زوبعة دبلوماسية بين المغرب وفرنسا أثارها توجه عناصر من الشرطة الفرنسية الأسبوع الماضى إلى منزل السفير المغربي بباريس لتسليم استدعاء قضائي لمدير جهاز مكافحة التجسس المغربي عبد اللطيف حموشي، للتحقيق معه في قضايا يتهم فيها بـ”التعذيب والتواطؤ في التعذيب”.
ورغم اتصال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند هاتفيا بالعاهل المغربي الملك محمد السادس في وقت سابق من الأسبوع لتهدئة الخلاف النادر بين فرنسا والمغرب، فإن وزارة العدل المغربية أعلنت يوم أمس الخميس عن تعليق التعاون القضائي مع فرنسا ووقف جميع إجراءات نقل السجناء والتحقيقات المشتركة، كما يوقف أيضا الإجراءات المدنية للفرنسيين المغاربة الذين يبلغ عددهم حوالي 700 ألف مثل الزواج وقضايا حضانة الأطفال والطلاق.
ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش المغرب إلى التحقيق في تهم تعذيب نشطاء مدافعين عن الديمقراطي، في حين قال جوزيف برهام، وهو محام عن أحد الذين قدموا شكوى في باريس تتهم السلطات المغربية بممارسة التعذيب، أن تعليق التعاون القضائي سيمنع نقل السجناء إلى فرنسا، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من السجناء المغربيين يطلبون نقلهم إلى سجون فرنسا ثم يتقدمون بشكاوي يدعون فيها بأنهم تعرضوا للتعذيب.
ومن جانبها، استبعدت مديرة برنامج الشرق الأوسط والمغرب العربي بالمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية منصورية مُخفي، أن تكون للأزمة عواقب سيئة على روابط المغرب وفرنسا، منوهة بأن أيا من البلدين لا يستطيع المجازفة بتعكير علاقاته مع الآخر. مؤكدة في حوار مع الجزيرة نت، أن باريس هي محور العلاقات الدولية للمغرب.
واعتبرت الباحثة أن “حدة الغضب” المغربي يمكن فهمها على ضوء “القلق” الذي شعرت به الأوساط الرسمية المغربية بعيد وصول هولاند إلى سدة الحكم في 2012، منوهة بأن الرئيس الاشتراكي زار الجزائر قبل المغرب مخالفا بذلك عرفا دبلوماسيا قديما، مما خلق تخوفا مغربيا من إمكانية جعل الجزائر “الشريك المغاربي الرئيسي” لباريس فيما يتعلق بقضايا الأمن في منطقة الساحل.
ومن جهة أخرى، قال محللون لوكالة DW أن المغرب يحاول الضغط على باريس قبل التصويت السنوي للأمم المتحدة على نزاع الصحراء الغربية في أبريل/ نيسان، إذ ستصوت الأمم المتحدة على قرار يقضي بتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية لعام آخر.
ونزاع الصحراء الغربية هو أحد أقدم النزاعات الإقليمية في أفريقيا ويعتبر أكثر الملفات حساسية بالنسبة للمغرب، وفي سنة 1991 توسطت الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار بين المغرب وحركة البوليساريو التي تدعمها الجزائر، ومنذ ذلك الحين يتم التجديد بشكل سنوي للبعثة الأممية المكلفة بوقف إطلاق النار.