الدولة المنبوذة، الديكتاتورية، المنغلقة، المارقة كما يصفها الغرب، إنها كوريا الشمالية التي دائمًا ما ينظر إليها على أنها تسعى دائمًا إلى إثارة المشاكل الدولية، أو كدولة قد تكون “الفتيل” الذي يشعل شرارة الحرب العالمية الثالثة.
لكن بين هذه الدولة الغامضة والدول العربية باعٌ كبير، لا يقتصر فقط على الاعتراف بها أو إقامة علاقات دبلوماسية ولو فاترة معها، ولكن الأمر يصل إلى أقصى درجات التعاون بين بلدين، وهو التعاون العسكري.
آخر هذه العلاقات “السرية” تكشَّفت مؤخرًا، وكانت بطلتها دولة الإمارات، لكن ما حدود هذه العلاقة؟ وكيف يمكن للحليف المقرب من الولايات المتحدة أن يشتري السلاح من العدو؟ وهل تسكت واشنطن عن ذلك في وقت تتبادل فيه التهديدات مع بيونج يونج وتفرض عليها عقوبات جديدة؟
تاريخ طويل من العلاقات السرية
أكثر من تساؤل ورد بمقال نشر في موقع ذا دبلومات الأسترالي الذي يعنى بالشؤون الآسيوية، لكن هذا المقال ليس الأول الذي كشف عن صفقات السلاح بين حكومة أبو ظبي وبيونغ يانغ، مما يعتبر انتهاكًا صارخًا للعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة والولايات المتحدة.
ووفق الموقع الأسترالي، كشفت تسريبات أمريكية عن شراء أسلحة من هذه الدولة “المنبوذة” أمميًا، موضحًا أن الصلات السرية بين الجانبين قد تصل إلى سعي أبو ظبي لشراء أسلحة نووية من بيونغ يانغ، متجاهلة حليفتها أمريكا.
لضمان عدم خضوع أبو ظبي للعقوبات الأمريكية، أجرت الإمارات صفقاتها العسكرية مع كوريا الشمالية من خلال شركات خاصة، وكانت شركة “المطلق” الإماراتية التي تعمل في مجال نقل الأسلحة بين الدول، الوسيط لعقد صفقة الأسلحة
واستندت كل الكتابات إلى مذكرة سرية لوزارة الخارجية الأمريكية، تؤكد قيام الإمارات في يونيو/حزيران 2015، بشراء أسلحة بقيمة مئة مليون دولار من كوريا الشمالية لدعم التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن.
وبحسب معهد شؤون الخليج، أشارت المذكرة إلى أن وزارة الخارجية الأمريكية حذرت أبو ظبي من أن كوريا الشمالية ستصرف أموال صفقة السلاح هذه لتمويل برنامجها النووي.
وتعود الروابط العسكرية بين الإمارات وبيونغ يانغ إلى عام 1989، عندما اشترت أبو ظبي صواريخ “سكود – بي” من كوريا الشمالية، ورافق عمليات الشراء تطوير الإمارات لأنظمة طائرات ميراج 2000 الفرنسية، وF-16 الأمريكية، التي يمكن استخدامها كنظم تحمل الأسلحة النووية.
وذكر “ذا دبلومات” أن الصين وباكستان اُعتبرتا في البداية الموردتين المحتملتين للمواد النووية لدولة الإمارات العربية المتحدة إذا طلبتها أبو ظبي، فإن عدم رغبة بكين أو إسلام آباد في عزل إيران يمكن أن يجعل بيونغ يانغ موردًا أفضل للتكنولوجيا النووية.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” قد ذكرت، استنادًا إلى بريد إلكتروني مسرّب، أنها عثرت على وثيقة احتجاج رسمية، قدّمها دبلوماسيون أمريكيون من وزارة الخارجية، إلى سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، على صفقات الأسلحة بين بلاده وكوريا الشمالية.
وفي رسالة إلكترونية، بتاريخ 3 من يونيو/حزيران 2015، كتب السفير الإماراتي في واشنطن، أنه اُستدعي “مرة أخرى” إلى وزارة الخارجية الأمريكية بشأن صفقات كوريا الشمالية.
