صرخ علاء العالول مخرج فيلم “عشر سنوات”، “stop” عشرات المرات خلال تصوير الفيلم، لمرور باعة متجولين أو لانقطاع التيار الكهربائي أو لوجود حفلة غير مخطط لها في المكان، ففي غزة لا يوجد مكان مخصص للدراما على شاكلة هوليوود، بل هوليوود غزة هي أحياؤها وشوارعها وبحرها، وعلى مدار عشرة شهور متتالية استطاع علاء أن ينتهي من فيلم “عشر سنين” الذي يروي الواقع في غزة.
كانت “stop” حاضرة في كل كواليس الفيلم، لقد مر بائعٌ متجول أو أطفال صغار، المشهد لا يسير وفق ما خطط له علاء، فهو يصور في الشوارع والساحات وبيوت الناس، وكل الممثلين متطوعين لم يتقاضوا أي أجر.
ينتظر علاء إماطة الستار عن شباك التذاكر للمرة الأولى في غزة، فيعول عليه، ويسعى لتغطية نفقات الفيلم التي وصلت قرابة 100 ألف دولار، وكله أمل بتعطش وشغف الناس لوجود دور سينما للعرض.
يقول علاء لـ”نون بوست”: “اخترت سينما السامر التي أنشأها الحاج رشاد الشوا عام 1940 وسط مدينة غزة، وتضمن أول عرض لها أغنية أم كلثوم القادمة من مصر، واليوم نعيد افتتاح السينما التي أغلقت آخر الثمانينيات بفيلم “عشر سنوات”، حيث كان العرض الأول مجانيًا للمثقفين والإعلاميين”.
الأيام القادمة ستشهد نقلة نوعية على صعيد العمل السينمائي، لا سيما بعد دخول الشباب هذا المضمار وبمبادرات فردية
صالة السامر في غزة غير مجهزة لمباشرة العروض، لكن فيلم “عشر سنوات” طرق الخزان لإعادة ترميمها، فرغم تجهيزات الصوت الضعيفة والحر الشديد نظرًا لعدم وجود مكيفات، فإن 300 شخص من المثقفين والإعلاميين والسياسيين حضروا الفيلم إيذانًا بعودة السينما لغزة من جديد.
عبر الإعلامي محمد منصور المذيع في فضائية الأقصى عن فرحته الشديدة بحضور الفيلم قائلاً لـ”نون بوست”: “أخيرًا سأحضر فيلمًا يعرض في السينما، لا أصدق نفسي، أعادني هذا المشهد للسينما في الإمارات”.
وفي كل يوم تمر فيه ديانا المغربي الصحفية في مجلة السعادة بجانب أبواب سينما السامر المغلقة، تخاطب نفسها: “متى ستفتح هذه السينما أبوابها”؟ وتقول لـ”نون بوست”: “أنا سعيدة جدًا بهذا الحراك الثقافي والفني، اليوم نستطيع أن نعبر عن قضيتنا باستخدام الهوية البصرية، عودة السينما لغزة المحاصرة فكريًا وجغرافيًا على مدار عشر سنوات ماضية هو مغادرة لكل عنق زجاجة عشنا فيها نحو العالم”.
وتضيف ديانا: “أعتقد أن الأيام القادمة ستشهد نقلة نوعية على صعيد العمل السينمائي، لا سيما بعد دخول الشباب هذا المضمار وبمبادرات فردية”.
وزارة الثقافة في غزة التابعة لحماس والتي سمحت بعرض الفيلم، منعت جلوس النساء بجانب الرجال بعد الفصل بينهما، وبررت ذلك لعدم ارتكاب أفعال مخلة بالآداب مع تأكيدها ضرورة تفعيل السينما في غزة.
رغم أن المكان مهجور وغير مهيأ لاستقبال عدد كبير من الناس، وأيضًا رغم ضعف تجهيزات الصوت وأدوات التكييف، فإن الحضور كان كبيرًا ومثيرًا، فالناس متعطشة ومتحمسة لدخول السينما التي طالما سمعوا عنها من آبائهم
ذلك لم يعن شيئًا لمخرج الفيلم علاء العالول، فقد كان تركيزه منصبًا على افتتاح السينما بأي طريقة، ورغم كل الصعوبات والمعوقات التي تواجهها دار سينما السامر في غزة من قلة التجهيزات، دعا العالول المستثمرين ورجال الأعمال ورؤوس الأموال الجبانة – على حد وصفه – إلى الاستثمار في صناعة السينما، مضيفًا: “نحن قدمنا تجربة جديدة وناجحة ونراهن على تعطش الناس وشباك التذاكر ولا داعي للخوف”.
الفيلم والسينما كانت التجربة الأولى لأحد أبطال فيلم “عشر سنوات” نيفين حلاوة والتي كانت مترددة في بداية الأمر، ولكن شغفها للسينما دفعها للعمل.
تقول نيفين لـ”نون بوست”: “عائلتي وأصدقائي شجعوني للمشاركة بالفيلم، ورغم أن العمل تطوعي، فإن سيناريو الفيلم وقصته أثارا شغفي مما دفعني لتقديم كل طاقتي وصولاً للنجاح”.
وأبدت نيفين تفاجئها من الحضور الكبير للسينما ومتابعة الفيلم، وتضيف: “على الرغم من أن المكان مهجور وغير مهيأ لاستقبال عدد كبير من الناس، وأيضًا رغم ضعف تجهيزات الصوت و أدوات التكييف فإن الحضور كان كبيرًا ومثيرًا، فالناس متعطشة ومتحمسة لدخول السينما التي طالما سمعوا عنها من آبائهم، وإعجاب الناس بالفيلم والسينما زادني رضا عن نفسي لمواصلة الطريق”.
وناشدت نيفين وزارة الثقافة والرئيس عباس بضرورة تجهيز سينما السامر بأسرع وقت ممكن للترفيه عن الناس في ظل الظروف المعيشية والنفسية الصعبة التي يعيشونها في غزة، واختتمت بقولها: “هناك مواهب شبابية جيدة وقادرة على محاكاة ممثلين كبار في غزة، على المسؤولين إتاحة الفرصة لهم للوصول إلى النجومية”.