لم يعد هناك منتج أو خدمة في العالم تقريبًا إلا ويسعى صاحبها للحصول على حق الملكية الفكرية وحقوق النشر المحمية قانونيًا، علمًا أن هذا الأمر ليس حديث العهد بل يمتد جذوره إلى شمال إيطاليا في العام 1474 حيث صدر في ذلك العام قانون في مدينة البندقية الإيطالية ينظم حماية الاختراعات ونص على منح حق استئثاري للمخترع، أما نظام حق المؤلف فيرجع إلى اختراع الحروف المطبعية والمنفصلة والاَلة الطابعة على يد يوهانس غوتنبرغ عام 1440.
وفي نهاية القرن التاسع عشر، رأت عدة بلدان ضرورة وضع قوانين تنظم الملكية الفكرية. أما دوليًا فقد تم التوقيع على معاهدتين تعتبران الاَساس الدولي لنظام الملكية الفكرية هما: اتفاقية باريس لحماية الملكية الصناعية 1883 واتفاقية برن 1886 لحماية المصنفات الأدبية والفنية.
الملكية الفكرية
تشير الملكية الفكرية إلى إبداعات العقل ونتاج فكر الإنسان من اختراعات ونماذج صناعية ومصنفات أدبية وفنية وتصاميم وشعارات ورموز وأسماء وصور مستخدمة في التجارة. والملكية الفكرية محمية قانونًا بحقوق منها مثلا البراءات وحق المؤلف والعلامات التجارية التي تمكّن الأشخاص من كسب الاعتراف أو فائدة مالية من ابتكارهم أو اختراعهم. ويرمي نظام الملكية الفكرية كما ورد في موقع المنظمة العالمية للملكية الفكرية، إرساء توازن سليم بين مصالح المبتكرين ومصالح الجمهور العام، وإتاحة بيئة تساعد على ازدهار الإبداع والابتكار.
من شأن العمل على تخفيض معدل القرصنة في جميع أنحاء العالم بنسبة 10% في غضون أربع سنوات أن يخلق 142 مليار دولار داخل أنشطة اقتصادية جديدة إلى جانب خلق نصف مليون وظيفة جديدة حول العالم.
لا تختلف حقوق الملكية الفكرية عن حقوق الملكية الأخرى، فهي تمكن مالك الحق من الاستفادة بشتى الطرق من عمله الذى كان مجرد فكرة ثم تبلور إلى أن أصبح في صورة منتج أو خدمة. ويحق للمالك منع الاَخرين من التعامل في ملكه دون الحصول على إذن مسبق منه. كما يحق له مقاضاتهم في حالة التعدي على حقوقه والمطالبة بوقف التعدي أو وقف استمراره والتعويض عما أصابه من ضرر.
وتنقسم الملكية الفكرية إلى فئتين هما، الملكية الصناعية وتشمل: الاختراعات (البراءات) والعلامات التجارية والرسوم والنماذج الصناعية وبيانات المصدر الجغرافية. وحق المؤلف ويضم: المصنفات الأدبية والفنية كالروايات والقصائد والمسرحيات والأفلام والألحان الموسيقية والرسوم واللوحات والصور الشمسية والتماثيل والتصميمات الهندسية. وتتضمن الحقوق المجاورة لحق المؤلف حقوق فناني الأداء المتعلقة بأدائهم، وحقوق منتجي التسجيلات الصوتية المرتبطة بتسجيلاتهم، وحقوق هيئات الإذاعة المتصلة ببرامج الراديو والتلفزيون.
امتهنت شركات كثيرة حول العالم تقليد أو تزوير المنتجات والخدمات للاتفاف على حقوق الملكية والاستفادة من صيت المنتج الأصلي، إذ يشابه المنتج المقلد المنتج الأصلي بشكل كبير، بحيث يتم تديل حرف من الإسم أو تعديل جزء معين من المنتج، دون أخذ إذن من صاحب المنتج أو الشركة المنتجة له، وهذا غير مخالف لحقوق الملكية الفكرية.
وقع ترامب قبل أيام مذكرة تتضمن تعليمات بأن يفتح الممثل التجاري للولايات المتحدة روبرت لايتهايزر تحقيقا للتأكد من السياسات التجارية الصينية فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية
الجدير بالذكر أن هناك فرق بين التقليد والتزوير، فتزوير العلامة التجارية هو نقل كامل ومطابق للأصل أو نقل الأجزاء الرئيسية منها مما يجعل العلامة المزورة مطابقة للعلامة الأصلية إلى حد كبير. وهذا مخالف للقانون ويتم رفع دعاوى قضائية وإنزال العقوبة بحقه. أما تقليد العلامة التجارية فهو اصطناع علامة تماثل في مجملها العلامة الأصلية تماثلاً من شأنه أن يضلل الجمهور بخصوص مصدر البضاعة التي تميزها العلامة.
