فجر يوم 19 يناير/كانون الثاني الجاري، بتوقيت تركيا، انطلقت مركبة فضائية من مركز كنيدي التابع لوكالة “ناسا” بولاية فلوريدا، وعلى متنها العقيد طيار بقاعدة “أضنه” الجوية التركية، ألبير غزر أوجي (43 عامًا) كأحد أفراد المهمة العلمية “Ax-3” المتجهة إلى محطة الفضاء الدولية، إذ سيشارك أوجي في أبحاث فلكية وطبية لصالح جامعات تركية.
أوجي أول رائد فضاء تركي، بعدما اختير من بين 36 ألف متقدم للالتحاق بالمهمة، متخطيًا فحوصات طبية ونفسية واختبارات متقدمة في الرياضيات والهندسة والفيزياء، ثم أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 29 أبريل/نيسان الماضي، اختيار “البطل الذي حقق نجاحات مهمة في الجيش التركي” للمشاركة في المهمة الدولية.
لكن ما علاقة أوجي بملف الانتخابات البلدية التركية، التي ستقوم اللجنة العليا للانتخابات، خلال ساعات، بإجراء القرعة التي سيتم بموجبها تحديد مواقع الأحزاب السياسية في أوراق الاقتراع وإعلان الشكل النهائي لأوراق الاقتراع، قبل انتهاء الموعد الأخير لإبلاغ الأحزاب السياسية باللجان الانتخابية وبقوائم المرشحين، خلال الفترة من 27 حتى 31 يناير/كانون الثاني، بحسب الجدول الزمني للانتخابات؟
قد لا يعرف البعض أن مهمة أوجي غير المسبوقة بتركيا، التي تتزامن مع الذكرى الخامسة لتأسيس وكالة الفضاء التركية، تحقق أهم أهداف البرنامج الفضائي الطموح للبلاد، وتعيد التذكير بالمستهدفات الـ10 التي أعلنها أردوغان، خاصة “الوصول للقمر” ضمن طموحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودستورية، لدخول المئوية الثانية من عمر الجمهورية، عقب إعادة ترتيب المشهد العام في البلاد.
الاستحقاق الثالث
وفيما حسم “تحالف الشعب” بقيادة أردوغان، الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية، الصيف الماضي، فإن إعادة ترتيب المشهد السياسي ترفع مستوى رهان التحالف “الحاكم” على حسم النسخة الثانية من الانتخابات البلدية، في ظل نظام الرئاسة التنفيذية، المطبق منذ استفتاء أبريل/نيسان 2017، سواء على صعيد المدن الكبرى، كإسطنبول وأنقرة وإزمير، أم على المقاعد الأخرى في باقي الولايات.
تشكل الانتخابات البلدية التركية، المقرر لها 31 مارس/آذار المقبل “جولة إعادة” لأردوغان نفسه، الحريص على “عدم الخسارة في الانتخابات البلدية” على حد وصف الكاتب الصحفي التركي بصحيفة “قرار” أحمد تاشجتيران، كثالث أهم الاستحقاقات السياسية في البلاد، وهذه الدورة تحديدًا تحظى بأهمية مضاعفة، في ظل رغبة القيادة السياسية التركية في الانطلاق نحو المستقبل.
ولن يتحقق هذا الانطلاق دون توافق دوائر صنع القرار على المستويين العام والمحلي، الممثل في البلديات التركية، بدورها الوسيط في التعامل المباشر مع الجماهير وتقديم الخدمات لهم وقياس رضاهم عن الأداء العام لمؤسسات الدولة. ومن شأن إعادة ترتيب المشهد العام في البلاد، عقب حسم نتائج الانتخابات البلدية، البدء في تحويل الطموحات المعلنة قبل المئوية الثانية إلى واقع.
