ترجمة وتحرير نون بوست
عندما يستغل الصحفي جوليان أسانج الفرصة ليشير إلى الحدّ الذي وصلت إليه حملة الحيل القذرة في المملكة العربية السعودية، فيجب أن نعرف أن الحملة التي تشنها وسائل الإعلام السعودية ضد قطر خرجت من إطار كل ما هو معقول لتصل إلى مستوى خيالي فيما يشبه قصة “أليس في بلاد العجائب”.
من مؤسسته في السفارة الإكوادورية، أعرب مؤسس ويكيليكس، جوليان أسانج، عن استيائه في تغريدة له على موقع تويتر، من أن محطة التلفزيون التي تملكها السعودية “العربية”، تنشر “فبركات سخيفة على نحو متزايد” في إطار نزاع البلاد مع قطر، الذي دخل أسبوعه الحادي عشر.
على وجه الخصوص، نشرت العربية اقتباسا لجوليان أسانج يقول فيه إن قطر دفعت له أموالا ضخمة لعدم نشر برقيتين تتعلقان بقطر. وإلى جانب هذه الادعاءات العبثية، كان الهجوم الذي شنته محطة التلفزيون “العربية” على صحيفة “الإندبندنت” و”نيوزويك” في نهاية الأسبوع غير معقول البتة.
في الواقع، تعرضت الصحيفتان لهجمة بسبب تغطيتهما للغضب والاستياء الدولي الذي تفجّر بسبب شريط الفيديو، الذي بثته القناة السعودية والذي يُظهر صورا لطائرة عسكرية سعودية تطلق صاروخا على طائرة ركاب قطرية بعد دخولها المجال الجوي السعودي. وتجدر الإشارة إلى أن المملكة العربية السعودية أغلقت حدودها مع قطر في حزيران/ يونيو الماضي، عندما فرضت حصارا دبلوماسيا واقتصاديا على البلاد بسبب دعمها المحتمل للتطرف وتقربها من إيران، عدوة دول الخليج.
على خلفية نشر هذا الفيديو، تقدمت قطر بشكوى إلى منظمة الطيران المدني الدولي تتهم فيها السعوديين بمحاولة “ترهيب” المسافرين. كذلك، ليس من المستغرب أن تقوم العربية بشن هذا الهجوم المريب مدعية أن وسائل الإعلام الغربية قد ضللت متابعيها من خلال نقلها الخبر بشكل غير واضح.
في الوقت الذي تحظى فيه الجزيرة باحترام دولي، أصبحت تبدو محطة العربية، وفقا لكلمات جوليان أسانج، “سخيفة جدا”.
والجدير بالذكر أن هذا الفيديو يبدأ بمشهد لطائرة عسكرية سعودية تجبر طائرة ركاب، تحمل شعار الخطوط الجوية القطرية، على الهبوط بسبب دخولها لمجالها الجوي. وفي حين تظهر الصور التالية إطلاق صاروخ على الطائرة وهي في الأجواء تبيّن أن الطائرة التي ظهرت في تلك المشاهد لم يكن عليها شعار الخطوط الجوية القطرية. وبناء على هذا المعطى، ادعت العربية أن الطائرة لم تكن للخطوط الجوية القطرية في ذلك الفيديو.
في هذا السياق، لا أعتقد أن ما ادعته المحطة صحيح، خاصة أن الفيديو في المقطعين هو نفسه والأمر سيان بالنسبة للصور ولصوت المعلق، الذي يتحدث عما يمكن للسعودية أن تفعله وفقا للقانون الدولي في حال دخلت طائرة قطرية مجالها الجوي. كما أن الطائرة في النهاية هي نفسها وليس كما تقول العربية. فعلى سبيل المثال، إذا كانت تمشي كبطة وتعوم كبطة وتبطبط كالبطة، إذن هي بطة”، ثم من هي الدولة التي أغلقت السعودية حدودها معها غير قطر؟
في الحقيقة، لن يكون المسافر القطري أقل رعبا من الطيار، الذي كان على وشك أن يفقد اتجاهاته بسبب إزالة شعار الخطوط الجوية القطرية في النصف الثاني من الفيديو. وإلى جانب استهداف العربية لصحيفة الإندبندنت بسبب تغطيتها لتلك القصة، عرضت المحطة تقريرا عن صحفي بمجلة نيوزويك كان قد كتب القصة إلى مجلته، حيث أشارت إلى أن “الكاتب كان قد ظهر مرارا على شاشة قناة الجزيرة العربية التي شنت حملة ضد الدول المقاطعة لقطر”، فكيف يجرأ على ذلك”.