ولضمان عدم خضوع أبو ظبي للعقوبات الأمريكية، أجرت الإمارات صفقاتها العسكرية مع كوريا الشمالية من خلال شركات خاصة، وكانت شركة “المطلق” الإماراتية التي تعمل في مجال نقل الأسلحة بين الدول، الوسيط لعقد صفقة الأسلحة، التي تشمل صواريخ ومدافع رشاشة وبنادق، يبدو أنها أرسلت إلى اليمن بهدف دعم الجماعات المحسوبة على الإمارات في الصراع اليمني، حسب ما ذكر معهد الشؤون الخليجية في واشنطن.
وأدى قرب التعاون بين شركة “المطلق” للتكنولوجيا ومجموعة “الذهب” الدولية، وهي مستورد رائد للأسلحة في دولة الإمارات العربية المتحدة ويديرها صديق ولي العهد فاضل سيف الكعبي، إلى تكهنات بتواطؤ الدولة في صفقات الإمارات الشمالية في كوريا الشمالية.
ومع ذلك، فإن الغموض الذي يكتنف معرفة الحكومة بعلاقات دولة كوريا الشمالية مع الإمارات سمح لدولة الإمارات بإبقاء قنواتها التجارية مع كوريا الشمالية تحت الرادار، ورغم أن الصلة بين الصراع في الخليج وأسلحة كوريا الشمالية ليست محض صدفة على الإطلاق، إلا أنها تكشف الازدواجية السياسية لدى الدولة الخليجية.
محمد بن زايد ودونالد ترامب
الإمارات ذات الوجهين
يومًا بعد يوم، تنكشف الأوجه المتناقضة للدولة الخليجية، وبينما توطد الإمارات علاقاتها بالولايات المتحدة، وتقدم نفسها على أنها حليف واشنطن الأكثر ثقةً بمجلس دول التعاون الخليجي، تعمل في المقابل على توسيع تحالفاتها العسكرية والاقتصادية مع كوريا الشمالية، من وراء الستار .
والإمارات حين تدين إطلاق كوريا الشمالية صواريخ باليستية عابرة للقارات على المنطقة الاقتصادية الخاصة، واصفة التجربة الصاروخية الجديدة بأنها تهديد للأمن والاستقرار العالمي، تكشف تسريبات أمريكية الستار عن صفقات أسلحة، قد تصل إلى سعي أبو ظبي لشراء أسلحة نووية من بيونغ يانغ.
هذا الخطاب القاسي المناهض لبيونغ يانغ من أبو ظبي، يفضح اعتمادها في سياستها الخارجية، خلال السنوات الأخيرة، على الرهان على أكثر من حليف، كدعمها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفي نفس الوقت احتضانها لمنافِسِه أحمد شفيق، ودعمها السياسي والمالي للجناح الذي يمثله في مصر.
وغير ذلك، هناك ما يكشف الوجه الحقيقي لأبو ظبي، فرغم موقف العداء الذي تكنه الإمارات لإيران ودروها الإقليمي، تحاول أن تكون براغماتية قدر الإمكان في موقفها مع طهران، وبينما تحتل الاستثمارات الإيرانية في الإمارات المرتبة الثانية بعد الأمريكية، تحتل إيران أيضًا ثلاث جزر إماراتية.
ومؤخرًا، كشفت الرسائل المسربة من البريد الإلكتروني لسفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، المزيد من السياسة الازدواجية للإمارات تجاه الحليفة أمريكا، فبينما تبدو الاستراتيجية الأمريكية تجاه أفغانستان واضحة، لا سيما بعد سيطرة “طالبان” على ولاية هلمند التي خاضت فيها قوات أمريكية وبريطانية أصعب المعارك، كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن أبو ظبي حاولت منذ عام 2011 فتح مكتب لطالبان في الإمارات، حتى قبل أن توافق قطر على فتح مكتب لطالبان في الدوحة في إطار جهود أمريكية واضحة لتسهيل محادثات السلام في أفعانستان، وليس بسبب أي دعم لطالبان أو أيدولوجتها.
ليست الإمارات وحدها
الإمارات ليست الدولة الوحيدة التي تتمتع بعلاقات “سرية مشبوهة” مع كوريا الشمالية، فالكثير من الدول العربية والخليجية لها باعٌ طويلٌ من التعاون مع بيونج يانج، ويجرى عادة بعيدًا عن عيون “الأخ الأكبر” أمريكا.
وفي حالات عديدة، تعدى التعاون العربي حد الاعتراف بكوريا الشمالية أو إقامة علاقات دبلوماسية معها، ليصل الأمر إلى أقصى درجات التعاون، وهو التعاون العسكري خصوصًا فيما يتعلق بصفقات الأسلحة.
