يتحضر لاجئون سوريون في الأردن للمغادرة إلى بلداتهم في مدينة درعا المحاذية لحدود المملكة، وذلك بعد الهدوء الذي ساد المدينة منذ أكثر من شهر، عقب اتفاق عمان لوقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه بين كل من أمريكا وروسيا والأردن، ودخل حيز التنفيذ في أواسط الشهر الماضي.
ومن المعلوم أن الغالبية الساحقة من سكان أحياء مدينة درعا، سبق أن هجروا منها جراء القصف المكثف باتجاه القرى والأراضي الزراعية المجاورة، في حين لم يعد إلى المدينة منذ تطبيق الهدنة سوى عشرات العائلات.
وشهد الأسبوع الماضي، زيادة ملحوظة في أعداد العائلات السورية العائدة من الأردن إلى درعا وريفها، عن طريق النقطة الحدودية قرب معبر نصيب، حيث تم تسجيل عودة أكثر من 200 عائلة بمعدل يومي، وفق الناطق الإعلامي الناطق باسم مفوضية اللاجئين محمد الهواري.
مفوضية اللاجئين: عودة أكثر من 1700 لاجئ سوري خلال النصف الأول من العام 2017
وقال الهواري لـ”اردن الإخبارية” إنه “منذ إعلان هدنة وقف إطلاق النار في الجنوب السوري، أصبحت عودة العائلات السورية من الأردن إلى درعا بشكل يومي”، موضحا أن “أغلب العائلات العائدة هي من محافظات درعا والقنيطرة وريف دمشق”.
وأوضح أن “النصف الأول من العام الجاري شهد عودة أكثر من 1700 لاجئ سوري”، مشيرا إلى أن “نحو 660 ألف لاجئ سوري لجأوا إلى الأردن، منهم 180 ألف داخل المخيمات، أما الباقي فيقيمون خارج المخيمات”.
الأمم المتحدة: الجيش الأردني ينقل اللاجئ الذي يرغب بالعودة على مسؤوليته ومنها إلى مربع السرحان ثم معبر نصيب السوري
وحول آلية العودة، فإن اللاجئ الذي يرغب بالعودة على مسؤوليته، يتم نقله من قبل الجيش الأردني إلى مربع السرحان ومنه إلى معبر نصيب السوري، وإبلاغ المفوضية العليا للاجئين لسحب بطاقات التسجيل منه كلاجئ، وفق الهواري.
ووفق أحدث إحصائية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن اللاجئين السوريين من محافظة درعا هم الأكثر تسجيلاً في الأردن، بعدد 275 ألف و558 لاجئا من أصل 657 ألفا و334 لاجئا سوريا في المملكة.
يشار إلى أن اتفاقا أمريكيا روسيا أردنيا تم توقيعه في العاصمة عمان، في 19 حزيران/يونيو الماضي، نص على وقف إطلاق النار في جنوب سوريا الذي يشمل مدن درعا والقنيطرة والسويداء.
ووفق الموقع الإلكتروني للدفاع المدني السوري، أقدم ناشطون وعدد من منظمات العمل المدني، على رفع ما خلفته سنوات القصف من ركام وقمامة في شوارع أحياء مدينة درعا، أو كما يطلق عليها السوريون “مهد الثورة السورية”.
هل تعود الحياة لدرعا؟
وكان الدفاع المدني السوري أطلق حملة تحت اسم “درعا الأمل” لرفع الأنقاض وتنظيف المدينة من آثار القصف والدمار، بشراكة مع “الهيئة العامة للخدمات وفوج الهندسة والتحصين”، إضافة إلى ناشطين من المدينة.
وطبقا للدفاع المدني، فإن “هدف الحملة هو محاولة تمكين الأهالي، من العودة إلى منازلهم في ظل اتفاق تخفيف التصعيد، وخاصة مسألة النظافة التي تخفف من خطر انتشار الأمراض، بعد أن تراكمت الأنقاض والقمامة في أجزاء من المدينة على مدار سنوات”.
وشملت الحملة جميع أحياء درعا البلد، وحي طريق السد ومخيم درعا، وهناك مسعى لتوسيع العمل ليشمل حي الشياح في جنوب درعا، ومن المزمع استمرار الحملة حتى إكمال عملية رفع الركام والقمامة من جميع الأحياء، حسب الدفاع المدني.
