عندما سئل إيتشيروا أودا في أحد الحوارات الصحفية متى قرر أن يصبح مانغاكا؟ أجاب بأنه قرر ذلك عندما كان في الرابعة من عمره، لاعتقاده أن ذلك سيجعله يتفادى “الحصول على عمل حقيقي”.
وفي عام 1992 لم يكد يبلغ أودا السابعة عشر من عمره حتى قرر ملاحقة حلمه ببدء حياته العملية في مجال المانغا، فقدم أول عمل له بعنوان “مطلوب” Wanted لمسابقة Tezuk Award – وهي مسابقة نصف سنوية تقيميها مؤسسة شويا للنشر والمسؤولة عن مجلة شونين جامب الشهيرة – ليحصل خلالها على المركز الثاني، مما هيأت له العمل كمساعد لفنانين يعملون لصالح شونين جامب.
وفي البداية عمل لصالح ماسايا تسوهيرو ثم انتقل للعمل مع شينوبو كايتاني، وفي عام 1996 انتقل للعمل كمساعد لصالح نوبهيرو واتاسكي في عمله الشهير Rurouni Kenshin.
خلال صغره تابع أودا أنمي Vicky the Viking والذي جعله يقع في هوى القراصنة، جعله يرغب في أن يكتب مانغا خاصة به عن القراصنة، وخلال فترة عمله مع نوبهيرو واتاسكي بدأ يعمل على مشروعه الخاص، فكتب ون شوت أولى بعنوان Romance Down لتعد الفصل الأول من سلسلة One Piece، ليعرضه على إدارة تحرير شونين جامب ويحصل على موافقة ببدء سلسلته الخاصة وهو في الـ22 من عمره، ليصدر الفصل الأول في 22 من يوليو عام 1997 بمجلة شونين جامب الأسبوعية.
تحولت سلسلة “ون بيس” إلى ظاهرة ليست يابانية فحسب، بل عالمية، مما جعلت من إيتشيروا أودا المانغاكا الأكثر شهرة والأكثر تأثيرًا في تاريخ فن المانغا ويصبح كنزًا وطنيًا يابانيًا بالفعل.
كأي قصة مغامرات فهي توفر قدرًا هائلاً من المتعة والإدرينالين ويعود السبب الأساسي إلى أن أودا يحب عالمه بحق، ومخلص لمتابعيه وقرائه، فهو يجيد مزج كل العناصر والأجناس الخيالية في الخط العام للسلسلة
أصبحت المانغا الأكثر مبيعًا في التاريخ، فبحلول عام 2005 بلغت عدد النسخ المباعة 100 مليون نسخة، وفي فبراير 2011 ارتفع الرقم ليصل إلى 200 مليون نسخة، وفي أبريل الماضي وصل عدد النسخ المباعة عالميًا 416 مليون نسخة.
تلك الشهرة المبكرة للمانغا جعلت من شركة Toei Animation تتحرك بسرعة بدورها للحصول على حقوق تحويلها إلى أنمي تليفزيوني عام 1999م وما زال يعرض إلى الآن متخطيًا حاجز الـ800 حلقة.
وتدور أحداث المانغا حول الفتى مونكي دي لوفي الذي يطمح لأن يصبح “ملك القراصنة”، وفي سبيله لتحقيق هذا الحلم يبدأ بتجميع عصبته/ أصدقائه ليخوض مغامرة في البحار للبحث عن كنز الـ”ون بيس” وهو كنز تركه ملك القراصنة السابق “جول دي روجر” في جزيرة غامضة تدعى رافتل، ولكن هذا الطريق ليس سهلًا، إذ توجد حواجز وعقبات أمامهما.
على الرغم من أن السلسلة يمكن تصنيفها كسلسلة مغامرات، فإن إيتشيروا أودا تمكن من رسم عالم فانتازي مثير للإعجاب والدهشة، ويعرض خلاله أفكاره وفلسفته عن الخير والشر، وخلال قصصه المتتابعة يحاول إيصال فكرة أن ليس كل الأشرار سيئون بحق بل قد يبدر عنهم أفعال طيبة وحميدة – دعنا نتذكر الياكوزا اليابانية وتصرفاتها خلال الكوارث الوطنية -، وكذلك يؤكد ليس على أن كل من في السلطة أشخاص جيدون أو جديرون بالثقة، فهناك فاسدون من بينهم بمقدورهم إقصاء الأشخاص المثاليين.
