أعلن وزير الاستثمار والتعاون الدولي وزير المالية بالنيابة في تونس الفاضل عبد الكافي، ظهر اليوم الجمعة تقديم استقالته من الوزارتين إلى رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، على إثر مطالب عديد نادت بضرورة إقالته من الوزارتين، فما هي أسباب ذلك؟
حكم قضائي
هذه الاستقالة جاءت بعد أيام قليلة من كشف تقارير إعلامية عن حكم قضائي غيابي صادر ضدّ الوزير التونسي فاضل عبد الكافي في شهر نوفمبر سنة 2014 من المحكمة الابتدائية بتونس، وهو ما لم ينفه عبد الكافي مؤكّدا قيامه باعتراض الحكم، وحدّد له يوم الرابع من سبتمبر المقبل موعدا للجلسة.
وحسب محضر الجلسة التي تمّ الكشف عنها فإن المتهم الفاضل عبد الكافي لم يحضر وتعذر التبليغ مع تمسك ممثل الإدارة العامة للديوانة بالطلبات وقد طلبت النيابة المحاكمة، حيث قضت المحكمة ابتدائيا غيابيا طبقا لطلبات الإدارة بالسجن والخطية المالية وحمل المصاريف القانونية عليه واستصفاء المحجوز لفائدة الإدارة.
وفق الفصل 33 من القانون عدد 18/76 فإن جرائم أو محاولات ارتكاب الجرائم في حق تراتيب الصرف يعاقب عليها بالسجن من شهر واحد إلى خمس سنوات
وحسب ملفات القضيّة فان شركة عبد الكافي، وهي شركة للإيجار والأوراق المالية، فتحت فرعا لها في المغرب، ومن أجل تصدير مبالغ مالية بالعملة الصعبة قامت ببيع موقع ويب وبرمجتين لفرعها بقيمة 1.5مليون درهم مغربي أي ما يعادل 250 ألف دينار تونسي ولم يتم ارجاع هذا المبلغ للبلاد التونسية مثلما تقتضيه قوانين الصرف وعوض إرجاعه تم استعماله في الترفيع في رأسمال الشركة الفرع بواسطة ادماج ديون تجارية وقد اعترف ممثل التجارة بالوكالة بالعملية.
ووفق الفصل 33 من القانون عدد 18/76 فإن جرائم أو محاولات ارتكاب الجرائم في حق تراتيب الصرف يعاقب عليها بالسجن من شهر واحد إلى خمس سنوات وبخطية مالية من 150 دينارا إلى 300 ألف دينار على ألا تكون هذه الخطية أقل ما يساوي 5 مرات المبلغ الذي قامت عليه الجريمة وفي صورة العود فإن العقوبة بالسجن يمكن الترفيع فيها إلى 10 سنوات.
وتسلّم الفاضل عبد الكافي منصبه على رأس وزارة المالية بداية مايو الماضي إثر إقالة وزير المالية السابقة لمياء الزريبي على خلفية تصريحات لها اعتبرت سببا في انهيار قيمة الدينار التونسي أمام العملات الأجنبية بعدما أعلنت أن الحكومة تنوي تحرير الدينار خلافا لتوجه الحكومة الرسمي.
وبرّر مقربون لعبد الكافي طلب الاستقالة الذي طالبه به البعض من قبل، كونه يأتي رفعاً للحرج عن الوزير وعن الحكومة التي ينتمي إليها بحكم تضارب المصالح بين صفته لوزير للمالية بالنيابة وطرفا في نزاع مع الدولة على خلفية الحكم الصادر ضده، وفي وقت سابق أكّد الوزير أنه لن يضع نفسه والوزارة والحكومة في وضع تضارب مصالح.
تعديل وزاري
القضية المرفوعة ضدّ هذا الوزير، من المنتظر أن تجبر رئيس الحكومة على التسريع بالقيام بتعديل وزاري لن يتأخر الإعلان عنه كثيرا، تعديل سيتم بمقتضاه قبول استقالة عبد الكافي وابعاده من منصب وزير المالية بالنيابة ومنصب وزير الاستثمار حتى لا يضع الدولة في موقع تضارب مصالح.
