معركة جديدة يدخلها الكيان الصهيوني في مواجهة بعض الدول العربية والإسلامية وذلك حين تستعد تل أبيب للمشاركة في قمة إفريقيا – “إسرائيل” للتنمية والأمن المقرر إقامتها في الفترة من 16 إلى 20 من أكتوبر 2017 في العاصمة التوجولية لومي بمشاركة العديد من القادة الأفارقة.
تمثل هذه القمة أهمية استراتيجية لدولة الاحتلال كونها النافذة التي تستطيع من خلالها بسط نفوذها داخل غرب إفريقيا لتواصل مشوارها نحو توسيع رقعة التطبيع إفريقيًا في مقابل جهود تبذلها بعض الدول العربية للحيلولة دون مشاركة قادة تلك الدول بالقمة لما تمثله من دلالات تهدد الأمن القومي العربي في القارة.
مواجهة يراها البعض محسومة النتائج في ظل الانبطاح العربي أمام التمدد الصهيوني في الشرق والغرب، إلا أن آخرين يرون في تحركات بعض الدول الإسلامية الإفريقية أملاً في إحباط الخطوات التوسعية الإسرائيلية لترسيخ مكانتها داخل القارة السمراء.
معركة سياسية طاحنة
تنظر تل أبيب لقمة توجو على أنها بداية معركة سياسية طاحنة ستخوضها “إسرائيل” ضد دول عربية وإسلامية في القارة، وذلك على خلفية القلق العربي من التمدد الصهيوني في إفريقيا، شرقًا وغربًا، وذلك حسبما أشار موقع nrg العبري.
الموقع العبري كشف عن تقديرات لوزارة الخارجية الإسرائيلية تشير إلى الرهان على تحقيق الكيان أهدافه السياسية والاقتصادية من وراء هذه القمة رغم الجهود العربية المبذولة لإفشال هذه القمة، منوهًا إلى أن عودته لإفريقيا “أمر منته لا محالة”.
معتز بالله محمد الصحفي المتخصص في الشأن العبري، أشار إلى استعدادات مكثفة تقوم بها دولة الاحتلال من أجل التوغل في إفريقيا، وقمة توجو ستكون الباب الواسع لإعادة الحضور الإسرائيلي بقوة، خاصة في ظل التوقع بحضور ما لا يقل عن عشرة رؤساء دول إفريقية في هذه القمة حسبما أشارت الصحف الإسرائيلية.
وأضاف لـ”نون بوست” أن “التغلغل الإسرائيلي في القارة السمراء ليس وليد اللحظة، إذا بدأ فعليًا منذ خمسينيات القرن الماضي، لكن قمة توجو تحمل في دلالاتها تجاوز مرحلة إقامة علاقات ثنائية مع دول إفريقيا، إلى مرحلة الطابع الإجمالي، مما يدعم محاولاتها لترسيخ شرعيتها وقبولها الدولي”.
وتعليقًا على التقرير الذي نشره موقع “nrg” العبري، أوضح معتز بالله أن هناك تخوفات لدى الخارجية الإسرائيلية من بعض التحركات التي تقوم بها مصر والمغرب ونيجيريا لمنع حضور بعض القادة الأفارقة لهذه القمة، ملفتًا أن تلك التحركات تأتي في إطار قلق تلك الدول من تهديد الحضور الإسرائيلي إفريقيًا لأمنها القومي.
وتابع أن هناك هاجس يؤرق قادة تل أبيب من تكرار سيناريو معمر القذافي داخل إفريقيا والذي كان يقدم دعمًا ماليًا وصفته الصحف الإسرائيلية بـ”رشاوى” لبعض زعماء دول القارة لقطع العلاقات مع “إسرائيل” أو عدم حضورهم أي فعاليات تقيمها في إفريقيا وخارجها، وهو ما تخشى أن يتكرر خلال قمة توجو.
