ترجمة وتحرير: نون بوست
أصبح الوضع على المداخل الرئيسية لأوروبا مثيرا للقلق، خاصة في رومانيا، واليونان، وإيطاليا، وقبرص، وبلغاريا، فقد تمكن 100 ألف مهاجر سنة 2017 من التسلسل إلى القارة العجوز عن طريق البحر.
مهما تعددت أشكالها، تبقى العبودية خطرا يهدد اليوم 46 مليون شخص حول العالم، وذلك وفقا لما ذكرته منظمة الدفاع عن حقوق الإنسان “والك فري”. وتتمثل العبودية في العصر الحالي في “الاتجار بالبشر والاستغلال القسري لهم”. وتقدر إيرادات هذا الفعل الإجرامي بقرابة 3400 يورو في السنة للضحية الواحدة. وفي الوقت الذي تنتشر فيه هذه الممارسة بشكل مثير للقلق خاصة في آسيا، يبدو أن القارة الأوروبية لم تسلم من هذه الآفة أيضا، إذ تمثل العبودية اليوم نقطة سوداء واضحة في مشوار تراجع هذه القارة إلى الوراء.
خلال سنة 2017، شهد “خطر الاستعباد” زيادة واضحة إذ ظهر في ثلاثة أرباع دول الاتحاد الأوروبي، وذلك وفق ما كشفته دراسة نشرت بتاريخ 10 آب/ أغسطس الماضي من قبل مؤسسة فيريسك مابلكروفت، وهو مركز استشارات بريطاني يعنى بإدارة المخاطر.
عندما يغادر المهاجرون بلدانهم يقعون في شراك المهربين، الذين يعتبر 20 بالمائة منهم من تجار البشر
حيال هذا الشأن، أظهر بحث أجري على 198 دولة، حول صرامة قوانينها ونجاعة تطبيقها ومقدار العنف المنتشر فيها، وجود إشارات سلبية حول ارتفاع نسب العبودية في أكثر من 20 دولة أوروبية على الأقل، حيث كان أغلب الضحايا من المهاجرين.
في الواقع، يتكرر المسلسل نفسه كل مرة، فعندما يغادر المهاجرون بلدانهم يقعون في شراك المهربين، الذين يعتبر 20 بالمائة منهم من تجار البشر، وذلك وفقا للأوروبول. والجدير بالذكر أن هؤلاء المهربين يساعدونهم على تجاوز الحدود خلسة، ليجدوا أنفسهم عند وصولهم إلى أوروبا بيد أشخاص أو شركات تستغلهم لصالحها.
انتهاكات بالجملة في خمس دول أوروبية
تعتبر خمس دول أوروبية، وهي رومانيا واليونان وإيطاليا وقبرص وبلغاريا، النقاط الرئيسية التي عبر من خلالها 100 ألف لاجئ قاصدين أوروبا عبر البحر خلال سنة 2017. وقد سُجلت أكبر الانتهاكات في الاتحاد الأوروبي في كل من رومانيا وإيطاليا، بسبب كثرة الوظائف الشاقة وتوظيفها للعبيد والاتجار بالبشر.
في الحقيقة، شهدت رومانيا أسوأ تراجع لها على الصعيد الدولي، إذ تحتل المراتب الأولى عالميا في المؤشر الذي يقسم الدول وفق مخاطر الوقوع في شرك العبودية. وقد تقدمت هذه الدولة في الترتيب خلال سنة واحدة، لتحتل المرتبة 66 بعد أن كانت تحتل المرتبة 122. كما تقدمت إيطاليا، التي تستقبل 85 بالمائة من المهاجرين الوافدين إلى أوروبا عبر البحر، بنحو 16 مركزا.
ساهم وجود مهاجرين بلا سند أو عائل في تلك البلدان في زيادة نسب العبودية في مختلف القطاعات، مثل الزراعة والبناء والخدمات
أما اليونان، التي تراجع عدد الوافدين إليها من المهاجرين بشكل كبير منذ تمرير الاتفاق المبرم بين الاتحاد الأوروبي وتركيا في سنة 2016، فلا زالت تستقبل عددا هاما من اللاجئين. وتبقى هذه الدولة الأوروبية الوجهة الأبرز لتجار البشر، ما جعلها تتقدم بعض الشيء في مؤشر العبودية عن السنة التي سبقتها.
وفق ما نشره معدو هذا البحث، ساهم وجود مهاجرين بلا سند أو عائل في تلك البلدان في زيادة نسب العبودية في مختلف القطاعات، مثل الزراعة والبناء والخدمات. وقد حذرت المحللة في مجال حقوق الإنسان، سام هاينس، من خطورة تدهور الأوضاع، فقالت “لقد زادت أزمة المهاجرين من خطر الوقوع في شراك العبودية لدى الشركات الأوروبية”.
طالت هذه الآفة اقتصادات الاتحاد الأوروبي الرئيسية
بالإضافة إلى الدول المذكورة آنفا، لم تُستثنَ الدول المتفوقة اقتصاديا من خطر توظيف العبودية، إذ تراجع تصنيف ألمانيا والمملكة المتحدة خلال سنة واحدة من الصنف “خطر ضئيل” لتوظيف العبودية إلى “خطر متوسط”. ويرجع السبب وراء هذا التطور في بريطانيا إلى كثرة الشغورات، في حين شهدت ألمانيا زيادة في عدد حالات الاتجار بالبشر والاستعباد.
على ضوء هذه المسألة، علّقت لجنة مجابهة العبودية الحديثة عن هذا الوضع مشيرة إلى أنه “لم يتم استثناء أي دولة من زيادة خطر العبودية. ولكن، لم تكن فرنسا ضمن العشرين دولة الأوروبية، التي شهدت طفرة في انتهاك هذا الجانب من حقوق الإنسان، إلا أنها ليست نموذجا يحتذى به في هذا المجال. وفي هذا الإطار، ذكرت اللجنة أن “هذا الشكل الجديد من العبودية موجود في فرنسا في شكل العبودية المنزلية والورشات المخالفة للقانون والتسول القسري والبغاء”.
وفي تقرير صادر عن اللجنة الوطنية الاستشارية لحقوق الإنسان، الذي نشر سنة 2016، ذُكر أن فرنسا لا تبذل الجهد اللازم لمحاربة الاتجار بالبشر واستغلالهم، وذلك بالاستناد إلى ما ورد في المخطط الوطني للعمل على مجابهة العبودية، الذي تبنته الحكومة سنة 2014.
المصدر: صحيفة لا كروا