على مدينة مأرب اليمنية على بعد 170 كيلو متراً من العاصمة، عاصمة “إقليم سبأ” التي تمتلك كل مقومات التنمية، وتُصدّر النفط والغاز، لكنها في الوقت ذاته واحدة من أشد المحافظات اليمنية فقراً.
ورغم أن عام 1986 شهد أول عملية تصدير للنفط من مأرب عبر شركة “هنت” الأمريكية، إلا أن المحافظة ظلت تعاني الكثير من الانفلات الأمني وضعف الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين.
وبسبب هشاشة مؤسسات الدولة ومؤسساتها العسكرية في مأرب، والتركيبة السكانية التي تشكل القبائل معظمها، لم تستطع السلطات اليمنية بسط نفوذها على كثير من المناطق هناك، مما ساعد الكثير من الجماعات في التوسع والتكاثر في هذه المحافظة، وعلى رأس هذه الجماعات تنظيم “القاعدة”.
وفي الدولة الإتحادية التي يجري تشكيلها في اليمن، تم اختيار مأرب لتكون عاصمة هذا الاقليم، الذي تنضوي تحته كذلك كل من محافظات “البيضاء”، و”الجوف” اللتان تتشابهان جميعا في في كونهم بيئة خصبة للقاعدة.
ويُعد “إقليم سبأ”، الإقليم الوحيد الذي ينتج النفط من أقاليم الشمال اليمني الأربعة، بينما تعتمد بقية الأقاليم على ثروات أخرى.
ضم محافظة الجوف إلى “إقليم سبأ” رفضته جماعة الحوثي الشيعية، حيث كانت الجماعة المتمردة – والتي تتخذ من محافظة صعدة شمال اليمن مقراً لها- ترغب أن يجمعها إقليم واحد مع محافظة الجوف الغنية بالثروات، لكنها جاءت في “إقليم أزال” الخالي من الثروة أو أي منفذ بحري إلى جانب محافظات “عمران، وصنعاء، وذمار، وهو ما حدا بالجماعة إلى رفض التقسيم والقول بأنه يُقسم اليمن إلى أغنياء وفقراء.
إضافة إلى النفط، فيقول مراقبون أن ما ما يرفع حظوظ هذا الإقليم مستقبلاً هو الثروة المعدنية والنفطية الموجودة على أراضيه، فإضافة إلى النفط والغاز الذي يستخرج من محافظة مأرب منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، أعلنت اليمن الأيام الفائتة اكتشافا ضخما للغاز في محافظة الجوف، إضافةً إلى احتضان عاصمة الإقليم للمحطة الكهربائية الغازية، التي تغذي معظم المحافظات اليمنية بالطاقة.
عبد الله جرادان وهو مدير مديرية “الوادي” يرى أن نظام “فيدرالية الأقاليم” يحمل مستقبلاً واعداً لمحافظة مأرب، حيث أن “الأقاليم ستلغي المركزية التي عبثت بالوطن في العهود السابقة، وحرمت مأرب من التنمية على مدى عقود”، على حد قوله.
وتحتوي مديرية “الوادي” الواقعة ضمن محافظة مأرب من “إقليم سبأ” على أحد أشهر المعالم السياحية والأثرية في اليمن، وهو “عرش بلقيس”، نسبةً إلى الملكة بلقيس التي حكمت اليمن في عهد النبي سليمان عليه السلام، وذكرت قصتها المشهورة في القرآن الكريم، و لا يزال “عرش بلقيس” الشهير يفتح أبوابه للزوار مقابل دفع رسوم رمزية تعادل 1.15 دولارا.
النشاط السياحي في مأرب شهد تدهوراً كبيراً في السنوات الأخيرة بسبب الحالة الأمنية مما أثر بشكل كبير على حركة السياح الوافدة إلى المدينة لكن مدير مديرية الوادي قال “إن السياحة في مأرب ستنتعش مجدداً، داعيا إلى ضرورة اشراك أبناء المحافظة في النشاط السياحي، وهم من سيتكفلون بحماية الوفود الأجنبية وتسهيل طريقها من العاصمة إلى مأرب والعكس”.
ويعمل غالبية أبناء “مأرب”، في الزراعة والتجارة، حيث تزرع مأرب في فصل الصيف الكثير من المحاصيل الزراعية وعلى رأسها البرتقال، بالإضافة إلى القمح الذي يزرع غالباً للاستهلاك المحلي، في ظل انخفاض الأرباح وارتفاع تكاليف زراعته.
وتم الاتفاق مؤخراً على إعلان اليمن دولة اتحادية -فيدرالية- مكونة من 6 أقاليم وفقاً للمعايير العلمية والأمنية، حيث يشمل الإقليم الأول: المهرة، وحضرموت، وشبوة، وسقطرى، ويسمى “إقليم حضرموت” وعاصمته المكلا،أما الإقليم الثاني فيشمل: الجوف، ومأرب، والبيضاء، ويسمى “إقليم سبأ” وعاصمته سبأ، والإقليم الثالث: عدن، وأبين، ولحج، والضالع، ويسمى “إقليم عدن” وعاصمته عدن، والإقليم الرابع يشمل: تعز، وأب، ويسمى”إقليم الجند” وعاصمته تعز، والإقليم الخامس سيشمل: صعدة، وصنعاء، وعمران، وذمار، ويسمى “إقليم أزال” وعاصمته صنعاء، أما الإقليم السادس فيشمل: الحديدة، وريمة، والمحويت، وحجة، ويسمى “إقليم تهامة” وعاصمته الحديدة.