قمة توجو ستكون الباب الواسع لإعادة الحضور الإسرائيلي بقوة، خاصة في ظل التوقع بحضور ما لا يقل عن عشرة رؤساء دول إفريقية
استعدادات مكثفة
قمة توجو كانت نتاجًا منطقيًا لبعض الخطوات والتحركات الدبلوماسية بين تل أبيب ولومي خلال الفترة الأخيرة أفضت إلى التتويج بقمة إقليمية مشتركة، ويمكن رصد تلك الخطوات الاستباقية التمهيدية لهذه القمة في الآتي:
– يونيو 2014: زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي السابق أفيجدور ليبرمان، لكل من رواندا وساحل العاج وغانا وإثيوبيا وكينيا، استمرت 10 أيام، هدف من خلالها إلى كسب دعم تلك الدول لمقترح تل أبيب الحصول على صفة “مراقب” بالاتحاد الإفريقي.
– يونيو 2014: زيارة وفد من بعض السياسيين والدبلوماسيين الإسرائيليين في السادس والعشرين من يونيو لحضور اجتماعات قمة الاتحاد الإفريقي التي أقيمت في مالابو (غينيا الاستوائية) لتكون ممثلةً في هذا الاجتماع القارّي بصفتها مراقبًا.
– أغسطس 2016: زيارة رئيس توجو فور غناسينغبي، لـ”إسرائيل” في الفترة من 7 إلى 11 من أغسطس والتي من خلالها تم الاتفاق على عقد قمة إفريقيا – “إسرائيل” في لومي تركز على موضوع الأمن والتنمية بهدف تقوية التعاون بين “إسرائيل” وإفريقيا، وتعد تلك الزيارة هي الثالثة للرئيس التوجولي لتل أبيب.
حضور نتنياهو القمة الأخيرة للمجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية (إكواس)، يعد خطوةً متقدمة في مسار التطبيع بين “إسرائيل”وهذه المنظمة الإفريقية، ورغم الطابع الاقتصادي لهذه القمة فإن حضور رئيس وزراء “إسرائيل” لمثل هذه القمة يحمل الكثير من الدلالات
جولة نتنياهو الإفريقية
ثم تأتي جولة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الرباعية إلى دول حوض النيل (أوغندا – كينيا – إثيبويا – رواندا) يوليو 2016 والتي وصفت حينها بـ”التاريخية” استهلها من أوغندا حيث أحيى بها الذكرى الـ40 لعملية تحرير رهائن إسرائيليين (بينهم شقيقه)، ومنها إلى كينيا للقاء الرئيس أوهوروا كينياتا لبحث ملفات التعاون العسكري والأمني، أعقبها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، التي كان من المنتظر أن يلقي بها خطابًا في مقر الاتحاد الإفريقي، إلا أن اعتراض المجموعة العربية التي تضم (9) دول إفريقية على استقبال نتنياهو بمقر الاتحاد، أفلح في عدم إقامة الندوة التي كان من المفترض أن يخاطبها، وكان آخرها رواندا.
“نون بوست” في تقرير له كشف أبعاد تلك الزيارة المكوكية لرئيس وزراء دولة الكيان، ملفتًا إلى وجود أربعة ملفات حملها نتنياهو خلال زيارته هي: تقديم “إسرائيل” لدعم اقتصادي إلى دول حوض النيل، تحرك “إسرائيل” تجاه إفريقيا كما تتحرك بعض الدول للاستثمار في إفريقيا، الإمساك بورقة ضغط على مصر، كذلك نقل المياه من إثيوبيا إلى “إسرائيل” مرورًا بمصر وذلك وفقًا لتسعيرة للمياه أو بيع المياه مقابل النفط.
هذه الملفات الأربع تصب في النهاية لأجل تحقيق أمنين، الأول: الأمن المائي، وذلك من خلال ضمان توفير المياه لدولة الاحتلال لسنوات قادمة عن طريق تمويل بناء السدود على النهر، وهو ما ترحب به دول الحوض بصورة كبيرة، الثاني: الأمن القومي، وهو ما يتمثل في استخدام بعض الملفات كورقة ضغط على صنّاع القرار في مصر وبعض الدول العربية بما يخدم أهداف الكيان في مسيرة الصراع العربي الإسرائيلي، وفي مقدمتها ملف “سد النهضة” الإثيوبي، إضافة إلى تأليب دول الحوض على مصر بما يفتح الباب لـ”إسرائيل” لممارسة ابتزازها السياسي، كذلك منافسة القوى العالمية الأخرى في الوجود الإفريقي وفي مقدمتهم الصين والهند وروسيا.
