ترجمة وتحرير نون بوست
مؤخرا، أزيح الستار عن جملة من التفاصيل الجديدة التي تتعلق باختطاف ثلاثة أمراء سعوديين منشقين، في إطار ما يبدو أنه مخطط حكومي تديره السلطة السعودية. ويهدف هذا المخطط بالأساس لاختطاف العاصين والمنشقين عن أوامر العائلة المالكة. في حقيقة الأمر، انخرط ثلاثة أعضاء ينتمون إلى النظام الحاكم السعودي، سابقا، في نشاطات سياسية سلمية ضد الحكومة في الرياض، ليتم اختطافهم فيما بعد وإعادتهم إلى السعودية قسرا، في الفترة الممتدة بين شهر أيلول/ سبتمبر سنة 2015 وشباط/ فبراير سنة 2016.
في الأثناء، تحولت قصة هؤلاء الأمراء، التي تطرقت لها صحيفة الغارديان في آذار/ مارس سنة 2016، إلى موضوع تحقيق وثائقي من إعداد “البي بي سي عربية”. ومن المرتقب أن يبث هذا الوثائقي خلال الأسبوع الجاري تحت عنوان “الاختطاف! الأمراء السعوديون المفقودون”.
في الأول من شباط/ فبراير سنة 2016، اختطف أحد أبرز الأمراء السعوديين المفقودين، ألا وهو الأمير سلطان بن تركي بالإضافة إلى 20 شخصا من مرافقيه، الذين ينحدر معظمهم من الدول الغربية. وضمن هذا الوثائقي، تحدث اثنين من المرافقين للأمير بن تركي، واصفين لحظة معرفتهم أن الطائرة التي كانوا على متنها لن تهبط في القاهرة، كما هو مخطط له، وإنما ستحط رحالها في الرياض.
في الإطار ذاته، أورد الرجلان من أصول أجنبية اللذان يعتبران من المقربين من الأمير أنه عندما علم بن تركي بتغير وجهة الطائرة، أخذ يصرخ في حين نشب شجار بينه وبين بعض ركاب الطائرة، الذين بادروا بإخراج أسلحة مجهزة بكاتمات صوت للسيطرة على الأمير وباقي المسافرين، إلى أن تنزل الطائرة.
لم يتمكن المختطفون من مغادرة المكان في ظل الحراسة المشددة، ونظرا لعدم حيازتهم لجوازات سفرهم، ناهيك عن أن بعض النساء المحتجزات لم يكن يرتدين ملابس تسمح لهن بالهرب
وأردف المصدر ذاته أنه، وفور ملامسة عجلات الطائرة للأرض، أحاطت بها عشرات السيارات والعربات العسكرية ورجال الشرطة والجيش، الذين كانوا مدججين بأخطر أنواع الأسلحة الثقيلة. إثر ذلك، قاموا بسحب الأمير، تحت وطأة الركل والصراخ، من الطائرة ودفعوا به إلى سيارة لا تحمل لوحة ترقيم. وفي الأثناء، كان رجال الشرطة والجيش يصرخون في وجه المقربين من الأمير محذرين إياهم بأنه سيتم إعلام سفاراتهم. ومنذ ذلك اليوم، اختفى الأمير سلطان بن تركي ولم يظهر للعلن إلى حد الآن.
أما بالنسبة لباقي الأشخاص الذين كانوا بصحبة الأمير، والذين كان من بينهم بعض الفتيات الأجنبيات، فقد تم احتجازهم في المملكة العربية السعودية لمدة ثلاثة أيام. وفي الأثناء، سحبت منهم كل أجهزتهم الإلكترونية وجوازات سفرهم، لينقلهم الجنود فيما بعد إلى “فندق الرياض”، علما وأن بعض هؤلاء الجنود كانوا مسافرين على متن الطائرة التي كانت تقل الأمير إلى الرياض.
في الحقيقة، لم يتمكن المختطفون من مغادرة المكان في ظل الحراسة المشددة، ونظرا لعدم حيازتهم لجوازات سفرهم، ناهيك عن أن بعض النساء المحتجزات لم يكن يرتدين ملابس تسمح لهن بالهرب. في أعقاب ذلك، أعادت السلطات السعودية لهؤلاء الأفراد هواتفهم وأجهزتهم الإلكترونية، في حين حرصت على حذف كل الصور والأدلة التي تثبت الجريمة، ما عدا صورة واحدة لم ينتبهوا لها.
من داخل الطائرة التي كان يستقلها الأمير سلطان، التقطها أحد المقربين منه. وقد حذفت السلطات السعودية كل الصور الأخرى.