وإذا كان التعاون العسكري بين الدول العربية وبيونغ يانغ يشهد حاليًا تراجعًا، على الأقل في العلن، بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليها من قِبل الأمم المتحدة، إلا أن هذا النوع من التعاون يمتد تاريخيًا وشهد محطات بارزة كثيرة.
ويُنظر للشرق الأوسط على أنه مصدر رئيسي للواردات، وواحد من أكبر أسواق السلاح في العالم، إذ بلغت نسبة واردات دول الشرق الأوسط من الأسلحة 29% من حجم تجارة الأسلحة، وفقًا لما ذكره المعهد الدولي لأبحاث السلام في ستوكهولم في 2017، وهو ما يمثل فرصة ذهبية لكوريا الشمالية لاستقطاب الأموال للإنفاق على مشروعها النووي.
وخلافًا للتعاون العسكري، تتمتع كوريا الشمالية باعتراف جميع الدول العربية، باستثناء السعودية والعراق الذي قطعت علاقاتها الدبلوماسية معه في أكتوبر عام 1980. وكانت الجزائر أول الدول العربية التي اعترفت بكوريا الشمالية في عام 1958، تبعتها مصر واليمن في 1963، ثم سوريا في 1966، بينما كانت الإمارات آخر الدول في عام 2007.
تعد علاقات مصر وكوريا الشمالية الأقوى على المستوى العسكري، وظهر ذلك جليًا منذ حرب أكتوبر 1973، حيث تمثّل الأنظمة الصاروخية الجانب الأكبر في مجال شراء الأسلح
وهناك 5 دول عربية (الجزائر ومصر وسوريا والكويت وليبيا) تحتضن سفارات لكوريا الشمالية، بينما تمتلك 3 دول (مصر وفلسطين وسوريا) سفارات في بيونغ يانغ.
ورغم أن العلاقات بين كوريا الشمالية والدول الخليجية تبدو معقدة ومحدودة على المستوى الدبلوماسي، إلا أن ثمّة تعاون عسكري خفي قد يصل إلى شراء أسلحة نووية في ظل التهديدات الإيرانية لها، لكنَّ العقوبات الدولية أدت إلى تراجع كبير في هذه الشبكة من العلاقات العسكرية.
وبينما يجري الحديث عن عدم وجود علاقة رسمية بين كوريا الشمالية والمملكة العربية السعودية حتى الآن، يشير الصحافي الأمريكي زاكاري كيك، في مقال نشره موقع “ناشيونال إنترست” عام 2015، أن السعودية قد تلجأ بأموالها لشراء أسلحة نووية من كوريا الشمالية، ردًا على برنامج إيران النووي، لا سيما أن بيونج يانج بحاجة إلى راعٍ ثري ليحل محل الصين المتناقضة على نحو متزايد.
ودبلوماسيًا، كانت العلاقات مع الكويت القناة الأكثر فعّالية بين كوريا الشمالية والخليج العربي، وتمتلك كوريا الشمالية سفارة هناك، حيث يعمل ممثلها سو تشانغ سيك، كسفير لدى البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة أيضًا، كما قدمت الكويت قروضًا لعدة مشاريع في البنية التحتية في كوريا الشمالية، وفقًا لمقال نُشر في صحيفة “تايمز أوف كويت” عام 2013.
وعن علاقة كوريا الشمالية بسوريا، فقد كانت الأخيرة ضمن الدول التي اشترت صواريخ من بيونغ يانغ، ويسلط ذلك الضوء على حجم التعاون العسكري الذي تجاوز حد الأسلحة التقليدية إلى التكنولوجيا النووية، وربما باتت كوريا الشمالية المورد الرئيسي للأسلحة الكيميائية (غاز الأعصاب والسارين) للنظام السوري، بحسب قول بروس بيكتول أستاذ في جامعة ولاية أنجيلو في تكساس، لإذاعة PRI الأمريكية.
أما بالنسبة لليمن، فقد اشترى صواريخ باليستية من كوريا الشمالية عام 2000، وأظهرت أدلة وجود صواريخ كورية يستخدمها الحوثيون خلال الحرب الأخيرة التي تقودها السعودية في اليمن، ونقل موقع “فايس نيوز” عن جوزيف بيرموديز المحلل الأمريكي المختص في الشأن الكوري الشمالي عام 2002، أن اليمن اشترى نحو 20 صاروخ سكود من كوريا الشمالية.
