“أنا مطلوب للخدمة العسكرية في سوريا، ومستعد للموت قبل أن أوافق على الذهاب إلى رواندا، سمعت أنهم سينقلونني إلى هناك، ويعطونني تأشيرة للإقامة لمدة 5 سنوات، وبدأت في ضرب نفسي”، هذه رسالة واحدة من عدة رسائل للاجئين عرب كانوا ينتظرون ترحيلهم من بريطانيا إلى رواندا في منتصف عام 2022.
في ذلك الحين، أضرب بعض اللاجئين عن الطعام في مراكز الإيواء والاحتجاز البريطانية، اعتراضًا على إبلاغهم بنقلهم إلى رواندا قريبًا للبث في طلبات لجوئهم، ومع ذلك، صوَّت البرلمان البريطاني مؤخرًا على “مشروع قانون رواندا”، قدَّمه رئيس الوزراء ريشي سوناك للسماح للحكومة بترحيل اللاجئين إلى معسكرات في رواندا وسط انقسامات عميقة داخل حزب المحافظين الذي يتزعمه بشأن هذه القضية، فما الذي حدث بالضبط خلال أكثر من 20 شهرًا من المعارك القانونية والمناكفات السياسية داخل أروقة المحاكم والبرلمان البريطاني؟
تذكرة ذهاب بلا عودة
شددت العديد من الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، ضوابطها الحدودية لمعالجة مخاوف الهجرة، في حين وافق الاتحاد الأوروبي على اتفاق جديد يخص كيفية تقاسم تكلفة وعمل استضافة المهاجرين بشكل أكثر توازنًا.
وبالنسبة لبريطانيا، فشلت الحكومة في وقف قوارب المهاجرين التي تصل بالعشرات قادمةً من السواحل الفرنسية، ما جعل استعادة السيطرة على الحدود وإنهاء حرية حركة الأشخاص عاملًا رئيسيًا أدَّى إلى التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016، ولا تزال هذه القضية واحدة من أهم القضايا بالنسبة للناخبين وفقًا لاستطلاعات الرأي.
بموجب الخطة الحكومية الجديدة، فإن أي شخص يصل إلى بريطانيا بشكل غير قانوني بعد الأول من يناير/كانون الثاني 2022، سيواجه خطر الترحيل إلى رواندا
ومع تعهدها بوقف الهجرة غير الشرعية إلى المملكة المتحدة، أتت الحكومة بخطة جديدة وقعتها وزيرة الداخلية البريطانية آنذاك بريتي باتيل مع نظيرها الرواندي لـ”طرد المهاجرين” إلى رواندا، ووافق عليها رئيس الوزراء آنذاك بوريس جونسون في أبريل/نيسان 2022، لـ”ردع المهاجرين من القدوم إلى بريطانيا بشكل غير قانوني”، بحسب وصف جونسون الذي قال إن الصفقة التي تبلغ قيمتها 120 مليون جنيه إسترليني (160 مليون دولار) “ستمنع مهربي البشر من تحويل القنال الإنجليزي (بحر المانش كما يعرفه الفرنسيون) إلى مقبرة بحرية، وستنقذ أرواحًا لا حصر لها”.
وزيرة الداخلية البريطانية السابقة بريتي باتيل وقعت الاتفاق في رواندا
وبموجب الخطة الحكومية الجديدة، فإن أي شخص يصل إلى بريطانيا بشكل غير قانوني بعد الأول من يناير/كانون الثاني 2022، سيواجه خطر الترحيل إلى رواندا، الواقعة على بعد نحو 4000 ميل (ما يقارب 7 آلاف كيلومتر) من المملكة المتحدة، دون قيود على الأعداد، لطلب اللجوء هناك بدلًا من ذلك، خلال تجربة مدتها خمس سنوات، قالت عنها الحكومة إنها “ستثني الآخرين عن عبور القنال الإنجليزي”، لكن من غير الواضح إن كان هذا القرار سينجح فعلًا في ردع المهاجرين إلى بريطانيا أملًا في حياة أفضل.
إذا نجح الأمر، فيمكن منح المرحَّلين وضع اللاجئ والسماح لهم بالبقاء، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فيمكنهم التقدم بطلب للاستقرار في رواندا لأسباب أخرى، أو طلب اللجوء في “بلد ثالث آمن” آخر أو يعود إلى بلاده، وفي كل الأحول، لن يتمكن أي طالب لجوء من التقدم بطلب العودة إلى المملكة المتحدة.