كما أن حضور نتنياهو القمة الأخيرة للمجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية (إكواس)، يعد خطوةً متقدمة في مسار التطبيع بين “إسرائيل” وهذه المنظمة الإفريقية، ورغم الطابع الاقتصادي لهذه القمة إلا أن حضور رئيس وزراء “إسرائيل” لمثل هذه القمة يحمل الكثير من الدلالات، وهو ما تجسد في النهاية في قمة توجو، التي من المتوقع أن يشارك فيها ما بين 25 إلى 30 رئيس دولة إفريقية حسبما أوضح وزير الخارجية التوجولي في تصريحات نشرتها صحيفة “The Jerusalem Post” في 23 من نوفمبر 2016 .
قمة إفريقيا – “إسرائيل” كانت نتاجًا منطقيًا لبعض الخطوات والتحركات الدبلوماسية بين تل أبيب ولومي خلال الفترة الأخيرة أفضت إلى التتويج بقمة إقليمية مشتركة
جهود دبلوماسية إسرائيلية داخل القارة خلال السنوات الأخيرة
نجاح الدبلوماسية الإسرائيلية
“إن عقد قمة إفريقيا – “إسرائيل” حدث ذو طبيعة استثنائية توج العلاقات الإفريقية الإسرائيلية، إذ إن وراءه جهد إسرائيلي مُخطط سينقلها من إطار ثنائي ضيق إلى إطار جامع أو جماعي، وذلك بعد أن ظلت تتراوح بين حركتي المد والجزر خلال 60 عامًا منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين “إسرائيل” وأول الدول الإفريقية – غانا – التي تبادلت العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني عام 1956″، بهذه الكلمات استهل السفير بلال المصري – سـفـيـر مصر السابق لدى أنجولا وساوتومي والنيجر -، ورقته البحثية تعليقًا على قمة توجو.
المصري أوضح كيف نجحت الدبلوماسية الإسرائيلية في توسيع نفوذها داخل إفريقيا وهو ما أدى إلى تأسيس علاقات جيدة لها مع 40 دولة من بين 48 دولة بإفريقيا جنوب الصحراء، كاشفًا أن “تلك الجهود الناجحة تشير إلى كفاءة وحرفية عالية لجهازي الدبلوماسية والدعاية الإسرائيليين وبالطبع إلى خمول وترهل وعدم انضباط الأجهزة العربية المناظرة لأسباب مختلفة”.
هذا وقد مرت العلاقات الإسرائيلية الإفريقية بخمس مراحل زمنية، كان لكل مرحلة منها خصوصياتها وسماتها التي دفعت تل أبيب للتعامل معها على حدة، ووفق ما تتطلبه المستجدات السياسية حينها.
وللوقوف على العلاقات الصهيونية – الإفريقية، كانت هذه الإطلالة السريعة على أبرز مراحل تطور العلاقات الإسرائيلية الإفريقية:
– المرحلة الأولى: شرعنة الكيان (1948 ـ 1957)، فبعد قيام الكيان الصهيوني عام 1948 وضع صنّاع القرار في تل أبيب تأسيس علاقات قوية تفرض شرعيتهم على قائمة الأهداف التي يسعون لتحقيقها في السنوات الأولى لقيام دولتهم المحتلة، ومن ثم كانت القارة السمراء – التي كان معظمها مستعمرات أوروبية – هدفًا أمام الدبلوماسية الصهيونية.
– المرحلة الثانية: التغلغل (1957 ـ 1973) وتعد هذه المرحلة البداية الحقيقية للعلاقات الإفريقية – الصهيونية، حيث كانت “إسرائيل” أول دولة أجنبية تفتح سفارة لها في أكرا بعد أقل من شهر واحد من حصول غانا على استقلالها 1957م، وقد لعبت السفارة الإسرائيلية في أكرا دورًا كبيرًا في تدعيم العلاقات بين البلدين، وهو ما دفع إلى افتتاح سفارتين آخرتين في كل من منروفيا وكوناكري.
– المرحلة الثالثة: المقاطعة (1973 ـ 1983) حيث قاطعت معظم الدول الإفريقية الكيان الصهيوني خلال حرب أكتوبر 1973، فتقلص عدد الدول التي تقيم علاقات دبلوماسية مع تل أبيب من 25 دولة إفريقية إلى 5 فقط.