وتعد علاقات مصر وكوريا الشمالية الأقوى على المستوى العسكري، وظهر ذلك جليًا منذ حرب أكتوبر 1973، حيث تمثّل الأنظمة الصاروخية الجانب الأكبر في مجال شراء الأسلحة، إذ يوضح تقرير منظمة التهديد النووي NTI، عن الأسلحة الصاروخية المصرية، حجم المصالح العسكرية التي تمتد لعقود بين البلدين.
أما على المستوى الاقتصادي، فإن أبعاد التعاون الذي تتكتم على تفاصيله دول عربية وخليجية، ترسم مستقبل علاقات تبدو في ظاهرها رسمية وثيقة مع كوريا الشمالية، لكنها لن تخلو من تعاون عسكري محدود وشراكة اقتصادية.
هاجس إيران.. الطريق إلى أحضان كوريا الشمالية
لطالما جاء الخطاب السياسي الإماراتي – كغيره من دول خليجية – في سياقٍ سلبي تجاه إيران، فهي المتهمة الأولى بدعم الإرهاب في المنطقة، والتدخل للتشويش باغتيال السياسيين والقيام بأعمال عدائية باعتبارها رأس الإرهاب.
وفي معرض حديثٍ لوزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، أمامَ مجلس الأمم المتحدة بتاريخ 26 من سبتمبر/أيلول 2016، تأرجح بين الربيع العربي والشعب الفلسطيني، لكن سرعان ما تحول إلى هجوم على “الفزاعة الإيرانية” المعتادة، وقال: “أزمات الشرق الأوسط أسهمت فيها التدخلات الإقليمية، وعلى رأسها تصدير إيران لثورتها خارج حدودها في استفحال المشكلة”.
ليس ابن زايد وحده الذي يؤرقه وهم المشروع الإيراني، فقد أعرب كبار المسؤولين الإماراتيين، مثل سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة، عن اهتمامهم بتطوير رادع نووي إماراتي، وسط الاعتقاد السائد بأن إيران سوف تتراجع عن التزامها بالاتفاق النووي وتصبح قوة نووية.
وبينما لا يريد المسؤولون الأمريكيون أن تشتري الإمارات أسلحة نووية، تحافظ أبو ظبي على روابط تجارية مع الدول المناهضة للغرب، حتى يمكنها أن تستجيب بسرعة في حالة حدوث انتهاك إيراني كبير للاتفاق النووي.
لكن الحفاظ على الروابط الاقتصادية والعسكرية مع أبو ظبي لا يتم بلا مقابل، فقد عرقلت الإمارات شحنات الأسلحة الكورية الشمالية إلى إيران، وفي خطوة مفاجأة، استولت الإمارات، في أغسطس/آب 2009، على سفينة ANL-Australia”” التي كانت تحمل الأسلحة الكورية الشمالية لإيران.
منع إيران من الوصول إلى التكنولوجيا العسكرية الكورية الشمالية هدف أمني تشترك فيه السعودية والولايات المتحدة، ضد سياسات إيران، فقد تستمر الإمارات في تحدي العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية لفترة قادمة
ومع ذلك، فإن الاستيلاء على الأسلحة في الإمارات كانت له فوائد استراتيجية، فقد طمأن الرياض لالتزام حليفتها أبو ظبي بحظر وصول إيران إلى التكنولوجيا العسكرية الكورية الشمالية.
وهنا، يمكن قراءة موقف دول مجلس التعاون الخليجي من الروابط العسكرية بين الإمارات وكوريا الشمالية، من خلال تأكيدها على سياسة أبو ظبي في منع وصول الأسلحة إلى إيران والحوثيين في اليمن، وتسخير الرياض لشبكة موانيها في الخليج العربي لوقف شحنات الأسلحة الكورية الشمالية إلى إيران.
وفي هذا السياق، يقول موقع “The Diplomat” إن كوريا الشمالية تعتبر موردًا محتملًا للمواد النووية إلى الإمارات، عبر إنشاء قناة خلفية لشراء سريع للصواريخ والقذائف، حيث توفر صفقات الجيش الإماراتي مع بيونغ يانغ العملة الصعبة التي تحتاجها كوريا الشمالية للاستمرار في إدارة اقتصادها.
ونظرًا لما قد تحمله الشراكة الاقتصادية الإماراتية من أهمية لكوريا الشمالية، تكتسب أبو ظبي نفوذًا على الأنشطة العسكرية لبيونغ يانغ، مما يمكنها من إقناع كوريا الشمالية بعدم تقديم تكنولوجيا عسكرية متطورة لإيران وحلفائها.
