توزع اللاجئون السوريون في كثير من بلدان العالم، وكانت الكثافة في أوجها في بلدان الجوار كتركيا والأردن ولبنان ومصر حيث يعيشون في مخيمات اللجوء وخارجها، ويبدأ الرقم ينخفض كلما ابتعدنا عن تلك البلدان، ففي تركيا لوحدها هناك ما يقرب من 3 مليون لاجئ سوري فيما يقدر إجمالي ما استقبلتهم أووربا مجتمعة بمليون لاجئ.
وفي كل بلد حلوا فيه كانت بصمة السوريين تظهر واضحة في الأسواق، إذ عملوا من خلال ما يملكونه من رأس مال وخبرة ومهارات على نقلها إلى تلك البلدان ليأسسوا أعمالًا من جديد ويصبحوا قوة دفع لمعدلات النمو ومساهمين بقيمة مضافة على الاقتصاد لا عبئًا عليه.
اللاجئون السوريون في الجزائر
تقول السلطات الجزائرية إنها تستضيف على أراضيها منذ بداية الأزمة في سورية، أكثر من 40 ألف لاجئ سوري حصلوا على مساعدات للإقامة وحرية التنقل والتعليم والحصول على الرعاية الطبية والسكن والحق في ممارسة الأنشطة التجارية. بينما تشير إحصاءات وزارة التضامن الوطني والأسرة بالجزائر إلى وفود نحو 24 ألف لاجئ سوري منذ بداية أحداث الثورة السورية عام 2011.
وكغيرها من البلدان التي حلوا فيها، كتركيا ومصر ولبنان والأردن، انتشرت الحرف والأعمال السورية على اختلاف أنواعها في الشوارع والأسواق الجزائرية بالعاصمة الجزائر ومدن أخرى، وباتت العلامات التجارية التي تحمل أسماءًا سورية منتشرة بشكل لافت للنظر في العديد من الشوارع.
دللت الأرقام الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة أن إجمالي رأس المال المستثمر من قبل اللاجئين السوريين في مصر وشركائهم المصريين في الفترة الممتدة منذ عام 2011 نحو 800 مليون دولار
وتؤكد التقارير أن السوريون برعوا في مجال الطهي وتجارة القماش، والعديد من الأنشطة التجارية، ومن بين أسماء المطاعم السورية المنتشرة في الجزائر، مشاوي حلب، وباب الحارة، وليالي الشام، وشاميون، وقلعة الشام، وغيرها، ولا يقتصر رواد تلك المطاعم على السوريين وحسب، بل أيضًا على السكان الجزائريين.
إحدى المطاعم السورية في الجزائر
وتشير أرقام المركز الوطني للسجل التجاري إلى أن الجالية السورية تتصدر قائمة المتعاملين الاقتصاديين المقيدين في المركز. وحسب الإحصاءات، بلغ عدد الأجانب الذين أسسوا تجارة خاصة نحو 13 ألف مسجل، بنسبة 0.6% من مجموع المتعاملين الاقتصاديين المقدر بنحو 1.9 مليون.
وحسب إحصاء للمركز الوطني للسجل التجاري، حلّت الجالية السورية في المركز الثاني بعد الجنسية الفرنسية في عدد الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر، وذلك بــ1188 شركة، إذ تحظى فرنسا بـ1993 شركة، وتأتي تركيا في المركز الثالث بـ869 شركة، ثم الصين بـ850 شركة، فتونس بـ690 شركة.
بلغ حجم صادرات ولاية غازي عنتاب خلال النصف الأول من 2017 نحو 3.2 مليارات دولار
يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة البليدة، فارس مسدور، أن العامل الأهم في نجاح السوريين هو أن “السوري حينما يدخل بلدا يدخله بحرفته، وإن كانت حرفته بسيطة فإنه يجعل مما ينتج شيئا عظيمًا، كما أن درجة الاندماج للمواطن السوري في أي مجتمع كبيرة جدًا تماثل اندماج الجزائريين حينما يسافرون لأي بلد”. إضافة إلى العلاقات الأخوية والتاريخية التي تجمع الشعبين السوري والجزائري قوية جدًا كما يوضح مسدور، والتي تعود جذورها لعهد الأمير عبد القادر الذي زرع بذور المحبة والأخوة بين الشعبين بحسب قوله.
السوريون في مصر وتركيا
دللت الأرقام الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة أن إجمالي رأس المال المستثمر من قبل اللاجئين السوريين في مصر وشركائهم المصريين في الفترة الممتدة منذ عام 2011 بلغت نحو 800 مليون دولار، كما بلغ رجال الأعمال السوريين في مصر حوالي 30 ألفًا، وهناك من يعتقد أن حجم المساهمة أكبر من ذلك فكثير من الشركات السورية المستثمرة في الأسواق المصرية غير مسجلة في السجلات الرسمية. الأكثر من ذلك أن تقارير الأمم المتحدة، أشارت أن السوري هو المستثمر الأول في مصر منذ عام 2013.
وقد عُرفت الاستثمارات السورية في مصر بتنوعها بين المصانع الكبيرة والمشاريع الصغيرة في قطاعات متنوعة شملت المنسوجات والتكنولوجيا والأغذية وغيرها، وتفيد تلك المشاريع في تعزيز معدل الصادرات المصرية إلى الخارج وإدخال عملة صعبة للبلاد. وتشير الأرقام الدولية أن في مصر حوالي 120 ألف لاجئ سوري مسجل في حين أن الحكومة المصرية تقول أن عددهم يصل إلى نصف مليون لاجئ، منتشرين في المحافظات المصرية، يتركز معظمهم في القاهرة.
وبالنسبة لتركيا فقد ساهمت أكثر من ألف شركة سورية في ولاية غازي عنتاب التركية، في زيادة الإنتاج والتصدير، وبلوغ الولاية مرتبة متقدمة لجهة الصادرات على مستوى تركيا، وقال رئيس غرفة الصناعة في ولاية غازي عنتاب، عادل ثاني قونوق أوغلو، إن الولاية حققت نسبة ارتفاع في الصادرات، خلال النصف الأول من العام الحالي، بلغت 1.6%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
السوري هو المستثمر الأول في مصر منذ عام 2013
إذ بلغ حجم صادرات ولاية غازي عنتاب خلال النصف الأول من 2017 نحو 3.2 مليارات دولار، ووصلت الصادرات إلى 174 بلدًا حول العالم. يرى مراقبون أن أحد أسباب هذا الانتعاش يعود للسوريين الذين لعبوا دورًا مهمًا بزيادة الإنتاج والتصدير في غازي عنتاب، على اعتبار أنها الأكثر استقطابًا لرؤوس الأموال والشركات السورية، نظرًا لقربها من الحدود ومن مدينة حلب السورية.
وبحسب الإحصائيات التي أوردها اتحاد الغرف والبورصات في تركيا، بلغ رأس المال الذي أودعه المواطنون السوريون في الشركات التي عملوا على إنشائها 751 مليون ليرة تركية، وبلغت نسبة الشركات السورية نحو 10% من إجمالي عدد الشركات الأجنبية في تركيا، إذ تشير الإحصاءات التركية إلى أن الشركات السورية سجلت العام الحالي المرتبة الثانية بين الشركات الأجنبية من حيث العدد في تركيا، وعددها 5 آلاف و647 شركة.