أهمية الملكية الفكرية في الاقتصاد
بسبب التطور الهائل الذي يشهده العالم على صعيد الإنتاج في شتى التخصصات والمجالات، وضع هذا عبئًا على قدرة الأنظمة المحلية والدولية بخصوص إدارة حقوق الملكية الفكرية وحمايتها، وتكريسها لخدمة المجتمع بفاعلية. فمن شأن وجود نظام يحمي حقوق الملكية الفكرية، أن يعزز النشاط التجاري، ويستقطب الشركات العالمية العاملة والمستثمرة إلى الأسواق المحلية، بما يعود بالنفع على الاقتصاد المحلي، ويزيد الدخل القومي.
ويُذكر أن العالم يخسر مليارات الدولارات سنويًا بسبب انتهاكات حقوق الملكية الفكرية منها 3 مليارات دولار على الصعيد العربي في العام 2009 وهذه الانتهاكات تعيق عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتسهم في تراجع المنتج الفكري والإبداعي.
وقد أظهرت دراسات أجرتها غرفة التجارة الدولية في العام 2011 في مجال حقوق الملكية الفكرية أن 205 مليون وظيفة شرعية تتعرض للتهديد كل عام نتيجة قفدان ثقافة حماية حقوق الملكية وأكدت الدراسة على أن حجم الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عالميًا عن قضايا التقليد والقرصنة ستصل إلى 1.7 ترليون دولار بحلول العام 2015. ومن شأن العمل على تخفيض معدل القرصنة في جميع أنحاء العالم بنسبة 10% في غضون أربع سنوات أن يخلق 142 مليار دولار داخل أنشطة اقتصادية جديدة إلى جانب خلق نصف مليون وظيفة جديدة حول العالم.
صدر في 1474 قانون في مدينة البندقية الإيطالية ينظم حماية الاختراعات ونص على منح حق استئثاري للمخترع، أما نظام حق المؤلف فيرجع إلى اختراع الحروف المطبعية والمنفصلة والاَلة الطابعة على يد يوهانس غوتنبرغ عام 1440.
قضية حقوق الملكية الفكرية لا تزال محل خلاف بين أكبر دولتين على مستوى العالم، إذ اشتكت الولايات المتحدة من فشل بكين في حماية براءات الاختراعات. ففي بعض الحالات تفرض بكين على المؤسسات أن تشارُك المعلومات مع شركاء صينيين محليين كنوع من الثمن الذي يجب تقديمه للاستثمار في السوق الصيني الضخم وإنشاء مشاريع فيه.
وقد وقع ترامب قبل أيام مذكرة تتضمن تعليمات بأن يفتح الممثل التجاري للولايات المتحدة، روبرت لايتهايزر، تحقيقًا للتأكد من السياسات التجارية الصينية فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية. وقال لايتهايزر “سوف نحمي الملكيّة الفكريّة وبراءات الاختراع والعلامات التجاريّة والأسرار التجارية، وأي ملكية فكرية حيوية لأمننا وازدهارنا”. وأضاف أن الولايات المتحدة لن تتسامح مجددًا مع “سرقة” بكين للأسرار الصناعية الأميركية.
تشير الملكية الفكرية إلى إبداعات العقل ونتاج فكر الإنسان من اختراعات ونماذج صناعية ومصنفات أدبية وفنية وتصاميم وشعارات ورموز وأسماء وصور مستخدمة في التجارة.
يُذكر أن الشركات الأمريكية تعاني من السياسة التي تتبعها السلطات مع مشروعات الأعمال التكنولوجية الأمريكية منذ سنوات طويلة، إذ تجبر السلطات هذه الشركات، العاملة في قطاع التكنولوجيا منها، على عقد شراكات مع أطراف صينية حتى يتسنى العمل في الصين. وذكر مايرون بريلليانت، نائب رئيس الغرفة التجارية الأمريكية، إن “لا يقل أهمية عن ذلك أن الصين لابد أن تنهي ممارسات إجبار الشركات الأمريكية على نقل التكنولوجيا إليها وأن تعمل على حماية حقوق الملكية الفكرية للأجانب”.
أخيرًا، فإن نتاج الفكر والإبداع وحمايته عن طريق الملكية الفكرية يعد إحدى أهم ركائز الاقتصاد المعاصر والجديد، فلا يقوم اقتصاد بدون هذه الركيزة المهمة، والاستثمارات الأجنبية لا تنجذب إلى بلد لا تملك حقوق الملكية الفكرية.