ترجمة وتحرير نون بوست
خلال السنوات القليلة القادمة، سيتم تركيز الآلاف من الأقمار الصناعية، التي ستدور حول الأرض في شكل مجموعات، في مدار كوكبنا، مما يهدد بخطر حدوث تصادمات فيما بينها. في الوقت الراهن، يدور 1200 قمر صناعي حول الأرض، تتمثل مهمتها في جمع البيانات. وخلال السنوات المقبلة، من المنتظر أن يتضاعف عدد هذه الأقمار. وفي الأثناء، ستحاول العديد من الشركات إيصال الإنترنت إلى المناطق النائية في كوكب الأرض من خلال كوكبة متكونة من آلاف الأقمار الصناعية الصغيرة، مما يهدد بأن مساحة مدار الأرض ستصبح مكتظة.
على العموم، يوجد في مدار الأرض بقايا السفن فضائية تائهة وبعض النفايات الناتجة عن اصطدام الأجسام الفضائية ببعضها البعض. من جانب آخر، تم تسجيل حوالي 20 ألف شظية يفوق حجم الشظية الواحدة 10 سنتيمترات في قاعدة بيانات وكالة ناسا. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشظايا تدور بسرعة تصل إلى 10 آلاف كم في الساعة ويمكنها أن تتسبب في إحداث ثقب على مستوىالأقمار الصناعية والمحطات الفضائية بسهولة.
لتنظيف الفضاء، نحتاج إلى عدد كبير من هذه المحطات المتنقلة التي تتكلف 500 مليون يورو وتعمل إلى حدود 15 سنة
900 قمر صناعي لتزويد المناطق النائية بالإنترنت
أفاد الباحث لدى مركز الطيران والفضاء الألماني في شتوتغارت، توماس ديكورسي، أن قطاع تكنولوجيا الفضاء قد تغير، حيث دخلت العديد من الشركات على غرار “سبايس إكس” “ووان ويب”، بالإضافة إلى “بوينغ”“وسامسونغ” سوق تكنولوجيا الفضاء.
وفي هذا الإطار، ترغب شركة وان ويب في إطلاق 900قمر صناعي قصد تغطية كامل المناطق النائية بشبكة الإنترنت. وفي موفى شهر حزيران/يونيو الماضي، أعلنت هذه الشركة عن مشروع يقضي بصناعة أعداد كبيرة من الأقمار الصناعية لتوسيع تغطية الإنترنت، وذلك بالشراكة مع شركة “إيرباص للدفاع والفضاء”.
من جانبه، وعد مؤسس شركة وان ويب، غريغ وايلر بالتخلص من كافة الأقمار الصناعية بعد خمس سنوات بدلا من 25 سنة، فور إنهاء مهامها ليتم إحراقها فيما بعد في الغلاف الجوي. وفي سياق متصل، أفاد الباحث لدى مركز الطيران والفضاء الألماني، ديكورسيي أن “شركات تكنولوجيا الفضاء تنوي بالفعل تغطية المناطق الريفية بالإنترنت، لكن الأمر لا يتعدى مجرد تقديم تعهدات”.
في السياق ذاته، أورد الباحث لدى وكالة الفضاء الأوروبية، هولغر كراغ أن “اثنان من بين خمسة أقمار صناعية تائهة لم يتم التخلص منها خلال السنوات الماضية. وبالتالي، لم نتمكن من وضعها في مقبرة الفضاء حتى لا تشكل أي خطر في المستقبل. فضلا عن ذلك، لم نتمكن من وضعها في مدارمنخفض الذي يقع على ارتفاع أقل من 260 كيلومتر، حيث يمكنها أن تخفف سرعتها أو أن تتحطم عند اختراق الغلاف الجوي. لذلك، لا يجب علينا أن نهمل اتخاذ التدابير اللازمة. إن الأمر أشبه بالقيام بجولة باستخدام سيارة متهالكة”.
في الأثناء، من المفترض أن هذه الأقمار الصناعية الجديدة ستدور في مدار منخفض حتى تصل ترددات الراديو بشكل جيد وحتى لا تتعطل الإنترنت. عموما، تعتبر المدارات التي يبلغ ارتفاعها 800 كيلومتر مكتظة بالأقمار الصناعية. وفي هذا الإطار، أورد الباحث لدى الجامعة التقنية في براونشفيغ، كارستن فيدهمان أن “القمر الصناعي العادي مهدد بنسبة 4 بالمائة بالسقوط خلال أداء مهامه. لكن كوكبة من الأقمار الصناعية على ارتفاع 1000 أو 1200 كيلومتر قادرة على الصمود،مع العلم أنه يجب التخلص منها بسرعة عند انتهاء مهامها”. وفي سياق متصل، شدد هولغر كراغ على أن “قاعدة 25 سنة يجب أن تطبق على 90 بالمائة من المركبات الفضائية”.
وفي سبيل تحقيق ذلك، يجب إعادة تجميع أهم أجزاء الأقمار الصناعية بشكل مزدوج. كما ينبغي أن تكون الأقمار الصناعية مصممة بشكل يسمح لها بإنهاء مهامها بصفة مبكرة في حال تعطلت إحدى مكوناتها. في المقابل، يعتبر التخلص من الأقمار الصناعية منتهية الصلاحية، مكلفا للغاية.
يوجد في مدار الأرض بقايا السفن فضائية تائهة وبعض النفايات الناتجة عن اصطدام الأجسام الفضائية ببعضها البعض. من جانب آخر، تم تسجيل حوالي 20 ألف شظية يفوق حجم الشظية الواحدة 10 سنتيمترات في قاعدة بيانات وكالة ناسا
تنفجر المركبات الفضائية التائهة في المدار ثلاث مرات في السنة
في واقع الأمر، قام الباحث توماس ديكورسي ببناء محطة ليزر متنقلة تقوم بتحديد موقع الشظايا التي يبلغ حجمها بعض السنتيمترات بدقة، مع العلم أن هذه الفضلات الفضائية غالبا ما تقوم بخفض سرعتها إلى حين سقوطها. وفي الإطار ذاته، صرح ديكورسي أنه “لتنظيف الفضاء، نحتاج إلى عدد كبير من هذه المحطات المتنقلة التي تتكلف 500 مليون يورو وتعمل إلى حدود 15 سنة”.
في المقابل، هناك مشكلة لم يتمكن العلماء من إيجاد حل لها إلى حد الآن. وفي هذا السياق، أوضحكارستن فيدهمان أن “العديد من الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية التائهة تنفجر، عادة 3 مرات في السنة مخلفة كومة من النفايات”. وفي الحقيقة، يعزى سبب هذه الانفجارات إلى مخلفات الوقود وأوعية الضغط، بالإضافة إلى البطاريات التي لم يتم تفريغها بالكامل. من جهته، أورد هولغر كراغ أن “هذه الانفجارات أخطر من الاصطدامات التي قد تقع بين الأجسام في الفضاء. أعتقد أنه من الأفضل إجراء اختبارات بشأن حركة الأقمار الصناعية في المدار قبل استخدامها”. خلافا لذلك، ستطلق شركة “وان ويب” أول أقمارها الصناعية في الربيع المقبل.
المصدر: زود دويتشه تسايتونغ