيطان وقتال فتنة وليس قتالًا شرعيًا كما جاء على لسان الداعية السعودي إبراهيم المحيميد.

حماس خوارج العصر وناقضين العهد، وأن مشكلة المسلمين ليست غزة، كما جاء على لسان الداعية السعودي محمد بن عمر بازمول.

طوفان الأقصى كانت عملية هوجاء وتصرفًا خاطئًا، فلا يجوز شرعًا أن يُقدم فصيل متواضع القوة على استفزاز جيش قوي مدجج بالسلاح، كما قال الداعية فرج بن مطلق المرجي.

التظاهرات لدعم غزة ليست من الدين.. تجاوز الاستهداف فكرة عدم شرعية الدعم الرسمي للمقاومة إلى تجريم وتحريم التظاهرات الشعبية، كما جاء على لسان الداعية فهد بن سليمان الفهد الذي قال: “المظاهرات لأجل غزة ليست من الدين وإذا رأي ولي الأمر الصلح مع إسرائيل في هذا الوقت سمعنا وأطعنا، والذين يعارضون ولي أمر في ذلك فهم ليسوا من السنة في شيء”.

التشكيك في عملية طوفان الأقصى

بالتزامن مع الخطاب الديني ودغدغة مشاعر رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالفتاوى الشاذة بشأن عدم جواز دعم المقاومة، عسكريًا أو سياسيًا أو شعبيًا، كانت هناك سردية أخرى تعزف على وتر التشكيك في عملية الطوفان برمتها، وأنها لم تكن ذات أهداف فلسطينية في الأساس، بل لعبة إيرانية أو حتى إسرائيلية!

نشر حساب سعودي موثق باسم عبد الله الطويلعي يقول إن ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول مجرد مسرحية بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، وأن هدف تلك المسرحية ليس مصلحة الشعب الفلسطيني إنما جمع المال والدعم لقادة المقاومة، وأضاف “الموساد (الاستخبارات الإسرائيلية الخاصة) يحبك السيناريو وحماس تنفذ” على حد زعمه.

هذه السردية تلقفتها حسابات أخرى أشارت إلى أن الطوفان كان بأوامر خارجية لتنفيذ أجندات أجنبية – في إشارة إلى إيران – وأن قادة المقاومة حصلوا على دعم مادي نظير قيامهم بتلك العملية في هذا التوقيت الذي تسعى فيه طهران لإشعال المنطقة لخدمة أغراضها الإقليمية.

السعودية هي المستهدف

نشر حساب موثق باسم “حضارات السعودية 1727” تغريدة قال فيها إن عملية الطوفان إنما جاءت بهدف عرقلة اتفاق الدفاع المشترك بين السعودية والولايات المتحدة، الذي كان على وشك التوقيع، وكان يسمح للمملكة بتملك برنامج نووي وأسلحة نوعية متطورة.

الحساب أوضح أنه بينما كانت الرياض على بعد خطوات من إبرام هذا الاتفاق، تحركت حماس في غزة وأشعلت الموقف بعملية الطوفان، وأضاف “لا يريدون حل القضية وإقامة دوله فلسطينية فالمتاجرة بأرضهم وبأرواح أبنائهم وحلب الأموال أهم من تحرير أرضهم وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية”، وانتشرت تغريدات عدة تحمل المعنى ذاته.

https://twitter.com/KSAcivilization/status/1710564880598585370

https://twitter.com/nalshamary/status/1710582907155136840

تعطيل عملية السلام بين السعودية والاحتلال.. نشر حساب موثق باسم “تمرة” تغريدة قال فيها إن الهدف الرئيسي من عملية الطوفان التي جاءت لأسباب غير معروفة، إنما عرقلة وتعطيل عملية السلام القادمة بين الرياض وتل أبيب، وهي العملية التي يمكن أن تقلب الأوضاع للأسوأ.

التشكيك في ولاءات المقاومة

قادة المقاومة متشيعون يعملون لصالح الأجندة الإيرانية.. تلك كانت السردية الأكثر حضورًا لدى لجان الذباب الإلكتروني، وتبناها الكثير من الأسماء المعروفة، من أبرزها السياسي الجزائري، أنور مالك، الذي اتهم المقاومة بالتحالف مع الميليشيات المسلحة كالحوثيين وحزب الله لخدمة الملالي وأجندته التوسعية في المنطقة.

