لا تزال الصحافة البريطانية تحقق في ملابسات أخذ رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير أموالا لقاء استشارات من دولة الإمارات العربية المتحدة أثناء عمله مبعوثًا للشرق الأوسط، حيث يتلاقي الطرفان في رؤيتهما لوصول قوى الإسلام السياسي للحكم ومن حركات الربيع العربي.
ومع كل تقرير جديد يظهر فإن الشكوك تتزايد حول تضارب المصالح المحتمل بين عمل بلير الخاص والعام، أثناء عمله مبعوثًا دوليًا للشرق الأوسط، بالرغم من تأكيد بلير الدائم انفصال الأمرين عن بعضهما البعض، وهو ما يقتضي مساءلة قانونية وضرر بالمصلحة العامة فيما لو ثبت ذلك. فما الجديد في ملف بلير والشرق الأوسط!.
بلير والإمارات
كشفت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية في تقرير حصري، أن الإمارات مولت سرًا مكتب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير في لندن، أثناء عمله مبعوثًا دوليًا للشرق الأوسط، فضلاً عن تلقّيه الملايين مقابل عمله كمستشار للعاصمة أبوظبي، وقالت الصحيفة إن الإمارات مولت مكتب بلير في لندن بينما تلقى ملايين الدولارات كأجور استشارية من صندوق الثروة السيادي بالعاصمة أبو ظبي.
ذكر بلير إن مصير الإسلاميين الذي وصفهم بالمتطرفين سيتحدد في هذه المنطقة من العالم – أي الشرق الأوسط – و دعا إلى التحالف مع روسيا والصين ضدهم.
واضطر بلير للاعتراف بأنه حصل على أموال من الإمارات لتمويل دوره مبعوثًا رسميًا غير مدفوع الأجر إلى الشرق الأوسط وأعمال استشارية خاصة تمولها الدولة الخليجية. ولم يتم الكشف عن مساهمات دولة الإمارات في عمل اللجنة الرباعية لبلير، على الموقع الإلكتروني لمكتب ممثّل اللجنة، على الرغم من أن صفحة “التمويل” في الموقع تعلن عن مصادر أخرى للدخل، من الولايات المتحدة وكندا والحكومة البريطانية أيضًا، وهو ما يدفع بالشكوك حول أسباب إخفاء تلك التمويلات وعدم البوح بها كما بقية التمويلات من الدول الأخرى.
وكانت الصحيفة نفسها قد كشفت في السابق عن تعاقد مركز “توني بلير” للاستشارات بمبلغ يقدر بـ 35 مليون دولار مع دولة الإمارات، وذلك في مقابل تقديم نصائح واستشارات، وفقًا لمسودة العقد المزمع بين مركز بلير ووزارة الخارجية الإماراتية.
وحول أسباب انجذاب أبو ظبي نحو بلير، فهو التقاطع الموجود بين أجندة مؤسسات توني بلير الاستشارية والخيرية وسياسات الإمارات في المنطقة فيما يخص العديد من التوجهات سواءًا في أفريقيا أو في الشرق الأوسط، إذ يتشابه الطرفين في الموقف من وصول الحركات والأحزاب الإسلامية إلى السلطة كما حصل في مصر إبان الثورة ووصول محمد مرسي عن الإخوان المسلمين إلى السلطة، وكذا في الموقف من حركات التحرر التي اجتاحت دول العربي العربي بدءًأ من تونس وليس انتهاءًا بسوريا.
إذ ترى حكومة أبو ظبي في صعود الحركات والأحزاب الإسلامية إلى السلطة، تهديدًا مباشرًا لمستقبلها ومصالحها في المنطقة. ومن أبرز ملامح التقارب بين بلير والإمارات التعاقد المذكور وفق جريدة ديلي تليجراف البريطانية حصول المركز بعد العرض المالي الذي تقدم به بلير، والذي كُتب في أربع ورقات تحت عنوان “شراكة إستراتيجية بين وزارة الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة” و”توني بلير أسوشيتس” على 5 ملايين دولار سنويًا، من المقرر أن تستمر لـ5 أعوام.