منذ ذلك الحين، تعرضت الخطة المثيرة للجدل لتحديات قانونية، وانتقدت منظمات اللاجئين خطة الترحيل غير القابلة للاستئناف، ووصفتها أحزاب المعارضة بـ”الابتزازية وغير الأخلاقية”، وقد تؤدي إلى مزيد من المخاطر، واعتبرتها الأمم المتحدة انتهاكًا للقانون الدولي، وشكك القضاة الأوروبيون في تكلفتها وتأثيرها، وأثاروا مخاوف بشأن سجل حقوق الإنسان في رواندا، وقال أعلى موظف مدني بوزارة الداخلية البريطانية ماثيو ريكروفت إن هناك القليل من الأدلة على أن الخطة سيكون لها تأثير رادع “كبير بما يكفي لجعل السياسة ذات قيمة مقابل المال”.
لم يكن هذا الاتفاق الأول من نوعه، فقد وقعت الدنمارك اتفاقية مماثلة مع رواندا، لكنها لم ترسل أي مهاجرين إلى هناك بعد، وأعلنت إيطاليا عن خطط لبناء مراكز استقبال في ألبانيا، وألغت “إسرائيل” اتفاقًا مماثلًا مع رواندا في عام 2018 بعد خمس سنوات، لأنه فشل في نهاية المطاف بسبب سفر اللاجئين إلى أوروبا من هناك.
وبعد شهرين من الإعلان عن تشريع رواندا وفي 14 يونيو/حزيران 2022، كان من المقرر أن تنطلق الرحلة الجوية الأولى من بريطانيا إلى رواندا وعلى متنها ما يصل إلى 7 أشخاص، لكنها أُوقفت قبل دقائق من إقلاعها بعد أحكام قانونية أصدرتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ بفرنسا، وقضت بأن أحد طالبي اللجوء، وهو رجل عراقي يعرف باسم “كيه إن” (KN)، كان سيواجه خطرًا حقيقيًا إذا انتهى به الأمر في دولة صغيرة غير ساحلية في شرق وسط إفريقيا.
وجاء إلغاء الرحلة بعد أيام من المرافعات في محاكم المملكة المتحدة، وانتهت بحصول وزير الداخلية على الضوء الأخضر لبدء نقل بعض طالبي اللجوء، لكن الإلغاء أثار سلسلة من الطعون القانونية في محاكم لندن، وأدَّى إلى تحديات جديدة في محاكم المملكة المتحدة.
ورغم عدم حدوث أي عمليات ترحيل إلى رواندا حتى اليوم، فقد دفعت بريطانيا بالفعل لرواندا 240 مليون جنيه إسترليني (304 ملايين دولار) حتى الآن، ومن المتوقع دفع مبلغ إضافي قدره 50 مليون جنيه إسترليني في السنة المالية 2024-2025 مقابل إرسال آلاف المهاجرين، وعرض الرئيس الرواندي بول كاغامي إعادة الأموال التي دفعتها المملكة المتحدة إذا لم يتم إرسال طالبي اللجوء.
ويقدر حزب العمال أن الحكومة ستدفع نحو 400 مليون جنيه إسترليني لرواندا بموجب هذا المخطط، لكن الحكومة لم تؤكد التكلفة الإجمالية، ومع ذلك، تشير الأرقام الرسمية إلى أن نقل كل فرد إلى دولة ثالثة، مثل رواندا، يكلف 63 ألف جنيه إسترليني أكثر من إبقائه في المملكة المتحدة.
وتثقل الهجرة غير الشرعية كاهل الحكومة البريطانية، فخلال عام 2021، بلغت تكاليف السكن فقط لنحو 68 ألف طالب لجوء 1.5 مليار دولار، في حين أن خطة الترحيل هذه ستكلف دافعي الضرائب أكثر من 1.4 مليار جنيه إسترليني في السنة، وفقًا لمجلس اللاجئين البريطاني.
ووفقًا لمجلة “ذا تايمز” البريطانية، سيكون معدل الترحيل لطالبي اللجوء نحو 300 شخص في السنة، وهذا يعني أن الحكومة ستحتاج إلى 34 عامًا من أجل ترحيل 10 آلاف طلب لجوء فقط.
“سلامة رواندا”.. أرض الأمان أم الخوف؟
من يصل إلى بريطانيا بشكل قانوني أو تهريبًا يستطيع التقدم بطلب لجوء على أراضي المملكة المتحدة، ولا يحق للسلطات طرده إلا بعد قرار المحكمة واستنفاده طرق الطعن، وهذه العملية تستغرق أشهر أو سنوات، وخلال هذه المدة توفر له الدولة الإقامة والمأكل والعلاج والتعليم لأبنائه، ما يشكل ضغطًا على الميزانية ودافع الضرائب البريطاني.