تتعدد ملامح المئوية الجديدة، أو ما يسمى بـ”قرن تركيا” بحكم محاوره الأساسية: الأمن، الاستقرار، التنمية، القوة، النجاح، السلام، العلم، دعم الشعوب، الإنتاجية، المواصلات، الاستثمار في الإنسان، رفاهية المواطن، تمكين الشباب، والتركيز على البنية التحتية للتكنولوجيا والاتصالات، والمواصلات المتفرعة إلى الإنترنت، والأقمار الصناعية، ومحطة الفضاء، والاكتفاء الذاتي من التسليح، وتصدير الفائض منه.
تمثل “مئوية تركيا” بحسب أردوغان: “خريطة طريق شاملة من شأنها أن ترفع مكانة بلدنا فوق مستوى الحضارات المعاصرة، وتصميم أمتنا على تحقيق أحلامها التي تعود إلى قرون والمضي نحو أهداف أعظم بكثير، وهي تجسيد شعبنا وبناء مستقبله بروح حرب الاستقلال. سنحول هذه الرؤية تدريجيًا إلى واقع باتحاد شعبنا، وتناغم السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وأجهزة الدولة”.
خطوط عريضة
الرهانات المرتبطة بحسم الانتخابات البلدية المقبلة في تركيا، سيكون لها دور واضح في تحديد الخطوط العريضة للبلاد، التي لن تتوقف عند إعادة تعريف تركيا، بل ستشمل تحديد خياراتها وانتماءاتها سياسيًا وإستراتيجيًا وحضاريًا، والخروج بالبلاد من مربع الاستقطاب المحلي والإقليمي الذي تمدد بقوة، لظروف وملابسات كثيرة، خلال الفترة من عام 3013 حتى صيف 2022.
وتسببت نتائج الانتخابات البلدية السابقة عام 2019، في عرقلة جزء من خطط أردوغان، ليس فقط الترسيخ للهوية الوطنية التي يتبناها، بل ورغبته في إعادة هندسة المجتمع التركي، خاصة في المناطق التي لا يحظى فيها حزب العدالة والتنمية بالشعبية الكافية، ومن ثم تزيد الرهانات على حسم الانتخابات المرتقبة التي ستشكل عامل دفع – مع صلاحيات نظام الرئاسة التنفيذية – لهذه الخطط.
ولم يتأخر أردوغان في المبادرة بتشكيل لجان داخلية لتجاوز الخلل الداخلي وتبني سياسات تعيد تقديم الحزب للمشهد السياسي وتعزز صدارته للأحزاب التركية، وفق نهج احتواء داخلي واضح، طوال الخمس سنوات الماضية، وتكشف عن إستراتيجية الحزب عن محاصرة الخلافات حتى لا تؤثر على التماسك الداخلي، مع استجابة متواصلة للتحديات، تتبدى في عملية تغيير وتجديد الهياكل القيادية.
ومما يحفز أردوغان و”تحالف الشعب” الحاكم، بقيادة حزب العدالة والتنمية، أن فرصة أحزاب المعارضة التي كانت قوية خلال الانتخابات البلدية عام 2019، لم تعد كذلك خلال الجولة المرتقبة، نتيجة انهيار معظم التحالفات الحزبية – السياسية، ومن ثم يرى الفرصة مهيأة للاستفادة من صلاحيات الإدارات المحلية وخططها الاجتماعية، في تحقيق مستهدفاته السياسة.
“العلمانية المحايدة”
يعمل أردوغان على تطوير النزعة القومية التركية التي اعتمدت منذ عام 1875 حتى 1924، على روابط مشتركة ثقافية وعرقية “أمة تركية، دينها الإسلام، وحضارتها أوروبية” قبل أن يبادر مؤسس الجمهورية مصطفى كمال آتاتورك بالفصل بين السلطتين الدينية والسياسية (إلغاء الخلافة الإسلامية في مارس/آذار 1924) مؤسسًا لـ”قومية تركية لا تقبل التعدد أو التقسيم”.
ظلت نظرة آتاتورك للقومية تعتمد على أن “المواطنة، يجب أن تقتصر على مجموعة إثنية، ثقافية، دينية أو هوية واحدة” وتشدد في تبني “القومية العلمانية” لمد الجسور مع الغرب الأوروبي، لكن أردوغان يتبنى “العلمانية المحايدة” التي تعتمد على ثنائية القومية التركية والمشروع الإسلامي، (علمانية بنكهة دينية)، ويمثل الدين فيها أحد مظاهر الحريات، شكلًا ومضمونًا، لكنه لا يتحكم في إدارة سياسات الدولة.
