أثارت مقابلة Mayweather vs McGregor الكثير من الجدل قبل وبعد حدوثها، كل الصحف والقنوات والمواقع والصفحات الاجتماعية بجل أرجاء الكوكب تحدثت عن هذا الحدث الرياضي، وهو الحدث الأبرز ضمن أحداث هذه السنة وبتاريخ الرياضة إجمالاً، ومن ضمن النقاشات التي أثارتها المباراة، خاصة بعد خسارة ماكجريجور الرياضي ذي الشعبية الكبيرة عند محبي رياضة الفنون القتالية المختلطة ufc، نقاش مفاده أن فوز مايويذر، أشهر ملاكم حاليًا، تأتى من ألفته بجو الملاكمة (التي تمت المقابلة بحسب قوانينها الفنية) وهو الجو الغريب نسبيًا على ماكجريجور! وأثيرت تساؤلات عن اللقاء ونتائجه لو تم قلب المقابلة لتكون بشروط الفنون القتالية المختلطة وليس بشروط الملاكمة.
لكن لماذا لا يشارك الملاكمون المحترفون بالفنون المختلطة ufc؟ لسبب بسيط لأنها رياضة للهواة وسهلة بنظر الملاكم المحترف، في الفنون المختلطة من الصعب هزيمة ملاكم عادي، فما بالك بملاكم أسطوري.
في الملاكمة، ليس هناك استغلالاً للهفوات مثل الفنون المختلطة، فهناك يكفي أن تتعثر أو تنزلق قدمك حتى يستغل الخصم الفرصة ويبدأ بركلك قبل أن تدرك ما يحدث.
نأتي للمقابلة، حيث العديد من الناس قالوا بأن الملاكم مايوذر فاز نظرًا لأنه يلعب ضمن مجاله واختصاصه، ولو تمت المقابلة بشروط الفنون المختلطة فماكجريجور سيسقطه بالجولة الأولى، فلماذا لم يسقطه هنا بلكمة أو حتى بلكمات؟! مشكلة هذه الآراء أنها تأتي من جهل بالفهم القتالي، لأن الملاكمة ليست مجرد رياضة بقواعد وشروط، بل أبجدية القتال، إنها “أ ب ت م” أي فن قتالي، فحتى لو اخترت ممارسة الطاي تشي التأملي، ستتمرن على الملاكمة، نقطة الفصل هنا أن مايويذر أستاذ في لغة القتال مقارنة بماكجريجور الذي بدا كأنه تلميذ.
في عالم القتال الرياضي، الملاكمة الفن المعترف به كقتال حقيقي، لو كانت الفنون المختلطة بالأهمية والصعوبة التي يراها فيها متابعوها، لطغت بأضوائها على الملاكمة، لكن أي خبير يدرك أنه يكفي أخذ مايك تايسون للفنون المختلطة ليبدأ بإسقاط المقاتلين تباعًا، ومايويذر يعتبر أخطر من تايسون – بغض النظر عن الأوزان -.
لفهم الأمر بصورة أفضل، تخيل ميسي أو رونالدو ينزل من عصبة الأبطال ليلعب بدوري الكرة الشاطئية، وأنت تقارن صعوبة هذا الدوري مع عصبة الأبطال أو كأس الملك!
تسويق العرض وخبرة الملاكم بأجواء الحلبة والأضواء والمبالغ الخيالية المدفوعة من جانب المتفرجين كلها تساهم في استمرار المقابلة
في الملاكمة، ليس هناك استغلالاً للهفوات مثل الفنون المختلطة، فهناك يكفي أن تتعثر أو تنزلق قدمك حتى يستغل الخصم الفرصة ويبدأ بركلك قبل أن تدرك ما يحدث، هذا أمر مستحيل في الملاكمة، لا يتم القتال إلا عند استعداد الخصمين وجهًا لوجه، ولهذا يتدخل الحكم باستمرار، حتى يستمر قتالاً نبيلاً ما أمكن.
في مقابلة الفجر، تغلب العقل على الغريزة، وأي ملاحظ مهتم يدرك أن مايويذر كان قادرًا على إنهاء المقابلة في الجولة السادسة بأقصى تقدير، غير أن تسويق العرض وخبرة الملاكم بأجواء الحلبة والأضواء والمبالغ الخيالية المدفوعة من جانب المتفرجين، كلها تساهم في استمرار المقابلة التي أوقفها الحكم بالضربة القاضية التقنية، وهي الحالة التي يتدخل فيها الحكم لإيقاف المباراة عندما يرى أن أي لكمة أخرى آتية قد لا تحمد عقباها، وهنا تدخل الحكم خدمة لسلامة ماكجريجور الذي أصبح كسكران بوجه رغيفي، مقارنة بمايويذر الذي تفوق عليه تقنيًا وفنيًا وعضليًا، فماكجريجور لم يعد قادرًا حتى على حمل نفسه، فأين قوة المقاتل وقدرته الجسدية؟! وبالجهة المقابلة مايويذر لا يزال محتفظًا بكامل لياقته البدنية كأنه في نزهة.
لقد كانت مباراة وبنفس الوقت درسًا مفاده أن أهم سلاح قتالي هو العقل.