أسباب انجذاب أبو ظبي نحو بلير هو التقاطع الموجود بين أجندة مؤسسات توني بلير الاستشارية والخيرية وسياسات الإمارات في المنطقة فيما يخص العديد من التوجهات سواءًا في أفريقيا أو في الشرق الأوسط،
فضلًا عن ذك فقد طلب بلير أيضًا على 6.210.000 ملايين دولار كأتعاب، و 688.000 ألف كمصاريف إضافية من أجل تغطية النفقات السنوية للشركة، حيث تغطي النفقات مصاريف انتقال بلير وفريقه، وفي مقابل ذلك وعد بلير بالسفر إلى أبوظبي على الأقل 12 مرة سنويًا.
يشار أن بلير ذكر إن مصير الإسلاميين الذي وصفهم بالمتطرفين سيتحدد في هذه المنطقة من العالم – أي الشرق الأوسط – و دعا إلى التحالف مع روسيا والصين ضدهم.
وختمت “ديلي تلغراف” تقريرها بالإشارة إلى أنها كشفت في عام 2013 كيف اجتمع بلير نيابة عن الإمارات مع السكرتير العام للخزانة البريطانية لورد دايتون، حيث كانت الإمارات تحاول الحصول على صفقات بقيمة ملايين الجنيهات الإسترلينية في بريطانيا.
بلير يدعم السيسي و”إسرائيل”
وفي تقرير آخر من صحيفة الغارديان أشارت فيه أن بلير، مبعوث السلام في الشرق الأوسط، والذي دعم الانقلاب ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، سيقدم للسيسي استشارات في مجال الإصلاح الاقتصادي، بالتعاون مع فريق عمل إماراتي بالقاهرة، تديره المؤسسة الاستشارية.
اضطر بلير للاعتراف بأنه حصل على أموال من الإمارات لتمويل دوره مبعوثًا رسميًا غير مدفوع الأجر إلى الشرق الأوسط وأعمال استشارية خاصة تمولها الدولة الخليجية
ولفتت الغارديان، إلى أن فريق العمل يهدف إلى جذب الاستثمارات إلى اقتصاد مصر المتأزم، واستغلال مؤتمر للمانحين، يهدف إلى مساعدة مصر، برعاية الإمارات والكويت والسعودية. ونقلت عن مساعد سياسي سابق مقرب لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق قوله “دور بلير في تقديم استشارات للنظام المصري سوف يسبب أضرارًا مروعة له، ولنا، ولحزب العمال الجديد”. ويُعتقد أن دعم بلير لمصر يعود إلى دعم الإمارات للسيسي والانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد مرسي.
كما دعا توني بلير أيضًا، في مارس/آذار الماضي أمام اللوبي اليهودي الأميركي (ايباك)، إلى تبني حل إقليمي أشمل بين “إسرائيل” والدول العربية، من شأنه أن يسهم في إقامة الظروف لتحقيق السلام بين “إسرائيل” وفلسطين، وهو الموقف الذي يخشى البعض أن يكون متناغمًا مع الإمارات، التي أخذ منحى العلاقات معها يتحول إلى تطبيع مع “إسرائيل” وتسعى إلى جر الدول العربية للقيام بنفس الخطوة.
التحالف المستتر بين الإمارات وتوني بلير يتكشف يومًا بعد آخر في قضايا المنطقة، وهو ما قد يعني ضلوعه بشكل غير مباشر في دعم الثورات المضادة وإجهاض حركات الربيع العربي، إضافة إلى تعزيز دور الإمارات في إفشال وصول حركات الإسلام السياسي إلى السلطة، بالإضافة إلى كونه ذراع للإمارات في بريطانيا للحصول على استثمارات والضغط على قرارات الحكومة بما يتوافق مع رؤية أبو ظبي في المنطقة.