أطلقت كوريا الشمالية صاروخًا بالستيًا نحو بحر الشرق ليمر فوق اليابان فجر هذا اليوم في تمام الساعة 5:57 بالتوقيت المحلي لكوريا الشمالية، وذلك انطلاقًا من منطقة آسون آن بمدينة بيونغ يانغ عاصمة كوريا الشمالية.
وبعيد إطلاق الصاروخ دعت كل من واشنطن وطوكيو، لجلسة عاجلة لمجلس الأمن بشأن كوريا الشمالية اليوم الثلاثاء في نيويورك حسب ما ذكرت وكالة فرانس برس، وجاءت هذه الدعوة بعد اتفاق كل من رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي والرئيس الأمريكي ترامب، لتصعيد الضغوط على كوريا الشمالية وفق ما قاله آبي.
صاروخ بالستي فوق اليابان
حذرت هيئة الإذاعة والتلفزة اليابانية، المواطنين اليابانيين، ونصح نظام التحذير “جي. أليرت” التابع للحكومة اليابانية سكان المنطقة باتخاذ الاحتياطات اللازمة، عقب إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ حلق فوق اليابان، مع تأكيد الهيئة على أن الصاروح لم يؤثر على الرحلات الداخلية والدولية، ولكنه دفع مشغلي السكك الحديدية في شمال شرقي وشرق اليابان إلى تعليق الخدمات مؤقتًا.
وأعلن الأمين العام لمجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا بعيد إطلاق الصاروخ أنه “تهديد لم يسبق له مثيل وخطير وجسيم لأمتنا”، وأن الحكومة احتجت بأشد العبارات على الخطوة التي أقدمت عليها كوريا الشمالية. كما تكلم رئيس الوزراء الياباني مع الرئيس الأمريكي هاتفيًا لمدة أربعين دقيقة، وصرح قائلاً  : “علينا فورًا عقد جلسة طارئة في الأمم المتحدة وزيادة الضغط على كوريا الشمالية”.
من المتوقع أن تناقش جلسة مجلس الأمن فرض مزيد من العقوبات على كوريا الشمالية
وبحسب رئيس الوزراء الياباني، فإنّ ترامب كرر “الالتزام القوي للولايات المتحدة، بنسبة 100% إلى جانب حليفتها اليابان” بعد هذا “التهديد غير المسبوق”، كما شدد آبي على أهمية دور الصين وروسيا في حض كوريا الشمالية على تغيير سياستها.
نقلت وكالة “يونهاب” عن الجيش الكوري الجنوبي أن المقذوف الذي أطلقته كوريا الشمالية صاروخ بالستي وانتهك المجال الجوي الياباني، وبحسب ما نقلته الوكالة فإن الصاروخ سقط على بعد 1180 كم شرق كيب أريمو، من الطرف الجنوبي الشرقي لجزيرة هوكايدو اليابانية، ويذكر أن هذا أول صاروخ كوري شمالي يعبر الأجواء اليابانية منذ العام 2009، وجاء إطلاقه بعد زيادة التوتر في المنطقة عقب التدريبات الأمريكية الكورية الجنوبية المشتركة.
وسبق هذا الصاروخ في 26 من الشهر الحالي إطلاق بيونغ يانغ ثلاثة صواريخ بالستية قصيرة المدى، اثنان منهما حلقا لمسافة 250 كيلومترًا ويضع ضمن مداهم كل من كوريا الجنوبية والقواعد العسكرية الأمريكية في جزيرة غوام، وكان هذا من بين عشرات التجارب الصاروخية لكوريا الشمالية التي أمر الرئيس كيم جونغ أون بإجرائها.
وتزامن ذلك في الوقت الذي تختتم فيه الأسبوع الأول من المناورات العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، والتي بدأت في 21 من الشهر الحاليّ وتستمر لمدة 11يومًا، وجاء صاروخ اليوم الثلاثاء مع دخول التدريبات أيامه الأخيرة، وهي الرسالة التي أرادت بيونغ يانغ إرسالها إلى جاراتها، حيث اعتبرت بيونغ يانغ تلك التدريبات بأنها “مناورات حرب عدوانية طائشة”.
