تحول “الستيمابانك” إلى ظاهرة ثقافية في بدايات الألفية الجديدة فلم يقتصر وجوده على البقاء ضمن حدود العوالم الأدبية بل اتسع وانتشر في مجالات مختلفة مثل السينما والكوميكس والموسيقي والموضة وألعاب الفيديو.
وبدأت تنظم معارض ومهرجانات في أوروبا وأمريكا للاحتفاء بثقافة الستيمبانك مثل مهرجان Weekend at the Asylum فيعد المهرجان الأكبر في أوروبا ويعقد في شهر سبتمبر من كل عام في إنجلترا.
فما الستيمابانك؟
يعود صك مصطلح الستيمبانك إلى الكاتب ك. و. جيتير، إذ استخدمه لأول مرة في إحدى رسائله لمجلة Locus في محاولة لتوصيف الروايات الخيالية التي تدور أحداثها في العصر الفيكتوري كأعماله “ليلة مورلوك، والآلات الجهنمية”، “هومنكلس” لجيمس بلايلوك، “بوابات آنوبيس” لتيم باورز.
كتب جيتير في رسالته بإيمانه أنه لو وجد مصطلح عام يوصف أعمالهم كجنس أدبي جديد سيمثل دفعة قوية لهذا النوع.
وطبقًا لم. كيث بوكر وآن ماري توماس في كتابهما “المرجع في روايات الخيال العلمي” يتم تعريف الستيمابانك على أنه صيغة من روايات الخيال العلمي ذات شبه من ناحية الفكرة والأسلوب بالمجتمعات المستقبلية، وإن كانت أحداثها تجري في عالم ذي مستوى تكنولوجي يضاهي تقريبًا تكنولوجيا “عصر إدارة الآلات بالبخار” في القرن التاسع عشر، وأغلبها يدور في قالب العصر الفيكتوري بما يجعل لها صلة بروايات التاريخ البديل.
ومع حلول عام 1990 صدرت رواية آلة الفروق The Difference Engine وهي نتاج عمل مشترك بين الكاتبين ويليام جيبسون وبروس ستيرلنج لتصبح أحد النصوص المؤسسة لأدب الستيمبانك وتكسبه شعبية وحضورًا أكبر من ذي قبل.
وتدور أحداث الرواية في العصر الفيكتوري، حيث يصمم تشارلس باباج آلة تحليلية تدور بالبخار مما جعل ثورة الحاسب الآلي تحدث مبكرًا بقرن من الزمان.
في ثلاثية ليفايثان Leviathan والحائزة على جائزة لوكاس لأدب الفانتازيا عام 2010، يتخيل فيها الكاتب سكوت وسترفيلد حربًا عالمية أولى بديلة، حيث يستخدم أحد طرفي الصراع آلات ميكانيكية حربية وميكانات طائرة، بينما يعتمد الطرف الآخر على الهندسة الحيوية فيستخدم وحوش وطائرات حية
وعلى الرغم من أن الستيمبانك نشأ كجنس فرعي من أدب الخيال العلمي فإنه سريعًا ما أصبح فرعًا هجينًا يجمع بين الخيال العلمي والفانتازيا، وكذلك أدب الرعب، فنجده لا يتضمن إعادة تخييل لتاريخ بديل قائم على اختراعات ونظريات القرن التاسع عشر فبمزجه مع الفانتازيا وأدب الرعب يكسب معه الكتاب حرية أكبر لإضافة كائنات خيالية مثل الهومنكلس ومصاصي الدماء.
ففي ثلاثية ليفايثان Leviathan والحائزة على جائزة لوكاس لأدب الفانتازيا عام 2010، يتخيل فيها الكاتب سكوت وسترفيلد حربًا عالمية أولى بديلة، حيث يستخدم أحد طرفي الصراع آلات ميكانيكية حربية وميكانات طائرة، بينما يعتمد الطرف الآخر على الهندسة الحيوية فيستخدم وحوش وطائرات حية.