محور المقاومة كاذب.. في السياق ذاته حذر الصحفي السعودي حسين الغاوي، مما أسماه “تمجيد محور المقاومة” ووصفه بالكاذب، واتهم كتائب القسام بأنها لا يهمها “إسرائيل” بل همها السعودية ودول الخليج ومصر والأردن، مستدلًا على ذلك باعتزاز الكتائب بأن قاسم سليماني اعتمد عليها في وصيته وأنها ستحقق حلمه ومشروعه، واختتم تغريدته قائلًا: “إخوتنا في فلسطين عانوا الأمرين من كيان مغتصب إرهابي وأدوات أدمنت الخيانة والارتزاق تحت ما يسمى مقاومة، وقادم الأيام سينكشف كل شيء”.

المساواة بين ما تفعله حماس والحوثيين وحزب الله.. نشر الإعلامي السعودي محمد أحمد الملا على حسابه تغريدة حاول تشبيه ما تقوم به المقاومة في فلسطين بما تقوم به ميليشيات إيران في المنطقة، قائلًا إن الأمة العربية تدفع ثمن صراع النفوذ بين القوى الكبرى وأن الجميع – في إشارة لحماس وغيرها – وكلاء إيران.

عدم الاستماع لنصائح قادة الخليج.. حاول الإعلامي الكويتي أحمد الجار الله من خلال تغريدة له، تشويه صورة قادة المقاومة، سياسيين كانوا أو عسكريين، متهمًا إياهم بأنهم يتنعمون في رغد العيش فيما يسقط أطفال غزة ونساؤها قتلى على أيدي الإسرائيليين، منتقدًا خالد مشعل وإسماعيل هنية لعدم الاستماع لنصائح قادة الخليج بعدم الإقدام على مثل تلك العمليات التي تستفز دولة الاحتلال.

السردية ذاتها تبناها المغرد الكويتي راشد البواردي الذي دعا الله بلعن قادة حماس ووصفهم بالصهاينة الصفوية، ونصرة السلطة الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وأكثر احترامًا مما أسماهم “المنافقين الإخونجية”.

الجيوش الوطنية لحماية أمن بلادها فقط

من السرديات التي انتشرت بكثافة منذ عملية الطوفان تلك التي حاولت الرد على دعاوى تدخل الجيوش العربية لنصرة أهل غزة، حيث عزفت تلك السردية على تبرير هذا الخذلان بدعوى أن الجيوش الوطنية إنما لحماية أمن بلادها فقط، وليس الدفاع عن كيانات لها ولاءات غير وطنية.

الإعلامي الإماراتي محمد تقي غرد قائلًا إن العقيدة الوطنية للجيوش العربية تشير إلى أن تلك المؤسسات إنما وجدت لحماية أمن بلادها ومقدرات أوطانها، وليس للدفاع عما أسماهم “أذناب لهم بيعة لمرشد إرهابي أو بعض الدواعش المصنفين على قوائم الإرهاب”.

وفي سياق السردية ذاتها انتشرت تغريدات مشابهة تتهم قادة المقاومة بأنهم ينتصرون لأهدافهم ومصالحهم الشخصية على حساب مصالح الشعب الفلسطيني، وذلك تعليقًا على رفض المبادرة المصرية بشأن هدن إنسانية جديدة وصفقات تبادل أسرى دون أن تتضمن وقفًا كاملًا لإطلاق النار، وهو الشرط الذي تمسكت به حماس.

مسؤولية حماس عن تدمير غزة

تنوعت العديد من التغريدات التي تدور حول تحميل حماس مسؤولية ما وصل إليه الوضع في غزة، وأنها المسؤول الأول والأخير عن تلك الكارثة، وهي السردية التي حققت مستوى كبيرًا من الانتشار والتفاعل.

الإعلامي السعودي إبراهيم بن عطالله سخر من جملة “حلل يادويري” التي رددها أحد مقاتلي حماس، وطالب محلل الجزيرة فايز الدويري بتحليل ما وصل إليه الوضع من تدمير وكيف أن غزة أصبحت مدينة أشباح على حد وصفه.