وتنفق بريطانيا حاليًّا ما يقرب من 4 مليارات جنيه إسترليني سنويًا على معالجة طلبات اللجوء، وتبلغ تكلفة إيواء اللاجئين الذين ينتظرون القرار في الفنادق وأماكن الإقامة الأخرى نحو 8 ملايين جنيه إسترليني يوميًا، ما دفع حكومة حزب المحافظين إلى خفض تكلفة إيواء طالبي اللجوء باستخدام المراكب والمواقع العسكرية السابقة.
لذلك دائمًا ما يسعى حزب المحافظين لاستغلال هذه القضية لكسب أصوات الناخبين بسياسته المعادية للمهاجرين، فبعد أن أصبح رئيسًا للوزراء في أكتوبر/تشرين الأول عام 2022، جعل سوناك حملته المناهضة للهجرة تحت عنوان “أوقفوا القوارب” واحدة من أهم أولوياته الخمسة التي تعهد بتحقيقها قبل الانتخابات المقبلة، وتمثلت أهم الوعود لحزب المحافظين البريطاني الذي يتزعمه في القضاء على الهجرة غير الشرعية أو تقليصها إلى أدنى مستوياتها، وغالبًا تفشل الحكومات البريطانية في تحقيق هذه الوعود أو الالتزام بها.
قدَّمت الحكومة مشروع قانون جديد يسمى “سلامة رواندا”، كان الهدف منه توضيح أن رواندا دولة ثالثة آمنة بالفعل لطالبي اللجوء وسط أنباء عن وفاة لاجئين في بارجة تستقبل مهاجرين
وأعلنت حكومة سوناك عن سلسلة من الإجراءات لخفض الهجرة القانونية بمقدار 300 ألف، رغم أن رواندا لا تملك في الوقت الحاليّ إلا القدرة على استيعاب بضع مئات فقط، كما وعد بمنع الأشخاص من القيام بالرحلة الخطيرة التي تبلغ نحو 20 ميلًا (32 كيلومترًا) عبر القناة الإنجليزية في قوارب صغيرة.
ادعى سوناك أن خطة رواندا “ستوفر المليارات على المدى الطويل” لكنه لم يوضح كيف، وفي بداية العام، قال إنه أوفى بتعهده بإنهاء تراكم طلبات اللجوء من خلال معالجة أكثر 92 ألف طلب لجوء تم تقديمها قبل تغيير قانون الهجرة في يونيو/حزيران 2022، رغم أن الأرقام تظهر أن نحو 100 ألف طلب لم يتم البت فيها بعد، هذا الفشل في معالجة طلبات اللجوء بكفاءة “أدى إلى تكاليف غير مقبولة على دافعي الضرائب”، بحسب ما جاء في تقرير للنواب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
في الوقت نفسه، تحول بحر المانش إلى واحد من أكثر الممرات المائية ازدحامًا في العالم، ففي العام الماضي، عبره أكثر من 29 ألف شخص في قوارب صغيرة، بعد وصول رقم قياسي من المهاجرين تجاوز 45 ألف مهاجر عام 2022، و8466 حالة في عام 2020، و28526 حالة في عام 2021 غرق منهم 27 شخصًا، واعتبارًا من 14 يناير/كانون الثاني الحاليّ، تم اكتشاف 263 حالة حتى الآن في عام 2024، وفقًا لأرقام وزارة الداخلية البريطانية، وقالت السلطات الفرنسية إن خمسة مهاجرين لقوا حتفهم في أثناء محاولتهم العبور.
في مارس/آذار الماضي، طرح سوناك مشروع قانون ضد الهجرة غير القانونية، يمنح الحكومة صلاحية احتجاز وترحيل كل من يصل عبر القوارب الصغيرة إلى رواندا أو أي جهة آمنة ثالثة، كذلك لا يستطيع المحتجزون دفع كفالة لإطلاق سراحهم في أثناء الاحتجاز أو الطعن في القرار القضائي خلال 28 يومًا من احتجازهم، بالإضافة إلى إدراج هؤلاء في المملكة على اللائحة السوداء لمنع عودته إلى بريطانيا حتى لو بطريقة قانونية.
