في إطار الحرب الدائرة داخل “إسرائيل” والتنازع على كرسي رئاسة الحكومة، بعد سلسلة الفضائح التي تلاحق بنيامين نتنياهو، فجر جهاز المخابرات الإسرائيلي (الشاباك)، مفاجأة مدوية ستكون لها ردات فعل كبيرة وخطيرة بعد كشفه عن أخطر تنظيم إرهابي يعمل في مدن الضفة الغربية المحتلة تحت قيادة يهود متطرفين.
تنظيم “البلاديم” أو ما يعرف باسم “التمرد”، يعد من أخطر التنظيمات الإرهابية التي قامت بأعمال حرق وقتل وملاحقة للفلسطينيين في مدن الضفة الغربية المحتلة، ويأخذ من الجبال والتلال وبعض المستوطنات وكرًا له لتنفيذ هجماته والاختباء من الملاحقة.
ورغم أن التنظيم تعتبره حكومة الاحتلال “متطرفًا ومتمردًا”، فإن أصابع الاتهام كلها تتجه نحو معارضي نتنياهو لتسريع إسقاطه عن كرسي الحكم، في حين تحدثت آراء أخرى بأن توقيت إعلان التنظيم يمهد لمرحلة اعتداءات وقتل وحرق خطيرة بحق الفلسطينيين، ستعلق جميعها على ظهر هذا التنظيم.
جيل إرهابي جديد
مصادر صحفية عبرية كشفت النقاب أن جهاز “الشاباك” رصد خلال الأشهر الأخيرة وجود جيل ثانٍ لتنظيم يهودي يطلق على نفسه اسم “التمرد”. حيث قالت صحيفة “هآرتس” العبرية، إن تنظيم “التمرد” اليهودي هو تنظيم إرهابي ينشط في مناطق الضفة الغربية ويتجمع أفراده في بؤرة استيطانية يطلق عليه اسم “بلاديم” المقامة على أراضي الفلسطينيين بين مدينتي نابلس ورام الله.
وأشارت إلى أن قوات الجيش الإسرائيلي كانت قد أخلت البؤرة الاستيطانية العشوائية “بلاديم”، وكان الاعتقاد أن النشاط الإرهابي قد تلاشى، لكن عمليات مراقبة قام بها جهاز الشاباك أظهرت عودة عناصر “التمرد”، وهم شبان صغار وفتية يهود، إلى التجمع من أجل القيام بأنشطة إرهابية.
إحدى مهمات هذا التنظيم هو حرق بيوت الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم
وأضافت أن “الجيل الأول” من هذا التنظيم كان مسؤولاً عن عدة جرائم إرهابية من بينها إحراق بيت عائلة دوابشة في قرية دوما وقتل ثلاثة من أفرادها وإحراق كنيسة على ضفاف بحيرة طبريا، ورأت الصحيفة أن إعلان نشوء هذا الجيل الثاني تحذير من “إرهاب يهودي شديد”.
وأضافت أن أفراد تنظيم “التمرد” الذي انبثق من حركة “شبيبة التلال” اليهودية المتطرفة، يهاجمون الفلسطينيين والأماكن الدينية غير اليهودية ونشطاء سلام ويساريين إسرائيليين، وكذلك جنود وضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وذكرت الصحيفة أن عدد أعضاء التنظيم يصل إلى بضع عشرات من الشبان في سن 16 – 25 عامًا، ولا يتصرفون كتنظيم هرمي أو تنظيم منظم، وقائده يدعى مئير إتينغر، وهو حفيد الحاخام العنصري المتطرف مئير كهانا.
وارتكب هذا التنظيم هجمات واعتداءات إرهابية عديدة بعد إخلاء بؤرة “عمونا” الاستيطانية في شباط / فبراير الماضي، بينها إحراق سيارتين في بلدة حواره وقرية بورين، ومحاولة إلحاق أضرار بسيارة دبلوماسية قرب القنصلية الإسبانية في القدس وموقع للأمم المتحدة في القدس أيضًا.
مؤشر خطير
تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، دعا المجتمع الدولي إلى إدراج تنظيم “التمرد” اليهودي في قائمة التنظيمات الإرهابية.
وحمل حكومة “إسرائيل” المسؤولية الكاملة عن جميع الجرائم السابقة واللاحقة لهذا التنظيم، الذي ترفض هذه الحكومة تصنيفه كمنظمة إرهابية وتواصل التعامل معه باعتباره اتحاد غير مرخص وفقًا لقرارات المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر برئاسة بنيامين نتنياهو قبل عامين، بعد أن تحفظ نتنياهو على اقتراح وزيرة العدل في حكومته آنذاك تسيبي ليفني بوصفه بالتنظيم الإرهابي ودعا لإعلانه كـ”تنظيم غير مسموح به” فقط. وعلل رفضه إعلان هذا التنظيم كجماعة إرهابية، لعدم صحة مقارنته وغيره من منظمات الإرهاب اليهودي بحركات فلسطينية، مدعيًا في ذات الوقت أنه في حال إعلان هذا التنظيم وغيره من المنظمات التي تعمل تحت لواء “دفع الثمن” كمنظات إرهابية فسوف يكون ذلك خطأ نحو الأسرة الدولية، حيث سيشوه هذا الإعلان صورة “إسرائيل” أمام العالم، ويزيد الشعور بعدم شرعية الدولة، على حد قوله.