حسابات صهيونية بأسماء عربية رددت نفس السردية، فهذا حساب يحمل اسم “خالد” غرد يقول إن حركة المقاومة حماس شردت الجميع بما فيهم سكان مدينة خان يونس، معقل قادة المقاومة، مضيفًا أن المقاومة لن تترك فلسطينيًا على قيد الحياة.

مطالبة حماس بالاستسلام حفاظًا على أرواح من تبقى.. الصحفي السعودي جاسم الجريد دعا قادة حماس في قطر للاستسلام، بدعوى أنهم لا يمثلون الشرعية الفلسطينية، واصفًا الحركة بأنها حركة إرهابية.

التشكيك في انتصارات المقاومة

كان التشكيك في ما تحققه المقاومة من انتصارات في معاركها أمام قوات الاحتلال أحد أبرز السرديات، وجاء التشكيك على عدة محاور، منها السخرية من المتحدث باسم حماس، أبو عبيدة، كذلك السخرية من محلل الجزيرة فايز الدويري الذي ينحاز في تحليلاته لإنجازات المقاومة، أيضًا السخرية من عبارات النصر التي يرددها قادة حماس واعتبارها لا تتناسب مع حجم الخسائر في صفوف الجانب الفلسطيني.

حساب يحمل اسم “هدى جنات” يشكك في مصداقية بيانات أبو عبيدة، وتقول إنه يصدر بياناته من داخل استوديوهات قناة الجزيرة في قطر، ثم تتولى القناة مونتاجها وبثها بتلك الطريقة، في إشارة إلى أن تلك البيانات “مفبركة”.

كما كان لأبي عبيدة نصيبًا كبيرًا من تلك السردية، حيث تعرض لهجوم ممنهج بسبب أنه ملثم ولا يظهر بهيئته الحقيقية، حيث تسابق الكثيرون في الكشف عن هويته وتشويه شخصيته وأيديولوجيته، هذا بخلاف الهجوم عليه بسبب تثمينه لعمليات المقاومة التي تقوم بها الفصائل الأخرى.

ومن سرديات التقليل من شأن انتصارات المقاومة التركيز على مسألة التعاطف مع الشهداء من الأطفال والنساء، وتسليط الضوء على أعدادهم المتزايدة وحجم التدمير الذي يتعرض له القطاع، في محاولة لغض الطرف عن أي إنجازات ميدانية يتم الإعلان عنها في بيانات حماس والجهاد، والانشغال بالبعد العاطفي تجاه الضحايا.

ترهيب داعمي المقاومة

استهداف كل من يدعم المقاومة أو ينتقد الخذلان الرسمي العربي، وهو ما حدث مع هتافات الجماهير المصرية في مباراة الأهلي المصري واتحاد جدة في كأس العالم للأندية الشهر الماضي، حيث شن الذباب الإلكتروني السعودي حملة ممنهجة ضد المصريين الذين حضروا المبارة.

الإعلامي السعودي سلمان بن حثلين غرد مخاطبًا الجماهير المصرية قائلًا: “دخولكم للملعب “همجي” وخروجكم منه “همجي” جيتوا محمّلين بالهمجية والغوغائية والشعارات المسيّسة!”، وتابع “تبعد سفارة إسرائيل عن نهر النيل بضعة كيلومترات لم نرَ أحدًا يجرؤ على الإشارة بعلامة النصر أمام فنائها”، مؤكدًا أن مثل تلك الهتافات ممنوعة في السعودية، وطالب الجهات الأمنية والنيابة العامة ووزارة الرياضة “بحرمان كل همجي غوغائي مؤدلج لا يحترم أنظمتنا من حضور نصف النهائي”.

حساب سعودي يحمل اسم “المصريين Out Of Context” يتصيد الحسابات التي تنتقد موقف السعودية من حرب غزة أو تدعم سرديات المقاومة كالمقاطعة أو رفع أعلام فلسطين للإبلاغ عنهم وترحيلهم من المملكة، بل ويتباهي بذلك، ويرفع شعار “نقطع رزق مصري اليوم”.

https://twitter.com/hellomybrozers/status/1741525262016147770

https://twitter.com/hellomybrozers/status/1742493038960640018

لا مستقبل لغزة في وجود حماس

استكمالًا لسردية تحميل حماس مسؤولية الوضع في غزة، تبنى إعلاميون سعوديون مقربون من دوائر صنع القرار خطابًا صداميًا عنيفًا تجاه الحركة، حيث أشاروا إلى أنه لا مستقبل لغزة في وجود حماس وأنه يجب خروجها من المشهد أو وأدها من الساحة حتى ينعم القطاع والمنطقة بأكملها بالهدوء.