وسبق أن دعت قيادات حركة نداء تونس (59 مقعدًا في البرلمان من مجموع 217) التي ينتمي إليها رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إلى إجراء تعديل وزاري، حيث دعا حافظ قائد السّبسي، المدير التنفيذي للحركة، نهاية يونيو الماضي، إلى إجراء تعديل وزاري على الحكومة الحالية.
مسألة إقالة عبد الكافي ليست وليدة اللحظة، فقد وقت سابق أن طالب عديد التونسيين بإقالته
وشاركته في ذلك حليفته في الحكم وصاحبة المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية الأخيرة حركة النهضة، حيث طالبت هي الأخرى بتعديل وزاري في حكومة الشاهد، إلا أنها ترفض أن يكون التعديل على أساس المحاصصة الحزبية وتقسيم المناصب.
مسألة استقالة وزير الاستثمار والتعاون الدولي ووزير المالية بالنيابة عبد الكافي ليست وليدة اللحظة، فقبل أيام قليلة طالب عديد التونسيين بإقالة عبد الكافي إثر تصريحات له أمام البرلمان، قال فيها إن “السيولة المالية المتوفرة لدى الحكومة تدنت إلى مستويات غير مسبوقة بما لا يمكن من توفير الأجور الخاصة بشهري أغسطس وسبتمبر القادمين”، ما أحدث جدلا كبيرا في البلاد غذّى حالة من التوجّس والقلق في الأوساط التونسية في ظل مخاوف من تعمّق العجز المالي في الفترة القادمة.
ليس الوحيد
الفاضل عبد الكافي ليس الوزير الوحيد المتعلقة به قضايا فساد في حكومة الشاهد فغيره كثير، ومؤخرا فتحت النيابة العمومية تحقيقًا ضد وزير في الحكومة الحالية عن حزب “آفاق تونس” وأحد المستشارين السابقين على خلفية اتهامات وجهتها نائبة في البرلمان للوزير، ومفادها أنه عين مستشارًا خاصًا له، تحوم حوله شبهة فساد وصدر ضده حكم قضائي، بواسطة عقد ممارسة نشاط خاص مقابل أجر سنوي يقدر بـ 40 ألف دينار (17 ألف دولار) بما يخالف القانون.
وينص الفصل 96 من المجلة الجزائية التونسية على معاقبة كل موظف عمومي بالسجن لمدة 3 سنوات وغرامة قدرها 3 آلاف دينار، يعمد وهو في حالة المباشرة أو عدم المباشرة أو الإلحاق إلى المساهمة بنفسه أو بواسطة عمل أو برأس مال في سير منشأة خاصة خاضعة بحكم مهامه لرقابته أو كان مكلفًا بإبرام العقود معها أو كان عنصرًا فاعلًا في إبرام تلك العقود.
رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد مجبر على القيام بتحوير وزاري
كما وجّهت للوزير مهدي بن غربية تهم تتعلّق بالفساد أيضا، حيث نُشرت وثائق تتعلق بفساد في صفقات شركة الطيران المدني التونسية لصالح مصطفى بن غربية والد الوزير مهدي بن غربية سنة 2003، وانتهت وفق تقارير اعلامية إلى أن والد بن غربية، الحاصل على صفة مدير بشركة الطيران، عمل على نقل عملائها والمتعاونين معها لشركة طيران خاصة أسسها سنة 1997 ويديرها ابنه الوزير الحالي.
كما تلاحق وزيرة الشباب والرياضة مجدولين الشارني فضيحة بعد أن نظمت وزارتها دورة، قالت إنها عالمية، في رياضة الملاكمة ليُكتشف بعدها أنها بطولة وهمية، جمعت ملاكمان واحد من تونس وآخر من روسيا يحتلان أسفل ترتيب قائمة الملاكمين، ولا يلتفت إليها أحد، وأسندت مهمة تنظيمها إلى منظمة عرف عنها احتيالها في هذا المجال وإسنادها ألقاب رياضية بمقابل.