– المرحلة الرابعة: استعادة العلاقات (1982 ـ 1991)، كثفت تل أبيب نشاطها الدبلوماسي في إفريقيا بعد انتهاء حرب أكتوبر، والوصول إلى اتفاق سلام مع الجانب المصري، وفي عام 1982م أعلنت زائير عودة علاقاتها مع “إسرائيل”، لأن الرئيس موبوتو كان بحاجة ماسة للمساعدات العسكرية الإسرائيلية ولا سيما في ميدان تدريب الجيش وحرسه الجمهوري.
المرحلة الخامسة: التطبيع (1991)، حيث نجح الكيان الصهيوني في تطبيع علاقاته مع العديد من دول القارة بسبب عدد من المتغيرات الإقليمية والدولية، منها: سقوط النظم الشعبوية والماركسية اللينينية في إفريقيا، الدخول في العملية التفاوضية بين العرب وإسرائيل منذ مؤتمر مدريد، وفي العام 1992 فقط أعادت ثماني دول إفريقية تطبيع علاقاتها مع “إسرائيل”، وطبقًا للبيانات الصهيونية فإن عدد الدول الإفريقية التي أعادت علاقاتها الدبلوماسية أو أسستها مع “إسرائيل” منذ مؤتمر مدريد في أكتوبر 1991م قد بلغ ثلاثين دولة، وفي عام 1997م بلغ عدد الدول الإفريقية التي تحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع “إسرائيل” 48 دولة.
مرت العلاقات الإسرائيلية الإفريقية بخمس مراحل زمنية، كان لكل مرحلة منها خصوصياتها وسماتها التي دفعت تل أبيب للتعامل معها على حدة، ووفق ما تتطلبه المستجدات السياسية حينها
لماذا الاهتمام بغرب إفريقيا؟
تسعى “إسرائيل” من خلال تحركاتها والتوغل في منطقة غرب إفريقيا إلى تحقيق عدة أهداف منها:
أولاً: تشويه المقاومة الفلسطينية.. وذلك من خلال محاولة الربط بين حركات المقاومة لا سيما حماس والجهاد الإسلامي بالتنظيمات الإرهابية المسلحة في دول غرب إفريقيا، مما يساهم في تشويه صورتها لدى شعوب تلك المنطقة التي تتعاطف في كثير من الأوقات مع القضية الفلسطينية.
جدير بالذكر أن إفريقيا كانت الكتلة التصويتية الأهم والأثقل فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وكانت مواقف بعض الدول الإفريقية خاصة في فترة ما بعد الاستقلال أي في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي أقوى – ربما – من مواقف بعض الدول العربية نفسها.
ثانيًا: التأييد في المحافل الدولية.. تسعى الخارجية الإسرائيلية إلى الحصول على تأييد ودعم دول غرب إفريقيا لتوجهاتها في المحافل الدولية، وهو التحرك الذي بدأت تل أبيب تكثف من خطواته في أعقاب الصفعة التي تلقتها من السنغال إثر تقديمها لمشروع قانون مجرم للاستيطان صادق عليه مجلس الأمن الدولي، مما دفع دولة الاحتلال إلى إعادة النظر في علاقاتها الإفريقية.
الحديث عن تحركات مصرية لمناهضة التوغل الإسرائيلي في غرب إفريقيا يأتي من باب السخرية في ظل الاستسلام الكامل لما تقوم به تل أبيب في العمق الجنوبي المصري
ثالثًا: مناهضة النفوذ الإيراني.. تهدف “إسرائيل” إلى تجفيف منابع تمويل حزب الله المدعوم إيرانيًا في إفريقيا، ونظرًا لما تمثله منطقة غرب إفريقيا كونها رافدًا ماليًا أساسيًا للجالية اللبنانية المعروف دعهما للحزب، فقد انصب اهتمام أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ودوائر النفوذ الاقتصادي على بعض بلدان هذه المنطقة، المعروفة بالتأثير الاقتصادي والسياسي للجالية اللبنانية مثل ليبيريا وساحل العاج.