اعتبرت وزارة الإعلام الفلسطينية، ظهور تنظيم “التمرد” مؤشرًا خطيرًا لإفرازات الاستعمار، ودليلاً على تطرف لا يكتفي بالتحريض على الدم الفلسطيني، بل يمارس الإرهاب المحموم ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في وضح النهار
وأضاف خالد: “جهاز الشاباك الذي رصد خلال الأشهر الأخيرة وجود جيل ثان لتنظيم يهودي يطلق على نفسه اسم “تمرد” لم يحرك ساكنًا لأن المستوى السياسي في “إسرائيل” يوفر له الحماية”، مؤكدًا أن “التمرد” هذا وفقًا لجميع المقاييس تنظيم إرهابي ينشط في مناطق الضفة ويتخذ من البؤر الاستيطانية المنتشرة على رؤوس الجبال والتلال في طول الضفة وعرضها ملاذًا آمنًا لعناصره الإجرامية المعروفة جيدًا للشاباك وقوات الاحتلال وخاصة في البؤر الاستيطانية المقامة على أراضي الفلسطينيين بين مدينتي نابلس ورام الله.
وأشار إلى أن أعضاء تنظيم “تمرد” من الجيل الثاني تتلمذوا على أيدي الجيل الأول الذي كان مسؤولاً عن عدد من الجرائم إلارهابية، والتي كان من بينها إحراق بيت عائلة دوابشة في قرية دوما وقتل ثلاثة من أفرادها وإحراق كنيسة على ضفاف بحيرة طبريا، وهو التنظيم الذي انبثق من حركة “شبيبة التلال” اليهودية المتطرفة التي حظيت بالرعاية والدعم والتشجيع من رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرئيل شارون الذي دعاهم لاحتلال رؤوس الجبال والتلال وأخذوا يهاجمون الفلسطينيين والأماكن الدينية غير اليهودية ونشطاء سلام ويساريين إسرائيليين، وكذلك جنود وضباط في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ودعا تيسير خالد المجتمع الدولي بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي بشكل خاص إلى الكف عن سياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع الإرهاب بإدراج شبيبة التلال الإسرائيلية ومنظمات دفع الثمن اليهودية وتوابعها كتنظيم “تمرد” والإعلان بشكل واضح وصريح أن جميع هذه المنظمات اليهودية اليمينية المتطرفة منظمات إرهابية على حكومة “إسرائيل” العمل دون تردد على تفكيكها بدل تقديم الغطاء لها وتوفير المناخ السياسي لجرائمها ضد المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم تحت الاحتلال.
بدورها اعتبرت وزارة الإعلام الفلسطينية، ظهور تنظيم “التمرد” مؤشرًا خطيرًا لإفرازات الاستعمار، ودليلاً على تطرف لا يكتفي بالتحريض على الدم الفلسطيني، بل يمارس الإرهاب المحموم ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في وضح النهار.
وأكدت الوزارة، أن “تمرد” وتجمع أفراد التنظيم في بؤرة استعمارية استيطانية، يوجه رسالة عاجلة لمجلس الأمن الدولي لوضع “تمرد” على لائحة الإرهاب العالمي. ودعت الوزارة إلى ملاحقة قائد التنظيم المتطرف مئير إتينغر، حفيد الحاخام الإرهابي مئير كهانا، وكل الأعضاء والمساندين والداعمين لهذا الإطار المجرم.
يؤمن أعضاء هذا التنظيم الإرهابي، بوجوب العمل على تفجير الأوضاع كليًا سعيًا إلى التمرد على مؤسسات دولة الاحتلال لتقريب الخلاص وإقامة دولة يهودية تسير وتعمل وفق تعاليم التوراة بشكل تام وصارم دون أي تهاون
ورأت الوزارة أن الامتحان الأخلاقي أمام المجتمع الدولي والرسالة العاجلة للمنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، تستدعي الإسراع في تقديم المتورطين في التنظيم الإرهابي للمقاضاة واقتيادهم إلى محكمة الجنايات الدولية.
وجددت التأكيد على ضرورة توفير الحماية الدولية للفلسطينيين في وجه إرهاب المستوطنين الذين يساندهم جيش الاحتلال وأجهزته القضائية وأحزابه السياسية.
وارتكب هذا التنظيم الإرهابي اعتداءات عديدة بعد إخلاء “عمونا”، بينها إحراق سيارتين في بلدة حوارة وقرية بورين، ومحاولة إلحاق أضرار بسيارة دبلوماسية قرب القنصلية الإسبانية في القدس وموقع للأمم المتحدة في القدس أيضًا.
وبحسب “الشاباك”، فإن بحوزته قائمة بأسماء عشرات من النشطاء الجدد في تنظيم “التمرد”، ومنذ مطلع العام الحالي أصدر الجيش الإسرائيلي 47 أمرًا إداريًا ضد عناصر في التنظيم، بينها 28 أمرًا ما زال ساري المفعول حتى الآن، وهناك خمسة نشطاء فقط معتقلين في السجن، في أعقاب خرقهم لأوامر إدارية ضدهم.
ويؤمن أعضاء هذا التنظيم الإرهابي، بوجوب العمل على تفجير الأوضاع كليًا سعيًا إلى التمرد على مؤسسات دولة الاحتلال لتقريب الخلاص وإقامة دولة يهودية تسير وتعمل وفق تعاليم التوراة بشكل تام وصارم دون أي تهاون.