أبرمت الحكومة الفلسطينية في رام الله اتفاقًا وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بـ”الاتفاق التاريخي” مع الإدارة المدنية الإسرائيلية يتم بموجبه زيادة حصة الجانب الفلسطيني من الطاقة الكهربائية عبر إقامة أربع محطات جديدة لتوليد الكهرباء في الضفة الغربية.
وجرت مراسم توقيع الاتفاق في حفل رسمي أقيم في قرية “الجلمة” قرب مدينة جنين شمال الضفة الغربية الأحد الماضي، بحضور رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله ووزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية الجنرال يوآف مردخاي.
ونقلاً عن صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية فإن الاتفاق يقضي بإقامة أربع محطات جديدة للكهرباء، تم الانتهاء من تدشين المحطة الأولى في مدينة جنين بطاقة تشغيلية أولية تصل إلى 60 ميغاوات، ثم يتبعها إقامة ثلاث محطات أخرى في مدينتي رام الله ونابلس وقرية ترقوميا وسط الضفة الغربية.
يأتي هذا الاتفاق تزامنًا مع تقليص السلطة الفلسطينية لكميات الكهرباء الواردة لقطاع غزة عن طريق وقف السلطة تحويل الأموال لشركات الكهرباء الإسرائيلية وهو ما أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني والمعيشي لسكان القطاع حيث لا يتعدى ساعات وصول الكهرباء في غزة أقل من ثلاث ساعات يوميًا.
تعتمد الضفة الغربية بشكل أساسي على الجانب الإسرائيلي في توفير خدمة الكهرباء منذ احتلالها في العام 1967
من جانبه أكد القائم بأعمال رئيس سلطة الطاقة برام الله المهندس ظافر ملحم، أن “من شأن هذا الاتفاق حل مشكلة العجز في كميات الكهرباء الواردة لسكان الضفة الغربية، التي تعاني من تقطع مستمر في التيار الكهربائي في ذروة فصل الصيف والشتاء لعدم قدرة المحطات التشغيلية على توفير الكميات الكافية من الكهرباء في هذه الفترة”.
وأضاف ملحم في حديث لـ”نون بوست” أن “هذا الاتفاق سيكون حجر الأساس لاتفاق شامل ينص على تكفل الشركات الفلسطينية بتوفير الطاقة الكهربائية في مناطق وجودها على مستوى الضفة الغربية والاستغناء تدريجيًا عن خدمة التيار الكهربائي الواردة من الجانب الإسرائيلي لهذه المناطق ضمن خطة وضعتها الحكومة لهذا الأساس”.
وتوقع ملحم أنه وبحلول العام 2020 سينتهي العمل من بناء محطات توليد الكهرباء الثلاثة التي شملتها الاتفاقية بطاقة إجمالية ستصل إلى 450 ميغاوات، وأن قيمة العقد بلغت 40 مليون يورو جاءت ضمن منحة مقدمة من بنك الاستثمار الأوروبي.
تعتمد الضفة الغربية بشكل أساسي على الجانب الإسرائيلي في توفير خدمة الكهرباء منذ احتلالها في العام 1967، ويبلغ عدد شركات توزيع الكهرباء المسجلة في الضفة الغربية خمس شركات فلسطينية توصل الكهرباء للمناطق الداخلية.
هذا الاتفاق هو الأول الذي تبرمه السلطة الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي منذ سنوات تزامنًا مع وصول مبعوث الرئيس الأمريكي للسلام جيسون غرينبلات للمنطقة
وتمارس “إسرائيل” ضغوطًا على السلطة الفلسطينية عبر تهديدها بقطع التيار الكهربائي عن مناطق الضفة الغربية كنوع من الضغوط السياسية في حال تعثر المفاوضات بين الجانبين أو عند رفض القيادة الفلسطينية للإملاءات الإسرائيلية.
السلام الاقتصادي
ونقلاً عن صحيفة يديعوت أحرونوت فإن هذا الاتفاق هو الأول الذي تبرمه السلطة الفلسطينية مع الجانب الإسرائيلي منذ سنوات تزامنًا مع وصول مبعوث الرئيس الأمريكي للسلام جيسون غرينبلات للمنطقة، ونقلاً عن مصادر إسرائيلية فإنه وللمرة الأولى يقوم وزير إسرائيلي من أعضاء المجلس الوزاري الأمني المصغر بزيارة الضفة الغربية منذ العام 2000.
من جانبه قال القيادي في حركة فتح ورئيس اللجنة السياسية في المجلس التشريعي عبد الله عبد الله: “هذا الاتفاق يعد إنجازًا اقتصاديًا وسياسيًا يسجل ضمن إنجازات القيادة الفلسطينية التي يقودها رئيس السلطة محمود عباس، لتحسين الوضع المعيشي للسكان الفلسطينيين لبناء الدولة الفلسطينية مستقبلاً”.
الدور الأمريكي
وأضاف عبد الله في حديث لـ”نون بوست” أن “القيادة الفلسطينية تثمن الجهود التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام وتثني على موقفه ورؤيته لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهذا الاتفاق جزء من رزمة من الإجراءات التي ستشهدها المرحلة القادمة برعاية أمريكية تركز بشكل أساسي على تحسين الوضع المعيشي للفلسطينيين وتقريب وجهات النظر مع الجانب الإسرائيلي للتوصل لاتفاق سلام شامل يرضي جميع الأطراف”.
السلطة الفلسطينية ترفض تحويل الأموال لشركات الكهرباء الإسرائيلية التي تزود قطاع غزة بالتيار الكهربائي بحجة الأزمة المالية التي تعيشها
وشهدت الفترة الماضية العديد من اللقاءات التي جمعت وزراء من الجانب الفلسطيني والإسرائيلي كان آخرها لقائين منفصلين جمع رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد لله مع وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون في “إسرائيل” أواخر الشهر المنصرم، أما العام الماضي فقد شهد توقيع اتفاق مماثل بين الإدارة المدنية ووزارة الاتصالات الفلسطينية لتزويد الضفة الغربية بخدمة الجيل الثالث للاتصالات.
حماس ترفض
من جانبه أشار القيادي في حركة حماس والذي شغل منصب وزير الاقتصاد السابق في غزة علاء الدين الرفاتي، أن “اتفاقيات السلطة الفلسطينية مع “إسرائيل” وإن كان ظاهرها إنساني لخدمة السكان الفلسطينيين إلا أن تكلفتها السياسية مرتفعة، يتمثل أبرزها بالتخلي عن الثوابت الفلسطينية والتفريط بحقوق الأجيال القادمة وهو أمر ترفضه حركة حماس جملة وتفصيلاً”، على حد تعبيره.
وبين الرفاتي أن “تفاصيل هذا الاتفاق ليست في صالح الفلسطينيين كون “إسرائيل” المتحكمة في وقود محطات توليد الكهرباء التي يزعم إنشاؤها في مدن الضفة الغربية، وهو سيناريو مشابه لما حدث ويجري حاليًا في قطاع غزة”.
وأوضح الرفاتي في حديث “لنون بوست” أن “السلطة الفلسطينية ترفض تحويل الأموال لشركات الكهرباء الإسرائيلية التي تزود قطاع غزة بالتيار الكهربائي بحجة الأزمة المالية التي تعيشها، وتحيل عشرات الآلاف من موظفين غزة للتقاعد بنفس الحجة، ثم تبرم اتفاقات تجارية بعشرات الملايين مع العدو الإسرائيلي، وكأنها رسالة تحدٍ وتهديد للشعب الفلسطيني”.