وبحسب الموقع الاسترالي، تشير مجموعة المصالح الاستراتيجية التي تربط الإمارات بكوريا الشمالية إلى أنه من غير المرجح أن تعلق أبو ظبي طوعًا عمليات شراء الأسلحة من بيونج يانج.
وبما أن منع إيران من الوصول إلى التكنولوجيا العسكرية الكورية الشمالية هدف أمني تشترك فيه السعودية والولايات المتحدة، ضد سياسات إيران، فقد تستمر الإمارات في تحدي العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية لفترة قادمة، مما يضع الإدارة الأمريكية أمام تحدٍ جديد.
سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة
أمريكا والإمارات.. إلى أين تتجه العلاقات؟
وعلى مدار السنوات الماضية، أصبحت الإمارات حليفًا عسكريًا أمريكيًا لا يستهان به، كواحدة من أبرز دول الخليج، لكن ممارسات أبو ظبي العدائية الأخيرة، تحولت إلى “وجع رأس” لأمريكا بسياستها “القرصانية” تجاه قطر وتدخلها في اليمن وليبيا.
ونشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريرًا عن تحركات الإمارات إقليميًا وتأثيرها على الولايات المتحدة، وقالت إن البلدين كانا شريكين منذ عقود لكن خلافهما بشأن قضايا عدة أدى إلى تعقيد علاقاتهما العسكرية الطويلة.
وفي ليبيا، تباينت المصالح الإماراتية والأمريكية، مما شكل مصدر قلق بالنسبة للولايات المتحدة، خاصة بعد أن قدمت أبو ظبي، جنبًا إلى جنب مع القاهرة، الدعم العسكري والمالي بطريقة سرية للجنرال خليفة حفتر.
كما جعلت الحرب الوحشية في اليمن، الولايات المتحدة عرضة لاتهامات تتعلق بتواطئها في ارتكاب جرائم حرب، بسبب الدعم الذي قدمته إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وحلفائها الخليجيين في تلك الحرب.
تسريبات البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في أمريكا يوسف العتيبة، كشفت عن السياسة الإماراتية العدائية لأمريكا، وكان منها شراء الذمم، بحسب ما كشفته وثيقة حصل عليها موقع “ذي إنترسبت”
وتعلق الكاتبة كاسادي روزمبلم، في مقال بصحيفة لوس أنجلوس تايمز، بقولها: “إذا كانت الدولة التي تبيع السلاح تعرف أن البلد المشتري يفتقر للتدريب الفني أو الانضباط لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين، يمكن وصف هذا البيع بأنه متهور وتتحمل الجهة البائعة مسؤولية جنائية”، في إشارة إلى حصول الإمارات على طائرات أباتشي بقيمة 3.5 مليون دولار، العام الماضي، من الولايات المتحدة.
كما وضعت الإمارات ومعها دول الحصار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في حالة انقسام بشأن كيفية التعامل مع الأزمة الخليجية، فأطراف الأزمة حلفاء مهمون لواشنطن في منطقة الشرق الأوسط، مما يشكل اختبارًا معقدًا لإدارة ترامب.
يضاف إلى ذلك ما أكده مسؤولون في المخابرات الأمريكية أن دولة الإمارات العربية المتحدة كانت المسؤولة عن قرصنة موقع الحكومة القطرية على الإنترنت، وقد أثارت هذه الخطوة الخلافات بين حلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي ودفعت البيت الأبيض إلى لعب دور الوسيط في هذه الأزمة.
ليت الأمر يقف عند هذا الحد، لكن تسريبات البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في أمريكا يوسف العتيبة، كشفت عن السياسة الإماراتية العدائية لأمريكا، وكان منها شراء الذمم، بحسب ما كشفته وثيقة حصل عليها موقع “ذي إنترسبت”، والتقليل من أهمية المنظمة الأممية خلال سنوات حكم ترامب، يضاف إلى ذلك الدور الغريب الذي تلعبه كوريا الشمالية في أزمة قطر ومنطقة الخليج.
كل هذه التحديات تفرض على إدارة ترامب المنقسمة اتخاذ موقف جاد تفرِّق فيه بين دولة ترى نفسها حليفة وأخرى ترى نفسها القاضي على أحلام الولايات المتحدة.