تطورت المنظومة الفكرية التي تحكم حزب العدالة والتنمية بشكل مستمر تحت وطأة المتغيرات الداخلية والخارجية، من حزب “ديمقراطي محافظ” إلى الجنوح نحو اليمين، منذ عام 2015، قبل تحالفه المباشر مع حزب الحركة القومية، لكنه يواصل “بناء أُمة، يعتمد مجتمعها على قيم معينة، من بينها أن الإسلام، كرابطة روحية” مع تعزيز التقارب بين الأديان، ودعم التعدد تحت مظلة الدولة الواحدة.
ومنذ تصدره للمشهد السياسي قبل 21 عامًا يؤكد أردوغان أن “العدالة والتنمية، ليس حزبًا إسلاميًا، ونرفض أيضًا تسميات مثل المسلمين الديمقراطيين. أجندتنا، تقتصر على الديمقراطية المحافظة، والحفاظ على الجذور الإسلامية القومية” منذ تأسيسه عام 2001، حيث يحتفظ بمساحة واضحة عن القوميين المتطرّفين: “جمهوريتنا الحديثة، ولدت من رحم الدولة العثمانية، ونحن استمرار لها”.
يتبنى أردوغان تجربة قومية تتناقض مع “الخطاب القومي اليساري” المتشدد، الذي يتبناه حزب الشعب الجمهوري، الذي أسسه آتاتورك، كما يتمايز خطاب أردوغان عن الأحزاب ذات “الجذور القومية” في تركيا؛ حزب الحركة القومية، وحزب الوحدة الكبرى، وحزب الجيد، والديمقراطي، والنصر، وحزب آتا، وغيرها من الكيانات التي تتبنى الهوية القومية.
جولة مهمة
من هنا تشكل الانتخابات البلدية المقبلة، جولة مهمة في المنافسة بين أردوغان وخصومه لترسيخ هذه الهوية، عبر الرهان على أصوات قاطني المدن والطبقات الوسطى والطلاب والشباب والأقليات، وطرق باب التجمعات الكردية في الجنوب، فضلًا عن أصوات البيئات الريفية والطرفية والمتشددة، لاستكمال مشروعه الوطني القومي، كمظلة لجميع الأتراك.
ويشكل حسم ملف الانتخابات البلدية التركية، استكمالًا للبنية المؤسساتية التي يعتمد عليها أردوغان في مشروعه الداخلي، الداعم لتوجهات تركيا الخارجية، إقليميًا ودوليًا، عبر ما سيحظى به صانع القرار التركي من حرية حركة طوال الـ5 سنوات المقبلة، بعد فوزه برئاسة الجمهورية بـ52.87%، من أصوات الناخبين، وحصول تحالفه “الشعب” على الأغلبية البرلمانية بـ321 من إجمالي 600 نائب.
وفق خطابه الدائم، يرغب أردوغان في اصطفاف معظم الأتراك خلف “برنامجه العملي”: “شعبنا، سيصوت لصالح الاستقرار. انتصرنا لممارسة الحقوق والحريات السياسية، وتأكدت موثوقية نظامنا الانتخابي. خلال تاريخنا السياسي احترمنا الإرادة الوطنية” لاستكمال المكتسبات والوفاء بالتعهدات ومواجهة تحديات الأمن القومي، داخليًا وخارجيًا.
ملف الخارج
منذ أن شهد مقر وزارة الخارجية التركية بأنقرة (5 يونيو/حزيران 2023) مراسم تسليم الوزير السابق مولود تشاويش أوغلو، مهام المنصب لخلفه هاكان فيدان القادم من رئاسة جهاز رئاسة جهاز الاستخبارات، الذي أمضى فيه 13 عامًا، تعهد الوزير الجديد بـ”سياسة خارجية تقوم على سيادة إرادة شعبنا، واستقلال الدولة عن جميع مجالات النفوذ” خلال القرن الثاني من عمر الجمهورية.