ويشارك في هذه المناورات السنوية هذه المرة 50 ألفًا من الجنود الكوريين و17 ألفًا و500 جندي أمريكي، وستركز المناورات على حماية كوريا الجنوبية من تهديدات كوريا الشمالية النووية والصاروخية، وإسقاط أي صواريخ كورية شمالية، والرد على أي هجوم.
واعتبر سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي أن المناورات التي أجرتها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية “لعبت دورها في تحفيز بيونغ يانغ على إطلاق صواريخ جديدة مرة أخرى”.
الخيار الذي ستذهب به واشنطن وحلفاؤها في المنطقة وأبرزهم الصين وروسيا، هو التفاوض مع كوريا الشمالية بشكل يضمن منع تكرار تلك الحوادث
وكان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون، أدلى بتصريحات يوم الأحد الماضي، عن إطلاق كوريا الشمالية الصواريخ الثلاثة قائلاً إنه “يشكل استفزازًا” ويظهر أن بيونغ يانغ “غير مستعدة بعد” للحوار، لكنه جدد تأكيده السعي لإقناع نظام كيم جونغ أون بالعودة إلى طاولة المفاوضات، وقال تيلرسون: “إطلاق الصواريخ البالستية من أي نوع هو انتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي، ونعتبر أنه استفزاز، استفزاز ضد الولايات المتحدة وحلفائنا”.
في الأثناء اتفق رئيسا هيئتي الأركان المشتركة بالولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على الرد بقوة على أحدث صاروخ أطلقته كوريا الشمالية “لإظهار إرادة التحالف القوية بما في ذلك الإجراءات العسكرية”، لكنهما لم يوضحا طبيعة الإجراءات العسكرية تلك. وذكرت تقارير إعلامية أن رئيس كوريا الجنوبية “مون جيه إن” أمر باستعراض قدرات بلاده العسكرية لـ”إظهار أن الجيش الكوري الجنوبي يستطيع أن يجهز على جارته في الشمال في حالة وقوع هجوم”.
جلسة مجلس الأمن
على العموم يمثل هذا الصاروخ جولة جديدة من التصعيد والتوتر الشديد الحالي بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، فيما يتعلق بسعي بيونغ يانغ لحيازة أسلحة نووية وصواريخ باليستية في تحد لعقوبات الأمم المتحدة، حيث تعمل كوريا الشمالية منذ انتهاء الحرب الكورية 1950 – 1953 لامتلاك السلاح النووي وصواريخ بالستية قادرة للوصول إلى الولايات المتحدة لحماية نفسها من أي اعتداء أمريكي على أراضيها.
وكان زعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون، هدد هذا الشهر بإطلاق صواريخ في البحر قرب منطقة غوام الأمريكية ردًا على تحذير الرئيس الأمريكي ترامب لكوريا الشمالية من أنها ستواجه “النار والغضب” إذا استمرت باستفزاز وتهديد الولايات المتحدة. فاحتمال تسلّح كوريا الشمالية بصاروخ بعيد المدى مُحمّل برأس نووي أمر “لا يمكن التسامح معه من وجهة نظر الرئيس” بحسب مستشار الأمن القومي ماكماستر.
من المتوقع أن تناقش جلسة مجلس الأمن فرض مزيد من العقوبات على كوريا الشمالية، مع التركيز بشكل أكبر على تعزيز التفاوض مع كوريا الشمالية ومنع الاستفزازات المتكررة من جهتها، أما أن تكون هناك ضربات استباقية لاستهداف المواقع النووية لكوريا الشمالية، فهذا أمر بات مستبعدًا، فهناك مخاوف حقيقية من كسر تحالفات أمريكا مع اليابان وكوريا الجنوبية وضمان العداء الدائم من الصين وروسيا بحسب مراقبين.
أما خيار الضربة النووية فإنه مستبعد أيضًا فأي ضربة لصاروخ باليستي عابر للقارات أو مطلق من إحدى الغواصات، يمكن أن يفسر من قبل الصين وروسيا على أنّه ضدهم، ويمكن أن تكون الأضرار الجانبية التي قد تلحق بشبكة حلفاء الولايات المتحدة وبمكانة واشنطن في العالم “كارثية” بحسب ما أشار لذلك خبراء، وعليه فإن الخيار الذي ستذهب به واشنطن وحلفاؤها في المنطقة وأبرزهم الصين وروسيا، هو التفاوض مع كوريا الشمالية بشكل يضمن منع تكرار تلك الحوادث.