رابعًا: التبادل التجاري.. يعد تعظيم التعاون الاقتصادي مع دول غرب إفريقيا أحد أهم دوافع التقارب الإسرائيلي الإفريقي، حيث تشير الإحصائيات إلى ضعف حجم هذا التبادل بين الطرفين، وهو ما كشفته العديد من التقارير الاقتصادية الحديثة.
المال والدعم العسكري.. سلاحا تل أبيب للتوغل داخل إفريقيا
هل يقوى العرب على المواجهة؟
رغم ما نقله الموقع العبري بشأن قلق الخارجية الإسرائيلية من تحركات بعض الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها مصر ونيجيريا والمغرب بشأن محاولة إجهاض قمة توجو عبر الضغط على قادة الدول الإفريقية بعدم المشاركة فيها، فإن الواقع ينافي تمامًا هذا القلق المزعوم.
مصريًا.. تحيا القاهرة وتل أبيب حالة من الانسجام والوفاق غير مسبوقة في تاريخ البلدين، حيث تعد مصر رمانة الميزان التي تعمل على زيادة رقعة التطبيع مع الكيان الصهيوني من خلال ثقلها الإقليمي وهو ما يأتي في إطار صفقة القرن.
ومن ثم فإن الحديث عن تحركات مصرية لمناهضة التوغل الإسرائيلي في غرب إفريقيا يأتي من باب السخرية في ظل الاستسلام الكامل لما تقوم به تل أبيب في العمق الجنوبي المصري، على سبيل المثال دعم “إسرائيل” لإثيوبيا ولمشروع سد النهضة ومع ذلك لم يسمع عن القاهرة أي ردة فعل حيال تلك التحركات التي تهدد مستقبل مصر المائي.
مغربيًا.. رغم ما يبديه المغرب من عداء في الظاهر لـ”إسرائيل”، فإن العلاقات بين البلدين تشهد تطورًا متزايدًا، وهو ما تعكسه العديد من المحطات التاريخية التي تجسد حجم التنسيق والتعاون المشترك، لا سيما العسكري والأمني والاقتصادي.
تسعى تل أبيب للحصول على تأييد ودعم دول غرب إفريقيا لتوجهاتها في المحافل الدولية، وذلك في أعقاب الصفعة التي تلقتها من السنغال إثر تقديمها لمشروع قانون مجرم للاستيطان صادق عليه مجلس الأمن الدولي
ففي تقرير أصدره اتحاد الصناعات الإسرائيلي بداية الألفية الحالية عن حجم العلاقات الاقتصادية التي كانت قائمة بين البلدين، قال فيه إن المغرب من أقرب الأصدقاء لـ”إسرائيل”، إذ قفز حجم الواردات الإسرائيلية من المغرب بنحو 62%، ووصل إلى 830 ألف دولار في السنة.
ومن هنا ورغم ما تبديه الرباط من انزعاج للتحركات الإسرائيلية في غرب إفريقيا الذي يمثل تهديدًا واضحًا للأمن القومي المغربي، فإن ذلك سيتوقف عند حد طمأنة تل أبيب لأصدقائها في المغرب بشأن عدم المساس بما يهدد أمنها، في ظل استعداد كلا البلدين لمزيد من تقريب وجهات النظر.
نيجيريًا.. أما الدولة الثالثة التي أوردها التقرير المنشور بالموقع العبري بشأن ما تمثله من قلق للخارجية الإسرائيلية خشية إفشال قمة توجو فهي نيجيريا، وبالعودة إلى الوراء قليلاً يلاحظ أن العلاقات التي تربط بين البلدين، “إسرائيل” ونيجيريا، تشهد موجة من التنسيق فيما بينهما في كثير من المجالات، على رأسها المجال العسكري حيث تزود تل أبيب صديقتها الإفريقية بالعديد من صفقات السلاح أبرزها صفقة الطائرات دون طيار 2006 والتي وصفت بأنها الأكبر في تاريخ الصفقات الإسرائيلية الإفريقية.
ومن ثم فإن الحديث عن مواجهة عربية إسلامية قوية لمشروع التوغل الإسرائيلي داخل إفريقيا لا يخرج عن كونه محاولة من صحف تل أبيب لتحقيق انتصار زائف على حساب تلك الدول، خاصة في ظل ما يجمعها من علاقات قوية تحول دون تبني أي تحركات تثير قلق وتخوفات الكيان الصهيوني.