في اليوم الثالث، أجبر الأجانب المحتجزون على مغادرة غرفهم، والمشي الواحد تلو الآخر في ممر الفندق، تحت مراقبة مشددة من قبل جنود سعوديين مسلحين. وفي الأثناء، تقدم أحد المسؤولين في الجيش السعودي ليعتذر عن الإزعاج الذي لحقهم، قبل أن يطلب منهم التوقيع على وثائق باللغة العربية، لم يفهموا ما ورد ضمنها. إثر ذلك، سألهم الخاطفون عن الجهة التي يريدون السفر إليها. وفي وقت لاحق، نقلوا إلى المطار، الواحد تلو الآخر، ليمروا عبر البوابات الأمنية، ثم يصعدوا الطائرة، حيث سلموا جوازات سفرهم.
من ناحية أخرى، عرض الوثائقي حقائق جديدة حول عملية الاختطاف المحتملة للأمير سلطان في سنة 2003، على غرار السجل الطبي من قبل مستشفى الملك فيصل بالرياض. وقد كشف هذا التقرير الطبي أنه قد تم تزويد الأمير بمعدات للتنفس، ثم نقل إلى طائرة طبية غادرت جنيف نحو المملكة العربية السعودية. في الواقع، تتطابق هذه المعلومات مع تصريحات الأمير، الذي أكد أنه قد حقن بشكل عنيف في رقبته ليتم فيما بعد اختطافه من قبل خمسة رجال ملثمين.
في سياق متصل، أفاد أحد البريطانيين الذي كان بصحبة الأمير أنه بعد ساعات من عملية الاختطاف، وصل السفير السعودي في جنيف إلى جناح الأمير في فندق “إنتركونتيننتال،” ليخبر الأشخاص الذين كانوا برفقته أنه ينبغي عليهم مغادرة المكان، نظرا لأن الأمير قد نقل إلى الرياض. من جانبها، لم تحاول الحكومة السويسرية أو أي سلطة غربية أخرى الاتصال بالأمير سلطان أو أي من الأمراء المخطوفين في المملكة العربية السعودية منذ تلك الحادثة.
رفضت السلطات المغربية والسعودية التعليق عن الحقائق الجديدة التي كشفت مؤخرا.
في المقابل، لا تزال القضية الجنائية المتعلقة باختطاف الأمير سلطان في جنيف تلاحق اثنين من المسؤولين السعوديين البارزين، ألا وهما الأمير عبد العزيز بن فهد ووزير الشؤون الإسلامية، صالح آل الشيخ. وفي السياق ذاته، كشف الوثائقي عن تفاصيل جديدة حول اختطاف منشق آخر عن العائلة المالكة السعودية، ألا وهو الأمير تركي بن بندر، الذي شغل منصب ضابط شرطة، كما كان في وقت سابق مسؤولا عن حماية العائلة الملكية.
ضمن هذا الوثائقي، عرض صديق الأمير تركي مذكرة كتبها بن بندر قبل أن يختفي سنة 2015، أخبره من خلالها أنه يشعر بالخوف من الحكومة السعودية خاصة وأنها تخطط لاختطافه أو اغتياله. وفي هذا الصدد، نشرت جريدة الصباح المغربية تقريرا قالت فيه إن الأمير تركي بن بندر قد اعتقل في سجن سلا بالمغرب في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من سنة 2015، حين كان يهم بالمغادرة نحو فرنسا. وبعد مرور بضعة أيام، رُحل بن بندر إلى السعودية بطلب من السلطات في الرياض.
من جهة أخرى، تضمن الوثائقي تصريحات لصديق الأمير سعود بن نايف النصر، ثالث الأمراء المختفين. وقد أكد هذا المصدر أن الأمير قد أخبره قبل اختفائه أنه يعتقد أن السلطات السعودية قد تختطفه أو تغتاله على خلفية مواقفه المعارضة للعائلة المالكة. وفي سنة 2015، تقرب من الأمير سعود بن نايف النصر ائتلاف يضم رجال أعمال روس وإيطاليين طلبوا منه أن يشاركهم في أعمالهم مقابل الحصول على فائدة محددة. وقد تمكنوا، في نهاية المطاف، من إقناعه بركوب طائرة خاصة متوجهة نحو إيطاليا، حيث كان الأمير يعتقد أنه سيحضر اجتماع عمل ليوقع العقد بينه وبين شركائه المحتملين. ولكن وتماما مثل غيره من الأمراء لم يسمع عنه أي خبر منذ ذلك اليوم. من جانبها، رفضت السلطات المغربية والسعودية التعليق عن الحقائق الجديدة التي كشفت مؤخرا.
المصدر: الغارديان