لم يكن يخطر ببال المعارض السعودي البارز غانم حمود المصارير الدوسري أن فيديوهاته المنشورة على “اليوتيوب” ستنتشر كالنار في الهشيم داخل السعودية وخارجها، بفضل أسلوبه الفريد في الإلقاء والجمع بين الجد والهزل في نقد الأوضاع المزرية داخل المملكة.
“الدوسري” الذي غادر السعودية في العام 2003 هربًا من بطش الأنظمة الملكية الديكتاتورية المتعاقبة والتي لم ترقب في المعارضين والمصلحين من السياسيين والدعاة إلا ولا ذمة، اختار سلاح الكلمة الساخرة لمواجهة من يسميهم بـ”سلاتيح المباحث” و”دبابيس آل سعود”.
بسرعة كبيرة تحول غانم الدوسري إلى معارض شرس قض مضاجع آل سعود بمختلف تفريعاتهم، فتراه يهاجم الملوك والأمراء مع ذكر ما لهم وما عليهم، وبالكاد يسلم أحدهم من لسانه الناقد والفاضح لتاريخهم وحاضرهم المذكور في كتب التاريخ ومذكرات الدبلوماسيين العرب والغربيين الذين عملوا في المملكة.
غانم الدوسري لا يغيب عن “اليوتيوب” أكثر من أسبوع كما أنه دائم التغريد على حسابه الرسمي بموقع “تويتر”
منذ إنشاء قناته الخاصة على “اليوتيوب” في 12 من أكتوبر 2015، فاق عدد مشاهدات فيديوهات الدوسري الـ130 مليون مشاهدة، أبرزها “فضيحة الأمير محمد بن نواف آل سعود السفير السعودي في لندن” و”فضيحة الأميرة حصة بنت الملك سلمان في فرنسا” و”فضيحة: أميرة سعودية في فرنسا تجبر رجلًا على تقبيل قدمها” والتي تجاوز ثلاثتها 16 مليون مشاهدة في أقل من عام.
غانم الدوسري لا يغيب عن “اليوتيوب” أكثر من أسبوع كما أنه دائم التغريد على حسابه الرسمي بموقع “تويتر”، حيث إنه يقدم حلقة أو حلقتين أسبوعيًا للتعليق على الشأن السعودي، ومن أشهر برامجه “مرخانيات” و”الجنادرية” و”فضفضة” وكل واحدة من هذه الحلقات تتميز بأسلوبها الخاص.
يحلو للدوسري تلقيب نفسه بـ”قاهر آل سعود” وهو الوصف الذي ينتشي متابعوه عند سماعه أو مناداته به، ولعل هذا اللقب يحمل جانبًا كبيرًا من الصحة، فالأخير أصبح علامة فارقة ورمزًا للمعارضة بالسخرية داخل بلدان الخليج العربي، كما أنه نجح في استقطاب فئة غير قليلة من الشباب بل والعائلات السعودية التي تجتمع على التلفاز والحاسوب لمشاهدة فيديوهاته وحفظ بعض المصطلحات التي يرددها.
يعيب البعض على ابن قبيلة الدواسر، وهي إحدى أشهر القبائل في الجزيرة العربية، استخدامه لفيديوهات وصور فاضحة وجريئة لم يتعود عليها المجتمع السعودي المحافظ بالإضافة إلى ترديد بعض المصطلحات التي تعتبر في عرفهم خادشة للحياء
من بين هذه المصطلحات التي انتشرت ووصل صداها لمجلة “الايكونوميست” البريطانية “الدب الداشر”، وهو مصطلح أطلقه الدوسري على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ويقصد بذلك الشخص السمين الضائع أو “الصايع” في العرف الخليجي إضافة إلى “حمودي”، كما يحلو له تسمية الملك سلمان بن عبد العزيز بـ”سلمانكو” و”قطعانكو”، والملك عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة بـ”الملك الموسوس”.
القاموس الخاص بغانم الدوسري والذي أصبح علامة مسجلة باسمه، دفع سعود القحطاني المستشار بالديوان الملكي إلى التصريح بالدور الذي أصبح يلعبه ابن قبيلة الدواسر، حيث قال “دليم” عبر حسابه الرسمي بموقع “تويتر” في 6 من شهر يوليو الماضي “من اللافت أن المصطلحات كافة التي تستخدم للإساءة للقيادة في السعودية من قبل المنشقين السعوديين اُستخدمت من الحسابات التي تم دراستها”.
يعيب البعض على ابن قبيلة الدواسر، وهي إحدى أشهر القبائل في الجزيرة العربية، استخدامه لفيديوهات وصور فاضحة وجريئة لم يتعود عليها المجتمع السعودي المحافظ بالإضافة إلى ترديد بعض المصطلحات التي تعتبر في عرفهم خادشة للحياء، لكن يحسب له توعية “الشعب المسعود الحزين” في “مهلكة سلمانكو اللئيم بن اللئيم” بحقوقهم المهدورة على غرار “الجزية” التي دفعها محمد بن سلمان للرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقابل السماح له بإقصاء ابن عمه محمد بن نايف.
شخصيات عربية كثيرة كشفت إعجابها بفيديوهات “قاهر آل سعود” وشجعت على متابعة تحليلاته وتعليقاته واصفة إياه بالظاهرة التي لا تتكرر كثيرًا
خلال الأشهر الأخيرة ضاعف الدوسري من سرعته، فبدأ بنشر معلومات حساسة تصله من مصادر مطلعة داخل الديوان الملكي، أثبتت الأيام صحة أكثرها على غرار الاستعدادات الرسمية لاستقبال “ترامب” وحاشيته، ما دفع المعارض السعودي المعروف سعد الفقيه لمباركة ما يقوم به غانم من معاملة ابن سعود بمثل الأسلوب الذي يعامل به الآخرين.
في 19 من يوليو الماضي أثار غانم الدوسري الرأي العام السعودي بنشره فيديو للأمير سعود بن عبد العزيز بن مساعد آل سعود وهو يضرب عددًا من المواطنين، من بينهم نساء قال عنهن إنهن جوار، دون معرفة سبب ذلك، الأمر الذي أجبر الملك سلمان بن عبد العزيز على إصدار أمر بإلقاء القبض على الأمير الشاب وإيداعه السجن وجميع من ظهروا معه في مقطع الفيديو المشين.
شخصيات عربية كثيرة كشفت إعجابها بفيديوهات “قاهر آل سعود” وشجعت على متابعة تحليلاته وتعليقاته واصفة إياه بالظاهرة التي لا تتكرر كثيرًا، بل يشاع أن عناصر نافذة داخل النظام السعودي لا تكاد تفوت حلقة من حلقات الدوسري الأسبوعية وتشاهدها متى سنحت لها الفرصة لذلك، بل وينشر الأخير بين الفينة والأخرى صورًا تظهر تعاطفًا كبيرًا معه من داخل الشارع السعودي والعواصم العربية والغربية المختلفة.