ولا يتوقف أودا عن تقديم ثنائية الصراع بين القراصنة ورجال البحرية، بل يقدم طرف ثالث وهو الثوار الذين يدخلون في مواجهة مباشرة مع سلطة العالم بهدف إنهاء قبضتهم الديكتاتورية على العالم.
وكأي قصة مغامرات فهي توفر قدرًا هائلاً من المتعة والإدرينالين ويعود السبب الأساسي إلى أن أودا يحب عالمه بحق، ومخلص لمتابعيه وقرائه، فهو يجيد مزج كل العناصر والأجناس الخيالية في الخط العام للسلسلة، فنجد مغامرة تدور بين جزيرة للعمالقة، وفي وقت لاحق نذهب إلى جزيرة يوجد بها أقزام، ثم نصعد مع لوفي ورفاقه إلى جزيرة السماء سكايبيا، وبعدها نهبط إلى قاع المحيط حيث نتقابل مع حوريات البحر، ثم نخوض في بحر من البرق أو جزر مصنوعة بالكامل من الحلوى!
ولا يخفي أودا تأثره بالمانغاكا أكيرا توريا، ففي حوار أجره مع مجلة شونين جامب قال: “المانغا التي ألهمتني أكثر من أي شيء آخر هي مانغا دراجون بول، ويمكنني القول إن الكثير من المانغاكا من جيلي يشعرون بالمثل، ولكن دعني أضع أمامك حقيقة بسيطة: دون دراجون بول لم تكن لتوجد مانغا ون بيس”.
وفي عام 2007 يتمكن أودا من العمل مع أكيرا توريا في عمل مشترك يجمع بين أبطال عالم دراجون بول وعالم ون بيس لحلقة أنمي بعدها.
لا شك أن أودا كان يحظى برؤية وردية عن عالم المانغا حينما كان صغيرًا وتوصيفه لها بأنها محاولة للتهرب من العمل الحقيقي، إذ إنه يعمل لـ21 ساعة يوميًا.
أودا يرغب بشدة في أن يقدم قصصًا عالية الجودة لقرائه، لأن هذا واجب عليه، ولا يريد أن يخذلهم أبدًا، هو يتابع الكتابة والرسم لأنه يعشق ذلك، فهو ليس بحاجة إلى المال قط
إذ يبدأ يومه بالاستيقاظ في الخامسة فجرًا وللعمل حتى الثانية بعد منتصف الليل، وينام 3 ساعات فقط، وهو ما يجعله يعيش حياته في استوديو المانغا الخاص به على الدوام، بينما يقضي يومًا واحدًا مع أسرته أسبوعيًا.
ويقسم أسبوعه إلى 3 أيام للعمل على المسودة الأولى، ثم 3 أيام للعمل على المسودة النهائية.
وبسبب ذلك الروتين القاسي تعرض لوعكة صحية عام 2013، وقضى عدة أيام في المشفى، وخلال زيارة المانغاكا ماساشي كيشيموتو صاحب مانغا نارتو له وجده يعمل على مسودة جديدة لـ”ون بيس” في فراش المرض.
ذلك الإصرار وطريقته في الكتابة ملهمة بحد ذاتها، فأودا يرغب بشدة في أن يقدم قصصًا عالية الجودة لقرائه، لأن هذا واجب عليه، ولا يريد أن يخذلهم أبدًا، هو يتابع الكتابة والرسم لأنه يعشق ذلك، فهو ليس بحاجة إلى المال قط.
هذا الشغف أوصله إلى 20 عامًا من “ون بيس”، وإلى أن تقرر جمعية الأعياد السنوية في اليابان بتحديد يوم 22 من يوليو ليصبح يومًا قوميًا للاحتفال بسلسلة ون بيس.