الإعلامي السعودي عبد العزيز الخميس عبر شاشة تلفزيون الاحتلال الإسرائيلي قال: “إذا انتهت الحرب دون التخلص من حماس، فهي هزيمة للعالم الحرّ، وحماس يجب أن تنتهي لكي تعيش غزة ودول المنطقة بأمان واستقرار”.

ويتناغم ما قاله الخميس مع خطاب سعودي سابق متطرف تبناه بعض الإعلاميين ممن شنوا هجومًا انتقاميًا ضد الفلسطينيين بصفة عامة، منهم الإعلامي رواف السعين الذي طالب قبل 3 سنوات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بحرق الفلسطينيين الذين اتهمهم بالخيانة، قائلًا: “مستعد أنام عند يهودي ولا أنام عند فلسطيني”، وتابع “ليس لكم أرض وليست لكم قضية، فالقضية قضية إسرائيل والأرض أرض إسرائيل”.

لجان ممنهجة بقيادة صهيونية

في تحقيق نشرته منصة “إيكاد” الاستقصائية في أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي كشفت عما أسمته “أوكار الذباب العربي”، لافتة إلى أن هناك جيوشًا كاملةً من الذباب الإلكتروني العربية تنشط أوقات الحروب التي تخوضها “إسرائيل” مع الفلسطينيين، ثم تعاود الاختفاء تدريجيًا بعد انتهاء تلك المعارك.

التحقيق كشف عن حسابات بهوية سعودية تم تدشينها بعد ساعات قليلة من عملية طوفان الأقصى مثل “تمر” و”حضارات السعودية 1727″ و”حمد العتيق” و”الكعام”، وكلها تبنت خطًا واحدًا في التغريدات يعتمد على استهداف المقاومة وتشويه صورة حماس والتقليل من الانتصارات الميدانية.

وساعد على انتشار تلك الجيوش من الذباب الإلكتروني المرونة التي باتت عليها مسألة توثيق الحسابات على منصة “إكس”، التي ما عادت تحتاج إلا لمبالغ مالية تدفع نظير هذا التوثيق دون الاستيثاق من هوية صاحب الحساب، وهو ما خلق عشرات آلاف الحسابات المجهولة المبهمة الموثقة بالعلامة الزرقاء في محاولة لإقناع القارئ والمتابع بمصداقيتها وما يبث من خلالها من خطابات تتشابه حد التطابق مع الخطاب الصهيوني.

وكشف التحقيق أن هناك ارتباطًا كبيرًا بين تلك الحسابات السعودية الإماراتية وحسابات مغردين صهاينة (لجان ممنهجة)، فيما يتعلق بالتناغم في اللغة والسرديات المستخدمة، لا سيما بعد أن نجحت بعض تلك الحسابات الصهيونية في التستر تحت مسميات عربية لتحقيق أهدافها الخاصة بتمرير السردية الصهيونية وخدمة المشروع الإسرائيلي.

الأمر هنا لا يتوقف عند الحسابات الوهمية – حتى إن كانت موثقة – لكن الحسابات الخاصة بشخصيات سعودية وإماراتية معروفة، أغلبهم من الإعلاميين، شاركت هي الأخرى في جوقة التصهين، وتماهت مع لجان الطنين، خاصة بعدما نجحت تلك اللجان في استقطاب الحسابات الخليجية والعربية بخطابها الشعبوي.

وهكذا كشفت حرب غزة الأخيرة عن حجم المؤامرة على القضية الفلسطينية التي لم تعد أزمتها في معركتها المقدسة مع الاحتلال الإسرائيلي فقط، لكن المعركة التي قد تكون أكثر شراسة تلك التي يختصمها فيها حفنة من العروبيين المدججين بخطاب الكراهية والشيطنة على منصات التواصل الاجتماعي.