أو كما في سلسلة مواده المظلمة His Dark Materials لفيليب بولمان يتم تخيل عالم فانتازي بالكامل، وأيضًا لا يقتصر وجوده في الحقبة الفيكتورية وإنجلترا فحسب، فنجد الموزاي الغرب الأمريكي الغريب بإعدادات الستيمابانك كما في روايات Boneshaker لشيري بريست.
ورغم أنه لا يوجد أدب ستيمبانك عربي بعد، فيمكننا تخيله يدور في حقبة الخلافة العثمانية والمملكة المصرية خلال عهد محمد علي باشا.
ولا يتوقف الإطار الزمني للستيمبانك خلال القرن الثامن عشر والحقبة الفيكتورية أو الغرب الأمريكي، بل أدب مستقبلي أيضًا، فنجد نوع ما بعد الكارثة حيث تنهار الحضارة البشرية بسبب إحدى الكوارث ولا تعود كما كانت من قبل، وبدلًا من ذلك تبدأ بنهضة عصر الآلات البخارية، وفي هذا النوع تحديدًا حاول الكاتب أحمد المهدي نسج أحداث روايته “ملاذ.. مدينة البعث” لتكون واحدة من بواكير الروايات العربية في الستيمبانك.
في السينما
تتميز أفلام المخرج الياباني هاياو ميازاكي بأنه يغلب عليها طابع الستيمبانك، ففي فيلم قلعة هاول المتحركة 2004 يتمازج السحر مع الآلات الميكانيكية والحية وصراع مشتعل يستخدم فيه المتحاربان السحر والمركبات الطائرة، وفي فيلم قلعة في السماء 1986 تدور أحداثه حول فتى وفتاة يبحثان عن جزيرة عائمة في الهواء ومطاردان من قبل قراصنة السماء وعملاء سريين، بالإضافة إلى فيلمين آخرين يدوران في عالم ما بعد الكارثة وهما الأميرة مونونوكي 1997 وناوسيكا من وادي الرياح 1984.
ومن السينما الفرنسية فيلم الأنيمشن آبريل والعالم الغرائبي Avril et le monde truqué الصادر عام 2015 والذي يتوقف فيه تطور الحضارة على استخدام الفحم والآلآت البخارية وهو الأمر الذي يؤدي إلى اختفاء الغابات تدريجيًا وتلوث الهواء، بالإضافة إلى حوادث الاختفاءات الغامضة للعلماء كآينشتين وإنريكو فيرمي، ووسط تلك الأجواء تحاول آبريل البحث عن والديها المختفيين.
نجد عصبة متكونة من كابتن نيمو وغواصته الشهيرة نوتيلس ودوريان جراي ودكتور جيكل ومستر هايد وتوم سوير، وآخرون ليكونوا ما أشبه بالأبطال الخارقين للحقبة الفيكتورية
وفي عام 1999 صدر فيلم Wild wild west كإعادة إنتاج لأحد مسلسلات الستينيات ليعبر عن ستيمابانك الغرب الأمريكي/ ما بعد كارثي فنجد دراجات طائرة وسلاح على هيئة عنكبوت ميكانيكي ضخم، وفيلم The League of Extraordinary Gentlemen المأخوذ عن سلسلة كوميكس تحمل نفس العنوان لآلان مور وكيفين أونيل، حيث ضمت العديد من الشخصيات الخيالية المميزة لأدب القرن التاسع عشر لأعمال جول فيرن وأوسكار وايلد وروبرت ستيفنسون وبرام ستوكر وهربرت جورج ويلز ومارك توين.
فنجد عصبة متكونة من كابتن نيمو وغواصته الشهيرة نوتيلس ودوريان جراي ودكتور جيكل ومستر هايد وتوم سوير، وآخرون ليكونوا ما أشبه بالأبطال الخارقين للحقبة الفيكتورية.
ومن المنتظر أن تحول شبكة BBC سلسلة مواده المظلمة لفيليب بولمان إلى مسلسل تليفزيوني قريب، وكل ما نتمناه ألا يجعلونا ننتظر طويلًا.