قطع المساعدات النقدية وغلاء المعيشة في الأردن
في السياق، التقت “أردن الإخبارية” مع عدد من اللاجئين السوريين الذين لجئوا من مدينة درعا إلى الأردن، فقد أكد عامر قداح على أن “أعداد السوريين العائدين إلى درعا في تزايد”.
وقال قداح لـ”أردن الإخبارية” إن “كثيرا من أقاربي وجيراني عادوا إلى درعا، وإن هناك من يتحضر ويتجهز للعودة”، منوها إلى أن “إمكانية عودة سيطرة النظام على المدينة هو ما يقف عائقا أمام عودة باقي اللاجئين، خاصة من ناصر منهم فصائل المعارضة ووقف إلى جانبها”.
في حين قال سعيد رحال إن “ما دفع السوريين من درعا إلى العودة إليها، هو أن المساعدات النقدية قطعت عن أغلبهم، الأمر الذي أدى إلى تدهور أوضاعهم المعيشية وعدم مقدرتهم على توفير تكاليف الحياة في الأردن”.
لاجئ سوري: “لا نريد أن نبقى مشتتين وبعيدين عن الوطن، لكن الظروف لا تسمح في الوقت الذي نتمنى فيه الوصول إلى حل الأزمة في سوريا”
وأضاف رحال أن “ما يدفع الناس للعودة هو السعي للم شمل العائلات بسبب صعوبة انضمامها لبعضها البعض، خاصة أن بعضها انقسم بين البلدين بدون أمل للقاء قريب”.
فيما أبدى محمد الحايك أمنيته بالعودة إلى بيته في درعا، خاصة في ظل توسل أبنائه من أجل العودة، لكنه يخشى من تجدد القصف وسقوط القذائف لذلك هو سيتأنى في قراره إلى حين وضوح الأوضاع بشكل أفضل.
وقال الحايك “لا نريد أن نبقى مشتتين وبعيدين عن الوطن، لكن الظروف لا تسمح في الوقت الذي نتمنى فيه الوصول إلى حل الأزمة في سوريا”.
بينما أفاد محمود الزعبي بأنه “تواصل مع بعض أصدقائه في درعا، الذين أكدوا له استقرار الأوضاع لاسيما بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار، فقرر العودة مع عائلته”.
في السياق، أكد المسؤول السياسي في جيش اليرموك التابع للجيش السوري الحر بشار الزعبي، على “وجود حالات عودة للاجئين السوريين إلى الجنوب السوري لكن ليس بشكل كبير”.
وقال الزعبي في تصريحات صحفية لصحيفة “الغد”، “لا أستطيع الجزم بحدوث حركة عودة كبيرة لكن الحركة موجودة ومن الممكن أن يكون هناك زيادة في عدد العائدين”.
استقرار الأوضاع الأمنية في بعض المناطق بدرعا
على صعيد متصل، ذكرت مؤسسة “نبأ الإعلامية” المستقلة في درعا، أن “يوم الثلاثاء من كل أسبوع، يشهد عودة لعشرات العائلات السورية من مخيمات اللاجئين في الأردن إلى جنوب البلاد، من خلال معبر غير رسمي يشرف عليه الجيش الحر، وهو مخصص لعبور اللاجئين من الأردن إلى سوريا، حيث يتم نقلهم بواسطة سيارات إلى المناطق السكنية في درعا”.
الحريري: “اللاجئ السوري في الأردن بدا على قناعة بأن الأمور تسير نحو الحلحلة في مناطق درعا والبادية الجنوبية، لذلك بدأ بالعودة إلى بيته”
وقالت المؤسسة إن “ذلك يأتي بعد شهر ونصف من استقرار الأوضاع الأمنية في بعض المناطق بدرعا، وانخفاض وتيرة القصف إلى حد لم تشهده المحافظة منذ عدة سنوات، وذلك بموجب الاتفاق الأمريكي الروسي الأردني، الذي فرض هدنة لوقف إطلاق النار في درعا والقنيطرة مؤخرا”.
وهو ما كشف عنه رئيس مجلس العشائر السورية في الأردن، الشيخ إبراهيم الحريري، حيث أكد على “عودة مئات الأسر السورية إلى الجنوب السوري”.
وقال الحريري في بيان صدر عنه مؤخرا، إن “اللاجئ السوري في الأردن بدا على قناعة بأن الأمور تسير نحو الحلحلة في مناطق درعا والبادية الجنوبية، لذلك بدأ بالعودة إلى بيته”.
المصدر: أردن الإخبارية