تلا ذلك معارك قانونية بشأن سياسة الحكومة، وصلت إلى ذروتها عندما أصدرت المحكمة العليا – أعلى محكمة في المملكة المتحدة – حكمها بالإجماع في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، برفض مشروع قانون رواندا المثير للجدل الذي قدمه سوناك، وقضت المحكمة بأن “مخطط رواندا غير قانوني”، وأن الجمهورية الإفريقية غير الساحلية “ليست دولة آمنة لطالبي اللجوء”، وأشار الحكم إلى مخاوف بشأن سجل رواندا السيئ في مجال حقوق الإنسان، ومعاملتها السابقة للاجئين.
وأيدت المحكمة العليا حكم محكمة الاستئناف الذي قال إن هذه السياسة تجعل الأشخاص الذين يتم ترحيلهم إلى هناك معرضين لانتهاكات حقوق الإنسان بعد إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية أو إلى بلدان أخرى، وهذا ينتهك الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، التي وقعت عليها المملكة المتحدة، وتحظر التعذيب والمعاملة اللاإنسانية.
وقالت المحكمة إنه في عام 2021، انتقدت حكومة المملكة المتحدة نفسها رواندا بسبب “عمليات القتل خارج نطاق القضاء، والوفيات في أثناء الاحتجاز والإخفاء القسري والتعذيب”، وسلطت الضوء على حادثة وقعت عام 2018، عندما فتحت الشرطة الرواندية النار على اللاجئين المحتجين.
مثل هذه التحديات القانونية التي واجهتها الخطة المثيرة للجدل، جعلت سياسة اللجوء التي تتبعها الحكومة البريطانية، والتي تقول إنها ضرورية للتعامل مع موجات اللجوء المتزايدة، في حالة من الفوضى، وبدا من ذلك أن فرص تحقيق هذه السياسة دون تعديلات كبيرة قد انتهت فعليًا.
لمعالجة القضايا التي أثارتها المحكمة العليا، طرحت الحكومة البريطانية صيغ أخرى للقانون للتغلب على العقبات القانونية، لكن المحكمة العليا عارضتها، وقدَّمت الحكومة مشروع قانون جديد يسمى “سلامة رواندا”، كان الهدف منه توضيح أن رواندا دولة ثالثة آمنة بالفعل لطالبي اللجوء وسط أنباء عن وفاة لاجئين في بارجة تستقبل مهاجرين، وانتقادات الحكومة بأن مشروع القانون قد لا يتوافق مع الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، ويخالف بعض أقسام قانون حقوق الإنسان البريطاني.
ويأمر النص الجديد للمشروع البريطاني – الذي يجب أن يوافق عليه مجلسا البرلمان – المحاكم بتجاهل أقسام رئيسية من قانون حقوق الإنسان على عمليات الترحيل للحد من الدعاوى القضائية، كما يأمر المحاكم بتجاهل القوانين البريطانية الأخرى أو القواعد الدولية – مثل الاتفاقية الدولية للاجئين – التي تقف في طريق الترحيل إلى رواندا، وانتقد بعض النواب التشريع لأنهم يعتقدون أنه ينتهك القانون الدولي.
حتى مع تمرير مشروع القانون، فقد يتم عرقلته أو على الأقل تأخيره من الغرفة العليا للبرلمان في بريطانيا، مجلس اللوردات، الذي سيناقش التشريع ويصوت عليه
بالإضافة إلى تقديم مشروع قانون “سلامة رواندا”، وقعت حكومة المملكة المتحدة أيضًا معاهدة جديدة للهجرة مع رواندا، قال وزير الداخلية جيمس كليفرلي إنها توفر الأساس لإنهاء جولة الطعون القانونية التي شككت في إدارة البرلمان، وتضمن منع إعادة أي شخص يتم إرساله إلى رواندا لطلب اللجوء إلى بلده الأصلي، كما تتضمن لجنة مراقبة مستقلة جديدة لضمان امتثال رواندا لالتزاماتها.
ومع ذلك، لاقى مشروع القانون اعتراضات من اليمين داخل مجلس العموم، معتبرين أنه “شديد الاعتدال”، ولا يقدم سوى “حل جزئي وغير كامل”، بينما نددت منظمة هيومان رايتس واتش بمشروع القانون، وأكدت أنه “هزيمة للأخلاق الإنسانية وضربة قوية لسيادة القانون”.
إلى أين سيصل القانون الأكثر جدلًا؟
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قدَّم سوناك مشروع قانونه الخاص إلى البرلمان، وقال إنه إذا تم إقراره، فإن الرحلات الجوية إلى رواندا ستبدأ في الربيع، وبفارق 44 صوتًا (313 صوتًا مؤيدًا مقابل 269 صوتًا معارضًا)، أجاز مجلس العموم مشروع القانون، متخطيًا عقبة أولى في البرلمان بعد إقناع سوناك غالبية أعضاء حزبه المحافظ بجناحيه الوسطي واليميني المتشدد.