في واقع الأمر، أليست الجزيرة القناة نفسها التي ورد مطلب إغلاقها ضمن المطالب الثلاثة عشر، التي طرحتها الدول المحاصرة لقطر لإنهاء حصارها. ونتذكر كيف ردت قطر ساعتها بأنها مستعدة لإغلاق الجزيرة إذا أغلقت السعودية العربية. وفي الوقت الذي تحظى فيه الجزيرة باحترام دولي، أصبحت تبدو محطة العربية، وفقا لكلمات جوليان أسانج، “سخيفة جدا”.
من جهة أخرى، يوجد مثال آخر على ما تقوم به السعودية وإعلامها، وهو كيفية عرض اللقاء الذي جمع الشيخ القطري، ابن عم أمير دولة قطر، بولي العهد، محمد بن سلمان، في السعودية ووصفه بأنه وسيط بين البلدين. ولم يقتصر الأمر على رؤية ولي العهد فحسب، بل تم نقله أيضا إلى المغرب للقاء الملك سلمان نفسه الذي يقضي عطلته هناك.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، أحد أقرباء الأمير الحالي، ويعيش في السعودية ومتزوج من امرأة سعودية. وعلى خلفية ذلك اللقاء، أصبح الشيخ يحظى بقرابة 250 ألف متابع على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
ازدادت شعبية الشيخ تميم بن حمد آل ثاني منذ اندلاع الأزمة يوم 5 حزيران/ يونيو الماضي. ويثبت ذلك صور الأمير التي تزين المباني وتعج بها مواقع التواصل الاجتماعي.
فضلا عن ذلك، تدفق سيل من المطالب التي تنادي أمير قطر الحاكم، الشيخ تميم، بالتنحي عن الحكم، مستخدمين هاشتاغ “عبد الله هو مستقبل قطر”. ومن المضحك جدا أن يكون ما تقوم به العربية محاولة جادة للإطاحة بالأسرة الحاكمة في قطر. ولكن، التقرير الذي نشرته “العربية” يذهب إلى حد بعيد، حيث أظهر صورة “الشيخ المذعن” للنظام السعودي، معلقة “الشيخ عبد الله آل ثاني الحكيم”، و”مثل النور في نهاية النفق”.
من جانب آخر، حاولت قناة العربية أن تروي قصة حول كيفية توسط عبد الله بين البلدين لتسهيل حج القطريين المسافرين هذا الشهر إلى المملكة العربية السعودية. ويُعد الحج إلى مكة المكرمة فريضة على كل مسلم يجب أن يقوم بها مرة واحدة في حياته إذا كان قادرا على ذلك. وقد استغلت السعودية هذه الفرصة لتوجيه دعوة خرقاء إلى شعب قطر للتخلي عن حاكمهم.
في الحقيقة، ازدادت شعبية الشيخ تميم بن حمد آل ثاني منذ اندلاع الأزمة يوم 5 حزيران/ يونيو الماضي. ويثبت ذلك صور الأمير التي تزين المباني وتعج بها مواقع التواصل الاجتماعي. فضلا عن ذلك، نشر موقع البوابة، الذي يتخذ من الأردن مقرا له، ولديه الكثير من المكاتب في العالم العربي، مقالا تحت عنوان “نمط الأخبار الوهمية لأزمة الخليج: محطة العربية، لا، إن القطريين لا يتوسلون أميرهم للتنحي”.
في سياق متصل، أشار موقع البوابة في تقريره إلى أنه من خلال “إجراء عمليات بحث عن كثب، يَظهر أن التغريدات التي تنشرها العربية كانت من حسابات سعودية. وخير دليل على ذلك، إذا تم إجراء عملية بحث سريعة عن هاشتاع “تنحى تميم” فسينكشف بسرعة أن القطريين يغمرون موقع تويتر بتغريدات يدعمون من خلالها أميرهم”. لذلك، يعد ما تحاول العربية القيام به أمرا سخيفا.
المصدر: الأندبندنت