ووضع أردوغان الخطوط العريضة لهذه السياسية، فور أداء القسم الرئاسي في قصر “جانكايا” بالعاصمة أنقرة، الصيف الماضي: “سيشهد المجتمع الدولي تركيا التي تأخذ المزيد من المبادرات في حل الأزمات العالمية، وتسعى جاهدة لتحقيق السلام والاستقرار في منطقتها، وتعمل بجدية أكبر من أجل تنمية العالمين التركي والإسلامي، وتعزيز المكانة والقوة، وستكون وجهة تركيا إلى الشرق والغرب معًا”.
تعهد أردوغان بـ”مواصلة العمل مع جميع الشركاء والأصدقاء لتأسيس نظام عالمي أكثر عدلًا وسلامًا. لن نتبع سياسة الالتفاف والوقوف موقف المتفرج، سنحارب المنظمات الإرهابية داخل وخارج الحدود، خاصة الجنوبية، وسنستخدم القنوات السياسية والدبلوماسية بفعالية أكبر، وسنوجه التطورات الإقليمية بشكل صحيح، وعبر أساليب متعددة، مع توسيع نطاق تأثير الدبلوماسية الريادية والإنسانية لتركيا”.
طموحات أردوغان
وبالعودة للانتخابات البلدية، فهي تعكس حجم تواجد الأحزاب بين الجماهير، وحجم القناعة بأفكارها وبرامجها المعلنة، ومدى ما يحظى به حزب العدالة والتنمية و”تحالف الشعب” الحاكم من شعبية، فضلًا عن مدى الدعم الشعبي لسياسات أردوغان وتوجهاته الداخلية والخارجية، وفي حال الانحياز للحزب وزعيمه، فإنها ستعطى دفعة معنوية كبيرة للرئيس التركي، على كل الأصعدة.
وفي الانتخابات البلدية، فإن الكتل التصويتية تنحاز، غالبًا، لشخصية المرشح أولًا، ثم مكاسبها الخدمية المتوقعة بعد انتخابه ثانيًا، على عكس معاييرها في الانتخابات العامة. المحترفون في التعامل مع الناخبين الأتراك، يدركون أن الأولوية للخدمات والبرامج، الأكثر قابلية للتنفيذ، وخطط التعامل مع الأزمات الاقتصادية والمعيشية ومردودها الاجتماعي.
في المقابل، تمثل الانتخابات البلدية المرتقبة، معركة فاصلة لأحزاب المعارضة التركية التي أخفقت في الاستحقاقات الانتخابية السابقة، أمام “تحالف الشعب” في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ومن ثم تحاول تحسين موقفها السياسي – الشعبي، وعدم الانعزال عن القواعد الجماهيرية، لا سيما أن البلديات – كما أشرنا سابقًا – هي همزة الوصل المباشرة مع الناخبين، بحكم ما تمثله من أعمال خدمية.
المؤكد أن النتائج التي حققها حزب العدالة والتنمية و”تحالف الشعب” خلال الانتخابات العامة، الرئاسية والبرلمانية، قبل شهور، سيكون لها دور في توجيه شرائح كبيرة من الناخبين، للتصويت للتحالف الحاكم، الذي تنبه لذلك، فدفع بشخصيات قادرة على المواجهة والحسم، جنبًا إلى جنب مع تكثيف الخدمات، حتى يضمن مد الجسور مع الكتل التصويتية التقليدية و”المترددة”.
إعادة ترتيب
تحاول القيادة التركية مجابهة أي مغامرات سياسية داخلية، تضر بالتجربة الشاملة أو تعرقل تعهدات المستقبل، من واقع إعادة النظر في الجدارة السياسية، بمقوماتها ومعايرها، لمجابهة مخاطر تدق باب المجتمع التركي، كتنامي “القومية المتطرفة” خلال السنوات الأخيرة، التي تتبدى من واقع تعاطيها مع قضايا الهجرة واللاجئين وغيرها، وإنهاء الصورة الذهنية بشأن الاستبداد والوصاية والاحتكار السياسي.