تنفس سوناك الصعداء، لكنه اضطر إلى مواجهة بعض أعضاء البرلمان المحافظين الذين أرادوا أن يذهب التشريع إلى أبعد من ذلك، وأكدوا أن مشروع القانون لا يزال غير “محكم بما فيه الكفاية”، وهدد بعضهم بالتصويت ضد مشروع قانون على أساس أن خطط الحكومة لترحيل اللاجئين لم تكن قوية بما يكفي للتغلب على التحديات القانونية.
حاول المحافظون المتمردون، بما في ذلك النائب روبرت جينريك، الذي استقال من منصبه كوزير للهجرة في ديسمبر/كانون الأول بعد توقيع المعاهدة المثيرة للجدل مع رواندا، متهمًا سوناك بـ”الإشراف على التشريعات المعيبة”، إجراء تغييرات على مشروع القانون قبل التصويت عليه، وشمل ذلك تعديلًا صاغه جينريك يهدف إلى إيقاف الأوامر القضائية الصادرة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ضد عمليات الترحيل.
وعلى الرغم من المعارضة داخل أروقة مجلس العموم الذي يشغل الغرفة السفلى من برلمان المملكة المتحدة، حصل سوناك في النهاية على أغلبية مريحة (320 صوتًا مقابل 276 صوتًا) لصالح مشروع القانون الذي قدمه بعد تمرد 11 فقط من المحافظين المتشددين الذين صوتوا ضد الحكومة، من بينهم جينريك ووزيرة الداخلية البريطانية السابقة سويلا برافرمان، التي وُصفت مواقفها بأنها “غير إنسانية” تجاه المهاجرين، والتي ظل سوناك داعمًا لسياستها اليمينية المتشددة حتى انتهى بها الأمر إلى الإقالة.
The Rwanda Bill will not stop the boats. It leaves us exposed to litigation & the Strasbourg Court.
I engaged with the government to fix it but no changes were made.
I could not vote for yet another law destined to fail. The British people deserve honesty & so I voted against.
— Suella Braverman MP (@SuellaBraverman) January 17, 2024
وحتى مع تمرير مشروع القانون، فقد يتم عرقلته أو على الأقل تأخيره من الغرفة العليا للبرلمان في بريطانيا، مجلس اللوردات، الذي سيناقش التشريع ويصوت عليه، ومن المتوقع أن يواجه تحديًا كبيرًا مما يمنعه من أن يصبح قانونًا قبل انتخابات هذا العام، وهو ما لا يريده سوناك الذي يأمل أن يتجاوز التشريع الجديد، عند إقراره، المخاوف القانونية، ويريد أن تقلع الرحلات الجوية التي تقل طالبي اللجوء إلى رواندا “في أسرع وقت ممكن”، ليفي بتعهد “إيقاف القوارب”، في حين تعهد حزب العمال، الذي يتقدم في استطلاعات الرأي، بإلغاء هذه السياسة إذا فاز في الانتخابات.
يبدو من ذلك أن سوناك غير قادر على التراجع عن خطته لترحيل طالبي اللجوء، وينبع إصراره على تنفيذ خطته المثيرة للجدل من قناعته أن الإطاحة بهذه الخطة تعني ضربة قوية لركيزة أساسية من ركائز حكومته تضعفه لا أمام المعارضة فقط، وإنما أمام خصومه المتزايدين داخل الحزب، وفي مقابل تصميمه، يؤكد ناشطون أنهم لن يتوانوا عن بذل كل جهد قانوني وميداني لعرقلتها والحؤول دون تحول أحلام المهاجرين إلى كوابيس.
ووفقًا لأستاذ السياسة بجامعة كوين ماري بلندن، تيم بيل، قد يتبين أن نجاح يوم الأربعاء ليس أكثر من مجرد انتصار مؤقت باهظ الثمن لرئيس الوزراء، الذي، وفقًا لاستطلاعات الرأي، يتجه نحو هزيمة انتخابية في الانتخابات العامة المقبلة، والتي من المرجح أن تعقد في النصف الثاني من هذا العام، في ظل الكشف عن الانقسامات داخل حزب المحافظين والتشكيك مرة أخرى في سلطة سوناك، الابن لأبوين من أصل هندي هاجر أجداده إلى الشرق ثم إلى بريطانيا عام 1960، والآن يتحكم في قوانين الهجرة.