منذ الأيام الأولى للثورة في سوريا عمل نظام الأسد على تعطيل الأنشطة الرياضية الجماهيرية في الأراضي السورية، بهدف منع تجمعات الناس ضمن الفعاليات الرياضية، والتي كان يخشى أن تنقلب إلى مظاهرات تدعو لإسقاط النظام، يشارك فيها الآلاف من المشجعين الذين كانوا يحضرون تلك الفعاليات.
فمن كرة القدم إلى كرة السلة إلى بطولات ونشاطات ألعاب القوى كلها، توقفت بأمر من الحكومة السورية والتي كانت تحاول وأد أي تحرك يساهم في توسيع الحراك السلمي الذي عم المناطق السورية.
في عام 2013 تم الإعلان رسمياً عن تشكيل الهيئة العامة للرياضة والشباب كجهة منظمة وداعمة لكافة الفعاليات الرياضية ضمن المناطق المحررة
وبعد تمكن الثوار من السيطرة على مساحات شاسعة من المناطق الممتدة من شمال سوريا إلى جنوبها، ووجود شبه استقرار في تلك المناطق، قرر عدد من الرياضيين إعادة تفعيل النشاطات الرياضية وتجميع الكوادر الرياضية ضمن نوادٍ منتشرة في المدن والأرياف المحررة، تم الحاق هذه النوادي باتحادات رياضية متنوعة، تشمل العديد من الألعاب الرياضية أبرزها كرة القدم وبعض ألعاب القوى كالملاكمة والكاراتيه والجودو.
وفي عام 2013 تم الإعلان رسمياً عن تشكيل الهيئة العامة للرياضة والشباب كجهة منظمة وداعمة لكافة الفعاليات الرياضية ضمن المناطق المحررة، حيث توسعت لتضم في هيكليتها 12 اتحاداً رياضياً منه: الاتحاد السوري لكرة القدم – الاتحاد السوري للسباحة والألعاب المائية –– الاتحاد السوري للكاراتيه – الاتحاد السوري للجودو والسامبو والكوراش وغيرها.
ورغم اعتراف الحكومة السورية المؤقتة بالهيئة العامة للرياضة كجهة وحيدة مخولة بمتابعة الأنشطة الرياضية في الداخل السوري، إلا أن الهيئة لم تستطع أن تقدم الدعم اللازم لمجموعة الرياضيين الذين أخذوا على عاتقهم إحياء الأجواء الرياضية وعودة تألق اللاعبين القدامى ضمن النوادي التي تم انشاؤها بجهود متواضعة.
نعم اضطر الكثير من المدربين ومدراء الأندية الرياضية إلى متابعة نشاطاتها بجهود شخصية تطوعية وبتقاضي أجور رمزية جداً بهدف الاستمرار في الألعاب التي أحبوها وخاضوا بها بطولات عديدة استطاع بعضهم انتزاع ألقاب رياضية على مستوى دولي.
أحد هؤلاء الرياضيين البارزين هو بطل الجمهورية محمد بولاد، الذي حاز لمرات عدة على هذا اللقب ضمن بطولات لعبة الجودو التي خاضها خارج سوريا، بمشاركة لاعبي الجودو من كل أنحاء العالم، وانتهى المطاف بمحمد الآن لافتتاح نادي للعبة الجودو في مدينة الدانا بريف إدلب، حيث تم تجهيز مكان للتدريب ضمن أحد مساجد المدينة بسبب ضعف الإمكانيات وعدم القدرة على استئجار مساحة تكون مخصصة لتصبح نادي حقيقي.
يقول بولاد: “نحن نتبع للاتحاد الرياضي للجودو والسامبو والكوراش وهم يبذلون ما يستطيعون لدعمنا لكننا حتى الآن لم نتلقَ دعماً مالياً يساعدنا على تحسين وضع لعبة الجودو التي نمارسها، لكننا نحاول تحصيل بعض الأجور الرمزية من المتدربين الجدد لتأمين بعض المستلزمات التدريبية ولدينا الحمد لله 3 مستويات من اللاعبين وهم فئة الأشبال والشباب والرجال حيث يتم تقديم التدريبات الرياضية 3 مرات أسبوعياً بشكل منتظم”.
في نهاية تموز/ يوليو 2017، خاض محمد بولاد وفريقه البطولة الأولى للعبة الجودو في منطقة الشمال السوري، والتي شارك فيها 150 لاعباً من محافظتي حلب وإدلب
وأضاف بولاد: “قمنا بتأمين بساط للعب، تم حياكته وتجهيزه من مواد بسيطة، بهدف تقديم أقل المستطاع للمتدربين الجدد وحمايتهم أثناء السقوط على الأرض، فلعبتنا تعتمد بشكل أساس على إسقاط الخصم ومصارعته قبل وبعد السقوط بهدف كسب النقاط”.
وفي نهاية تموز/ يوليو 2017، خاض محمد بولاد وفريقه البطولة الأولى للعبة الجودو في منطقة الشمال السوري، والتي شارك فيها 150 لاعباً من محافظتي حلب وإدلب، حيث استطاع فريق نادي الدانا الذي يديره بولاد، كسب 4 ميداليات ذهبية ما جعله يشعر بالفخر لما استطاع أن يقدمه لتعليم الناشئة الرياضة التي أحبها.
أما الرياضة الأكثر شعبية ورواجاً فهي لعبة كرة القدم والتي حظيت بدعم أكثر من أي لعبة رياضية أخرى، فقد تم إطلاق أول دوري لأندية الدرجة الأولى في محافظة إدلب وبدعم من منظمة “الكومينيكس” التي تكفلت بمصاريف المباريات الرياضية وتقديم الجوائز الرياضية المناسبة في ختام الدوري.
تتوسع الأنشطة الرياضية بعد الهدوء السائد في المناطق المحررة رغم كل الصعوبات التي تواجه اللاعبين من ضعف الدعم والامكانيات وعدم وجود التجهيزات
وتنتشر لعبة كرة القدم في كافة المدن والقرى المحررة ولا يكاد يخلو تجمع سكاني من وجود ملعب رياضي، حيث تقام بشكل مستمر بطولات تتنوع بين الودية أو الرمضانية أو البطولات التي يشارك فيها اللاعبون المخضرمون الذين اعتزلوا كرة القدم بعد كبر سنهم، بالإضافة إلى الدوري من فئة الدرجة الأولى والثانية أو فئة البراعم الذين أعمارهم تحت سن 13 عام.
هذا وتتوسع الأنشطة الرياضية بعد الهدوء السائد في المناطق المحررة رغم كل الصعوبات التي تواجه اللاعبين من ضعف الدعم والامكانيات وعدم وجود التجهيزات والصالات الرياضية المناسبة، لكن رغم ذلك فشغفهم بالرياضة لا يمنعهم من ممارسة هوايتهم المفضلة والتي يحافظون فيها على لياقتهم وعلى أجساد قوية تستطيع أن تصمد أمام مرارة العيش وصعوبات الحياة التي تواجه الشعب السوري في محنته الحالية.