وخلال الفترة الوسيطة بين الانتخابات العامة، في الصيف الماضي، والتحضير للانتخابات البلدية المرتقبة، يحاول “تحالف الشعب” طرق باب معاقل المعارضة في المدن الكبرى “إسطنبول، أنقرة، إزمير، أنطاليا، أضنة، مرسين” وكل المناطق الحضريّة، خاصة الساحلية، الجنوبية والغربية، والعمل على إعادة مناصريه، ممن التحقوا بتجارب حزبية جديدة، كحزبي الديمقراطية والتقدم، والمستقبل والوطن.
ويرغب التحالف في تجديد ثقة أتباعه، والأهم تعزيز شعبيته في المشهد السياسي التركي، عمومًا، كما يعمل على الاستفادة من عمق الخلافات بين المعارضة -أحزاب وتكتلات- بسبب تناقض التوجهات الأيدلوجية، وتعهداتها شبه الإنشائية، فيما ترغب الجموع الشعبية فيمن يسهم في سد احتياجاتها المعيشية والخدمية، ويتصدى لمشكلات القطاعات الصحية والتعليمية والإسكان، ويوفر لها فرص العمل.
توجهات المستقبل
منذ عقود، يستشعر أردوغان أهمية البلديات، بحكم ما تتمتع به من استقلالية ودورها في التقرب من الجماهير، وإقناعها بالأجندات الحزبية لكل من يتولى رئاسة بلدية، لذلك. ونتذكر قوله، عام 2017 بمؤتمر القمة الدولية للمدن والمنظمات غير الحكومية، في إسطنبول، إن البلديات هي “سر البقاء في السلطة”، وهي جملة معبرة عما تحظى به الانتخابات البلدية المقبلة من أهمية.
يشعر أردوغان بغصة كلما تذكر نتائج الانتخابات البلدية التي جرت في 31 مارس/آذار 2019، ورغم فوز “تحالف الشعب” بأغلبية مقاعد البلديات الصغيرة، فإن خسارة بلديات كبرى، لم تكن سهلة، وإن كانت اتجاهات التصويت، حينها، ارتبطت بالأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم والبطالة والمطبات الهوائية التي مرت بها الليرة التركية، فضلًا عن حدة الاستقطاب السياسي في البلاد.
يدرك أردوغان أهمية ترتيب البيت من الداخل، عبر صناعة حالة تناغم بين المؤسسات التركية، ومن ثم تشكل الانتخابات المحلية الحالية أحد أهم التحديات لـ”تحالف الشعب” وطموحات أردوغان، مع دخول البلاد للمئوية الثانية، دون أن تتخلى تركيا عن التخوفات التاريخية التي ارتبطت بأجواء المئوية الأولى، حيث تتعرض المنطقة لمزيد من التشرذم والصراعات ونذر الحرب الإقليمية.
تمثل “مئوية تركيا”، بحسب أردوغان: “خريطة طريق شاملة من شأنها أن ترفع مكانة بلدنا فوق مستوى الحضارات المعاصرة، وتصميم أمتنا على تحقيق أحلامها التي تعود إلى قرون والمضي نحو أهداف أعظم بكثير، وهي تجسيد شعبنا وبناء مستقبله بروح حرب الاستقلال. سنحول هذه الرؤية تدريجيًا إلى واقع باتحاد شعبنا، وتناغم السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وأجهزة الدولة”.
نعم، مع الأيام الأولى للمئوية الثانية من عمر الجمهورية، خطت تركيا أولى خطواتها نحو هدف “الوصول للقمر” وتعمل على استكمال خططها، وسط تحديات إقليمية ودولية، لذا يتعهد أردوغان بـ”مواصلة العمل من أجل الحفاظ على الجمهورية ورفعها لمستوى الحضارات المتقدمة”، لكن تظل الرهانات مفتوحة، إذا لم يحدث الاصطفاف المؤسساتي في البلاد، خاصة ملف البلديات كمكون مهم في الاصطفاف المنشود.